الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عار وخطر التعليم القومي العربي الاشتراكي

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2022 / 3 / 17
التربية والتعليم والبحث العلمي


عار وخطر التعليم القومي العربي الاشتراكي


عندما كنا صغاراً فيما تسمى بـ"المدارس"، حقيقة، لم نكن نتعلم، ولم نك نتبع أياً من المعايير التعليمية والتربوية والأكاديمة والنفسية المطلوبة والمعروفة على مستوى العالم، قدر ما كنا نخضع لعملية برمجة وأدلجة و"تعليب" وإنشاء كيان بشري مسبق الصنع Pre-fabricated Entity ونحشر في مغاسل ومسالخ فكرية وعقلية يتم فيها سلخ أدمغتنا الفطرية الطبيعية وتبديلها بعقول مفصلة على مزاج ورؤية وتفكير وتفسير شوية بدو محتلين غزاة أتوا إلينا في غفلة من الزمان حاملين مضامين تلك "الرسالة الخالدة"، وهي -أي الرسالة الخالدة- بحقيقتها وجوهرها الفكري التكويني درجة ونسخة من نسخ ودرجات الإسلام السياسي المتعددة والتي تقوم بمجملها على فكرة تمجيد ةتقديس وتبرير جريمة الغزو والاحتلال العربي والإسلامي لحضارات المنطقة وتدميرها وضرورة إحياء وإعادة تلك التجربة، مرة جديدة، للحياة، هذا ما كنا نتغنى ونطرب له في الصباح، يزمياً، حيث كان يومنا الدراسي يبدأ بترديد الشعار القومي البعثي العربي الاشتراكي الشهير، حول تلك الأمة الوهمية العربية الوهمية الافتراضية التي تحمل رسالة الوحدة والحرية والاشتراكية الكاذبة للبشرية، والتي سيتم "بعثها" من رقادها لتنشر قيم الجهل والتعصب والقبلية والعشائرية والكراهية وأحقاد البسوس وعبس وكعب وداحس والغبراء ونشر قيم العنصرية وخير أمة وفقه الذمة والتمييز بين الناس، وبعد ذلك كنا ن دخل إلى اسطبلات حقيقية مجردة من أية مواصفات تربوية وبنيوية تثقيفية وتعليمية غايتها، لليوم، غسل الأدمغة وتجريدها من القيم الفطرية الطبيعية الإنسانية، قيم الحق والسلام والتآخي والعدالة والمحبة والمساواة، وسلبها أية قدرة أو إمكانية على التفكير العقلاني والمنطقي عبر حقنها بسموم فكرية حقيقية وشيفرات إجرامية، وكانت المؤامرة الأولى والكارثة الكبرى تبدأ عبر اشتراط أن يكون "المعلم" (رجاء ممنوع الضحك)، بعثياً قومياً عروبياً مؤدلجاً مبرمجاً مغسول الدماغ، ويؤمن برواية وسردية وأحقية ونزاهة ومعصومية وعلو كعب فكر واسساطير وشعوذات المحتلين العرب الغزاة، وأي مدرس متنور و"معلم" حقيقي (مسموح اللطم والبكاء) كان يـُفصل ويستبعد من سلك التعليم فوراً، ولا يقبل به ودونما إبطاء.
لقد كانت سياسات التعريب الفاشية الفاشلة (سيكون لي دراسة مطولة عنها)، التي أنتجت هذا المسخ العقلي القاصر العصابي المأزوم المعقد المفصوم (الذي يكره كل شيء ويريد تدميره)، وحصر وحظر التعليم والتعلّم باللغة العربية، ومنع تعليم الثقافات واللغات والحضارات السورية الأخرى ومحو التاريخ السوري القديم من الزجود وطمسه والتعتيم عليه وإخفاؤه وعدم إطلاع التلاميذ عليه وإلغاء الهوية السورية نهائياً، مؤامرة على العقل وكارثة حقيقية على سوريا والسوريين، صنعت هذا العقل والفكر الإقصائي التكفيري والأحادي الذي سيكون له تداعيات وجودية مرعبة لاحقاً على الكيان السوري نفسه، وبرمته. أليس من الجهل والذل والعار والإهان والخيانة العظمى ان يقوم معلم مفترض مهمته التنوير والتبصير وتعليم الأجيال على القراءة والكتابة والفهم العقلاني والصحيح للحياة وشؤونها وكل ما هو مطروح امامها ويتعامل معها بحيادية ومعايير منطقية واخلاقية ووطنية ان يمجد الغزو والاحتلال والعدوان العربي والإسلامي على سوريا ويعلم السوريين أن عملية التطهير الثقافي واللغوي والفكري والقضاء على الحياة المدنية والحضارة والإنسانية ونشر الجهل والانحطاط والرثاثة والقذارة والابتذالوالشذوذ والزنا والسبي والشعوذات هي تقاليد عربية وإسلامية عظيمة وما يصاحبها من ألقاب كتسميتها بفتوحلات و"عروبة" محمودة وقومية عربية وأعمال بطولية ومجيدة وسنة وشرع ودين قويم وشرع الله وووو يجب أن نلتزم ونفخر بها وبكل ما في ذلك من انحطاط اخلاقي وقيني وخيانة وطنية وتزييف للوعي وتحريف للفهم وان يقوم هذا المعلم (هل تعلم أن سقراط، ما غيره، كان لقبه المعلم؟) بتزوير وتطويع وفق مشيئة ورؤية المحتلين البدو الغزاة وبما يضمن بقاءهم واستمرارهم واستمرار مذبحة ومجزرة العقل القائمة من 1400 عام؟ هل تعلم، مثلاً، ونتيجة لانتشار وتبني التعليم الديني والثقافة القومية الاشتراكية، أن ضحيايا هذا التعليم تصحو اليوم من الفجر الباكر، للصلاة وللدعاء للسعوديين، واستغفارهم وطلب رحمتهم، ومساعدتهم لهم على تخطي شؤون حياتهم وتخفيف معاناتهم من الفقر والجوع والقلة والحرمان وانقطاع الكهرباء، ويكررون ذلك مرات ومرات أثناء النهار؟ أي بؤس وكارثة وسقوط وانحدار وانهيار هذا الذي يعيشه هؤلاء البؤساء؟
لقد علـّمونا وأفهمونا أن معظم أبطالنا ورموزنا وأيقوناتنا المقدسة القادمين من السعودية وتركيا وأذربيجان وألبانيا وبلاد فارس ووو هم قامات مقدسة يجب تقديسها وعبادتها والصلاة عليها وتأليهها وتنزيهها وهي لم تكن، وفي حقيقتها وتقييمها الأخلاقي والقانون، إلا عبارة عن شراذم وعصابات قتل وتشليح وسطو وعدوان وانتهاك للأعراض والحرمات وتعد على الممتلكات حتى صارت هذه التبريرات مرجعية أخلاقية مستقبلية وركيزة تبريرية سهـّلت ظهور الإخوان وداعش وفرقة السلطان والزنكي والجولاني عندما كبرت الأجيال التي لم تكتف بذلك بل انقسمت بين موال لتركيا والسعودية وإيران وحتى روسيا وتحمل السلاح وتقتل "المواطن" ابن البلد في سبيل هذا أو ذاك بعدما علموهم وزرعوا في أدمغتهم أنه يجب علينا أن نقدس ونفتدي ذلك السعودي والتركي والألباني و"العربي" والإيراني والأفغاني ونعبده من دون الإشارة لوجود، ويا للمصادفات والمفارقات المرّة، أي مثال ورمز سوري فصار ولاء وهوى وميل ونزوع هذا التلميذ والطفل والقلب والهوى السوري والولاء نحو الخارج. وبعد هذه الفاجعة والمسيرة التعليمية غير الناجعة، لم تعد ترى غضاضة أو عجباً في أن ترى أكاديمياً أو طبيباً ومهندساً وأستاذاً جامعياً وسواهم من التكنوقراط، ينتظم في صفوف داعش والثعابين الملتحين من الإخوان، وأن يكون الخليفة أبو بكر البغدادي، دكتوراً، حاملاً لشهادة الدكتوراه، من إحدى الجامعات البعثية القومية العربية العراقية....
تكبيررررررر....يا .......ررررررررررررررر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب