الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسطورة آدم

طاهر مرزوق

2006 / 9 / 10
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



من النماذج السلبية الشهيرة فى تراثنا العربى الإسلامى نموذج فكر بن تيمية وابن القيم ذلك الفكر الذى أشبع ويشبع جوع الملايين لتكفير الآخر سواء كان لديه كتاب مقدس أو غير مقدس لأن هذا الفكر النرجسى فى النهاية يقنع العربى المسلم بأن هذه الكتب وتلك الديانات أصبحت منحرفة ومحرفة ومزورة والنتيجة التى لا تحتاج إلى أبحاث كثيرة أو بداهة عقول نائمة فى العسل هى أنهم كفار!
مثال على ذلك الفكر ما جاء فى مقال للأخ عماد فواز بعنوان: قصة أبى البشر آدم بين التوراة والقرآن فى هذا الرابط : http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=74345 ، فى بداية مقاله هذا يحاول أن يؤكد على كفر ونفى عقيدة الآخر حتى تستريح نفسه ويأخذ ثواباً على هذا بأن يؤكد للقارئ على تحريف وتزوير التوراة حيث يذكر " القصة القرآنية عن خروج آدم من الجنة ونزوله إلى الأرض ، تختلف في صياغتها ودلالتها عن نفس القصة كما وردت في التوراه ، على الرغم من التشابه بين القصتين في خطوطهما العريضة ، إلا أن النص القرآني – ولأنه كلام الله دون تدخل بشري فيه بالتحريف أو التزوير – يبدو فيه الصدق واضحاً .. " . ، مثل هذه الأتهامات التى لا دليل فيها إلا ما يتخيله أصحابها حسب أفكارهم التراثية الأسطورية وأنهم مازالوا عبدة الحرف وأسرى النقل التراثى ، تلك الأتهامات التى تفرق بين البشر بسبب الدين ولا تعمل على التقريب بينهم ، ومن الأفضل عند معالجة موضوعات مثل هذه أن نتذكر دائماً أننا نعيش فى القرن الواحد والعشرين وكفانا ترديد أقوالاً وموضوعات تم قتلها كتابة وعفى عليها الزمن تبعث على الحقد والكراهية وتثير العنصرية الدينية التى لا نفع فيها ولن يرضى عنها أى إله إلا الشيطان الذى يبذر بذور الفتن بأسم الدين، لكن النرجسية الدينية والكبرياء التراثى هى التى أوصلت الإنسان العربى إلى قاع الأمم وجعلته يأكل من خيرات الحضارة ويرميها بالمخلفات التى تفيض عن حاجته .
أكتفى بهذه الملحوظة على مقال الأخ فواز وما جاء بمقاله فهذا فكره الشخصى ولن أدخل فى تفاصيله لأنى أحترم رأيه الشخصى أو الدينى ، والنقد الموجه فى مقالى هذا ليس للأخ فواز بل هو نقد موجه إلى القصة الواردة فى القرآن وذلك للتوضيح.
لا أريد هنا أن أقوم بالتعليق على قصة ذلك الآدم أبو البشر فى التوراة لأن ذلك يخص أتباعهم، لكنى أريد التعليق على تلك القصة التى تثير عجبى ويأسى فى عدم وجود من يفهم ما يقرأ ويدرس ويحلل بعقل " القرن الحادى والعشرين وليس بعقل الجاهلية "، قصة خلق آدم حسب وجهة نظر كاتب القرآن: ( " وإذا قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، قال إني أعلم ما لا تعلمون " .. ) .هذه القصة الأسطورية وتلك السطور القليلة أستوقفتنى كثيراً خاصة عندما أقرأ شروحات وتفسيرات الأخوة فى مقالاتهم ترديداً مملاً للتراث من القرطبى والطبرى والبخارى وابن كثير والجلالين وغيرهم ، فالقصة تروى أن " الله " أخبر الملائكة عن نيته وضع خليفة فى الأرض وخلق آدم، لكن الملائكة بإدراك عظيم وقدرة أعظم على التنبؤ أجابوا هذا الإله " قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ؟ ! " ، عظمة على عظمة يا ملائكة أراكم ترون ما حدث فى غابر الزمان وحاضر الإنسانية التى صبغها الدم والفكر الدموى الذى الذى أفسد إنسانية البشر بالتكفير الذى لا ينتهى له معين ! كانت الملائكة مدركة لخطر القادم بخلقة هذا الخليفة الذى سيرتكب الشر ويغلفه بغلاف الدين ، هذا الخليفة الشغوف بالتأويل والتحوير وتفسير كل شئ على مزاجه الخاص ويستشهد فى تفسيراته بتراث الجاهلية حتى يقنع نفسه ويقنع الآخرين بأنه عالم فقيه فى هذا الدين أو ذاك.
