الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار حول اللغات السامية

بارباروسا آكيم

2022 / 4 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قبل بضعة أيام كنت شاهدا على حوار شيق ( في الفضاء الافتراضي ) بين مجموعة من الأفاضل الذين أَحسبهم من أهل الثقافة الموسومين بسعة الإطلاع

و في اثناء هذا اللقاء الشائق تداول القوم عدة مواضيع
كان أبرزها موضوع اللغات السامية

ورغم كوني أَقل الحضور شأنا إلا إنني أدليت بدلوي
عسى أن ينال إجتهادي القبول بين هؤلاء الأكابر
و قد تفانيت بإخلاص لإثبات وجهة نظري وهي عبثية إثبات (( اللغة السامية الأم ))
رغم صواب تلك النظرية
و كذلك عبثية إثبات أسبقية بعض اللغات السامية على الأخرى

و كان مدخل حجتي الى ما أقول  هو السؤال الكبير الذي لطالما واجه الباحثون الغربيين

ماذا عن اللغات و اللهجات المحكية التي اندثرت و لم نعرف عنها شيئاً ؟!

فبدون الحلقات المفقودة في سلسلة تطور اللغة لن نعرف أبدا كيف تفرعت تلك اللغات و من منها يسبق الآخر !

لاشك إنه كانت هناك لهجات و لغات محكية مختلفة قد اندثرت لأنه لم تكن لها نصوص مكتوبة
و كل نص لا يكتب فهو كأنه لم يوجد يوماً

أو ربما تكون هناك لغات و لهجات لم تكتشف لحد الآن ، يضاف اليها مجموعة من النصوص التي أكتشفت في الجزيرة العربية و لم يتم فك طلاسمها لحد الآن

فحينما نتحدث مثلاً عن اللغات الأوربية الحديثة _ على سبيل المثال _ نجد انها يمكن تتبع اشتقاقاتها من اللغة اللاتينية
و على أقل تقدير تأثرها بتلك اللغة

و هكذا الحال مع اللغات السامية التي تنبثق و لاشك من لغة ( أم )

دليل من قال إن اللغات الشمالية أسبق من اللغة العربية :

و هذا بكل تأكيد رد لمن يحاول وضع العربية في خانة اللغات السامية الجنوبية

ماهو دليلي ؟
الدليل هو الحرف العربي الذي هو قريب الشبه الى حد بعيد بالحرف السرياني
و ثانيا : التعريف،
ادوات التعريف
بمعنى إن اللغات في شمال الجزيرة العربية كالعبرية  تستخدم الصيغة ها للتعريف بينما اللغة العربية تستخدم ( ال) و السريانية تستخدم ألف ممدودة في نهاية الكلمة مما يعني إن العربية تقع بين اللغتين
بل حتى ان اقدم النصوص العربية المكتشفة الى حد هذه اللحظة تستخدم( ها ) بدل ( ال)

بل يزاد على ذلك إستخدام العربية في نص النمارة لحرف الواو في نهاية معظم الكلمات أسوة بالسريانية

لاحظ : نص النمارة

اقدم النصوص العربية :  ( نقش أُم الجمال 250 م ) ، ( نص النمارة - او شاهد قبر الملك امروء القيس 328 م ) ، ( نقش زبد من 512 - 513 م ) ، ( نقش أَسيس 528 م ) ، ( نقش حران 568 م )

وجهة نظري بإختصار :

على كل حال فنحن نعلم بأن اللغة بشكل عام تتأثر بعدة أشكال ب طريقة النطق
بمعنى لو كان الإنسان نفسه يعاني من عيب معين في نطق حرف معين
فأنه بالنتيجة أولاده ( خصوصاً في مجتمع بدائي قبلي )  سيحاولون تقليد طريقة نطقه للحروف حتى ولو كانت تختلف عن اللغة الأم 

ليس فقط في النطق الصوتي للحروف بل كذلك في المد و الإختصار  و الإدغام

و هنا لابد أن نشرح قليلاً علم الصوتيات ..

كل إنسان له جهاز نطق خاص به
ممثل بالرئتين والقصبة الهوائية ثم الحلق والحنجرة والحبال الصوتية (الأوتار الصوتية) واللهاة واللسان والحنكين والشفتين، ومعها تجويف الفم
و صدق أو لا تصدق تدخل الأسنان ايضا كعامل مساعد ثانوي في عملية النطق
و بالتالي فهذه كلها عوامل رئيسية في تحديد شكل النطق الذي يكون ( الذكر ) هو المسؤول عنه

فاذا جئنا للشعوب السامية و حاولنا تحليل نشأتها من خلال علم الإجتماع
نجد بأن بينها عامل مشترك وهو المجتمع الأبوي _ على الأغلب _
بمعنى إن الأب هو القائد وهو الكاهن وهو بالتالي شيخ القبيلة
بمعنى أن الأولاد سيحاولون تقليد والدهم بمختلف الأحوال !

هنا مثلا في المانيا يوجد ما نسميه ب
Logopäde
او
sprachtherapie
للأطفال الصغار ويساعد القائمين على هذا البرنامج الأطفال في نطق الحروف  بطريقة صحيحة و لكن هذه الإمكانية لم تكن موجودة قبل آلاف السنين

و الشيء الثاني الذي نعلمه هو العامل الجغرافي بمعنى إنه كل ما ابتعد الإنسان عن موطنه الأصلي فأن لغته تتغير تبعاً للعوامل الجغرافية و المناخية و تطويره الذاتي لوسائل الإنتاج

مثلاً في الصحراء لايوجد ثلج لذلك لو انتقل شخص من الصحراء الى الأجزاء الشمالية ( العراق _ الشام )  فلابد أن يوجد تسمية لهذا الشيء الجديد الأبيض  الذي يتساقط  أمامه ! 

و من العوامل الجغرافية تبدأ تظهر فلسفة جديدة للغة حيث يتجاوز الشيء معناه الحقيقي الى معنى رمزي أكثر شمولاً

على سبيل المثال كلمة نهر في اللغة العربية
فهي نهرا أو نهرو و نارا و نارو باللغات السامية الشمالية
لاحظ مثلاً
نار مارّاتو
Nar marrato
النهر المر باللغة الآشورية ( الخليج الفارسي ) 
فكلمة نهر باللغة العربية لن تعود تعني النهر فقط أي بمعنى هذا المجرى المائي بل ستعني لاحقاً حاجز
و من هنا جاءت كلمة نَهَرَ _ إنتهر
أي بمعنى مَنَعَ
بمعنى إن النهر نفسه صار رمزاً للحواجز و المنعة !

و من الجدير بالذكر ايضا أن الشعوب السامية لم تستخدم كلمة ( يم ) للدلالة على البحر إلا في عصور متأخرة
و كانوا يستخدمون كلمة ( نهر _ نارا _ نيرا ) للدلالة على أي مسطح مائي

و هنا لا اريد أن أجعل الناس يدخلون في غياهب متاهات و ثرثرة طويلة و سأترك هذا الموضوع الى حين إكتماله

و لكن مجرد مقدمة تعريفية بسيطة للمهتمين في هذا المجال

بداية إهتمامي باللغات السامية:

بالمناسبة بدايات محاولاتي لتعلم اللغات السامية كانت من خلال البحث في الفلكلور الشعبي والتاريخ لتلك الشعوب خصوصاً شعوب مابين النهرين
سواء من خلال الليتوروجيا والصلوات أو الأغاني

لكون هذه البقعة كانت غزيرة في انتاجها الثقافي و المعرفي و بناءا عليه فقد ركزت إهتمامي على اللغات السامية التي كانت منتشرة في تلك الأنحاء
وهكذا  فقد كنت مهتما بالاطلاع على على اللغات الثلاث : الآشورية و السريانية و العبرية
التي كانت لغات أقوام بعضها إندثر و بعضها ينتظر دوره في الإندثار من تلك الشعوب الأصلية من سريان و آشورين و يهود و مندائيين 

و إبتدأت أَولاً بمحاولة قراءة بعض النصوص المكتوبة و لكن لأن العملية صعبة لأنني بحاجة لتعلم الحروف و الهجاء وهو ما يستغرق وقتاً طويلاً توجهت الى النصوص المسموعة

و كانت عملية البحث مضنية و لكن مثمرة حيث أقوم بتفريغ النص المكتوب مع طريقة اللفظ ثم اضع أمامي مجموعة قواميس أو أسأل أشخاص من اصحاب الإختصاص و أحاول رد كل كلمة الى جذر ثلاثي _ إن أمكن _

لاحظ أدناه :  إن كل تلك الأغاني و التراتيل تستطيع و بسهولة _ على الأغلب _  ايجاد المرادف العربي الشبيه بها لفضا و معنى

لاحظ مثلاً ترتيلة شما إسرائيل العبرية بصوت  سيريت حداد
https://youtu.be/PCnS_fjDr2Y
شما إسرائيل الوهاي ( لم افهم لماذا تلفظ الهاء كاف )

أو مثلا الأغنية الآشورية للمطربة سونيا اوديشو
تَكْلِتْ آ ليلي
https://youtu.be/cM83Mtc5ZpU

و الصلاة الربية المسيحية آبونا دبشمايو السريانية بصوت  المرنمة السورية عبير

https://youtu.be/g83qFsRHWpQ

الجذر الثلاثي

لاحظ مثلاً الجذر ( بخا )
كيف تتحول الى بكاء باللغة العربية ؟
ببساطة شديدة يمكن أن تكون السريانية  هي حلقة وصل بين اللغات السامية الشمالية و اللغة العربية 
لأنه السريانية تحتوي على الحرف ( كوف / خي ) أي إنه يقرأ كاف أحيانا و أحيانا خ
رغم إن الحرف نفسه يرسم مثل الحاء باللغة العربية
بينما نجد في العبرية إن الحرف كاف هو دائرة مفتوحة من جهة اليسار و لا يفرق بينهم سوى نقطة وسط الدائرة و قبل التنقيط بالخط المازوري كانت الكلمة يمكن أن تنطق بكا أو بخا

أي إن بخا هي نفسها بكا بلفظ آخر أو بلهجة أخرى

لاحظ على سبيل المثال كلمة خيوتا التي تعني حياة باللغة العربية

كلمة حياة في اللغة العربية كانت تكتب على زمن تدوين المصحف هكذا :
حيوت

لأنه التاء المربوطة لم تكن موجودة في اللغة العربية حتى العصر الأموي و كانت تكتب تاء منفصلة  بمعنى آخر ربما يكون صوت الحاء قد ظهر نتيجة تصحيف النساخ في عصر التنقيط أَو هي مجرد نطق صوتي مختلف للحرف ذاته

و بعبارة أخرى أن صوت الخاء و الحاء و الجيم صوت مشترك تبادلي بين الكثير من اللغات السامية و اللغة العربية من جهة أخرى و إن الذي فرق بين هذه الحروف هو التنقيط فقط

¤ او مثلاً الخاصية الإبدالية بين الحرفين
ج و گ
لاحظ مثلاً جلى باللغة العربية التي هي گليانة بالسريانية

و كذلك الخاصية الإبدالية بين الحرفين (أ ) و (ع )

أو السين و الشين  مثلاً ( شمس ) باللغة العربية التي تتحول إلى شمش باللغات السامية الشمالية أو شمشا أو شمشو
أو نسر باللغة العربية التي تتحول إلى نشر أو نشرا أو نشرو
بمعنى إن السين و الشين خاصية ابدالية بين اللغات السامية 

أو مثلاً الحرف
پ / P
الذي يقلب الى الحرف ف / F باللغة العربية
حيث تتحول على سبيل المثال كلمة
ألپا باللغة الآشورية إلى الفا / الف ( ١٠٠٠ )  باللغة العربية
أو كلمة سيف باللغة العربية التي تصبح سيپا

يبقى فقط حرف ال ض / ظ باللغة  العربية الذي لم اجد له مرادف في اللغات السامية الشمالية
والذي أعتقد إنه جاء من اللغة المصرية القديمة الى اللغة العربية
و هناك من الباحثين من أيد هذا الزعم على إعتبار أن اللغة السامية ظهرت أولاً في كنعان عن طريق هجرة قبائل افريقية الى الجزيرة العربية عن طريق سيناء

و لكن مايضرب هذه النظرية في مقتل هو الدلائل القوية التي تنفيها
١ . اقدم النصوص السامية تظهر في بلاد مابين النهرين ( الأكديين ) مع الإعتراف بأن تلك اللغة ( الأكدية ) تفتقر الى الهمزة و حرف العين اللذان هما قاسم مشترك بين كل اللغات السامية
٢. تحليل الحمض النووي للمصريين القدماء الذي يظهر بأن أصولهم افرو _ آسيوية

و هنا سنحتاج الى معرفة الحلقات المفقودة و تحديداً اللغات السامية للشعوب التي كانت موجودة في شبه جزيرة سيناء ( وهو ضرب من العبث )  وكيف استطاع هؤلاء ايصال هذا اللفظ او الحرف الى شبه الجزيرة العربية و بالتالي اللغة العربية ؟

لابد إن هناك لغة سامية كانت حلقة وصل بين اللغة العربية و اللغة المصرية القديمة ، لأن هذا النطق كان موجودا في مصر القديمة

اي حرف ض / ظ




________________________________

¤ و الى حد هذا اليوم لا يزال الإخوة المصريون _ على سبيل المثال _  لا يعطشون حرف الجيم كما هو الحال في بلدان المشرق العربي بل يلفضونه گ
مثلاً هم يكتبون كلمة جمل و لكنهم يلفضونها گمل
كما إنهم يلفضون حرف ال ( ذ ) ك ( ز )

أو في بعض مناطق الخليج يلفضون حرف ( ج ) ي
فتجدهم يكتبون دجاج مثلا و لكنهم يلفضونها دياي

و باللغات السامية الشمالية كذلك فهم يلفضون كلمة جمل بالعربية گمل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المستشرق بركلمان
بارباروسا آكيم ( 2022 / 4 / 10 - 18:51 )
وإِذا ماتناولنا اللغات السامية ، من هذه الوجهة ، أَدركنا على الفور مدى الصعوبة التي تقابل الباحث عندما يريد الرجوع بظاهرة ما في هذه اللغات الى أَصلها ، ذلك لأَنَّ هذه اللغات ليست حلقات متصلة في سلسلة لغوية واحدة ، يمكن ان تعد إحداها أَقدم اللغات ، والثانية احدث منها وهكذا ، بل على العكس من ذلك تعد خلفاً للغة واحدة ، هي مااصطلح العلماء على تسميته - بالسامية الأُم - وهذه اللغة لا وجود لها الآن في صورة وثائق أَو نقوش مكتوبة


فقه اللغات السامية ، تأليف : المستشرق الأَلماني كارل بُركلَمان ، ص 29 ، ترجمه عن الأَلمانية : د .رمضان عبد التواب ، الناشر : جامعة الرياض - المملكة العربية السعودية 1977

اخر الافلام

.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است


.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب




.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت


.. مقتل مسؤولَين من «الجماعة الإسلامية» بضربة إسرائيلية في شرق




.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با