الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما تصبح الحياة عبئا

محمد حسين يونس

2022 / 3 / 10
المجتمع المدني


ظللت لثمانين سنة مشغولا طول اليوم .. إما بالدراسة و التعلم .. أو بالعمل .. لم أشذ عن هذا إلا في العطلة الصيفية المدرسية .. أو في ايام أسرى بعد حرب 67 ..و في كل من الحالتين .. كنت أشغل نفسي .. بالقراءة .. أو الرياضة ..أو بالعاب التسلية مع أقراني .
لقد كنت متفوقا في الالعاب الداخلية ( إن دور ) الشطرنج .. و الطاولة .. و الدومينو .. والكوتشينة ..و في البنج بونج .. و في بعض الأحيان الفولي بول .
في أيام الشتاء .. كنت أتمني أن أبقي بالمنزل بعيدا عن البرد و المطر ..و كنت أرى أنني مسخر للعمل كما لو كنت عبدا ..عليه الا يتوقف أبدا عن أداء مهامة في مجتمع لا يتحسن .. ويصر علي أن يبق متخلفا .
اليوم بعد 80 سنة .. شقاء .. تتحقق الأمنية ..لم يعد لدى مهام وظيفية .. و لا أصدقاء أنافسهم.. و لا صحة لأزاول الرياضة ..
محبوس في المنزل منفردا لعشرات الساعات .. و قد لا أتبادل حديثا مع الأخرين طول اليوم ..و عندما أقرأ أشعر بملل .. فما فائدة أن تجمع معلومات جديدة .. و أنت في نهاية العمر و لن تستفيد منها بعد ذلك
لقد إفتقدت أن يكون لي مستقبل ..و لم يعد هناك حاجة .. لأى مجهود أبذله .. لقد تحققت الأمنية و أصبحت تنبل ..(( ياكل و يشرب و ينام .. يقوم من النوم ينام تاني )) كما كان تنابلة السلطان يغنون في برامج بقاباغ شارو التي إستمعت لها في بداية عمرى .
التوقف عن العمل و السعي لتحقيق الأهداف .. ليصبح الإنسان.. يعيش في كسل في إنتظار الموت .. يفحص كل يوم أجزاء جسده و يطمئن علي أنه لم يصبح معوقا .. يمثل عبئا علي الذين يعملون .. وفقد الخطط للمستقبل ..شعور لم أكن أتصورأنه بهذه القسوة ..
فإذا أضفنا لهذا أنك تعيش في مكان ظالم مجنون .. ترتفع فيه الأسعار بصورة جنونية .. يسوده سياسة الجور و الفتونه .. و أنه في أى لحظة يمكن تجريدك حتي من ملابسك الداخلية ..بواسطة زبانية الحكومة .
فإن العيش غير الأمن الذى تتوقع فيه حلول كوارث تطيح بسكونك في أى لحظة .. و تتركك .. تسعي بين المكاتب و الموظفين الثقلاء .. لتحصل علي الفتات أو تحمي الفتات .. هو كابوس يومي ..لا يفارقني أبدا .
أنا لا أثق في هؤلاء الحكام .. و حكمتهم .. و أراهم يسلكون سلوكا متوحشا تجاة من يحكمون منذ أن بدأوا ملهاة الإنجازات الوهمية التي يروجون لها بين فاقدى المنطق ..
و تزداد قسوتهم علي الأطفال و الشيوخ .. يتمنون التخلص منهم ..لتخفيض الأعباء المجتمعيه التي تخصص لهم ..
في مصر الحكام الوحيدون في العالم الذين يتمنون إستمرار وباء ( الكورونا ).. يحصد كام مليون بشرى و أن تنهي حياة هؤلاء الذين يحصلون علي معاشات ضئيلة .
في مصر يتمنون ألا يولد أطفال جدد ..يحتاجون لرعاية تزيد من تفاقم الأزمة .. و تستحوذ علي جنيهات كان من الممكن أن تتحول لعمولات وقصور و طائرات .. و مواكب .. و رفاهية تغذى عوامل الفساد التي لم يعيشها أى من حكام هذا المكان .. حتي في أيام الإستعمار .
الهم الشخصي .. و علاقته بالهم العام .. و العجز عن التغيير أو التوائم .. يجعل .. هذه الحياة الكئيبة في هذا المكان المتخلف .. عبئا ننتظر بشوق التخلص منه .
عندما تناقش البعض .. في أن حياة المسنين في بلدنا فارغة و قاحلة وغير إنسانية ..و أن السبب يكمن في عدم تدريبهم و تعليمهم .. كيف يستمتعون بوقتهم في هذا المجتمع المتخلف ..و أن أسهل طريقة لديه إعدامهم معنويا .. و نكران جهدهم .. و تحويلهم إلي بضاعة راكدة تزحم السوق لا تجد من يشتريها .
تستمع إلي كلمات مثل إنتم البركة .. نحن نقدر جهدكم .. ربنا بعطيك الصحة .. لماذا لا تزور أماكن كنت مشغولا و لم تزرها ..و يضربون المثل بمسنين أوروبا و أمريكا ناسين .. كم يكلف هذا من مال و جهد .. و أن المسن الغربي لا يسرقون هناك معاشه و يذلونة بملاليم ضئيلة في نهاية عمره ,
الحلول الأوروبية لا تصلح في مجتمع .. يكره ناسه ..و ما يحدث في الغابة التي إنتزع منها الحب و المنطق .. لا يحدث هناك .. و إذا ما حدث .. فالجدود محميون ..بأسوار التقدير و عرفان الجميل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بربريه النظام
على سالم ( 2022 / 3 / 10 - 20:44 )
الاستاذ محمد , شئ مؤسف ومحزن لوضع النظام الدموى العاهر فى مصر , يوجد فيديو للدكتور علاء الاسوانى بعنوان ( تحرير العقل من الفاشيو ) ويمكنك مشاهدته , يستطرد دكتور علاء عن حاله مأسويه لدكتور اسنان يدعى وليد شوقى كان عضو فى حركه 6 ابريل واشترك فى ثوره يناير 2011 وبعد ذلك ترك العمل السياسى 2018 وتفرغ لعيادته فى حى السيده زينب والاهتمام بزوجته وابنته الى ان جاء يوم اسود وتم اقتحام شقته من طرف كلاب امن الدوله المتوحشين السفله وتم اقتياده الى الحبس والتنكيل والتعذيب بدون ان يعرف السبب فى اعتقاله , بعد ذلك اخترع النظام الفاجر القذر تهم غامضه مثل اشاعه اخبار كاذبه والانتماء الى جماعه محظوره دون ان يسمى هذه الجماعه ؟ زوجته ايضا هبه انيس كانت صحفيه فى جريده الوطن , اصدرت هذه الجريده الفاسده اوامر الى زوجته ان لاتنشر اى اخبار عن زوجها , لكنها لم ترضخ لااوامرهم المجحفه , بعد ذلك تم فصلها من عملها واصبحوا بدون مورد لكى يعيشوا منه , الآن وبعد اربع سنوات سجن وتنكيل ودكتور وليد يعانى ويتعذب الى ان اعلن الاضراب عن الطعام وحالته الان صعبه بين الحياه والموت ؟ ؟


2 - الأستاذ علي سالم
محمد حسين يونس ( 2022 / 3 / 11 - 07:00 )

أشكر مرور حضرتك .. و إضافتك المحزنة .. نعم مصر المكان الوحيد الذى يزهو فيه الحاكم بأنه أنشأ أكبر مجمع سجون بالشرق الأوسط ويفتتحه بتهليل و إحتفال و تكبير .. و يعد أنه لن يكون الوحيد من نوعه بل .. سيتكرر في طول البلاد و عرضها .
و مع ذلك .. فالسجن في بلدنا أفضل من أماكن كثيرة لم تصلها يد الرعاية الأبوية في حملة ( حياة كريمة ) أو حتي وصلتها .. و دهنت البيوت بكام فرشة جير .
بلدنا معتقل ضخم يتم تعذيب البشر فيه بحرمانهم من إحتياجاتهم الأساسية .. و تأجيج الصراع ( survival )بينهم من أجل التواجد

لذلك فحالة الدكتور الذى ذكرته ليست الوحيدة .. و قد لا تكون الأسوأ ..كل يوم صباح أندهش أنني إستيقظت من النوم .. و أدعو أن يجيء يوم مغادرتي سريعا .. فلم يعد بيدى شيء و لا حتي الإحتجاج و الحزن .. لقد هزمنا .. تحياتي .

اخر الافلام

.. جبال من القمامة بالقرب من خيام النازحين جنوب غزة


.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق




.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟


.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع




.. الموظفون الحكوميون يتظاهرون في بيرو ضد رئيس البلاد