الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وقفة تأملية لأبشع ما أفرزته الحياة

فؤاده العراقيه

2022 / 4 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أسئلة دارت بخلدي بعد يوم مرهق في دائرة خدمية كان لي بها حاجة ما، ومن المفترض أن تكون الدوائر لخدمة المواطن ولكن وجودها صار للانتقام منه ولزيادة في أعبائه ومتاعبه الجسدية والنفسية فالبناء متهالك ويوحي للزائر وكأنه في خرابة مهملة مما يزيد شعور الأسى والأكتئاب لديه، أما العاملين بها فلهم حكاية ثانية حيث تبدو عليهم علامات البلاهة تتجلى بعيونهم التي غابت عنها كل معالم الحياة مما يتسبب بالمزيد من الأخطاء والإهمال ، لا أعتب على العاملين ففي كثرة أعداد المراجعين قياسا بهم لابد وان يكون التقصير حاضرا لديهم بل ويتسابق التقصير مع اعمالهم إضافة إلى بقية النواقص التي يشتكون منها، فهل يصل الإنسان لهذه الحالة من اللامبالاة والأنانية وانعدام الشعور بالغير فيما لو كان أساسه صحيحا ويعيش حياة سوية؟
مؤكد سيصل لهذه الحالة واتعس منها في حياة صارت وكأنها حلبة للمصارعة تنهك قواه و تستنزف طاقته, عندما تمتلئ بالطاقات السلبية حيث يتبادلها الناس وتُستقطب لديهم بسهولة بعضهم من بعض وبالسهولة ذاتها تسحب منهم فتافيت أي طاقة ايجابية والتي بالكاد يحصل عليها البعض,ناس اتعبها الجهل والتخلف فصاروا عبأً على أنفسهم قبل أن يكونوا عبئا على غيرهم والمتضرر الأكبر هو هذا الغير الذي ابتلى بهم.
لفت انتباهي عبارة معلقة على جدار قذر ومتهالك لهذه الدائرة مكتوب عليها ‘‘هل صليت على النبي ‘‘! اجبت بسريرتي نعم ورب العباد الكل هنا يصلي ويصوم ووووووو ولكن….. ماذا بعد هذه اللا… كن؟
تنتظرنا بعدها الكثير من الهموم والمآسي التي يعيش بها أي إنسان في بلد غابت به حقوقه وينقصه كل شيء سوى من تلك العبارات المعلقة على جدرانه والتي لا نفع بها سوى لتخدير العقول التي هي اساسا لا ينقصها التخدير.
أكملت معاملتي بعد أن استنزفت قواي بغباء هؤلاء العاملين والذين لا يحملون عقولا برؤوسهم بل افرغت رؤوسهم من العقول وصعدت بالسيارة راجعة أدراجي وكأنني ظفرت بالفوز العظيم وإذا بالسائق تبدو عليه علامات الاضطراب النفسي جلية ، بل هي عدة اضطرابات وكانت حالته تستثير الأعصاب التي لم يتبقى منها سوى خيطا رفيعا يقاوم ما بوسعه، ولكني لم استغرب الحالة لكثرة تواجدها ولمستُ له العذر بعد أن صرت مؤخرا التمس العذر لهذا ولذاك لأخفف عن نفسي كاهل اشمئزازي وحدّته والذي بتُّ أشعر به مؤخرا من هؤلاء النفر، اعطيته الحق بداخلي لكونه يعيش بعالم لا يخلو من الظلم وحسّب بل من اضطهاد مضاعف وخصوصا من قبل الأقوى منه سلطة، فبعد أن أخذت الشرطة تلاحقه كلما توقف في انتظار الركاب، تعلو أصواتهم عبر الميكروفون يسنكرون فعل ويطالبوه بعدم التوقف حفاظا على سيولة السير وكأننا في بلد لا ينقصه شيئا ويخجل نظامه من وجود هكذا حالة، يعاود تلاعبه على الشرطة عسى أن تفلح محاولته ويحظى براكب قيمته الف دينار لديه فيمشي خطوتين ويقف مجددا وتتكرر العملية في ملاحقته أكثر من مرّة إلى أن يصيبه اليأس من أن يعتقوا سبيله فيشد الرحال منكسرا وعلامات الخسارة تبدو واضحة في ملامح وجهه ولكن دون أن ينبس ببنت شفة يعترض بها على ملاحقتهم له في لقمة عيشه رغم الانكسار والاضطهاد الذي يلحقه الاحقاده ولكنه لن يُفوّت حقده واضطهاده دون أن ينتقم من الأضعف منه؟
توقف في الطريق عند بائع صغير يرتزق من بيع المياه والمشروبات والسجائر وطلب منه شيئا يشربه وعلبة سجائرعساها أن تُخفف عنه القهر وبدون مبرر ولا اي مقدمات صرخ بعصبية بوجه الطفل لكونه تأخر قليلا بطلبه وأخذ يدردم مع نفسه وينعت الطفل بالجبن ووووو، لينفس عن قهره وليخرج حيفه به ويسقط عيوبه ومخاوفه على الأضعف منه ولكنه لن يكتفى بهذا النفس الصغير التي تجرّعه فأخذت اعصابه بالفوران والانفلات فتولى أمر الركاب ينهر هذا وذاك متحججا بالازدحامات دون أن يعترض عليه أحد لكونهم تعوّدوا الذل بدورهم.
تكتمل الصورة بصوت شيخ يُلقي بحثا دينيا عبر المذياع عن يوم القيامة ويستمع له الركاب بوجوه مكفهرة، يتوعدهم بجهنم التي تتربص من ورائهم والموت الذي يقف أمامهم ومستكثر عليهم حياتهم، وما يزيد الطين بلل أنه ينصحهم بأن ينتبهوا لأنفسهم ويتوبوا ويُكفروا عن ذنوبهم ولا أدري هل جحيم حياتهم لا يكفي للتفكير وهل هناك بعد ما هو أكثر سوء من جحيم الدنيا هذا؟
فحين لا تكتفي الشيوخ بما يحصلون عليه يزيدوا جرعات المخدر ويرفعوا أصواتهم لتعلو فوق اي جديد يمكنه أن ينتزع منهم السلطة ليضمنوا محصولهم بها، فلا يكفيهم الجحيم بعظمته بل لو كان هناك شيئا أكثر رعبا منه لأخترعوه ؟ َ
ثم اتأمل بائع لانهي يومي به وهو ينادي على بضاعته والتي هي عبارة عن دجاج لم يتبقى منه سوى بضع من ريشات تشعر باليتم تكسو جلد مهترئ لدجاجة سلبت منها الروح قبل ذبحها، ينادي البائع دجاجة ذبح ب3ونص و3 بعشرة، ويا بلاش ولا ارخص من روح الكائنات الحية في بلد غابت به كل معايير حقوق الإنسان فما الذي نتوقع أن يكون مع حقوق الحيوان، لا حقوق لهربل سيلعنوا سلفه وينتقموا منه شر انتقام كتعويض للقهر الواقع عليهم, ينتجون أرواحا لهذه الكائنات بسرعة تصل للآلاف يوميا وعندما تُبث الروح بهم يزرقونها بهرمون التكبير دون إطعامها حيث تبدو عليها وبوضوح علامات الإرهاق من الجوع والخوف وبالتالي تُسلب روحها وتتحمل آلام ذبحها وآلام جوعها والرعب الذي يحدثه بها منظر الذبح، عذاب لروح كائن مقابل دولارين فقط.
فهل سمة الشر هذا هو طبيعة بالبشر أم تطبع؟
بلد صار به الجميع يشعر وكأنه يعيش في مقبرة كبيرة، لا عفوا فالمقابر أجمل بكثير وأكثر تنظيما من الأماكن التي يعيش بها الأحياء لكون اهل الأموات يعتنون بمكان قبورهم أكثر مما يعتنون بأماكنهم .
ربما تبدو الحكاية من وحي الخيال ومبالغ بها وربما لا يلتفت لها الغالبية أو يمروا من أمامها مرور الكرام لكونهم تعوّدوا وتعلموا على ان لا يتأملوا أحداثه أو تعوّدت عقولها على الاستسلام وعدم التفكير، وأحداثها وقعت أمامي ولم أزد عليها ولا كلمة ونقلتها بحذافيرها مع إضافة الرتوش التي تأتي بعد أن نتعمق بكل حدث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عالم العروبه
على سالم ( 2022 / 4 / 2 - 17:54 )
استاذه فؤاده تحيتى , من المؤكد ان مقالك مؤثر ووافى ومحزن ويثير الرثاء والقرف والبسمه , ضحكت كثيرا على عباره ( هل صليت على النبى ؟ ) هل الصلاه على النبى مهمه لهذه الدرجه لهؤلاء المجاذيب والمعاتيه ؟ كل المنطقه العروبيه الاسلاميه تعانى من امراض مستوطنه وجهل وظلم واستبداد وامتهان وتخلف , الاشكاليه هى كيف نغير هذه العقول المتجمده العفنه والتى اصابها العطب والخراب والصلاه على النبى , سؤال صعب ولاتوجد اجابه له


2 - هذه امم تقيأتها الارض
منير كريم ( 2022 / 4 / 2 - 21:15 )
تحية للكاتبة القديرة وللحضور الكريم
يكاد ينقضي العمر ونحن نتاخر باستمرار وبلغنا حدا لم يعد التفريق بين الجاهل والمتعلم ممكنا
فقدنا العقل والذوق بسبب انتشار الاوهام والخرافات كالفتاوى والادعية المستاجبة
ما اذهلني اني سمعت عن استاذين في قسم الفيزياء كلية العلوم لايصدقان ان الارض كروية
هذه فعلا امم تقيأتها الارض
شكرا


3 - الاصرار على الخطأ
طلال السوري ( 2022 / 4 / 3 - 16:05 )

ألاستاذة فوْادة العراقية
هل يمكن اضافة العند و الاصرار على الخطأ الى اسباب ماورد في المقال؟؟
فكل ( فوْاده) معلول بهموم الحياة وخصوصا المرأة ( العراقية)


4 - لا تغيير يحدث بدون وعي الشعوب
فؤاده العراقيه ( 2022 / 4 / 3 - 17:37 )
تحياتي عزيزي علي سالم
تسأل كيف نغير هذه العقول والإجابة سهلة للغاية فلا تغيير يحدث بدون وعيها وبما انك سيد العارفين بأن هنالك حكّام يقبعون فوق رأس الشعوب اجمع والدليل مثلا هذه القطعة المعلقة على جدران دائرة خدمية رغم تهالك الجدار وعدم الاهتمام بمعاملات المراجعين لها ولكنها مكتوبة بالبنط العريض وهي وسيلة ولا اسهل منها لتغييب العقول وقمعها ولكن الحل والمسؤولية تقع
على عاتق الواعيين منهم أما المغيبين فغابوا وانتهت مسؤوليتهم بل حتى مسؤولية انفسهم يفقتقدوها


5 - الذنب ليس ذنبهم
فؤاده العراقيه ( 2022 / 4 / 3 - 18:00 )
كل ما ذكرته له اسبابه فمن عدة اتجاهات تتوالى الضربات لغاية ما نفضتهم الارض وهذه نتيجة معروفة ولا غرابة منها
الاسباب هي تغييب العقل بالدين
ومثل ما الكل يعرف بان الدين يعتني بالتخويف ومن غاب عقله سيرتعب من العقاب فيمتثل ويعمل بالعبارة المكتوبة على الحائط وينسى الضيم او يتناساه على امل الخلود بالجنة
مع اجمل التحايا


6 - علل الفؤاد لا تأتي من فراغ
فؤاده العراقيه ( 2022 / 4 / 3 - 18:06 )

تحية طيبة
الجهل الذي ينتج عنه الغباء يؤدي للمواقف التي طرحتها في المقال اعلاه
والعناد لا يأتي من فراغ بل يرجع لغياب العقل الذي نتج عنه قناعة مطلقة وغير قابلة للأخذ ولا للعطاء بل الاستسلام للمفاهيم التي شوهت العقول ووضعوها لهم ليضمنوا قيادتهم


7 - الله يصلي على النبي !!
ائه مير الرشيد ( 2022 / 4 / 7 - 17:58 )
اذا هو رسول مبعوث من الله فلا يحتاج للعبد والعبيد ان يصلون عليه والاغرب ( ان الله وملائكته يصلون على النبي ويسلمون تسليما ) يعني الله جل جلاله يتودد للنبي !

اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال