الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مغزى إستبدال العلم في كردستان العراق وغضب الشوفينية العربية والأسلاميين

طه معروف

2006 / 9 / 9
القضية الكردية


أثار قرار مسعود البرزاني الصادر في الاول من ايلول الجاري بإستبدال علم العراق بعلم الحركة القومية الكردية فوق جميع الاجهزة والمؤسسات التابعة لحكومة اقليم كردستان ،ضجة كبيرة و موجة من الأستنكاروردود افعال صاخبة من قبل الشوفينية العربية على صعيد المنطقة وداخل العراق(رغم تأكيد البرزاني بان القرار هو لتنظيم اوضاع الاقليم ،واعلانه عن رفع العلم العراقي الذي يعود الى انقلاب 14تموز والتزامه بالدستورالعراقي الجديد) ، فرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي رد على هذا القرار،مؤكدا على ضرورة رفع العلم العراقي على كل ((شبر)) من الاراضي العراقية .ونبه الى الإلتزام بالتعهدات السابقة حول الحفاظ على وحدة العراق كما نص الدستور العراقي الجديد الذي تم صياغته بمشاركة وقبول حكومة اقليم كردستان. انظمت الولايات المتحدة الأمريكية هي ايضا إلى الحملة الشوفينية العربية والأسلامية عن طريق سفيرها في بغداد زلماي خليل زادة الذي انتقد القرار قائلا: إنه يتعين على الشعب العراقي ككل اتخاذ القرارات الخاصة بالرموز الوطنية للعراق من خلال عملية دستورية راسخة. وأضاف أن واشنطن ملتزمة بوحدة العراق وسلامة أراضيه.
ان ردود الافعال هذه ،ان دلت على شئ انما تدل على استحالة امكانية رفع الظلم القومي عن الجماهير الكردية في اطار هكذا حكومات اسلامية وشوفينية قومية عروبية بعكس إدعائات الاحزاب القومية الكردية التي خدعت الجماهير لحقبة من الزمن ولاتزال . وان العملية السياسية في العراق ليس إلا نقض لحقوق الجماهيرو تجاوز عليها .والموقف الأمريكي من هذه المسألة كذبت بوضوح إدعائات رموز الحركة القومية الكردية حول الصداقة والمساندة الامريكية لقضية الجماهير في كردستان .ولكن قد يستغرب البعض لجوء البرزاني في هذا الوقت بالذات لاثارة مسألة استبدال العلم وهل ان القرار هو خطوة نحو الانفصال ؟ ام هي محاولة من حكومة اقليم كردستان الفاسدة حتى النخاع للتخلص من الصورة البشعة التي علقت بها نتيجة تصديها الوحشي للاعتراضات الجماهيرية الواسعة في كردستان؟وهل حدث اية تغيير على سياسة واستراتيجية واهداف الاحزاب القومية الكردية بصدد مصير جماهيركردستان السياسي ام هو شعار تكتيكي لتحقيق بعض الاهداف الآنية الملحة؟
تأخر مسعود برزاني عن اتحافنا بمعلومات نادرة عن العلم العراقي؛" علم البعث والانفال والقصف الكيمياوي والمقابر الجماعية وتجفيف الاهوار وتدمير العراق كله". فالجماهير مزقت هذا العلم وحرقته في تسعينات القرن الماضي لانها عانت في ظله الويلات وناضلت ايضا من اجل الغاء وكنس القوانين التي شرعها في ظله و المارسات و السياسات التي طبقها باسمه و بوحي منه في كردستان، إلا انها اصطدمت بإعتراض الحزبين القوميين الكرديين اللذان حافظا عليه مرفرفا في كردستان لحد الآن .ان استبدال العلم ليس له اية علاقة بمسألة المصير السياسي للجماهير في كردستان و ليست خطوة نحو استقلال كردستان ذلك ان الانفصال لم يشكل ، في يوم ما ، هدفا لهذه الاحزاب بل انها تعتبرها حلما غير قابلة للحياة حتى لو تحقق،هذا من الناحية المبدئية ومن الناحية الميدانية لا يزال كلا الحزبين يمجدان العملية السياسية الامريكية في العراق و يشتركان فيها بحمية عالية ويصرفان جهدا كثيفا لبناء الدولة والحكومة العراقية وفق رغبة الشوفينية العربية والدستور العراقي هو مثلهما الاعلى والذي ينص على الحفاظ على وحدة الاراضي العراقية . و عدا ذلك فان علم الحركة القومية الكردية لايأتي بشئ جديد لجماهير كردستان العراق وهو مرفوع منذ ثلاث سنوات ، بل تحول الى غطاء للفساد الاداري وقمع الحريات السياسة و تجويع الجماهيرونهب ثرواتها ومثل اي علم اخر للحركات القومية ،استثمر لتثبيت اركان السلطة القمعية وزرع التعصب القومي في صفوف الجماهير .وعلى صعيد العلاقة بين اتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني ،فان موضوع استبدال العلم, تهدف الى ابراز مسعود بارزاني ،قائد ومرجع، للحركة القومية الكردية على حساب طالباني، الذي استبعد من كردستان لتسلم مهام رأيس الجمهورية تحت هذا العلم البعثي .وهذه هي النقطة اخرى مهمة وراء خلق هذه الأزمة بهدف تقليص نفوذ اتحاد الوطني الكردستاني حيث اصبح واضحا للجميع وللأعضاء وكوادر اوك ،أن نفوذ حزب ديمقراطي كردستاني بدأت في الأزدياد في جميع مدن كردستان منذ توزيع الادوار بين طالباني والبارزاني .ان تلويح بأنفصال كردستان من العراق اصبح سلاحا ذو حدين بأيدي مسعود بارزاني تهدف في النهاية إلى اضعاف منافسه القديم اوك وتحويله الى قوى ثانوية في الساحة السياسية الكردستانية .
إن اللجوء الى إرادة الجماهير(وليس استبدال العلم)لتقرر في الاستفتاء العام ،ما اذا كانت تريد الانفصال او البقاء ضمن العراق ،هو الطريق السوي للبت بمصير جماهير كردستان السياسي . ان انفجار هذه الأزمة التي تؤجج التعصب والحقدالقومي وتؤدي الى اتساع نطاق الصراع القومي لن تخدم قضية الجماهير في كردستان لكونها اجندة سياسية يعمل البرزاني من خلالها جس نبض الشارع الكردستاني ويهدف الى ملأ الفراغ الهائل بينهما هذا الفراغ الذي اتسع بشكل خطير نتيجة الاعتراضات الجماهيرية الاخيرة . وللتأكيد على المحتوى الفارغ والمخادع لمهزلة تغيير العلم ،نأخذ مقتطفا نشرفي جريدة الشرق الاوسط في 5سيبتمبر، عن مكتب الطالباني يقول : انه وبعد أن أجرى اتصالاً مع البرزاني «تبين له ان الإقليم ملتزم بقرار القيادة الكردستانية المتخذ بالإجماع والقاضي برفع العلم العراقي في جميع أرجاء البلاد بما في ذلك كردستان العراق. لكن الإشكال الخلافي الذي برز بعد إسقاط نظام البعث الصدامي مباشرة، تمثل في أي علم للعراق يعتمد ويرفع. وقد نوقشت هذه القضية في مجلس الحكم وأقر فيه اعتماد علم جديد لم يؤخذ به، وهذا يعني قانونياً، أن هناك فراغاً دستورياً حول العلم الرسمي الذي ينبغي اعتماده .. وهو ما دفع البرلمان الكردستاني إلى معالجة هذا الخلل والفراغ الدستوري بتبني علم الجمهورية العراقية، (جمهورية 14 تموز).تبين من هذه الاقوال طبيعة مهزلة تغير العلم الذي تستهدف خداع الجماهير الكردستانية فقط عندما يؤكدون على الالتزام بالدستور العراقي الذي سنت فيها المواد والبنود الكافية بشأن وحدة الاراضي العراقية رغم ارادة الجماهير الكردستانية.ان علم انقلاب14تموز العسكرية ،هي راية الدولة والحكومة الشوفينية القومية ولم تكون منتخبا من قبل الجماهير العراقية وان زعماء الانقلاب تشكلت من العناصر القومية الموالية في البداية للكتل الشرقية السوفيتية . ان علم البعث و14تموز راية للدولة والحكومة القومية الشوفينية العربية وكلاهما اعتبر القومية العربية ،قومية رأيسية، والعراق جزء من الأمة العربية .إن الجرائم الفضيحة الذي أرتكبت تحت علم العراقي البعثي ،هي نتيجة لوجود دولة قومية شوفينية في العراق وإشتداد حدة الصراع القومي.
ان قلق وتهديد الشوفينية العربية و العراقية والاسلاميين ،ليست موجهة للحزبين القوميين الكرديين المتحالفين معهما ،وانما ضد الجماهير وحقها في الأختيار ما بين الأنفصال أو البقاء ضمن العراق .ان الشوفينية العربية المقهورة في العراق استغلت قرار استبدال العلم لترفع رأسها مرة اخرى لإحياء الشعور القومي الشوفيني بغية تنظيم نفسها في الدولة العراقية من اجل تعميق الصراع القومي في العراق ،لتجعل منها وسيلة لإدامة الأستبداد بحجة تافهة حول الخطر الداخلي وتهديد سيادة العراق.
واخيرا فان السؤال الذي يجب ان ترد عليه الاحزاب القومية الكردية هو : كيف تبرر هذه الاحزاب مشاركتها في العملية السياسية في العراق، بعد مشاركة اسيادها الامريكان في العزف على معزوفة الشوفينيين العرب والاسلاميين و الرقص على انغامها ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في غياب آخر الشهود.. من سيحكي للطلاب قصص الحرب العالمية الثا


.. الإعلام الإسرائيلي يناقش المخاوف من إمكانية إصدار مذكرات اعت




.. سيناريو إصدار مذكرة اعتقال دولية بحق نتنياهو


.. مذكرات اعتقال محتملة بحق مسؤولين إسرائيليين ونتنياهو يؤكد ال




.. تهديدات وتحذيرات من إصدار مذكرة اعتقال دولية بحق -نتانياهو-