الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 35

ضياء الشكرجي

2022 / 3 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وَاتَّقوا يَومًا لّا تَجزي نَفسٌ عَن نَّفسٍ شَيئًا وَّلا يُقبَلُ مِنها شَفاعَةٌ وَّلا يُؤخَذُ مِنها عَدلٌ وَّلا هُم يُنصَرونَ (48)
ثم يدعو بني إسرائيل، كما يدعو المسلمين وعموم الناس دائما لتذكر يوم الحساب والجزاء، الذي يسميه تارة بيوم القيامة، وأخرى بيوم الدين، أو يوم الحساب، أو يوم الفصل، حيث لا يستطيع أي من الخلق أن يتدخل في حكم الله، تخفيفا عن شخص ما استحق العقاب الإلهي، بأن يشفع له، أو يدافع عنه، أو ينصره بدرء العقاب عنه. من حيث المبدأ إن ما يقرره القرآن بأن ليس من إنسان يعوض عن إنسان آخر بأعماله، أو يدفع عنه العقاب الإلهي الذي يستحقه، أو يشفع له لمنحه ثوابا لا يستحقه؛ كل ذلك يمثل مبدأً صحيحا بمعايير العدل الإلهي. وهنا يمكن اعتبار عموم الآية مما لا إشكال عليه فلسفيا، لأننا حتى مع نفي وجود يوم حساب أو يوم قيامة أو يوم دينونة حسب المصطلح المسيحي، وفقا للتصوير الديني، يمكن هنا أن نفهم اليوم الذي تذكر الآية به، هو يوم الجزاء لكل إنسان على انفراد، وليس بالضرورة بمفهوم يوم القيامة الموحد لكل البشرية من أول إنسان حتى آخر إنسان، وهذا ينطبق على قضية لقاء الإنسان ربه، فلا يجب أن يكون لقاءً جماعيا بالضرورة.
وَإِذ أَنجَيناكُم مِن آلِ فِرعَونَ يَسومونَكُم سوءَ العَذابِ يُذَبِّحونَ أَبناءَكُم وَيَستَحيونَ نِساءَكُم وَفي ذالِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُم عَظيمٌ (49)
بقطع النظر عما إذا كانت قصة ذرية يعقوب (بني إسرائيل)، واضطهادهم على يد الفراعنة المصريين حقيقة، أم مجرد أسطورة، فتاريخ البشرية مليء بحالات اضطهاد وقمع وتقتيل وتعذيب وتشريد لشعوب أو لمجموعات بشرية، فإذا كان الله قد تدخل في إنقاذ بني إسرائيل، يطرح هنا السؤال، لِمَ لَم يتدخل الله دائما وفي كل الحالات لإنقاذ المضطهدين والمعذبين؟ نعم، إن الله على كل شيء قدير، ولكن هل تتطلب حكمته التدخل دائما في عمليات الإنقاذ والخلاص؟ حسب تجربتنا التاريخية كبشر، لم نشهد مثل هذا التدخل. وهنا نسأل حائرين، لم سمح الله بحصول كل ذلك الظلم، بكل أنواعه، علاوة على المصائب والكوارث التي تقع على الكثير من أفراد أو مجموعات النوع الإنساني؟ فهو سبحانه لا يمكن أن يكون عاجزا، ولا يمكن أن يكون راضيا بالظلم، ولا يمكن أن يكون غير مبال بما يحصل. من هنا يبقى هذا السؤال، وغيره من الأسئلة غير مجاب عليها. أما إجابات الأديان فهي الأخرى غير مقنعة. مع هذا لا بد من وجود جواب، ربما لن نطلع عليه في هذه الحياة، بل لعله في حياة أخرى، من طبيعة أخرى، بعد انقضاء حياة كل منا هنا. أما تفضيل أبناء وأحفاد يعقوب (إسرائيل) بهذه الميزة من الله على غيرهم من الشعوب، فهو تفضيل لا يجد له الإنسان مبررا معقولا، فليس هناك حكم إيجابي بالمدح، ولا حكم سلبي بالذم، على نحو التعميم على أي شعب من الشعوب، ولا أي ملة من الملل، فكون اليهود شعب الله المختار، وكون المسلمين خير أمة أخرجت للناس، وكون بني هاشم، أو ذرية علي وفاطمة حسب عقيدة الشيعة، مفضلين على سائر المسلمين، وكون المسيحيين هم وحدهم المحظوظين بالخلاص، وكما ذكرنا على نحو التعميم والإطلاق، أمر يتعارض مع العدل الإلهي المعبر عنه قرآنيا بـ «لا تجزي نفس عن نفس شيئا» أو بـ «لا تزر وازرة وزر أخرى»؛ هذا المبدأ الفلسفي السليم الذي ينقض بمثل ما ذكرنا من نصوص تفضيل تعميمي مطلق لشعب أو ملة، أو نصوص إدانة تعميمية مطلقة ضد شعب أو ملة.
وَإذ فَرَقنا بِكُمُ البَحرَ فَأَنجَيناكُم وَأَغرَقنا آلَ فِرعَونَ وَأَنتُم تَنظُرونَ (50)
قصة شق البحر لموسى وقومه وإغراق فرعون وقومه لا تؤيدها القوانين العلمية ولا البحوث والتنقيبات التاريخية، لذا تبقى هذه القصة أسطورة، والغريب إن الأساطير الدينية يرتب عليها الأثر، وإلا فلا اعتراض على سرد أساطير تكمن وراءها ثمة حكمة وعظة ودرس، ولكن لا بد لراوي الأساطير، أن يبين إن ما يرويه ليس إلا مثلا، أو قصة افتراضية، يدعو لاستلهام الحكم منها. أما روايتها كحقيقة، وخاصة عندما تعرض على أنها حقيقة رواها الله، فتصدقها أجيال بعد أجيال، عبر قرون، بل وألفيات من الزمن، ويُكفَّر ويهدد من ينكرها أو يشك أو يشكك بها، فهذا ما يتحمل مسؤوليته رواة تلك النصوص المضفى عليها القداسة والمدعى صدورها عن الله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مشروع علم وتاريخ الحضارات للدكتور خزعل الماجدي : حوار معه كم


.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو




.. 70-Ali-Imran


.. 71-Ali-Imran




.. 72-Ali-Imran