الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 33

ضياء الشكرجي

2022 / 3 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قُلنَا اهبِطوا مِنها جَميعًا فَإِمّا يَأتِيَنَّكُم مِّنّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ (38) وَالَّذينَ كَفَروا وَكَذَّبوا بِآياتِنا أُلائِكَ أَصحابُ النّارِ هُم فيها خالِدونَ (39)
هنا يتحول الخطاب من المثنى الموجه إلى آدم وزوجته عديمة الاسم إلى الجمع، ويبدو إن ثالث المخاطبين هو إبليس الشيطان وأبي الشياطين، لأنه لم يكن لهما بعد ذرية، ليقال لهم مع أبويهما «اهبطوا منها [أي من الجنة] جميعا». ومن الآن ينبئهما الله (القرآني) كما ينبئ من يأتي بعدهما منهما من ذرية، بأنه سيبعث رسلا، وينزل وحيا، ويشرع دينا أو أديانا للبشر، معبرا عن ذلك بإتيان الناس هدى منه. ثم يبشر الذين سيتبعون هداه بأنهم سيثابون بما ينزع من نفوسهم كل حزن عما مضى، وكل خوف مما يمكن أن يقبل عليهم. ثم يسعر مؤلف القرآن ناره ليعذب فيها الكافرين بدعوته والمكذبين بدعوى نبوته ورسوليته، وليخلدهم في ناره هذه التي نسبها إلى الله. و(الآيات) ترد في القرآن بأكثر من معنى، نذكر منها أبرز أربعة معان. فالآية هي كل مفردة في الكون تكون بمثابة علامة على قدرة الله ودقته وإتقانه وإبداعه في كل ما خلق. والآية هي المعجزة التي يحدثها الله حسب دعوى الكتب المقدسة على أيدي أنبيائه ليقيموا الحجة على الذين يخاطبونهم بدعوتهم للإيمان بالله وعبادته. والآية هي الغضب الذي ينزله الله على الشعوب والأقوام التي تعصيه وتعصي أنبياءه ولا تستجيب لدعوتهم كعذاب دنيوي، سيتبعه عذاب أشد وأدوم. والآية هي المقطع من نصوص القرآن. والوعيد بنار جهنم للذين يكذبون بآيات الله يصح قرآنيا، بأي معنى من هذه المعاني فسرنا به مفردة (الآيات) بلفظ «آياتنا»، أي آيات الله.
يا بَني إِسرائيلَ اذكُروا نِعمَتِيَ الَّتي أَنعَمتُ عَلَيكُم وَأَفوا بِعَهدي أوفِ بِعَهدِكُم وَإِيّايَ فَارهَبونِ (40)
يتكرر في القرآن مخاطبة بني إسرائيل (ذرية يعقوب) مذكرا إياهم بما أنعم الله به عليهم، وذلك تارة بشكل إجمالي، مطالبا إياهم أن يذكروا نعمة الله التي أنعم عليهم، أو تذكيرهم بأن الله فضلهم على العالمين، وكأنه تأييد ضمني على دعوى أنهم شعب الله المختار، ولكننا نرى وكأن القرآن ينبئ عن أن الله نسخ اصطفاء بني إسرائيل واستبدلهم بالمسلمين، إذ جعلهم «خير أمة أخرجت للناس»، وتارة يذكر القرآن بني إسرائيل - على أنه تذكير الله - بالتفصيل عن نعم محددة، أنعم الله بها عليهم، كإنقاذهم من فرعون وقومه، أو إنزال المنّ والسلوى عليهم. هذه الآية تطالبهم بأن يذكروا نعمة الله، وأن يوفوا بعهد الله، ويعدهم مقابل ذلك، أن يفي الله لهم بعهده. وسنتعرف في الآية القادمة على العهد الذي الذي عليهم أن يفوا به.
وَآمِنوا بِما أَنزَلتُ مُصَدِّقًا لِّما مَعَكُم وَلا تَكونوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشتَروا بِآياتي ثَمَنًا قَليلًا وَإِيّايَ فَاتَّقونِ (41)
إذن المطلوب من ذرية يعقوب، أو بني إسرائيل، أي اليهود، أن يؤمنوا بمحمد نبيا، وبالإسلام دينا، وبالقرآن كتابا موحى به من الله. لكن من جهة تفترض الآية إن الله يقول لهم، إن القرآن الذي أنزله على محمد جاء مصدقا لما معهم، وفي آيات أخرى لما بين أيديهم من توراة، وكذلك مخاطبا في مواقع أخرى المسيحيين (النصارى حسب التسمية القرآنية) لما بين أيديهم من إنجيل، ومن جهة أخرى فهذا المصدق لما معهم هو ناسخٌ ومُنهٍ لصالحيته، ومن جهة ثالثة هو لا يصدق الذي بين أيديهم، فالموجود بين أيديهم وبين أيدي المسيحيين - حسب عقيدة المسلمين - ليس بالتوراة التي أنزلها الله على موسى، ولا الإنجيل الذي أنزله على عيسى، لأن كلا منهما حسب دعوى القرآن قد جرى تحريفه. ثم المخاطبون من قبل القرآن بوجوب إيفائهم بعهد الله لا يعلمون عن وجود هكذا عهد، الذي يفترض إنه قطع بين أجدادهم والله. مؤلف القرآن هو الذي يقول بوجود هكذا عهد. فكيف لهم أن يصدقوه من غير دليل يقنعهم؟ ولو إن صدق ما ورثوه من دين نفسه يحتاج إلى دليل، ولا دليل له.
وَلا تَلبِسُوا الحَقَّ بِالباطِلِ وَتَكتُمُوا الحَقَّ وَأَنتُم تَعلَمونَ (42)
هنا ينهى القرآن اليهود عن لبس الحق بالباطل، ويعني إحداث لبس من خلال التلاعب باللغة، بجعل الأمر ملتبسا على الناس، فيخلطون بين الحق والباطل. ومن غير شك إن الحق عند المؤمنين بالإسلام وبالقرآن وبمحمد، هو ما يقرره الإسلام، والباطل هو كل ما يتعارض مع الإسلام، وهكذا هو الحال مع كل دين، بل مع كل فرقة دينية داخل نفس الدين، وهو ما نجده عند كل الآيديولوجيات الشمولية، وكذلك مع الأنظمة السياسية المستبدة، التي تعتمد حاكمية الحزب الواحد، أو حاكمية القائد الواحد، كل يعتقد أو يدعي أنه وحده الذي يملك الحق، وهو وحده على الهدى، وكل من يخالفه على باطل وفي ضلال مبين. وقضية أن يدعي طرف أن الطرف الآخر المختلف معه، إنما ينكر الحق عن علم، فبلا شك كان اليهود يعتقدون أيضا أن محمدا يعلم الحق ويكتمه. فتبقى القضية تمثل دعوى مقابل دعوى، إحداهما تنفي الأخرى، وتدعي أن الحق معها والباطل مع الأخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إزاى تحمى ابنك من الأفكار المتطرفة ؟.. داعية إسلامى يكشف الت


.. موجز أخبار السابعة مساءً - قوات الاحتلال تقمع آلاف المصلين ف




.. 60-Al-Aanaam


.. هوية وطنية وفطرة سليمة.. معا لمواجهة الإلحاد والتطرف والعلاق




.. 59-Al-Aanaam