الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطبقة الوسطى المصرية وأحلامها المبتورة

هويدا طه

2006 / 9 / 7
المجتمع المدني


برنامج العاشرة مساء أعد ملفا عن الطبقة الوسطى في مصر.. وعموما ليس من بين البرامج التي تناقش الشأن المصري من تنبه إلى إعداد (ملفات عن الحالة الطبقية في مصر).. وقد كان جيدا من البرنامج إعداد هذا الملف واستضافة ضيوف يتمتعون بثقافة عميقة.. من بينهم كان الدكتور عبد الوهاب المسيري وأساتذة في علم الاجتماع السياسي.. وكان ملفتا أن من بينهم (شابة) تتمتع بنظرة عميقة لمجتمعها.. ورغم أنها محجبة بحجاب من النوع الثقيل المسمى في بلادنا (خمارا)! (أعذرونا على هذه الحساسية من تلك الخوامير المستشرية على جسد مصر فهي تشير إلى تيه كبير نعيشه!) إلا أنها كانت تحلل الوضع الطبقي في مصر بأدوات علمية.. وليست أدوات غيبية تستقي التفسير من نصوص وأشباح الماضي السحيق! لكن الأهم أنها شابة ربما لا تتعدى الثلاثين من العمر وهو شيء يثير تفاؤلا لا يعكره سوى هذا الخمار!.. الطبقة الوسطى إذن كانت موضوع نقاش.. الطبقة الدينامية التي تحرك أي مجتمع.. التي تصنع بتطلعاتها مستقبل وهوية أوطانها، لكن الملفت للنظر هو أن النقاش كان يدور حول سؤال (هل توجد طبقة وسطى في مصر؟!) وهو سؤال لا يطرح أصلا إلا إذا كان هناك خلل كبير أصاب هذا المجتمع.. فليس مجتمعا طبيعيا هذا الذي يتشكك أبناؤه في (وجود أو عدم وجود) طبقة وسطى!.. هذا يعني أن الناس يشهدون انقساما مفجعا في المجتمع حّوله إلى أمتين- بتعبير د.جلال أمين صاحب كتاب (ماذا حدث للمصريين)- أمة من الأثرياء وأمة من الجوعى! والحقيقة المؤسفة التي يلمسها معظم المصريين هي أن أغلب الأثرياء الجدد في مصر أثروا بلا جهد وبلا إنتاج وبلا تفاعل مع الآخرين.. طفيليون أثروا بالفهلوة وفرضوا على المجتمع نمطا ثقافيا للحياة رديئا تافها يتناسب وهذا الثراء الطفيلي.. فتمزق المجتمع المصري حتى فقد (التداخل بين طبقاته).. فصارت دوائر مغلقة منفصلة.. جُزر من الجماعات البشرية في مصر.. جماعة طفيلية قليلة العدد تثرى بالنهب ولاشيء غير التهب.. وجماعة ما زالت تسمى الطبقة الوسطى صارت منهكة تحت وطأة أحلام لا تتحقق فانكمشت وفقدت ديناميتها التي تتحدث عنها الكتب.. وجماعة أكثر عددا تمثل الغارقين في قاع المجتمع.. اللاهثين وراء رغيف خبز يبدو بعيدا على حد تعبير بيت شعر قيل عن الفقير (يخالُ الرغيفَ في البُعد ِ بدراً.. ويظنُ اللحومَ صيداً حراما)! وإن كانت الطبقة الوسطى (تحلم وتعجز عن تحقيق أحلامها) فإن طبقة الغارقين في قاع المجتمع (لا تحلم أصلا)! كنا نقرأ في علوم الاجتماع أن الطبقة الوسطى هي منشط عملية التطور في الظروف الطبيعية، أما الظروف غير الطبيعية أي عندما (تستفحل) الفروق بين الفقراء والأغنياء فإن البديل هو (الثورة)، الآن.. والحال هكذا في مصر.. حيث الطبقة الوسطى عاجزة منكمشة لاهثة تكاد تلحق بطبقة قاع المجتمع من فرط ما تتعرض له من ضغوط (الأحلام المبتورة).. ماذا يحمل المستقبل لعلاج هذا الحال المفرط في الخلل؟ ماذا بعد أن يجوع الجميع؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتهامات للاتحاد الأوروبي بتمويل اعتقال المهاجرين وتركهم وسط


.. مدعي الجنائية الدولية يتعرض لتهديدات بعد مذكرة الاعتقال بحق




.. مأساة نازح فقد فكه في الحرب.. ولاجئون يبرعون في الكوميديا بأ


.. صلاحيات ودور المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة مرتكبي جرائم ا




.. كلمة أخيرة - أمل كلوني دعمت قرار الجنائية الدولية باعتقال نت