الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


344 سنة فوضي ..ولم نتعلم .

محمد حسين يونس

2022 / 3 / 18
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


بيبي الثاني ( نفر كا رع ) أخر ملوك الأسرة السادسة ..حكم مصر كما ذكر مانتون لمدة 94 سنة .. بدأها ضعيفا إذ كان في السادسة من عمرة و إعتمد علي والدته (نخس مرى رع )و خاله (زاو ) الى كان وزيره المسيطر علي كل الأمور في البلاد ..
ثم أنهي فترة حكمة مسنا طاعنا في السن ( حوالي 100 سنة ) لا يملك من أمره شيئا بعد أن تدهورت سلطته و تفشي الإنحلال و الحروب الداخلية ..و طمع الأجانب في البلاد و غزوها.
كتب سليم حسن في موسوعته عن تاريخ مصر الجزء الاول في فصل (( سقوط الدولة القديمة و الثورة الإجتماعية .. 2500 سنة ق.م ))
(( كان موقف الحكومة المصرية في هذا العهد حالة يرثي لها حتي أن الشعب إنتهز هذه الفرصة و قام يثورة إجتماعية طاحنة إمتد أمدها لأكثر من قرنين كانت البلاد ترزح خلالها تحت عبء ثقيل من الفوضي و الخراب ... كان سلطان الملك قد زال و زالت أملاكه و إختفت ..والحقوق المدنية و الدينية تولاها كل من كان في قدرته أن يبسط يده عليها .. و أخذ كل شخص يغير علي ما يستطيع أن يصل إليه ضاربا بكل نظام و قانون عرض الحائط )).
((و قد كان من جراء أمتداد هذه الفوضي أن ساد البلاد الخوف و إنتشر القحط و عم الإنحلال الخلقي و عدم المبالاة بالتقاليد الدينية و المعتقدات الموروثة)).
وصف يمكن أن تطلقه علي مصر و المصريين .. في أى فترة .. من فترات تاريخها . ..المصرييون أهمه .. نعم مع الفوضي .. يسود الخوف و الإنحلال الخلقي و عدم المبالاة .. عبر العصور المختلفة .. بدون تغيير أو تعديل .
أما (( الملك الطاعن في السن كان يعيش في طمأنينة في قصره لأنه كان يغذى بالأكاذيب...)) ..
كل الحكام كدة ..بيتصوروا بسبب السلطة المطلقة أنهم فوق الشعب و لهم صفات خاصة تؤهلهم لإيجاد الحلول الناجعة لمشاكل الناس
دامت هذه الفوضي كما قدر عالم المصريات ( بترى ) لمدة 344 سنة من بداية الأسرة السابعة إلي الأسرة الحادية عشر .
((في ذلك الزمن ظهر الحكيم ( إيبور ).. بعد أن إختفت مصر عن الأعين فجأة و صارت في ظلمة كأن مصيبة عظمي قد نزلت بها .. و أخبر بكل الحقيقة فوصف البؤس الذى عم و حرض سامعية علي أن يحاربوا أعداء البلاد ..))
قبل أن أنقل ما قاله الحكيم المصرى القديم ..أود أن الفت النظر لما حدث في زمن رئيس طاعن في السن حكم مصر لثلاثين سنة .. و تطابقها مع أحداث سبقتها ب4500 سنة
و كيف تكررت المشاهد في عهدة و بعد سقوطه ..و أدت إلي نفس المأساة و إن كانت بوجوه معاصرة .. بحيث تجعل مقال الحكيم إيبور .. معاصرا جدا .
(( يبتديء المتن بوصف البؤس العام الذى حل بالبلاد من سرقة و قتل و تخريب و قحط و تشريد الموظفين و تفكك الإدارة و القضاء علي التجارة الخارجية و غزو الأجانب للبلاد و تولية الغوغاء مراكز الطبقات العليا.))
فيذكر الحكيم
((إن أهالي الصحراء قد حلوا مكان المصريين في كل مكان و أصبحت البلاد مليئة بالعصابات حتي أن الرجل كان يذهب يحرث أرضه و معه درعه ..
و شحبت الوجوه و كثر عدد المجرمين و لم يعد هناك رجال محترمون و فقد الناس الثقة في الأمن و علي الرغم من فيضان النيل فإنهم أحجموا عن الذهاب لفلاحة أراضيهم خشية اللصوص و قطاع الطرق و أصبح المعوزون يمتلكون أشياء جميلة بينما نجد الأشراف في حزن لا يشاطرون أهليهم أفراحهم )).
((ثم أن القلوب صارت ثائرة و الوباء إنبث في كل الأرض و الدم أريق في كل مكان .. و أصبح أصحاب الأصل الرفيع مفعمين بالحزن بينما إمتلأ الفقراء سرورا و كل بلد تنادى قائلة فليقص أصحاب الجاه عنا و صارت الأرض تدور كعجلة صانع الفخار فأصبح اللص صاحب ثروة ... ))
باقي الخطاب شدي الواقعية .. و الذكاء .. موجود في الكتاب الذى ذكرته من صفحة 401 .. حتي 406 .. من يهمة الأمر يمكن أن يستكملة ..
و لكن يبقي .. كيف أن ألأمور تتكرر بشكل دورى .. في هذا المكان ( مصر ).. لمدة 4500 سنة .. دون أن يتعلم أهله .. أن الحكم المطلق ..يؤدى بإستمرار إلي كوارث إجتماعية و إقتصادية .. و فوضي .. و هزائم و تحكم الغرباء في مقدراتهم مهما طال .. و مهما بدى قويا .
الغريب أنه خلال الثلاثة قرون .. التي إستمرت فيها الفوضي .. تم نهب و تدمير .. كل ما وصلت إليه .. يد الثوار ..
و الهجوم علي المقابر الملكية .. و سرقة محتوياتها .. كأننا نشهد عرضا مبكرا لما حدث مع الشدة المستنصرية .. و سرقه مقابر أل المعز التي جلبها معه من تونس أو المغرب ..
و كأنها .. ما حدث في يناير 1952 .. بعد حرق القاهرة و سرقة محلات و بنوك وسط البلد
أو ما حد في 77 19بعد أن رفع السادات الأسعار و هياج المصريون .. وتدميرهم ما وصل أيديهم من ثروات ..
أو ما حدث مع إنتفاضة الأمن المركزى 1986و تدمير فنادق الأغنياء ..
أو ما حدث قريبا بعد 2011 و سرقة المحلات الكبيرة و البنوك بعد الإنتصار علي قوات الأمن المدججة بأحدث الأسلحة .
هذا التكرار .. ألا يعلم البعض .. أن الأسوار و القوات .. لا تحمي من فورة الجوعي .
بكلمات أخرى هل يشعر سكان الكومباوندات الحديثة بالأمن و المصريون يتضورون جوعا .. و يعانون من غلاء لم يحدث من قبل مع سقوط قيمة الجنية بسبب تعليمات البنك الدولي .
.أم إنهم يتصورون أن حصونهم و رجال الأمن الخاص بهم سيكونون حائط صد .. ضد ثورة الجياع .
امامنا ثلاث قرون قبل أن نعرف إجابة هذه التساؤلات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: مزارعون في الهند مصممون على إلحاق الهزيمة بالحزب ا


.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة




.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا


.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة




.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه