الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 31

ضياء الشكرجي

2022 / 3 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وعلم آدم الأسماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُم عَلَى المَلائِكَةِ فَقالَ أَمنبِئوني بِأَسماءِ هاؤُلاءِ إِن كُنتُم صادِقينَ (31)
وهنا يأتي الجواب التكميلي والمفسر على هذا التساؤل، ذلك أن الله منح الإنسان ملكات ومؤهلات غير متوفرة لدى الملائكة، مما يؤهله هو دونهم ليكون خليفة الله في الأرض، لاسيما أنه هو ساكن هذه الأرض وعامرها. ولكن هذا هو المعنى المؤول لتعليم الله آدم الأسماء كلها، وقد اختلف المفسرون وشرقوا وغربوا وذهبوا مذاهب شتى في معنى الأسماء، وكيفية التعليم. وهنا يرد الإشكال في أن الله (المطلق) فيما هو حكيم حكمة مطلقة، وهذا يستوجب أن يكون خطابه للإنسان الموجه إليه الخطاب الإلهي واضحا، ولا يحتاج إلى تأويل، ولا يحتمل الاختلاف في فهم المراد من الخطاب. نعم إذا أولت الآية تأويلا عقليا، يمكن أن نفهم أن آدم غير معني بشخص محدد، بل هو رمز للنوع الإنساني الراشد والمسؤول، كما يمكن أن نفهم التعليم على أنه الملكات والقابليات المودعة من الله في الإنسان مما تؤهله للتعرف على حقائق الأشياء، ومن هنا يمكن أن نفهم الأسماء بمعنى المفاهيم والأشياء بمعنى الحقائق والمعاني، وهذا يشمل كل ميادين الحياة من فكر وعلوم طبيعية شتى وتقنية وفن وما إلى غير ذلك. ولكن هنا يرد إشكال آخر، وهو الإطلاق، أي معرفة الإنسان بأسماء الأشياء أي معانيها ومكنوناتها وأسرارها (كلها)، ومن غير استثناء، وهذا محال، لأن الإنسان النوع لا الشخص مهما بلغ من العلوم والمعارف والوعي، لا يمكن له الإحاطة المطلقة بكل المعارف وكل الحقائق، وهذا ما أكّده القرآن نفسه في موقع آخر، مما ينقض هذا النص، وهو قوله مخاطبا الناس «وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ العِلمِ إِلَّا قَلِيلاً»، بمعنى أن الإنسان مع امتلاكه القابلية على الاستزادة من العلم والمعرفة ما لا حد له في النمو والتكامل والتطور، مع هذا فهذا الكم الهائل مما وصل، ومما سيصل إليه الإنسان سيبقى في مقابل المطلق نسبيا ومحدودا، وبالتالي قليلا نسبة إلى المدى المطلق.
قالوا سُبحانَكَ لا عِلمَ لَنا إِلّا ما عَلَّمتَنا إِنَّكَ أَنتَ العَليمُ الحَكيمُ (32)
نرجع إلى الحوار المدعى أو المفترض تحققه بين الله والملائكة. بقطع النظر عن حقيقة وجود كائنات تسمى ملائكة أو عدم وجودها، ومع التسليم بوجودها، فهنا تبين هذه الجملة إن للملائكة ثمة علما، أو معلومات، إما مزودين بها من الله بالتلقين، وإما عبر ما منحهم الله من قابلية الاكتشاف والربط والاستنتاج والتحليل، ومع كل هذا فهم، ولكونهم يمثلون كائنات عاقلة، يدركون إن علمهم محدود، بحدود ما علمهم الله تلقينا، أو بما منحهم من ملكات معرفية. هم لا ينفون هنا علمهم، ولكنهم يقرون بمحدوديته، ثم يدركون أيضا أن الوحيد الذي يتوفر على علم مطلق وحكمة مطلق هو الكائن المطلق الوحيد، الله. وبما أنهم لم ينفوا عن أنفسهم العلم، لكنهم علموا وأقروا بمحدوديته، فبالتالي عندما يقرون لله بأنه هو «العليم الحكيم»، إنما يعنون أن علمه وحكمته غير علمهم وحكمتهم، فهما عندهم نسبيان، وعنده مطلقان.
قالَ يا آدَمُ أَمنبِئهُم بِأَسمائِهِم فَلَمّا أَمنبَأَهُم بِأَسمائِهِم قالَ أَلَم أَقُل لَّكُم أَنّي أَعلَمُ غَيبَ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَأَعلَمُ ما تُبدونَ وَما كُنتُم تَكتُمونَ (33)
ولكن تبدو القصة هنا غريبة، فما معنى أن يتباهى الله بعلم آدم، ويثبت للملائكة عدم امتلاكهم لذلك العلم الذي عند آدم، في الوقت الذي كان هو الذي علم آدم ما لا تعلمه الملائكة، وما لم يعلمها إياه. أليس هذا تحديا غير متكافئ، وغير عادل، وغير منطقي؟ فلو تصورنا أن معلما لتلاميذ المرحلة الابتدائية يمتحن تلامذته بأسئلة لا يستطيع حتى كل طالب جامعي وفي مجال اختصاصه أن يجيب عليها، وكان هذا المعلم قبل أن يحين موعد الامتحان قد اختص واحدا منهم بتعليمه الإجابة على كل تلك الأسئلة العويصة التي وردت في الامتحان، ثم يعجز كل التلاميذ باستثناء هذا الذي اختصه المعلم بتعليمه المكثف، عن الإجابة على الأسئلة، ثم ينادي تلميذه هذا ويقول له: أنبئهم بجواب هذه الأسئلة، فينبئهم، ثم يتباهي المعلم بتلميذه المفضل هذا. ماذا كنا يا ترى سنحكم على سلوك هذا المعلم؟ أما إذا تناولنا الموضوع بمعنى مجازي، أي لا بالتفسير الحرفي للآية، بل بمعنى أن الله خلق كلا من الملائكة والإنسانِينَ بطبيعة وذهنية وعقلية يختلفان أحدهما عن الآخر فيها، بحيث تكون للإنسان ملكات، لا تتوفر عند الملائكة لاختلاف طبيعتهيما، وبالعكس لا يتوفر الإنسان على ملكات للملائكة لا يملكها. أم هل تتصف الملائكة بمستوى واطئ نسبيا من الحكمة، أو كان لديهم ثمة حسد تجاه الإنسان؟ إذن من غير الصحيح ما هو شائع بأن الملائكة مخلوقون من عقل محض، وليست لديهم عواطف كالإنسان، لأن الحسد حالة نفسية أو عاطفية سلبية. ثم أليس غريبا أن يحتاج الملائكة لينبئهم ربهم أنه يعلم ما يبدون وما كانوا يكتمون؟ وما هذا الذي كانوا يكتمونه؟ المفسرون شرقوا وغربوا في ذلك؟ ثم أليس الملائكة حسب المفهوم القرآني مخلوقات مطيعة لله طاعة مطلقة؟ بينما الحسد وما يمكن أن ينتجه من سلوك عدواني من الحاسد تجاه المحسود، إنما هو من المعصية وليس من الطاعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اين هي الحقيقة في هذا اللبس؟؟؟
سهيل منصور السائح ( 2022 / 3 / 10 - 04:48 )
هل من العقل والمنطق ان دين سماوي ياتي بآيات ملتبسة ويتركها لآراء الناس بين مشرق ومغرب مما ادت الى الاقتتال بين اصحبها وهو كلي القدرة؟؟.لو فرضنا ان الانسان قليل الفهم افليس من الواجب ان حامل الرسالة عليه توضيحها وما هو المراد منها؟؟. هل من الحكمة ان اترك وصية لاولادي لا يستطيعون فك مرادها وتحتاج الى القضاء الذي لا يستطيع الفصل فيها وتخلق فتنة بيتهم وانا القادر على ايضاح مرادي فيها بدون اي مشكلة؟؟. ماذا لو قلت في وصيتي ان ربع التركة خاص لاولادي الذين احبهم ويشتركون مع الآخرين في الباقي بدون ان ابين اسمآئهم وكل يدعي انه محبوب مميز.فاذا انا الانسان العادي ـ لو فعلت هذا ـ لقيل لي انني مجنون فهل الله خالق الكآئنات من اصغرها الى اكبرها وهو كلي المعرفة ينزل الى مستوى غير لائق به ام ان لكل دين الاهه الخاص به ؟. استنادا عل هذه الحقآئق هناك احتمالان . اما ان المسلمون الأوآئل لم يعترفوا بالاسلام ولم يعيروه اي اهتمام وما كان اسلامهم الا اسلام تركيع لا غير لذى لم يسجلوا تعاليمه ام ان التعاليم الحقيقية تلفت لحاجة في نفس يعقوب وما وصلنا عبر العنعنات لا تصدق لانها تخالف العقل والمنطق.هذه هي الخلاصة.


2 - رأى
على سالم ( 2022 / 3 / 10 - 06:06 )
انا اعتقد ان القرأن كتاب بدوى غامض وساذج وصعب فهمه ولانستطيع ان نخرج بأى معنى واضح من اياته , يبدو ان هذا الكتاب تم فرضه على البدو بحد السيف وهذه اكيد مشكله ازليه وكارثيه


3 - اخطاء في نقل الاية
Alaaddin Al-Dhahir ( 2022 / 3 / 23 - 10:19 )
لست ضليعا بالقرأن لكن هناك خطأ ً في نقلها وتهجئتها وهذا هو نصها الصحيح كما وجدته على الانترنت (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰ-;-ؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah