الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المخطط الخفي

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2022 / 4 / 12
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


العودة المحزنة للقفص الزجاجي
١٣٨ - المهندس الخفي

ما يسمى بـ "الحياة اليومية" أو الإهتمامات بالتفاهات اليومية، تعتبر لدى الكثير من المفكرين والفلاسفة، من السموم القاتلة التي تساهم في إفقار الإنسان وتجريده من مهمة التفكير العقلي وإثراء الحياة بالـ "معنى " وتدفع به نحو إجترار الحياة وتكرارها كما تفعل الدواب. تشرق الشمس من الشرق، وتنتهي في نهاية اليوم في الغرب، والإنسان العامل يتهاوى في العاشرة على سريره بعد أن يبرمج المنبه أو النقال على الساعة السادسة صباحا، حيث يستيقظ من أحلامه أو كوابيسه المعتادة، يشرب قهوته ثم يأخد أطفاله للمدرسة، ثم يتوجه إلى ورشته أو مكتبه، وإذا كان مثل جان كلود رومان لا مكتب له ، فعليه أن يتظاهر بالذهاب إلى المكتب، وعليه أن يختلق مكتبا وعنوانا ووظيفة وزبائن، والعملية تعود وتتكرر، ويدور الإنسان في هذه الحلقة المفرغة بلا بداية ولا نهاية. وما يسمى بالعبثية ليس إعتبار كل ذلك لا معنى له، وأنه ليس هناك أي شيء يمكن أن يبرر أي شيء، فهذا المنطق عقلاني لدرجة مميتة، إنما العبث الحقيقي هو تظاهر الإنسان بأن كل هذه التفاهات اليومية المتكررة وأن هذه الحياة اليومية المملة لها معنى في نهاية الأمر، وا، العالم كما هو مبرمج بطريقة شديدة الدقة لغاية معينة وهدف محدد. العبث الحقيقي يكمن في تصديق الفكرة القائلة بأن كل ظاهرة كبيرة كانت او صغيرة هي نتيجة خريطة وضعها وابتدع خطوطها ومقاييسها مهندس بارع لا نظير له في بعد النظر. هذا هو العبث الحقيقي الذي يسيطر على أغلب سكان الكرة الأرضية. العبثية الحقيقية هي الإعتراف بهذا المخطط الغائب عن الأنظار والمهندس المتعالي وبأن هدف الحياة والكينونة قد يغيب عن أنظارنا وعقولنا، ولكننا لا بد أن نضع ذلك في الإعتبار، ونعترف بأنه لا يوجد أي شيء بالصدفة في هذا العالم، وأن اللاضرورة ذاتها هي مشيئة صحاحبنا هناك في علوه الشاهق متربعا على عرشه بين السحب البيضاء يراقب البشر تحت قدميه ويفكر متى سيسحقهم بأقدامه العملاقه. فلا شك أن فكرة الله، هي أضخم فكرة عبثية خطرت ببال بشر، ولا شك بأن الميثولوجيا والقصص والخرافات الدينية تدخل بالضرورة تحت باب الأدب الخارق، وربما من أجود أنواع قصص الفانتاستيك، كقصص البراق والإسراء والمعراج .. إلخ، ويمكن إرجاعه أيضا، في بعض الأحيان، إلى أدب العبث ذاته لو لم تكن نصوصه ذات أسلوب ركيك ومكرر، وتفتقد إلى الوميض البشري المعاصر.ربما علينا إذا أن نجد تعريفا جديدا وأكثر ملائمة للعصر للمفاهيم العديدة المستعملة في المنظومة الفكرية التي نحن بصددها، مثل العبث واللامعقول والعدم .. إلخ

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تحذيرات الحكومة من تلوث مياهها... شواطئ مغربية تعج بالمص


.. كأس أمم أوروبا: فرنسا تسعى لتأكيد تفوقها أمام بلجيكا في ثمن




.. بوليتيكو: ماكرون قد يدفع ثمن رهاناته على الانتخابات التشريعي


.. ردود الفعل على قرار الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الدكتور محمد




.. موقع ناشونال إنترست: السيناريوهات المطروحة بين حزب الله وإسر