الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عملات أموية بيزنطية لموسى إبن نصر ، والإمبراطورية الشبحية .. جزء( 5 )

فريدة رمزي شاكر

2022 / 3 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عملات أموية بيزنطية لشمال إفريقية وإسبانيا تثير كثير من التساؤل وتجيب على كثير من الفجوات التاريخية الغامضة لتاريخ العرب زمن عبد الملك إبن مروان .
1- مسكوكة بيزنطية أموية لنصف دينار ذهبي ، صدرت حوالي (86-96 هـ / 705-715 م) في الشمال الأفريقي. زمن الوليد إبن عبد الملك و موسى إبن نصير والي إفريقية والاندلس. ضربت بإفريقيا - إما القيروان أو طرابلس .
عليها صليب محوَّل ( لكرة الأرضية ترمز لوحدة الله) على ثلاثة درجات . و على حافة الخلف من العملة عبارة باللاتينية: DSETRNSDSMGNSSOID. وهي إختصار: (DeuS ETeRNuS DeuS MaGNuS DeuS OmnIum Deus ) وترجمتها: ( الله الأبدي ، الله العظيم ، الله هو إله الجميع) و في منتصف العملة SOMNium Creator أي "الله خالق الكل".
وعلى الظهر جملة: INNDINMSRCSLFERINAFRC ، وهي إختصار: DomINi MiSeRiCordis SoLidus FERitus ، وترجمتها : ( بسم الله الرحيم صنع في أفريقيا).
هذه المسكوكات الأموية لشمال إفريقية تختلف عن نظيرتها المعاصرة لها والتي ضُربت في الشرق الأموي. وقد يكون هذا مؤشراً لإستقلال موسى بن نصير بشمال إفريقية عن عبد الملك بن مروان . والذي كان قد سبق وعينه عبد الملك لتحصيل الخِراج في البصرة ، ولكن عندما إتُهم بالإختلاس لجأ إلى شقيق عبد الملك في مصر وهو عبد العزيز بن مروان الذي ساعده عبد العزيز في سداد الضريبة المفروضة عليه للإمبراطورية البيزنطية ومن ثم تم منحه ولاية إفريقية .
2- تطل المسكوكات العربية البيزنطية من دمشق ومن شمال إفريقيا ، بالنسبة للدينارات الذهبية التي ضُربت في دمشق ، فلدينا تاريخ مؤكد لبدء عهد الخليفة الواقف عبد الملك ، مؤرخ في عام 74 هـ (693/4 م). أما بالنسبة لمسكوكات شمال إفريقية ، لدينا عملة مقلّدة برونزية بها صليب محوَّل على درجات ، بتاريخ 80 هـ (699/700 م). العُملة بيزنطية مقلدة للإمبراطور هرقل وإبنه، تشي بأن إبن نصير كان أميراً نصرانياً تحت السيادة البيزنطية وبأن عبد الملك إبن مروان نفسه كان بدوره يدفع الجزية لإمبراطور بيزنطة جيستنيان الثاني.
- إفترض العديد من العلماء الأثريين بأن عملات الذهب غير المؤرخة قريبة من العملات المعاصرة المؤرخة في تلك الفترة ، أي حوالي 700 م. ومع ذلك ، فإن أقرب إشارة إلى عملة ذهبية عربية تتعلق بأحداث إتفاقية عام 688 م ، عندما وقَّع الامبراطور جستنيان الثاني وعبد الملك إبن مروان إتفاقية هدنة ، يتنازل فيها جستنيان عن الأراضي للعرب مقابل أن يدفع الوالي عبد الملك مبلغ أسبوعي قدره 1000 عُملة و حصان واحد وعبد واحد . وهذا ما يؤكده Theophanes the Confessor من أن الإمبراطور جستنيان بعد بضع سنوات إعترض على عُملة عبد الملك الجديدة ، وطالبه بتقديم عملة عليها صورة المسيح الأصلية كالتي على العملة البيزنطية. و يشير هذا إلى أن العملة الذهبية الجديدة على الطراز الأموي البيزنطي قد تم تقديمها من عبد الملك قبل عام 692 م. ومع ذلك ، قال العلماء أن رواية تيوفانيس هي مفارقة تاريخية ، تشير في الواقع إلى إدخال الدينار الأموي في نهاية القرن السابع الميلادي. ليدور الجدل حول متى كان العرب سيطورون البنية التحتية والإقتصاد المطلوبين لدعم عملة ذهبية مميزة في فترة مبكرة جدًا ؟! والحقيقة أن الأمويين حصلوا على خدمات المسؤولين المدربين في الإدارة البيزنطية ( ومن هنا نُقشت العبارات باللاتينية)، ما يعني أن الحكم الأموي سياسياً و إقتصادياً لشمال إفريقية كانت تحت إدارة بيزنطية. ما يدل على صحة الرواية التي سجلها التاريخ بأن عبد الملك دفع الجزية للإمبراطورية البيزنطية وهذا ينفي الرواية الإسلامية العباسية بإنتصارات عبد الملك أو إستحواذه على أراضي رومانية ، سوى بإتفاق بيزنطي ، فالمنتصر في الحروب لا يقبل بدفع الجزية ولا بشروط المهزوم ! .
3- دينار نادر جداً،عبارة عن عُملة مقلّدة ذهبية أموية للعرب البيزنطيين: سُكّت في عهد عبد الملك إبن مروان ،صدرت في الفترة الممتدة من ج. 695 إلى 715/718م. ضُربت بشمال إفريقيا (على الأرجح مدينة قرطاج) ، ونقشت عبارة دينية باللاتينية ، لتمثالين نصفيين متوجين للإمبراطور هرقل وهيراكليوس قسطنطين الملتحي ، وكل تاج تعلوه زخرفة ثلاثية الفصوص. و على ظهر العملة عبارة دينية لاتينية ، وصليب حرف T (تقاطع مقطوع) مرفوع على ثلاث درجات .
دينار نادر جداً، تم ضربه وفقًا لمعيار أقل قليلاً من الذهب البيزنطي بناءً على النماذج الأولى البيزنطية حوالي نهاية القرن السابع. الحقيقة الغريبة هي أن العملات المعدنية التي تم سكها في قرطاج تحت حكم هرقل ، والتي كانت قد ضُربت آخر مرة في عام 641م. ، على الرغم من أن قرطاج نفسها تم الإستيلاء عليها من قِبل العرب وبحسب رواية العباسيين في عام 695م. ، في شتاء عام 697/8م. و كان البيزنطيون قد أصدروا عُملة ذهبية من قرطاج لعدة قرون ، في منتصف القرن السابع، عُملة صغيرة سميكة. يظهر التمثالين النصفيين المواجهين لهرقل و إبنه قسطنطين بصليب كبير على ظهره ، والتي كانت في هذا الوقت لا تزال متداولة على نطاق واسع في شمال أفريقيا.
و جاءت تجربة العرب بهذه العملة المقلدة لإنتاج نسختهم المتشابهة للعملة البيزنطية من نسخة Heraclius Solidus لتؤكد وتشير إلى سيادة بيزنطية مازالت تحكم شمال إفريقية . ومع ذلك العملة لم تكن مقبولة لكثيرين من السكان المحليين المسيحيين في شمال إفريقية، لأنه تم تحويل الصليب البيزنطي الكبير رباعي الأذرع إلى صليب التوحيد حرف "T" كبير ، و إستُبدلت الصلبان الموجودة على خوذة الإمبراطور بأشكال ثلاثية الفصوص، والعبارات الدينية مكتوبة باللاتينية على كلا الجانبين. وهي: NON EST DeuS NISI IPSe SOLus CuI Socius Non est and DEus Dominus NOster CIAS MAgnus ETernus OMNiA Noscens.و ترجمتها : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. الله ربنا ،العليم الأبدي ،العظيم ". عبارتان لا تدلان على دين جديد ولا إسلام! لم يتم إنتاج هذه العملة الذهبية بأعداد كبيرة ، نظراً لندرتها الشديدة ، ومع ذلك ، تعتبر هذه العملة المقلدة من العملات البيزنطية التي ضربها العرب والتي لم توضح أبداً ولم تعلن أنهم كانوا مسلمين !
4 - وهذه العملة وهي الأهم في سلسلة مسكوكات إبن نصير وبحسب هذه العُملة البيزنطية فإن موسى بن نصير الأموي كان حاكما إفريقيا "نصرانياً نسطوريا توحيدياً" ! العملة معروضة في المتحف البريطاني. سُكت في إسبانيا ما بين سنة 712 و 714 م. ، ومكتوب عليها INNDMINIUNUSDSEU وهي إختصار لعبارة: IN NOMINE DOMINI NON DEUS NISI DEUS ترجمتها هو: " بسم الله لا إله إلا الله". و على الجهة اليُمنى كُتب: MUSE FILIUS NUSIR AMIR AFRICA ، أي (موسى إبن نصير أمير إفريقية)، هذه العملة تشي بل تؤكد بأن (الأمير) كان يخدم تحت مظلة بيزنطية مسيحية. فكلمة AMIR باللاتينية تُنطق هي ذاتها بالعربية؟!. الكلمة أيضا موجودة ومأخوذة من العبرية و السريانية . و الصليب على العملة على شكل (T) و هو مايُعرف بعمود الآلام حيث صُلب المسيح.
وهذا يتفق مع مسيحية سكان ليبيا و تونس و الجزائر من الدوناتيين و الآريوسيين التوحديين، و إبن نصير ماهو سوى إستمراراً لتنفيذ الإتفاقية التي تمت بين الإمبراطور جستنيان وبين عبد الملك ، ومهادنة بيزنطة للعرب النصارى التوحيديين الذين منهم إبن نصير . رغم أن تعيينه كان ضد التيار المسيحي الأممي العالمي الذي إنتشر وسيطر وقته، فنصبته بيزنطة كحاكما محليا على مقاطعات شمال إفريقيا، وعندما مكنه اليهود الإسبان من بلدهم مكيدة في المسيحيين الإسبان غزاها وإحتل مناطق منها وصكّ عملته هذه التي لا تنكر أبداً هويته النصرانية، حيث لا وجود لأي إشارات تدل على دين جديد ولا صاحب دعوة جديدة !
فهذه العملة تناقض السردية العباسية الإسلامية بأن المسلمين حاربوا البيزنطيين في شمال إفريقيا وإحتلوها وضموها لإمبراطوريتهم الإسلامية. في الحقيقة إنهم كانوا ( عربا نصارى ) في خدمة بيزنطة، والدليل إتفاق عبد الملك إبن مروان والذي حصل على تلك الأراضي بالإتفاق بينه وبين الإمبراطور جستنيان والذي بموجبه دفع عبد الملك الجزية والعبيد والخيول مقابل حكم تلك الأراضي من الامبراطورية البيزنطية. ما يعني حتى تاريخ صك تلك العملات الأموية كانت المناطق التي حكمها نصارى العرب التوحيديين تحت سيادة بيزنطة والتي كانت وماتزال تسيطر على شمال إفريقيا .
- الباحث الألماني المختص ڤولكر بوب Volker Popp قال أن هذه العملات دليل على تواجد الجماعات النصرانية التي تحمل عقيدة التوحيد في شمال افريقيا و إسبانيا. أما التبشير الرسمي فكان باللغة اللاتينية و تحمل رموز مسيحية بالاضافة لصورتي الإمبراطور البيزنطي هيرقل و إبنه قسطنطين، مع عدم ذكر أي دين جديد أو نبي جديد! .
فبحسب الرواية العباسية قرطاج فتحت سنة 698 م و أسبانيا في 711م وبلاد المغرب عموماً سنة 646م. . ومن المفترض أن هذه الدول كانت خاضعة للدولة الأموية! ولكن من خلال هذه المسكوكات، يتضح أن بيزنطة كانت تسيطر على الشمال الإفريقي و تقوم بإدارته.
- و ربما هذا التاريخ الغامض ما دفع كاتب وباحث مثل يوسف زيدان لمهاجمة عبد الملك بن مروان، قائلًا: “عبد الملك بن مروان رجل سافل لأنه هدم الكعبة مرتين، مرة وهو أمير، ومرة وهو خليفة، وبنى قبة الصخرة ليحج إليها المسلمون ويطوفوا حولها”. وإن كانت عبارته الأخيرة بخصوص قبة الصخرة وأنها مسجد غير صحيحة تماماً ولكن عبارته تدل على أن عبد الملك كان عربيا ساسانياً وديانته النسطورية التوحيدية لهذا حارب العرب السراسنة في عقر دارهم فإقدامه على هدم مكان مقدس لعرب الجزيرة لهو دليل قوي على عدم تقديسه لنفس مقدساتهم! وجاءت عملاته فيها الشمعدان اليهودي والسمكة المسيحية كما سبق وذكرت عنهما في المقال السابق.
-كذلك المؤرخة والباحثة والمستشرقة الأمريكية "باتريشيا كرون " ذكرت عن كتاب سيرة إبن هشام وهي سيرة بسرد عباسي و الذي كُتِب في القرن الثالث الهجري وليس له مصادر توثقه و لا تؤكده . قالت أنه مكتوب من وجهة نظر العلماء العباسيين بحيث "لن نعرف أبدًا كيف ذكر الخلفاء الأمويون نبيهم ! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24