الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أثر ضياء غوك ألب في علم الاجتماعي التركي

صفوان قسام
اختصاصي وباحث في علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي

(Safwan Qassam)

2022 / 3 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ضياء غوك ألب 1875- 1924 ولد في ديار بكر جنوب تركيا، وتوفي في أنقرة. هو مؤسس علم الاجتماع التركي وهو عالم وكاتب وشاعر وسياسي ومناضل تركي، ويعتبر أبو القومية التركية. تقوم أفكاره على المزج بين الإسلامية والتركية والحداثة الأوروبية، حيث يعتبر التركية كعنصر ثقافي والإسلام كعنصر أخلاقي والحداثة كعنصر عالمي. ناصر الموروث الثقافي الشعبي في مواجهة الموروث الثقافي المتداول في القصور وبين السلاطين، ودعا إلى العلم كعنصر إيجابي لتطور المجتمع، واعتبر الدين عنصرا ضروريا للتماسك الاجتماعي، متأثرا بدوركهايم ودعا الى التضامن الاجتماعي على غراره، في مواجهة فكرة الليبرالية الفردية والصراع الطبقي من أجل حماية السلم الأهلي، بالتعاون مع المنظمات والمؤسسات الأهلية، التي تقوم على المؤهلات الفردية لا الطبقية، واعتمد على المؤسسات المهنية في النهضة الاقتصادية في المجتمع.
كان علمانيا وتنبأ بزوال السلطنة عام 1900 وأيد كمال أتاتورك بقوة، وعين عام 1915 أستاذا لعلم الاجتماع في استنبول، حتى زوال السلطنة عام 1919 حيث أقيل من الجامعة؛ وتوفي وكان رئيسا للترجمة والتأليف.

يرى غوك ألب أن الظواهر الاجتماعية هي عبارة عن حوادث مرحلية تنشأ نتيجة ظروف معينة وفي فترة زمنية محددة تنتهي بمجرد انتهائها، مفسحة المجال أمام ظواهر اجتماعية أخرى؛ وهذا ينطبق على ظاهرة القومية، وهو يشمل ظهور القومية التركية، التي عقبت مرحلة أسلمة الدولة ومن ثم ظهور الحداثة. والعوامل التي ساهمت في ظهور هذه القومية اثنان؛ عوامل خارجية وعوامل داخلية. العوامل الخارجية: وهو حسب ما أسماه الإعجاب بكل ما هو تركي، وهذه النزعة ظهرت في أوروبا عموما. كالإعجاب بالأخلاق التركية ونمط معيشتهم وثقافتهم؛ وأيضا الأبحاث الأوروبية التي تناولت الأتراك كتاريخهم وقبائلهم وقدمهم.. وهذا ما أثر على رجال الفكر الأتراك. ومن العوامل الداخلية: الحركة الفكرية التي نشأت في استنبول ونشاط المفكرين الأتراك ونهوض الروح الجديدة فترة نهاية عهد السلطان عبد المجيد وبداية عهد عبد الحميد؛ منها مثلا ترجمة شجرة الأنساب التركية إلى اللهجة الإسطنبولية، وخص بالذكر دار الفنون والكلية الحربية في نشأة الفكر القومي التركي. أيضا هناك دور حسب غوك ألب يعود إلى الأتراك في الخارج كأتراك جزيرة القرم؛ وأيضا هناك شخصية هامة كانت هي جمال الدين الأفغاني التي لعبت دورا هاما في تنمية الروح القومية التركية.
يعتقد غوك الب أن القومية التركية انتشرت بسبب الصحف، لأنها وبدون قصد استطاعت أن تجمع الناس وتوحد لغتهم، وتصنع لهم ضميرا مشتركا؛ ورغم قوله أن العصر الذي كان يعيش فيه هو عصر القوميات لكنه قال أن القومية التركية قد تأخرت بالظهور، والأسباب أن المفكرين الأتراك كانوا يرفعون شعار نعم للعثمانية وليس للتركية؛ والسبب الثاني أن رجال التنظيمات كانوا يعتقدون أن بمقدورهم إنشاء امة تقوم على عناصر شعبية متنوعة. وهناك سبب أخر هو هيمنة العناصر الأخرى التي تعيش في كنف الأتراك على الشؤون الإدارية والزراعية والاقتصادية مما أخر ظهور اقتصاد قومي ولغة قومية وبقي الحال بعيدا عن الوعي القومي. وكما أن غوك ألب اعتبر الإسلام عاملا من عوامل القومية التركية، لكنه يدعو إلى العودة ما قبل الإسلام وتسمية الأسماء القديمة للأتراك ما قبل الإسلام، وما يدعوا منه في الإسلام هو أخلاقه.

تأثر غوك ألب بروسو وخصوصا بتعريفه للوطنية بأنها: "حب الأمة" وبمسألة استخدام التربية والتعليم في غرس بذور الوعي القومي والشعور الوطني؛ وتأثر بالفيلسوف الألماني "هردر" الذي قال بفردانية الثقافة وأنها غير قابلة للقياس، وتأثر بإيميل دوركهايم خصوصا في مسألة قيام الأمة على التاريخ المشترك والمعتقدات والأعراف والتقاليد.. ميز غوك ألب بين وجود الأمة القديم وبين الوعي بوجود الأمة وهو حديث.. وهذه من أفكار الفيلسوف الفرنسي "رينان" وكذلك "فيخته" والذي قال بدور اللغة والشعب والعيش المشترك في نشوء الأمة ودوركهايم الذي قال بالقوم - والملة - الأمة وهي العوامل التي تحافظ على القومية.

يعتبر كتاب ضياء كوك الب " علم الاجتماع - İlmi İçtima"، الذي نُشر في عام 1916، ومجلة " اجتماعيات- İçtimaiyat" ، التي بدأ نشرها في عام 1917؛ من أوائل الكتابات التركية، في علم الاجتماع، وكثرت الدراسات التي ناقشت علم الاجتماع من خلال كتابات "ضياء غوك الب" مثل كوبرولوزاد فوات، م. كوهين، إسماعيل حقي، ونجم الدين صادق. وتم تبني الدوركهايمية في علم الاجتماع التركي بتأثير منه حيث تم إنشاء "معهد علم الاجتماع" في دارالفون عام 1915 تحت اسم "دار الاجتماعيات - İçtimaiyat Darülmesaisi". وضعف تبنيها بعد عام 1919 ، عندما أصبح نجم الدين صادق رئيسا لقسم العلوم الاجتماعية (علم الاجتماع) في الجامعة.
يُنظر إلى علم الاجتماع التركي على أنه قضايا اجتماعية بحتة، وهو يبدو مشابها لعلم الاجتماع الغربي بسبب ترجمة الدراسات الغربية؛ لكن مؤلفات علم الاجتماع التركية، تعالج القضايا الاجتماعية الأساسية المتعلقة بهوية مجتمع تحول من إمبراطورية إلى جمهورية:
1- تظهر الدراسات على شكل دراسات من الوحدات الأصغر في المجتمع كالقرى: وهي منهجية لمحاولة فهم من أين سيبدأ التغيير في المجتمع، بينما فإن دراسات "الثقافة والحضارة" هي التي ستشكل الأيديولوجية الجمهورية؛ وهو مبني على فهم أن العنصر التركي الذي يعيش في القرية هو العنصر الأساسي.
2- الدراسات الاجتماعية في موضوع "التركية والقومية": كانت بنية الإمبراطورية العثمانية المنهارة متعددة الجنسيات؛ بينما تقوم الدولة الحديثة على العنصر التركي، لذلك، كانت القومية التركية من بين المناقشات الرئيسية في علم الاجتماع التركي.
3- إحدى المشاكل الرئيسية لعلم الاجتماع التركي هي مناقشات "الثقافة والحضارة": يتضمن أفكار ضياء كوك الب حول الهوية، والتأكيد على الحفاظ على الثقافة التركية والاندماج بالحضارة الأوروبية؛ توضيحا لصيغته: "الأمة التركية، الأمة الإسلامية، الحضارة الغربية"
ويوجد موضوع آخر تتم مناقشته في علم الاجتماع التركي وهو: "العلمانية". بينما كانت المناقشات اللاحقة حول "الحداثة والعولمة" ومفهوم "الحداثة" في تركيا ثم "ما بعد الحداثة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان