الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التنور بين السومرية والاكدية والعربية

علي احمد

2022 / 3 / 31
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


بينما تشد حرب اوكرانيا اهتمام الناس بما لها من علاقة بعالم الجنوب وخاصة بالخبز ، انتقلت في رحلة للماضي السحيق وراحة خبز الطابون تداعب خياشيمي. نبشت اوارقي وتوقفت عند اوائل المصطلحات التي اطلقها اجدادنا فيما قبل التاريخ، وقد اكتشفوا زراعة القمح في سهول شمال سوريا وجنوب تركيا قبل معرفتهم للخبز.
في السومرية تعني كلمة DILIM3 فرن، وترادف في الاكدية تنور tinūru. وكلا الكلمتين نعثر عليهما في العربية التي احتفظت بهما معا ،ولكن بابدال اللام راء، حيث يرد في لسان العرب تحت بند طرم : الطُّرْمَةُ وَالطُّرْمُ : الْكَانُونُ . وايضا يرد تحت طلم: الطُّلْمة، بالضم: الخُبْزةُ وهي التي تُسَمِّيها الناس المَلَّةَ، وإِنما المَلَّةُ اسمُ الحُفْرةِ نفْسِها. أَصلُ الطَّلْمِ: الضرْبُ ببَسْطِ الكَفِّ، وقيل: الطُّلْمةُ صفيحةٌ من حجارة كالطابَقِ يُخْبَزُ عليها.الطُّلْمَةُ هي الخُبْزةُ تُجْعَل في المَلَّة، وهي الرَّمادُ الحارُّ. اخذ ابن فارس في مقاييس اللغة قياسا خاطئا لأن الاصل للفرن أو الخبز وليس لصناعته حيث يرد الطاء واللام والميم أصلٌ صحيحٌ، وهو ضَربُ الشَّيءِ بِبَسْط الشيء المبسوط. مثال ذلك الطَّلْم، وهو ضَربُكَ خُبْزَة المَلَّة بيدك تنفُضُ ما عَليها من الرَّماد. وما أقرَبَ ما بين الطّلْم واللَّطْم. ولما كان التنور والخبز وخاصة الاول من اهم ادوات الانسان وبقاءه فنجد في السومرية ايضا كلمة DURUNA بمعنى فرن، وتنور -في الاكدية tinûru. والكلمة السومرية توحي بأن ما سبقها لفظا هو كلمة تنور ككلمة مركبة من طين كمضاف ويحرق مضاف اليه-قارن في الاكدية ariru كنعت للنار وايضا استخدامها في اللعن لضراوتها-. ويبدو أن مصطلح DILIM درج ايضا على الادوات المنزلية المصنعة من الطين بعد شيه بالنار. فمثلا DILIM والتي من بين صور كتابتها تأتي صورة DILIM3 - الرمز كما اراه مصدر ناري داخل مربع او حوض- تعني ملعقة، وطست للتوزين والكيل. واما الاكدية فرادفت ذلك بـ إتقُرُitqūru. واحتفظت العربية بما يخص الاكدية في تغر: تَغَرَتِ القِدْرُ تَتْغَرُ، بالفتح فيهما: لغة في تَغِرَتْ تَتْغَرُ تَغَراناً إِذا غلت. التِّيغارُ، كقِيفالٍ: الإِجَّانَةُ.
دغر: الدَّغْرُ أَيضاً: الخلط. والدَّغْرَةُ أَخذ الشيء اختلاساً، وأَصل الدَّغْرِ الدفْعُ.
دقر: دَقِرَ الرجلُ دَقَراً إِذا امتلأَ من الطعام.ودَقِرَ أَيضاً: قاء من المَلْءِ. الدُّقْرُورُ فَأْسٌ تحتفر بها الأَرض. واما ما يخص الكلمة السومرية فقد انزاح المعنى العربي بافتراض ان موروثه في كلمة تلم: التَّلَمُ: مشَقُّ الكِراب في الأَرض، بلغة أَهل اليمن. التِّلامُ الصاغة. -قارن علاقة الصياغة بالفرن، وقارن ايضا الترادف بين الدقرور والتلم كفكرة واحدة اساسها نبش الارض وهو ما يدفع للتساؤل عما اذا استخدمت الفخاريات في الحراثة البدائية-.
وما يعطي الانطباع بصلة DILIM بالفخاريات ايضا أن DILIMBANDA تعني زبدية وطاسة وترادف في الاكدية tannu. وفي العربية دنن: الدَّنّ: ما عَظُم من الرَّواقِيد، وهو كهيئة الحُبّ إلا أَنه أَطول مُسْتَوي الصَّنْعة في أَسفله كهيئة قَوْنَس البيضة، والجمع الدِّنان وهي الحِباب، وقيل: الدَّنُّ أَصغر من الحُبّ، له عُسْعُس فلا يقعد إلا أَن يُحْفَر له. -للاشارة BANDA السومرية تعني طفل وصغير-. واما DILIMGAL فتعني صحن او زبدية مسطحة -الكلمة مركبة وعادة GAL تعني كبير وعظيم-. وترادف في الاكدية ماكلتُ mākaltu- قارن مأكلة بالعربية بمعنى للاكل-.
الكلمة الاكدية tannu والتي ليست سوى دن العربية توحي بأنها اكثر بداءة من DILIM وربما توحي باستخدام الطين وتجفيفه دون شيه قبل معاملة الطين بالنار. في السومرية UDUN تعني : اتون، فرن، تنور، فرن لشوي الطوب. وترادف في الاكدية utūnu بمعان هي اتون، فرن، تنور.
الصلة بين النار والاقامة وثيقة. وتتضح الصلة في اتن: أَتَنَ بالمكانِ: ثَبَتَ وأَقامَ به. أَتَنَ: خَطَبَ في غَضَب. أَتَنَ الرجلُ إذا قارَبَ الخَطْوَ في غَضَب، وأَتَلَ كذلك-قياس من النار-. الأَتُّونُ، بالتشديد: المَوْقِدُ..
وبابدال النون ميما أطم: الاطيمة: موقد النار.
تنن: تَنَّ بِالْمَكَانِ : أَقَامَ.
قرمد: الأَطِيمَةُ: الأَتُّون. -GIR في السومرية تعني فرن وكور وفي الاكدية كما العربية kīru.
حتن:حَتِنَ الْحَرُّ : اشْتَدَّ. وَيَوْمٌ حَاتِنٌ : اسْتَوَى أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ فِي الْحَرّ.
طين: الطِّينُ: معروف الوَحَلُ.
وتن: الْوَاتِنُ وَالْوَاثِنُ لُغَتَانِ ، وَهُوَ الشَّيْءُ الْمُقِيمُ الدَّائِمُ الرَّاكِدُ فِي مَكَانِهِ. وَتَنَ وَأَتَنَ إِذَا ثَبَتَ فِي الْمَكَانِ. وَاتَنَ الْقَوْمُ دَارَهُمْ : أَطَالُوا الْإِقَامَةَ فِيهَا.
وطن: وَطَنَ بِالْمَكَانِ أَقَامَ.
تنأ : تَنَأَ بِالْمَكَانِ : أَقَامَ وَقَطَنَ.
تَنَخَ بِالْمَكَانِ وَتَنَأَ ، فَهُوَ تَانِخٌ وَتَانِئٌ أَيْ : مُقِيمٌ .
دنن: أَدَنَّ الرَّجُلُ بِالْمَكَانِ إِذَا أَقَامَ.
دنا : دَنَا الشَّيْءُ مِنَ الشَّيْءِ: قَرُبَ .
طنأ: الطِّنْءُ : الْمَنْزِلُ .
عدن: عدن : عَدَنَ فُلَانٌ بِالْمَكَانِ: أَقَامَ ، وَعَدَنْتُ الْبَلَدَ : تَوَطَّنْتُهُ. حَتَّى عَدَنَ ، أَيْ : ثَبَتَ.
عطن : الْعَطَنُ لِلْإِبِلِ : كَالْوَطَنِ لِلنَّاسِ ، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى مَبْرَكِهَا حَوْلَ الْحَوْضِ.
من الجذور المركبة في العربية التي تضم الآتون:
فتن: الأَزهري وغيره: جِماعُ معنى الفِتْنة الابتلاء والامْتِحانُ والاختبار، وأَصلها مأْخوذ من قولك فتَنْتُ الفضة والذهب إِذا أَذبتهما بالنار لتميز الرديء من الجيِّدِ، وفي الصحاح: إِذا أَدخلته النار لتنظر ما جَوْدَتُه، ودينار مَفْتُون.والفَتْنُ الإِحْراقُ، ومن هذا قوله عز وجل: يومَ هم على النارِ يُفْتَنُونَ؛ أَي يُحْرَقون بالنار.ويسمى الصائغ الفَتَّان، وكذلك الشيطان، ومن هذا قيل للحجارة السُّود التي كأَنها أُحْرِقَتْ بالنار: الفَتِينُ، وقيل في قوله: يومَ همْ على النار يُفْتَنُونَ، قال: يُقَرَّرونَ والله بذنوبهم.ووَرِقٌ فَتِينٌ أَي فِضَّة مُحْرَقَة.
ويبقى القول إن الصلة ايضا وثيقة بين البرد والاطفاء والنار حيث من تعني TEN يبرد، ,وايضا تعني TEN برموز مختلفة يطفئ. ولكن على الارجح ان الصلة وثيقة ايضا مع الشتاء ENTEN . في العربية اغلب الجذور ذات القرابة الصوتية تعني، الاقامة والثبوت والتوطن، واقل منها ذات العلاقة بالنار والدفء، أو بالبلل والنعومة والطراوة. فكرة التوطن تعني لقبائل الصيد وقطف الثمار بلوغ نهاية الترحال اوائل اشهر الشتاء حيث البيات لتوقف القطاف وتضاؤل فرص الصيد. والشتاء يعني البرد . ومن الملاحظ أن šed بمعنى يستلقي تماثل لفظيا ŠED7 بمعنى شتاء التي ترد ايضا بصورة ENTEN.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم روسي عنيف على خاركيف.. فهل تصمد الدفاعات الأوكرانية؟ |


.. نزوح ودمار كبير جراء القصف الإسرائيلي على حي الزيتون وسط مدي




.. أبرز ما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية في الساعات الأخيرة


.. الشرطة تعتقل طالبا مقعدا في المظاهرات الداعمة لفلسطين في جام




.. تساؤلات في إسرائيل حول قدرة نتنياهو الدبلوماسية بإقناع العال