أمام إصرار الإله على خلق البشر كانت النتيجة المعلن عنها سابقاً وهى حسب رواية القرآن أخطأ الإله ونجحت الملائكة، وأثبت هذا الإله أنه ناقص العلم وملائكته تعلم ما لايعلم هو وهذا هو الكفر بعينه حسب الفكر الإسلامى !
أتعجب من هذه الجرأة التى جعلت الملائكة تكشف حقيقة الإنسان والتى كانت خافية عند علام الغيوب ، ومع ذلك يصدق الكثيرون كلام ذلك الإله ويكذبون الملائكة ، لأن القاعدة عندهم تقول " العلم عند الله " !
هذه السطور القليلة لا تحتاج الرجوع إلى شروحات علماء وتفسيرات عباقرة، بل هى كلمات بسيطة ومعانيها أوضح من الشمس ، ولا تحتاج إلى لف ودوران أو تأويل وتحريف المعنى ، فهى قصة أسطورية وردت فى تراث الحضارات القديمة بأشكال مختلفة بابلية وأشورية وهندية ... إلخ وصاغها محمد فى الشكل الزمانى الذى عاشه.
أيضاً قصة أن الله غشش آدم أسماء الحيوانات ثم يطلب من الملائكة أن تقول له تلك الأسماء ، كلام أسطورى ساذج لا يحتاج إلى التعليق عليه ويكفى الرجوع إلى الأبحاث والدراسات الجادة التى يخشى الجميع الإمساك بها بين أييديهم حتى لا تلوث عقولهم بقوة الحجة والمنطق وبيان الحقيقة .
الحرية تبيح للجميع أن تشك فى أديانها وأديان الآخرين ، الحرية تبيح للجميع الشك فى كتبها المقدسة أو المزورة حتى تلك التى أحرقها الخلفاء ولا يستطيع الباحث الرجوع إليها لإثبات أى الكتب مزورة أو صحيحة ، الحرية تسأل عما يجنيه القارئ من تلك الموضوعات التى تتهم عقائد الآخرين ، الحرية تسأل إلى متى يستمر المسلم وغير المسلم فى إثارة التعصب والأحقاد لدى الآخرين ؟ الحرية تسأل إلى متى يكون الدين بهذا الشكل الذى يشغلنا عن هموم الحياة ؟ إن الأديان الصالحة هدفها الوحيد هو عبادة الإله والتمسك بالقيم والسلوكيات التى تنهض بمجتمعاتنا ، لكن الأديان التى تخلق فى أتباعها مشاعر الهدم والحقد والكراهية ونبذ الآخر أو أعتباره درجة ثانية فهى أديان ينبغى أن نعيد دراستها وتحليل كلامها حتى لا تصل البشرية إلى حائط مسدود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خسئت وخسأ ما كتبت
رمضان ابوسريع حسانين ( 2012 / 3 / 27 - 16:51 )
لقد تحقق الوعد القرءانى فى القرءان وما كانت الملائكة لتعلم الغيب ولكنهم ابدوا رأيهم استنادا على ما كانوا يرونه من افعال الجن ولو رجعت بامانة الى كتب التفسير لوقفت على حقيقة قول الملائكة فلم يكن اعتراضا بل كان استفسارا وقد استفسر ابراهيم الخليل قائلا رب ارنى كيف يحيى الموتى ولم يعد ذلك منه كفرا ولكن لكى يطمئن القلب وانت صاحب قلب مريض وفكر معتل لقد خلق الله البشر لحكمة يعلمها وها انت من البشر الذين خلقهم الله تتجرأ على الله فى صفاقة لا استغربها على امثالك من عبدة الاهواء ... وما اجد فى قصة خلق ادم الموجودة بالقرءان الا كل اعجاز وما طرحته من ان الله - غشش - ادم الاسماء فقد قال الله انه علم آدم وذلك لكى يقيم الحجة على الملائكة ان هناك ابسط الاشياء لا يقفو ن على حقيقتها وهى تلك المسميات لاشياء تعرض صباح مساء عليهم فكيف لهم الوقوف على حكمة خلق البشر ... امثالك لا تصح مجادلتهم لان الكفر الى قلوبهم اقرب من الايمان وانما حتى لا يقال ان لا راد عليك ... والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل

اخر الافلام

.. -بلطجي الإسماعيلية-.. فيديو يُثير الجدل في #مصر.. ووزارة الد


.. جدل بشأن عدد قتلى الأطفال والنساء في قطاع غزة




.. أكسيوس: واشنطن أجرت محادثات غير مباشرة مع طهران لتجنب التصعي


.. مراسل الجزيرة: المقاومة تخوض معارك ضارية ضد قوات الاحتلال ال




.. جيش الاحتلال ينشر فيديو لمقاومين قاتلوا حتى الاستشهاد في جبا