الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 29

ضياء الشكرجي

2022 / 3 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إِنَّ اللهَ لا يَستَحيي أَن يَّضرِبَ مَثَلًا مّا بَعوضَةً فَما فَوقَها فَأَمَّا الَّذينَ آمَنوا فَيَعلَمونَ أَنَّهُ الحَقُّ مِن رَّبِّهِم وَأَمَّا الَّذينَ كَفَروا فَيقولونَ ماذا أَرادَ اللهُ بِهاذا مَثَلًا يُّضِلُّ بِهِ كَثيرًا وَّيَهدي بِهِ كَثيرًا وَّما يَهدي بِهِي إِلَّا الفاسِقينَ (2/26)
من الطبيعي أن من يؤمن بشيء، يعتقد أنه يمثل الحق، وإلا لما آمن به، وبالتالي يقرر القرآن هنا إن الذين صدقوا بنبوة محمد، وآمنوا بإلهية القرآن، يرونه حقا. بينما العقلاء يؤمنون عادة، لاسيما في قضايا ما وراء الطبيعة، أو عموم الفكر والفلسفة، بنسبية الصواب والخطأ، ولذا فليس هناك حق بالمطلق وخطأ بالمطلق، كما في ثقافة الدينيين. واعتبرت هذه الآية من لا يؤمن بهذا الحق فاسقا، وهنا يقصد به الفسق بالعقيدة، أي ما ينعته القرآن بالكفر، وإنما الكفر عنده هو عدم الإيمان بالإسلام دينا، وبمحمد نبيا رسولا، وبالقرآن كتابا موحى به من الله. والفسق يطرح عادة لا بمعنى الكفر بالعقيدة، بل عدم الالتزام بأحكامها، ولذا يسمى المسلم العاصي لأحكام الإسلام، أو لبعضها فاسقا، ولا يسمى كافرا، لكن مؤلف القرآن استخدم أحيانا أحد المصطلحين مكان الآخر، كما هو الحال هنا، بل ذهب إلى اعتبار كل الذين لم يؤمنوا به فاسقين تارة، وظالمين تارة ثانية، ولا يعقلون تارة ثالثة. وهذه الآية تنسب إضلال الفاسقين إلى الله، ولو إن الإضلال لم يرد هنا بشكل مباشر، بل جاء بالصيغة السلبية أي عدم هداية الله لهم، بينما في مواقع كثيرة في القرآن أن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء. ومن هنا قد يكون قرآنيا من الصحيح اعتبار (المُضِلّ) كما (الهادي) من أسماء الله (الحسنى)، كما اعتبروا (الضارّ) و(النافع) منها. ثم استهلال مؤلف القرآن هذه الآية بقول «إِنَّ اللهَ لا يَستَحيي أَن يَّضرِبَ مَثَلًا مّا بَعوضَةً فَما فَوقَها» ترد عليه ملاحظتان، الأولى إن المؤلف شعر أن طريقة إيراده الأمثلة في القرآن ناسبا إياها إلى الله، هو مما يُستَحيى منه عادة، لكن بررها بقول «الله لا يستحيي» كما يستحيي البشر، ثم يفترض أن يقول «بَعوضَةً فَما دونَها»، وليس «فَما فَوقَها».
الَّذينَ يَنقُضونَ عَهدَ اللهِ بَعدَ ميثاقِهِ وَيَقطَعونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يّوصَلَ وَيُفسِدونَ فِي الأَرضِ أُلائِكَ هُمُ الخاسِرونَ (27)
هنا يعتبر مؤلف القرآن إن هناك تلازما بين عدم الإيمان به، وبين كون غير المؤمن، يحمل كل الصفات السيئة، فهو ناقض للعهود والمواثيق، وقاطع لصلة الرحم، ومفسد في الأرض، إلى غير ذلك من الافتراضات المبنية على دعوى التلازم، بينما أظهرت دائما التجربة، بأن هناك الكثير من المؤمنين والملتزمين بالعبادات، هم أناس سيئون، يمارسون الظلم، والكذب والغش، والأنانية، والجشع، والاستغلال، وإلى غير ذلك، بينما نجد الكثير من غير المؤمنين، أو غير المتدينين هم غاية في الاستقامة والتحلي بمكارم الأخلاق والإنسانية والعطاء. ثم احتكار صفة الإيمان بمن يؤمن بالإسلام، ونعت سائر المؤمنين غير المسلمين بالكفرة، فيه إجحاف واضح. طبعا هذا إذا علمنا أن المصطلحين القرآنيين «الذين آمنوا» و«الذين كفروا» إنما يعنيان المسلمين وغير المسلمين، كما ثبت من خلال استجلاء الآيات القرآنية التي يرد فيها المصطلحان.
كَيفَ تَكفُرونَ بِاللهِ وَكُنتُم أَمواتًا فَأَحياكُم ثُمَّ يُميتُكُم ثُمَّ يُحييكُم ثُمَّ إِلَيهِ تُرجَعونَ (28)
هنا تتحدث الآية عن موتين وحياتين، الموت الأول كما يبدو تعبير مجازي عن العدم الذي كان فيه كل إنسان قبل أن يبعث إلى الحياة، لأن الكلام عن موت من ليس له وجود لا معنى له، والموت الثاني هو الموت بالمعنى الحقيقي، حيث تنتهي هذه الحياة بموت، وفي كل الأحوال يمكن أن نعتبر وجود ثمة حياة من طبيعة أخرى بعد هذه الحياة، يتحقق فيها الجزاء، لكل بما يستحق، من الواجبات العقلية، لأنها من لوازم العدل الإلهي، الملازم لواجب الوجود، الذي لا يمكن إلا أن يكون كمالا مطلقا. ولكننا لا ندري هل من إحياء أو بعث بعد الموت، أو إن الموت يمثل جسر عبور للروح من الجسد الذي كان حيا فمات، وتبقى الروح لتتخذ صورة أخرى من الحياة لا نعرف ماهيتها، ولا يجب فلسفيا معرفة تلك التفاصيل. نعم لو تيقنا أن هذا الخبر صادر من الله، فسيكون من اللازم أن نثق بصدقه، سيما هو ليس من الممتنعات العقلية. ولكن بالنسبة لمن هو ثابت لديه امتناع صدور الدين عن الله، بل هو صناعة بشرية محضة، فيبقى الكلام عن طبيعة الحياة الأخرى محض خيال من لدن المصورين لتلك الحياة من أنبياء، أو كهنة أديان قبل أنبياء الديانات التوحيدية، أو متفلسفين إلهيين.
هُوَ الَّذي خَلَقَ لَكُم مّا فِي الأَرضِ جَميعًا ثُمَّ استَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوّاهُنَّ سَبعَ سَماواتٍ وَّهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ (29)
هذا الكلام يناقض الحقائق العلمية، لأنه يفترض أن خلق الأرض كان سابقا لبقية الكواكب والأجرام السماوية، مما يدل على استحالة صدوره عن الله. أما السماوات، فهو مصطلح غريب، ولا ندري ما المقصود بكون عدد السماوات سبعا. هل هي المجموعات الشمسية، أم طبقات الغلاف الجوي؟ أما قول (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مّا فِي الأَرضِ جَمِيعا)، فهو قول جميل وصحيح بالنسبة لمن آمن بالخالق القدير الحكيم، لكن ما يناقض الحقائق العلمية أنه خلق الأرض وكل ما فيها أولا، ثم خلق السماوات أي الكون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاخ الكريم ضياء
سهيل منصور السائح ( 2022 / 3 / 2 - 05:14 )
بعد التحية والسلام اقول وبالله التوفيق. اذا كان هناك آيات في القرآن تخالف العلم قذالك دليل واضح على ان القرآن تاليف بشري لا غير. اما ان الله يتحدى مخلوفا هو صانعه فهذا يستحيل تصديقه.فهل من المنطق ان خالق عقل اينشتاين وعقلي بفارق كبير يتحداني ان اكون مثله؟؟.كلا والف كلا ولكن: ويشا ناشىء الفتين منا ** على ما كان عوده ابوه.
شكر لك والى المزيد.


2 - الله تحدى بلاغة العرب
جمعة مسعود ( 2022 / 3 / 2 - 09:04 )
واضح أنك تهبد بدون ما تعرف يا سهيل
وإلا كيف يعطيه حرية الاختيار؟؟؟؟

اخر الافلام

.. مشروع علم وتاريخ الحضارات للدكتور خزعل الماجدي : حوار معه كم


.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو




.. 70-Ali-Imran


.. 71-Ali-Imran




.. 72-Ali-Imran