الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


1 و 2 من 5 / من مقال آلهة البدو - الجزء الثاني ،

اسماعيل شاكر الرفاعي

2022 / 3 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


آلهة البدو

الجزء الثاني

( نستسقي بها المطر ، ونستعين بها على العدو ) كتاب الأصنام ص8
1 -
اذا كان العلم والتكنولوجيا قد ساعدا الإنسان الحديث على تعويض قصور حواسه ، فمكناه من الرؤية في الظلام الدامس ، والطيران ، و ( المشي فوق الماء ) وفوق امواج المحيطات والبحار ، وبناء امبراطوريات اقتصادية عالمية ، وامتلاك ناصية السلاح النووي وغزو الفضاء : فان الدين قديماً وحديثاً قد منح الانسان الأمل بامكانية اكتشاف " اسرار الكون " التي ستمكنه من بلوغ هدف السيطرة على الطبيعة وتسيير ظواهرها لصالحه ، لكن بشرط التمسك بطاعة معبوده ، وتطبيق اوامره ، والالتزام بنواهيه ، كما يرى الفقهاء وانصار تطبيق الشريعة ، او بالتخلي تدريجياً عن ذاته : بقمع رغباتها وشهواتها ، وعدم افساح المجال في وعيه وفي لاوعيه لغير ذكر الله : الى ان يشعر بانه تحرر من سجن جسده ( الطيني ) واقترب من معبوده ، وصار شبيهاً به ، وحل فيه ، كما ترى مدارس التصوف والعرفان والغنوص التي تتمثل استراتيجيتها بالحديث القدسي : ( عبدي اطعني تكن مثلي : تقل للشئ كن فيكون ) .
اما على مستوى الواقع فإن الدين - في منطقة الشرق الاوسط - قد منح الحكام - وليس متصوفة نظرية الحلول - القدرة على التماهي بصفات الله الخارقة لقوانين الطبيعة والتاريخ ، وتمثيلها والنطق باسمها : فيصبح النبي والملك الاسرائيلي ، او النبي والخليفة والأمير الاسلامي ، او الإمبراطور والبابا المسيحي : هو حامل صفات الله .. صفات : العلم ( بكل شئ ) ، والقدرة ( على كل شئ ) [ والحياة ، والارادة ، والوحدانية ، والوجود ، والمخالفة للحوادث ، وصفة قيامه بنفسه ، وصفة الكلام ] ...

بنية الدين المعرفية

لم تتراكم البنية المعرفية لاديان الشرق الاوسط الثلاثة وفقاً لقانون التراكم المعرفي : حيث يضيف علماء الاجيال اللاحقة معارفهم الى معارف من سبقهم من العلماء . ويضرب علماء اليوم مثالاً على ذلك وهم يواصلون دراساتهم وبحوثهم ، ويكشفون عن المزيد من عناصر الطبيعة ، ومن القوانين التي تتحكم بالوجودين الطبيعي والتاريخي ، فيفتحون امام البشرية آفاق عمل جديدة . وقد بدأت حركة هذه الإضافات العلمية والفكرية بطيئة : حوالي 20 قرناً تفصل اكتشافات علماء الطبيعة الاغريق عن اكتشافات كوبرنيكس وغاليلو وديكارت ونيوتن ، الا انها تسارعت بعد ذلك ، وتقلص زمن الإضافة العلمية تدريجياً ، الى ان اصبحت الفاصلة الزمنية بين اضافة علمية وأخرى عاماً او اقل ، وهذا ما تشير اليه جائزة نوبل السنوية وجوائز عالمية اخرى .
في اديان الشرق الاوسط الثلاثة : أوحى عالم الغيب الى الأنبياء الذين اختارهم المعرفة الدينية في فترة زمنية قصيرة ، فقد تكاملت معرفة الدين الاسلامي في ثلاثة وعشرين ربيعاً : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا . المائدة : 6 ) وتكاملها يعني ثباتها اذ لا تسمح بالإضافة اليها ، ولا تتأثر بتغير الزمان والمكان ، فعدد ركعات صلاة الصبح وما يسبقها من وضوء أو تيمم ، وما يرافق حركات الجسد من تلاوة ظلت هي نفسها : اداها المسلم قبل1400 سنة ، ويؤديها مسلم اليوم بالطريقة ذاتها وبالمضمون ذاته . وهكذا بالنسبة الى اركان الاسلام الاخرى ، وكذلك بالنسبة الى المعتقدات ، التي لم يضف مسلم اليوم اليها شيئاً . وهنا يتجلى الفرق بين الدين والعلم بأجلى اشكاله . ففي الوقت الذي لا تحصل فيه النظرية العلمية على الاعتراف بها قبل ان تقدم البرهان على صحتها ، لا يطلب من الدين إثبات صحة وجود الملائكة مثلاً ، أو اثبات وجود النبي ابراهيم تاريخياً ، فظلت المعتقدات هي نفسها . وظلت صفات الله تلك التي وردت على السنة الفقهاء في مساجد المدينة او دمشق او الكوفة او البصرة وبغداد لاحقاً : هي نفسها ، وان بدأ خلاف يدب بينهم حولها من حيث تعريفها ، ومن حيث وحدتها مع الذات الآلهية او انفصالها عنها ، ولكن هذه الصفات هي نفسها التي ترد اليوم في مباحث الطالب الأزهري السني او الحوزوي الشيعي او الوهابي .
قامت المعرفة الدينية الاسلامية على عملية نقل واستقبال : نقل المعارف من عالم الغيب بواسطة النبي ، واستقبالها بترحاب من قبل جماعة المؤمنين ، فهي معرفة تأسست بطريقة الايمان المطلق بما يجئ به النبي ، وعدم التساؤل حول صحة ما حمله من عالم الغيب ، مما لا برهان على اثبات وجوده : كيوم القيامة ويوم الحساب والجنة والنار ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا


.. الجيش الإسرائيلي يدمر أغلب المساجد في القطاع ويحرم الفلسطيني




.. مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح


.. يهود أمريكا: نحن مرعوبون من إدارة بايدن في دعم إسرائيل




.. مجلس الشؤون الإسلامية في أمريكا: الرد القاسي على الاحتجاج ال