الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن كييف والتاريخ الذي لا يرحم

بسام ابوطوق
كانب

(Bassam Abutouk)

2022 / 3 / 4
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


عام ١٢٤٠ وبعد صراعات داخلية على السلطة بين الأمراء، احتل مغول القبيلة الذهبية

مدينة كييف وهرب كثيرا من الناس الى بلدان أخرى.
بعد خمس سنوات على سقوط كييف، كتب المبعوث البابوي جيوفاني دابيان ديل كاربيني:
((دمروا المدن والقلاع وقتلوا الرجال وكييف التي حاصروها كانت اعظم مدينة روسية ، وعندما حاصروها لفترة طويلة،
اخذوها وقتلوا اهل المدينة . لذلك عندما مررنا في ذلك البلد، وجدنا عددا لا يحصى من الجماجم والعظام البشرية المنتشرة في الحقول.
والآن تحولت الى لا شيء تقريبا")).
هل تخيل الأشقاء الثلاثة وأختهم عندما قرروا في القرن الخامس ميلادي، بناء قرية وسوق على سفح نهر الدينيبر،
لتتطور وتصبح أهم مركز تجاري وملاحي، حيث ينقل نهرالدينيبر مياهه الثلجية الى بحر آزوف،
وهي التي تنبأ القديس اندراوس في القرن الميلادي الأول ببنائها لتكون مدينة عظيمة اسمها كييف.
هل تخيل هؤلاء الاشقاء الأربعة أن تتحول مدينتهم من رؤيا العظمة والازدهار والنهضة الإنسانية، الى ضحية لأطماع وغزوات ومجادلات شوفينية.

هل تخيلوا وحتى في أسوأ كوابيسهم، أن تحاصر جحافل الغزاة المتعطشين للدماء والخراب مدينتهم، وتسعى لاقتحامها من جهاتها الأربعة.
لدينا قراءتين للتاريخ..
تاريخ لا يرى إلا الصراعات القومية والدينية والحروب والغزوات والإبادات المتبادلة،
وتاريخ ينظر الى نشاط وابداعات المجتمعات البشرية كمسار للتطور والتقدم للحضارة الإنسانية.
تاريخ ينقب عن الاضطرابات والانقلابات والنزاعات.
وتاريخ يعتمد الإنجازات الفكرية والثقافية والروحية والعلمية.
لا تزدهر المجتمعات البشرية بالحروب والقتل والتشريد والابادة. ولا تزدهر بالصواريخ والمدافع والدبابات.
فالدماء والنيران والخراب والظلام، ليست عناوين التقدم البشري، بل الثقافة والفن والاعمار والضياء.
كل المبررات والمسببات والمحاجات، سمعناها وقرأناها من طغاة أمثال جنكيز خان وهتلر وموسوليني ،
اشعلوا حروبا" ودمروا وخربوا، ثم فشلوا وتراجعوا ضاعت آثارهم ،
هل يرغب الرئيس الروسي المستدام فلاديمير بوتين، في إعادة التاريخ الروسي منقلبا" على دستويفسكي وتور جنيف وتولستوي وباقي عمالقة الثقافة الروسية،
متحولا" الى نسخة مزيفة عن تاريخ بربري مظلم.
عود على بدء.. التاريخ لا يرحم، والتقدم البشري اقوى وأعظم من جائحات وطفرات الديكتاتورية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