الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل كانت هناك ايجابيات لظاهرة الاستعباد ؟ طبعاً لا !

اسكندر أمبروز

2022 / 4 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يردد بعض المؤمنين للدفاع عن خرافاتهم الدينية العديد والعديد من الأكاذيب والتخريفات المتعلقة بأمور مختلفة , من هلوسة الازعاج العلمي , الى دجل النبوئات , الى تشويع التاريخ والأخلاق ليتم سكبها في وعاء العهر الديني الخاص بالأيديولوجيا التي يقتنع بها المؤمن المسكين والتي يتبعها دون أدنى تفكير أو تحليل.

ومن الأمور المتكررة على ألسنة هؤلاء الحمقى هي مسألة التبرير لظاهرة الاستعباد , والتي تطرّقنا لها سابقاً هنا...

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=725800

ولكن من ضمن الأمور التي لم يتم ذكرها والتي أرى فيها أهميّة لا بأس بها هي مسألة ذِكر المؤمنين , سوائاً أكانوا دواعش أو حتى بعض المسيحيين من المبررين لإجرام تجار البشر المسيحيين في القرون الماضية , لبعض الجوانب التي يعتبرونها ايجابيّة في مسألة الاستعباد , والتي يتخذها بعضهم كدليل أو حجّة على أن الاستعباد في ظل الخرافات الدينية الخاصّة به كانت أمراً جيّداً أو فيه شيء من الطيبة والإيجاب...وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة كما سنرى.

فلو أخذنا المثل الأشهر عند هؤلاء , وهو اخذ احد الاطفال كعبد إثر غارة على قريته سوائاً أكان عبداً افريقياً مخطوفاً على يد التاجر الأوربي أم عبداً أوربيّاً مخطوفاً على يد الدعدوش البول بعيري , وانتقال هذا العبد من قريته تلك الى العيش في قصر احد الملوك أو الأغنياء للخدمة , فهو قد انتقل من وضع سيء ماديّاً الى وضع أفضل , ولكن هل هذا بتبرير لاستعباده وسلب حريّته ؟

وللإجابة على هذا السؤال دعونا نقرّب الصورة أكثر قليلاً , فلو افترضنا دخول الجيش الاسرائيلي على قرية من قرى فلسطين أو سوريا أو الأردن الفقيرة , وأخذ أطفال من هذه القرية عنوةً وبالقوّة تحت تهديد السلاح , وبيع هؤلاء الأطفال في أسواق الإتجار بالبشر في تل أبيب فرضاً , ومن ثم اخذ بعضهم للعيش في منزل نتنياهو وخدمته وخدمة عائلته أو ادراجهم في الجيش الإسرائيلي وتحويلهم لقوّة قاتلة تضرب وتفتك بلا رحمة , فهل سيكون حال هؤلاء أفضل مما كانوا عليه في القرية الفقيرة ؟

وهل سيرضى أي عاقل أو أي انسان بسلب طفل من أمّه وأبيه بهذه الطريقة , ومنعهم من رؤيته الى الأبد ؟ مع استغلاله شرّ استغلال وتحويله لأداة للقتل والدفاع عمّن خطفه واستعبده في المقام الأوّل !؟ لا أعتقد.

ولو أردنا تقريب هذه الصورة أكثر , ليتخيل القارئ أن اخوه أو ابن عمّه هو من تعرّض لهكذا جريمة , فهل سيكون راضياً عن هذا ؟ فأي طعم للماديات إن كان الانسان جزئاً من هذه الماديّات ؟ وأي طعم للعيش في قصر إن كان الانسان جزئاً من الممتلكات في هذا القصر , خادماً ممسوح الكيان والحريّة والرغبات , منسوف الانسانيّة والكرامة ؟ وحتى ولو كان قائداً في جيش من العبيد الذين تم سلبهم وهتك حريّتهم , فأي طعم لحياة هذا الشخص بعد تحويله الى آلة للقتل والسرقة والإجرام ؟ ومن أجل من ؟ من أجل الذين استعبدوه وحوّلوه لهذا الحال الفاسد المفسد ؟

ومن يقول بأن الاستعباد سابقاً كان مقبولاً نوعاً ما , فهذا كلام مغلوط تماماً , فنحن لدينا مئات الآلاف من رسائل التهديد التي كانت تتناقل بين قادة الدول والممالك سابقاً , وفيها من التهديد بالاستعباد ما لا يدع مجالاً للشك أنه كان أمراً فظيعاً حتى في غياهب العصور القديمة ! فلا يتم التهديد الّا بالمفاسد , ولو كان الاستعباد أمراً مقبولاً وفيه ذرّة خير , لما استعمله الحكّام لتهديد بعضهم البعض.

والطامّة الكبرى أيضاً هي مسألة استعباد النساء في التاريخ الداعشي البول بعيري , حيث نرى ذات السيناريو الفظيع والرهيب السابق ذكره , إضافة الى تعرّض المرأة للاغتصاب بشكل دوريّ ! وأيضاً لو أردنا تقريب الصورة , فتخيّل عزيزي الدعدوش إن كنت تقرأ هذا الكلام , أن الجيش الاسرائيلي دخل مدينتكم , وأخذ أمّك وأختك وجميع النساء الأقارب كسبايا واستعبدهن جميعاً , وأخذهن لأسواق بيع العبيد في القدس على سبيل الافتراض , وبيعت كلّ من أمّك وأختك لقائد الجيش الاسرائيلي لخدمته وإمتاعه جنسياً والعيش معه في قصره المرفّه , فهل سيكون حال أمّك وأختك أفضل في رأيك ؟ وإن كنت تضحك من هذا الكلام رافضاً إياه بشكل قطعي , فبأي حق تقبل وترضى بذات الأمر على بنات الناس يا حثالة البشرية ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي