الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة السامخيا

وديع بكيطة
كاتب وباحث

(Bekkita Ouadie)

2022 / 3 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


السامخيا (بالسنسكريتية: التعداد أو العدد) وتلفظ أيضا سانخيا، هي أحد الأنظمة الستة (دارشانات darshans) في الفلسفة الهندية، تنبني السامخيا على الثنائية الثابتة للمادة (بريكريتي prakriti) وعلى الروح الأبدية (البروشا purusha)، كلاهما منفصلان في الأصل، ولكن في سياق التطور، تعرف البروشا نفسها عن طريق الخطأ بجوانب بريكريتي، وتتأسس المعرفة الصحيحة من قدرة البروشا على تمييز نفسها عن بريكريتي.
وُجدت العديد من الإشارات إلى هذا النظام في النصوص الأولى للثقافة الهندية، وقد عرفت السامخيا تعريفها وشكلها في كتاب السامخيا كركاس (“Stanzas of Samkhya”) للفيلسوف إشفاراكريشنا Ishvarakrishna (القرن الثالث الميلادي). كما كتب فشنانبهكو Vijnanabhikshu أطروحة مهمة عن هذا النظام في القرن السادس عشر.
تقوم مدرسة السامخيا على وجود جسدين، جسم مؤقت وجسم من مادة "نورانية subtle" يستمر بعد الموت البيولوجي؛ بفناء الجسد الأول، يحِلُ (من الحُلول) هذا الأخير إلى جسد زمني آخر. يتكون جسم المادة النورانية من مستويات الـ "وعي" الأسمى لبوذا؛ التي هي "اهمكرا ahamkara"، أي الوعي الأول. والـ"ماناس manas"، ومهمته التوفيق بين انطباعات الحواس. والـ"برانا prana"، مهمته "التنفس" للحفاظ على مبدأ حيوية الجسم.
تفترض السامخيا وجود عدد لا حصر له من "البروشا" المتشابهة والمنفصلة، ولا تتوقف على أي شيء آخر. تقوم البروشا والبريكريتي بتفسير الكون، لذلك فإن فكرة الإله غائبة، توجد البروشا في كل مكان، وهي في كل وعي، شاملة، ساكنة، ثابتة، غير مادية، وبدون رغبة. أما البريكريتي فهي ذات طبيعة نورانية شاملة تحدد من خلال الزمان والمكان.
تبدأ سلسلة التطور عندما تصطدم البروشا بالبريكريتي، تماما كما يجذب المغناطيس قطعة الحديد عنده. تصبح البروشا التي كانت من قبل وعيا خالصا بدون كائن مركزة على البريكريتي، وبهذا يتطور "الوعي الروحي" عند البوذي؛ يؤدي تطور وعي الأنا الفردي وهو الوعي الأول "اهمكرا ahamkara"، والذي يفرض على البروشا سوء الفهم باعتبار الأنا هي أساس الوجود الموضوعي لها، أي للبروشا.
تنقسم "اهمكرا ahamkara" إلى خمس عناصر هي (الفضاء، الهواء، النار، الهواء، الماء، الأرض)، وتوجد بموازاتها خمسة عناصر هي (الصوت، اللمس، البصر، الذوق، الشم) وأعضائها الخمسة التي تقوم بهذه المهام، والتي بها يمكن التحدث، الإدراك، الحركة، الإنجاب، الاخلاء، ويقوم العقل بدور التوفيق بين انطباعات كل هذه الحواس؛ "الماناس manas". يعد الكون نتيجة لهذه التوليفات والتبادلات المختلفة لهذه المبادئ، يضاف إليها البروشا.
تحتوي الكوناس gunas (أي الصفات) على ثلاث صفات أساسية في ذاتها، وهي تشكل البريكريتي.
يشار في فلسفة السامخيا إلى الكون المادي بالبريكريتي؛ وتتكون البريكريتي من ثلاث صفات "الكوناس gunas "، ترقص فيما بينها في دائرة، وهي موجودة في كل شيء، بداية من الذرات والكائنات الحية والنجوم والكواكب وصولا إلى المجرات. هذه الصفات هي جوهر الوجود المادي، وفي تفاعلها تُحدد شكل وجودة وسلوك كل الأشياء، وتعد هذه الصفات أكثر أهمية كعوامل فسيولوجية نفسية، وهي أداة جيدة لفهم وتطوير العقل والجسد والعواطف، وتغيير كل جانب من جوانب حياتنا.
تعرف هذه الصفات بـ الـ"ساتفا sattva" والـ"رجاس rajas" و"الـ"تاماس tamas"
1. الـ"الساتفا sattva" ترتبط هذه الصفة بالهدوء والتوازن والتناغم والوضوح، وهي حالة من الانسجام والانضباط والتعقل، نشعر فيها بالسعادة والسلام والهدوء، وبها نرى الأشياء كما هي في الواقع، وتشمل الحالات العاطفية المرتبطة بساتفا السعادة والفرح والسلام والحب والحرية والود والانفتاح والإبداع والوفاء والإلهام.
2. الـ"رجاس rajas" ترتبط هذه الصفة بالحركة والنشاط والإثارة والرغبة، ويجد أصحاب هذه الصفة صعوبة في النوم، فهم منشغلون بشكل دائم، وغير قادرين على التوقف عن العمل أو الراحة؛ وتشمل الصفات العاطفية مثل اليقظة، والتصميم، والتقوقع على الذات، واللهفة، والأرق، والغضب، والجشع، والقلق. وهي أسلوب العمل والحركة والنشاط، نحتاج إليها للعمل وإنجاز الأمور التي تهمنا.
ورغم ذلك، فإن لها جانبا سلبياً؛ يثير الكثير من الراجاس الرغبة والجشع والغضب، وننتهي بها إلى القلق والاضطراب والتوتر، ونصبح في صراع دائم مع الناس ونعجز عن التوقف عن ذلك.
3. "الـ"تاماس tamas" (أي عالم الظلمة) وهي الصفة الأكثر كثافة وظلمانية من الصفات الأخرى، ترتبط بالجمود والخمول والخوف، تشمل حالات التماس الكسل والشك والحزن والأذى والعار والملل واللامبالاة والجهل. وهي مسؤولة عن النوم، وهي تؤدي وظيفة ضرورية، لكن الكثير منها يؤدي إلى كل ما هو سلبي في الحياة، وتجعلنا وهنينَ جسديا وعقليا وعاطفيا، وتحجب التفكير الدقيق، ويصبح عمل شيء بسيط أمرا صعبا، وتؤدي إلى مستوى خطر من الكآبة يصعب الخروج منه، ولكي نبدأ يومنا ونتجاوز التاماس، نحتاج إلى الراجاس.
كنتيجة؛ إن كل ما علينا القيام به لنحيا بسلام، هو تعلم كيفية خلق التوازن بين صفة الراجاس والتاماس، والتمتع بالسلام والرفاهية مع صفة الساتفا التي هي صفة طبيعة فينا، والتي تلائم الشخص المستنير والهادئ، بعكس صفة التاماس التي تتوافق مع الشخص الجاهل والكسول. وهي أيضا ـ أي الساتفا ـ بعكس صفة الراجاس التي تناسب الشخصية المندفعة والعاطفية والحماسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال