الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 40

ضياء الشكرجي

2022 / 4 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وَإِذا لَقُوا الَّذينَ آمَنوا قالوا آمَنّا وَإِذا خَلا بَعضُهُم إِلى بَعضٍ قالوا أَتُحَدِّثونَهُم بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيكُم لِيُحاجّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُم أَفَلا تَعقِلونَ (76) أَوَلا يَعلَمونَ أَنَّ اللهَ يَعلَمُ ما يُسِرّونَ وَما يُعلِنونَ (77)
وحسب ما تروي هذه الآيات إن هؤلاء اليهود عندما كانوا يلتقون بالمسلمين، ويحدثهم هؤلاء بما جاء في القرآن، خاصة فيما له اتفاق مع الدين اليهودي، يؤيدون ذلك، بل يتظاهرون باقتناعهم وإيمانهم بمضامين ما يتلى عليهم. ولكن عندما ينصرفون يتلاومون فيما بينهم، فيعاتب الذين هم أكثر تشددا وأعمق إيمانا بديانتهم البسطاء أو المجاملين للمسلمين أو الذين فعلا قد أقنعتهم حجج المسلمين، وخاصة عندما كان قد أيد هؤلاء أمام المسلمين بعض ما جاء في القرآن، عبر ما يؤيده في توراتهم. لكننا لا نعلم عما إذا كان ادعاء مؤلف القرآن أنهم يبدون خشيتهم أن يكون تأييد بعض اليهود لبعض مضامين القرآن أن يتخذه المسلمون حجة على اليهود عند الله، كما يبدو يُقصَد هنا احتجاج المسلمين على هؤلاء اليهود يوم القيامة. دائما يفترض القرآن إن الذين لم يؤمنوا بالإسلام إنما شخصوا أنه الحق، لكن أنكروه عن علم وعناد ومكابرة. طبعا لا نستطيع أن ننفي أن بعض أتباع أي دين، عندما يتبين لهم ما ينقض دينهم، ويقتنعون في قرارة أنفسهم بصحة العقيدة المغايرة أو الناقضة لدينهم، لكنهم يبقون متمسكين بدينهم، ليس من موقع الإيمان بأحقيته، بل لكونه أصبح يمثل هويتهم، كما هي الهوية القومية أو القبلية أو غيرها، وهذا ما نجده عند بعض المسلمين، كما بعض اليهود، وبعض المسيحيين، وهكذا هو الحال مع أتباع كل دين. فالعيوب والأمراض التي يعرضها القرآن عن الفرق المختلفة من غير المسلمين، لا يبعد أن تكون صحيحة، لكن حتما بلا تعميم، وهذه الآية لم تعمم، بل تكلمت عن فريق من اليهود، لكنه ينطبق أيضا على فريق من المسلمين وغيرهم. فالأمراض هي الأمراض، لها وجود داخل كل فرقة، وداخل كل فرقة ليس على نحو التعميم والإطلاق. أما الآية التالية بـ«أَنَّ اللهَ يَعلَمُ ما يُسِرّونَ وَما يُعلِنونَ»، فهذا يقال أيضا عن القائل بهذا القول، أي مؤلف القرآن.
وَمِنهُم أُمِّيّونَ لا يَعلَمونَ الكِتابَ إِلّا أَمانِيَّ وَإِن هُم إِلّا يَظُنّونَ (78)
الأمية والجهل والسطحية ظواهر نجدها في أوساط شديدي التدين داخل كل الدين. فالمسلمون لم يكونوا أقل أمية وأقل جهلا بكتب الدين والفكر والفلسفة، وليس أقل ادعاءً المعبر عنه هنا بالتمني بتوفرهم على العلم والمعرفة دون غيرهم، وأقل اتباعا للظنون والأوهام. غريب إن أتباع كل دين يرمون غيرهم بعيوب وأمراض ليسوا أنفسهم متعافين منها.
فَوَيلٌ لِّلَّذينَ يَكتُبونَ الكِتابَ بِأَيديهِم ثُمَّ يَقولونَ هاذا مِن عِندِ اللهِ لِيَشتَروا بِهِ ثَمَنًا قَليلًا فَوَيلٌ لَّهُم مِمّا كَتَبَت أَيديهِم وَوَيلٌ لَّهُم مِمّا يَكسِبونَ (79)
من الصعب أن يفهم المرء كيف يتلو إنسان كلاما منه ويقول «هاذا مِن عِندِ اللهِ» ثم يتوعد - متكلما عن الله - «الَّذينَ يَكتُبونَ الكِتابَ بِأَيديهِم» وينسبونه إلى الله، وما هم بفاعلين إلا ما يفعله هو. لكننا لا نريد أن نقول أنه كان يتعمد ادعاء نسبة ما يتلوه إلى الله، فلعله كانت له حالات من الإيحاءات الذاتية ما يعتقدها صادقا وحيا إلهيا. لكن عندما نرى، خاصة في المرحلة المدنية، الكثير من الآيات تأتي تلبية لحاجة لتقوية الإسلام سياسيا أو ماليا أو قتاليا، أو تلبية لرغبة شخصية لـ(رسول الله). أما أن تكون غاية الذي يكتب أو يتلو كلاما وينسبه إلى الله أن يشتري به ثمنا قليلا ليحقق مكسبا ما، ماديا أو معنويا، فبلا شك إن الدوافع والنوايا مختلفة من حالة إلى أخرى. فهنا تبين الآية الدوافع لغير المسلمين حسبما يراها أو يحتملها أو يدعيها مؤلف القرآن، فيمكن أن تكون ويمكن أن يكون غير ذلك، ولكن في كل الأحوال ادعاء ما ليس حقيقة مدان، من أي صدر، وخاصة ادعاء أمر بهذه الخطورة. ففاعل ذات الفعل لا يجوز له إدانة فاعله الآخر مع تبرئة نفسه وتبرير فعله المطابق للفعل المدان من قبله. ثم الوعيد هو وعيد وتهديد بعذاب الله، فإذا كان يعتقد جازما أن هذا الفعل يستحق هذا الوعيد بالعذاب من الله، مخولا نفسه بالنطق بلسانه، فكيف يستطيع أن يفعل ما يستحق صاحبه هذا الوعيد؟ شيء من الصعب فهمه.
وَقالوا لَن تَمَسَّنَا النّارُ إِلّا أَيّامًا مَّعدودَةً قُل أَتَّخَذتُم عِندَ اللهِ عَهدًا فَلَن يُّخلِفَ اللهُ عَهدَهُ أَم تَقولونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعلَمونَ (80)
وهذا ما يفعله المسلمون كما فعله ويفعله غيرهم. فاليهود هم شعب الله المختار، والمسيحيون هم أبناء الله المخلصون بتضحية الله بابنه، والمسلمون هم خير أمة أخرجت للناس، فلا يخلد المسلم في النار حسب بعض الفرق مهما فعل، بينما سائر الكافرين بالإسلام مخلدون فيها، وهكذا نرى داخل الدين الواحد، كما في فرق المسلمين، وفي فرق أتباع الديانات الأخرى، فهناك دائما فرقة ناجية دون غيرها، ومذهب حق دون غيره. غريب جدا أن يرمي سكنة البيوت الزجاجية بيوت الآخرين بالحجارة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حتة من الجنة شلالات ونوافير وورد اجمل كادرات تصوير في معرض


.. 180-Al-Baqarah




.. 183-Al-Baqarah


.. 184-Al-Baqarah




.. 186-Al-Baqarah