الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحمد الرمح تعقيبا على ( نحو إسلام بلا معجزات)

حمزة رستناوي

2022 / 3 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أالشكر للصديق والمفكر حمزة رستناوي على إضاءته في هذه الدراسة ( نحو إسلام بلا معجزات ) هذه الاضاءة التي تحرّشت بالعقل تحرشا علميا وقدّمت الايمان من خلال مفهوم عقلاني. أنا سعيد لكونه قد أرسل لي نسخة كاملة من الدراسة قبل موعد الندوة. في الحقيقة إنّ لي أكثر من تساؤل وإضافة. عندما نتكلم عقلانيا وبأدلّة ما هو موجود بالتراث على انتهاء المعجزة بمجيء الرسالة المحمدية، إنّ أبسط مثال هو رحلة الهجرة من مكة الى المدينة التي تُقطع اليوم، وأنا قطعتها بالسيارة خلال اربع ساعات، النبي محمد قطعها خلال 13 يوم بما فيه عملية التورية والالتفاتات. ما لدينا في التراث الثابت ينفي المعجزات وكذلك الهزائم العسكرية لجيش النبي مثل هزيمة أحد وهزيمة حُنين، لا بل في حُنين كان يوجد انقلاب ومحاولة اغتيال للنبي محمد وهذا ما يقودني الى قانون السببية، وأفضل من تكلم عنه في التاريخ هو ابن رشد، ولكن معارضة الغزالي هي التي شغبت على قانون السببية، وبالمقابل أديب وناقد كبير مثل سيد قطب يرفض قانون السببية ، لا بل ويعتبره نوعا من الشرك! إنّ أكثر من تكلم عن قانون السببية هو القرآن الكريم ، فالسبب في اللغة هو الحبل، كل شيء وصلت به الى موضع تريده هو سبب، وله تعريف: هو ما يتوصّل به الى المقصود من علم أو قدرة أو آلة، وله تعريف فلسفي آخر: هو العلاقة بين السبب والمُسبب ، وهو احدى مبادئ إعمال العقل في الاشياء، لذلك الحاكمية التي يطرحها الاسلام السياسي ينفيها القرآن بالحاكمية السببية وهي تقدم نفسها من خلال الحتمية، وهنا أتحدث فلسفيا بمعنى: 1- لكل حدث سببا بوجوده يتواجد الحدث 2- الاتساقيّة الطبيعية أي الاسباب المتشابهة نتائجها متشابهة ، ومنه في القرآن الكريم ( سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ الأحزاب: 62، وقد ضرب الرستناوي مثالا جميلا عن الدولة الاستبدادية ودولة المؤسسات وهو مثال تستحقّ التقدير والتحية. لماذا الرسول يقول اقرؤوا سورة الكهف كل جمعة؟! لأن فيها من الكثير من الحكم وأهم شيء أنها تطرح قانون السببية الذي يحكم الكون كله بما فيه من اجتماع ومخلوقات وجماد، ويضرب مثالاً عن ذي القرنين ( إن الله مكن له في الأرض، وآتاه من كل شيء سببا) لنتذكر ما طرحه المُعلم جودت سعيد الله أطال الله بعمره وشافاه حيث يقول بأنّ القرآن الكريم لم يقرأ حتى الأن، القرآن جاء بباء السببية ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ) وجاء بفاء السببية (وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ) وجاء بلام السببية التي تسمى بلام التعليل ويكون ما قبها عله وسببا لما بعدها ( وجعلوا لله اندادا ليضلوا عن سبيله ) لنرجع لابن رشد و نقرأ ما كتبه ابن رشد في موضوع السببية.
وسأطيل بموضوع السببية كمداخلة داعمة لما طرحه الدكتور رستناوي ، لأنه إذا لم نتعرف على قانون السببية المطروح قرآنيا وفي سنة النبي عليه السلام ،سنبقى نؤمن بالمخاريق والمعجزات ونصدق ما انتحل على النبي من معجزات، على الرغم من أنني أختلف مع ما ذكره جورج طرابيشي في موضوع عدد المعجزات لأن الطرابيشي اعتمد على مصادر مختلفة عن مصادري. اذاً عندما نفهم قانون السببية سنؤكد على الحاكمية الالهية السببية وليس الحاكمية الالهية السياسية التي يقدّما الاسلام السياسي . أسبينوزا عندما تحدث عن ونفى المعجزات جاء بمثالين مثال عن احياء الموتى للمسيح عليه السلام ومثال عن شق البحر لموسى عليه السلام. أسبينوزا فسرها علميا، وهذه من المكن للدكتور حمزة أن يفسرها أكثر . هو قال ان الميت لم يكن ميتا وعندما مدَّ المسيح يده إليه منحهُ شيئا من الدفء ، وهو تفسير يحتاج الى تأكيد علمي ، ولكن أسبينوزا وقع بمشكلة كبيرة عندما قال بوحدة الوجود، ولا أعلم هل اخذها من الهنود أم فلاسفة المسلمين حيث أنّ كثير من منهم يقولون بوحدة الوجود .
الأن سأذهب الى قضية غير واضحة، وهي مسألة المُصادفة التي تكلمت الدراسة عنها حيث أن المصادفة تنفى مبدأ السببية وهنا المشكلة . الناس يقولون الصدفة، وفي اللغة العربية لا يوجد صدفة بل مُصادفة. المصادفة منفية علميا . في القانون العلمي لا يوجد شيء اسمه مُصادفة ..لا يوجد في الكون شيء اسمه مصادفة ولكن مثلما ورد في دراسة الرستناوي إنّ عجزنا عن تعليل الأسباب يدفعنا للقول بالمصادفة او المعجزة، فعدم بحثنا في الأسباب يؤدي الى القول بهذا الكلام.
تناولت الدراسة لمسألة القصص، وأنا كتبت عن هذا الموضوع ، ولقد تم تكفيري بشكل وحشي. قلت و مازلت أقول أن القصص القرآني فيها حكم وحكمة ، ولا يوجد فيها أحكام. إنّ استخراج الأحكام من القصص القرآني هو تحميل للشريعة الاسلامية مالا يُحتمل وتضيق على الناس في منطقة المُباح.
فيما يخص موضوع الاسراء تناولت الدراسة التفسير التاريخي اللغوي في نفي الاسراء. حسنا وأنت مقيم في كندا والولايات المتحدة الأمريكية هل هناك مادة علمية يتم الاشتغال عليها قد تفيد في تفسير ذلك؟! حيث أنني اطلعت على مقالات بخصوص الانتقال الضوئي والجسم الاثيري وهذه تحتاج إلى شرح. أما فيما المعراج غير صحيح وهو مأخوذ في تاريخ الانبياء القديمين والزرادشتية والهنود والمسيح في بعض الروايات وحتى موسى .
هناك نقطة لم تتحدث عنها المحاضرة ولكنها موجودة في الدراسة التي اطلعتُ عليها، وأنا سعيد بذلك، وهي موضوع انشقاق القمر، وقد أبدع الدكتور حمزة في مناقشة قضية انشقاق القمر ابداعا كبيرا في مناقشة الجوانب العلمية والتراثية اللغوية .
هناك نقطة اختلف معك فيها وهي القول بالصرفة والذي قال به بعض المعتزلة مثل النظّام، أنا لا أتوافق معه، لماذا؟ لأن القول بالصرفة، ينفي الإعجاز ويؤكد التعجيز، هناك فارق كبير بينهما. الإعجاز هو إعطاء أدوات العمل المعجز والطلب منك ان تقوم بمثله ، والتعجيز هو سلب ادوات العمل المعجز، والطلب منك ان تقوم بمثله وهذا مستحيل. أنا اعتقد أن المعتزلة كانوا ضعيفين جدا في قولهم بالصرفة ، وسأضرب مثالا: لو قلنا أنا شاعر وأنتَ شاعر. نحن عندما نكتب الشعر نكتبه على الأبحر وعندنا دراية باللغة العربية ، فعندي الأبحر واللغة ذاتها وأقدم قصيدة للناس ، وأقول لهم أتحداكم ان تأتوا بمثل روعتها. التعجيز هو أن أسلب من الناس أدوات الاعجاز أي لا يوجد بحور وأطلب منهم الكتابة باللغة السنسكريتية ولا أحد يعرفها واقول لهم عليكم بمثلها؟! العرب تحدّثت عن القرآن من جهة النظم وفهمته . بيان النبي محمد لم يكن شرحا للقرآن ، ويمكن الرجوع الى مادة بانَ في المعاجم ، البيان هو الإبلاغ للمادة الواصلة للنبي من الوحي دونما لبس، لذلك لم يستغرب أحد كلمة واحدة من الكلمات القرآنية وبما في ذلك الأحرف المقطعة. لمّا نزل القرآن لم ينزل على ما عهدته اللغة العربية والتي كانت في أوجها ..كانت طريقة البيان القرآني لا تشابه السجع أو الشعر ولهذا كانت مُستغربة ، وهذه قضية تحتاج لبحث، حيث لم يكن في قريش شاعر أبدا. في الختام شكرا جزيلا د. حمزة لهذه الانارة العقلية الايمانية العلمية .. تحياتي
*أحمد الرمح مفكر اسلامي سوري تنويري ، وجاءت هذه المادة كمُداخلة موسعة له في إطار نشاطات ندوة وطن بتاريخ 22 - تشرين ثاني-2 2022
-
تعقيب حمزة رستناوي: الشكل موصول للأستاذ الرمح وسأعرض لعدد من النقاط ذات الصلة.
أولا- القانون ،السببية ،الاحتمالية ،النسبية ،الحتمية، الغائيّة : القانون شكل احتمالي وإن بدا حتميا حيث ان كل كائن هو متعدد المسارات والقيم . القانون شكل نسبي وإن بدا مطلقا من حيث أنه متعدد المنظور والخصوصيات . مفهوم السببية يعني أن لكل حدث سبب قبلي يؤدي الى نتيجة ،وفي الحقيقة إن السبب هو نتيجة أيضا، سبب - نتيجة – سبب وهكذا. السببية هي المبدأ الاساسي في البحث العلمي عموما وهي من ضرورات المنهج العلمي. الغائية تختلف عن السببية ،في الغائية نعتقد أن كل شيء قد تم إعداده والتخيط له بشكل مسبق، أي ان الغائية تعني القصدية والتقدير المسبق للحدوث. الغائية مفهوم فلسفي أكثر منه علمي وهي نوع من الجبرية الغائية التي تتضمن الحتمية . الحتمية هي أحد اشكال الغائية. مثال عن الحتميات وزيفها : حتمية انتصار البروليتاريا وحتمية زوال الرأسمالية ، حتمية زوال اسرائيل ،حتمية الوحدة العربية ، حتمية انتصار الخير على الشر . السببية الاحتمالية هي نقيض فكرة الحتمية . الارتباط بين حدثين أو إن حدثا يأتي قبل الحدث الثاني أي التعاقب الزمني. الارتباط إحصائيا لا يعني السببية، وهذا فخ ينبغي الانتباه له ، أي ليس كل ارتباط بين حدثين او عنصرين مع تعاقب زمني يعني السببية، وسأضرب مثالا عن التدخين الذي يؤدي الى سرطان الرئة. قد يبدو أنه : سبب- نتيجة. نعم يوجد علاقة سببية ، ولكن هل هي حتمية ؟ هي ليست حتمية بل احتمالية اصابة الشخص المُدخن بالسرطان تزداد، وهناك عوامل متعددة تزيد أو تُنقص منها: عمر الشخص، جرعة التدخين، التركيب الوراثي للشخص ، طول مدة التدخين.. الخ.
ثانيا- بخصوص ( معجزة احياء الموتى للمسيح): بمعيار العلم يجب إثبات حدوث الوفاة سريريا قبل الحديث عن إحياء الميت، الموت بالتعريف هو حالة غير قابلة للعكس. لنميز بين الموت وحالات الموت الظاهري وحالات الغشي والسبات. وتشخيص الموت يتضمن أساسا موت جذع الدماغ حيث أنه من الممكن أن يتوقف القلب والتنفس لفترة معينة بحدود دقائق وتكون ضربات القلب وحركات التنفس بطيئة وضعيفة ويبدو الشخص المريض وكأنه ميت ظاهريا ثم يصحو المريض. لذلك قد تكون الحالة المقصودة هي نوع من الغشي الذي يشبه ظاهريا الموت، وهذه الحالات قد تتحسن عفويا أو من خلال مناورات بسيطة كرفع أرجل المريض وأو تبيه حسّي ألمي مثلا!
ثالثا- كان عرضي لمقولة الاعجاز بالصرفة في سياق سرد ثقافي تاريخي ، ولكني لا أتبناها ولا أدافع عنها ، الاعجاز بالصّرفة هو مفهوم طرحه بعض المعتزلة في القرن الثاني كإبراهيم بن سيار النظام وهشام الفوطي وعباد بن سليمان والمردار و الذي أسس فرقة معتزلية خاصة انقرضت لاحقا ، هم يقولون أن القرآن الكريم ليس كتابا مُعجزا بحد ذاته وإن البلغاء يستطيعون كتابة نص مشابه له ولكن البلغاء صرف الله نظرهم عن هذا ومنعهم
رابعا- ما يُسمى بظاهرة الاسقاط النجمي أو الجسم الأثيري astral projection ومحورها هو الادعاء بقدرة الانسان على الخروج من جسده والسفر ونحوها ،هي تدخل في باب العلوم الزائفة التي لا تستند إلى برهان علمي مثبت. هي تجارب شعورية نشاهدها في عدد من الاضطرابات النفسية كالإضرابات الافتراقية Dissociative disorders وبعض حالات مرضى صرع الفص الصدغي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شارون الأب الروحى لهم وهدفهم محو كل ما فلسطيني.. من هم -شباب


.. لماذا يركز الجيش الإسرائيلي على الطائفية لوصف مجريات الحرب ف




.. رقعة| أين يقطن المسلمون في أمريكا؟ وكيف يؤثرون على الانتخابا


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية لا زالت تواجه على المتر الأو




.. مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال