الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل تفكيك السردية والموروث الإسلاميين على سبيل البدء

جدو جبريل
كاتب مهتم بالتاريخ المبكر الإسلامي والمنظومة الفكرية والمعرفية الإسلامية

(Jadou Jibril)

2022 / 3 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من أجل تفكيك السردية والموروث الإسلاميين
على سبيل البدء
إن مختلف الكتابات والتد وينات ومراجع السردية والموروث الإسلاميين ، ظلت موسومة بغياب التحليل المنهجي ونقد الأحداث والنوازل والأقوال تمّ وبقيت تحرص حرصا شديدا مستميتا على الجمع والمراكمة والتكرار وإعادة التكرار والاجترار . ولم تعمل على تمحيص ما تمّ جمعه ومراكمته ، لا في حينه ولا بعده، واستمرّ الوضع عموما على هذا الحال إلى يومنا هذا في صفوف الأغلبية الساحقة للمسلمين والبلدان التي تُقِرّ أن الإسلام هو الدين الرسمي للبلاد. وظل هاجس العقلية السائدة هو التبجيل والتبرير والبحث عن مخرج من الإحراجات بأي ثمن، هدا ما جعل هذه العقلية موروثا وسردية زئبقييْن.
يبدو أن من طبيعة مختلف مراجع هذه العقلية، مُخاصمتها مع الترتيب الزمني والتسلسل المنطقي للأحداث، مما جعل منتوجها يظل متحركا وغير ثابت ومهتز أحيانا كثيرة. فحتى النوازل والوقائع المشهورة والذائعة الصيت بين المسلمين لا تعرف ثباتا أكثر من حين. ففي القرن الأول وبداية القرن الثاني الهجري، تناسلت وتراكمت أخبار وروايات، ومن أوائل من اشتهروا بتجميعها وتوليفها سيف بعمر الكوفي والمدائني والزبير بن بكار وغيرهم. ثم اهتمّ من تالهم بشيء من الترتيب ومحاولة التنظيم، مثل البلذوري والطبري في أواخر القرن الثاني وبداية القرن الثالث الهجري، وهؤلاء أنفسهم لم يعتمدوا في سردهم وتجميعهم وترتيبهم على حكي متسلسل متتابع وثابت في أماكن محددة وأشخاص بعينهم معلومين، وإنّما أعادوا سرد ما قيل أنّها روايات السلف الصالح. وقد يلاحظ المتمحص، بيُسر كبير، أن نفس النازلة وقعت في ذات الوقت في أماكن مختلفة وأبطالها مختلفين، لكن أقوالهم تظل هي هي. أمّا زمن وتاريخ حدوث الكثير من النوازل والوقائع يظل زئبقي في السردية والموروث الإسلاميين. ويزيد الطين بلّة مع التدخل السافر للحمية القبلية والميولات السياسية والمذهبية بل وميولات الأهواء أحيانا.
عموما، في عصرنا الحالي تراكمت الأسئلة المحرجة بخصوص السردية والموروث الإسلاميين في أكثر من مجال ومستوى، وذلك جرّاء إقبار أو تجريم السؤال والتساؤل بفعل استبداد حراس هيكل المنظومة الفكرية التقليدية الاجترارية. ومع هكذا تراكم تعقدت الإشكاليات واختلطت الخيوط إلى أن أضحت هذه المنظومة الفكرية والمعرفية السائدة تتخبّط في مشكلات ومعضلات منظومية ــ نسبة للمنظومة سِسْتيماتيكْ بالإنجليزية ــ لا يمكن التخلص منها بجدوى إ لّا من خارج المنظومة ذاتها وليس من داخلها.
إن كل محاولات حراس هيكل المنظومة الفكرية التقليدية الاجترارية لتجاوز الاحراجات المعرفية والإنسانية المتراكمة، بفعل السعي إلى التبرير والفبركة والتستر على واقع الأمر الفعلي أو الخضوع للسلطة الحاكمة، أنتجت في آخر المطاف عقلية زئبقية تبريرية تبجيلية لا تقوم على أرضية صلبة، وتمكّنت عبر قرون من توفير آليات وأدوات من شأنها الإجابة على الشيء ونقيضه وتبرير كل أفعال وتصرفات السلف الصالح كيف ما كانت وتبرير الوقائع المشينة في عرف المنظور الإنساني الفطري. واستبدّت هذه العقلية في ظل استبداد الحاكم ــ خليفة الله على الأرض أو ظله عليها ــ وبذلك حرم المسلم من فطرة السؤال والتساؤل ولم يبق أمامه إلا ــ توقيع شيك على بياض ــ ما دام حراس هيكل المنظومة الفكرية التقليدية الاجترارية هيأوا كل وجبات الأجوبة وتبحروا فيما يسمى بالعلوم الإسلامية والشرعية والعقائدية وهي علوم مخرومة كما سنحاول تبيان ذلك في ورقات لاحقة.
إن تفكيك السردية والموروث الإسلاميين يحتاج إلى أرضية انطلاق لإنجاز عملية التفكيك وإعادة التركيب لوضع اليد على نموذج يمكّننا من إصدار حكم قيمة على المنظومة الفكرية والمعرفية الكامنة وراء العقلية الزئبقية التبريرية التبجيلية. فكيف يمكن إعداد أرضية الانطلاق هاته للشروع في عملية التفكيك الشاملة ؟ وما القصد بأرضية الانطلاق هاته؟
إن المقصود من أرضية الانطلاق هذه هو التمكّن من توفير قاعدة بيانات خاصة بكل مكوِّنات المنظومة الفكرية والمعرفية الكامنة وراء العقلية الزئبقية التبريرية التبجيلية.
كيف يمكن توفير قاعدة البيانات هذه؟
لعل أول خطوة لا مناص من إنجازها هي تناول مختلف أطروحات تلك المنظومة الفكرية والمعرفية والتساؤل بخصوصها وتمحيص كل إشكالية أو قضية قصد الخروج باستنتاجات وما تدعوه من تساؤلات تؤيدها الدلائل والحجج.
ويتم تجميع الاستنتاجات والتساؤلات في قاعدة بيانات يتم الانطلاق منها لمباشرة عملية تفكيك السردية والموروث الإسلاميين. وهذا من شأنه تمكين العموم من فهم، على الأقل، ما اجتهد حراس هيكل المنظومة الفكرية التقليدية الاجترارية على إخفائه أو تحريفه أو التستر عنه، وذلك بلغة في متناول العامة وليس بلغة حراس الهيكل المستعصية لغرض في نفس يعقوب ما دام أنهم أقرّوا منذ زمان أن هناك ما هو للخاصة وما هو للعامة.
ويمكن لموقع الحوار المتمدن، باعتباره فضاء حرّ أن يساهم فعلا في تشكيل وعاء لتأسيس قاعدة البيانات المذكورة أعلاه وذلك عبر إحداث محور جديد ضمن محاوره وأقترح تسميته
من أجل تفكيك السردية والموروث الإسلاميين، سيما وأن مشروع من هذا القبيل بالضرورة هو مشروع جماعي وطويل النفس، وأتمنى أن يلقى هذا الاقتراح قبولا.
من جهتي، سأعمل على إعداد مساهمات متواضعة وبانتظام وعرضها على من يهمه الأمر، وذلك على الشكل التالي:
تفكيك أو تمحيص أطروحة أو إشكالية أو قضية في كل ورقة وختمها باستنتاجات وتساؤلات، ومع تتالي المساهمات حسب ما تيسر، ستتراكم الاستنتاجات والتساؤلات.
وفي آخر كل ورقة أنشرها في الموقع سأعرض الاستنتاجات والتساؤلات المتراكمة عبر ترتيبها حسب مواضيع ومحاور.
أرجو أن يكون هذا الاقتراح مفيدا وأن يتمخض عنه تشكيل مجموعة يتبادل أفرادها الخبرة
لنجاح هذا المشروع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حتة من الجنة شلالات ونوافير وورد اجمل كادرات تصوير في معرض


.. 180-Al-Baqarah




.. 183-Al-Baqarah


.. 184-Al-Baqarah




.. 186-Al-Baqarah