الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسي والاسطوري في اقتحام المسجد الاقصى

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2022 / 4 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


التصعيد الإسرائيلي الحالي واقتحام المسجد الأقصى المبارك فجر يوم الجمعة الثانية من رمضان (15/4/2022) ياتي في سياق التصعيد الشامل ضد الشعب الفلسطيني والذي أوقع خلال الشهور الأربعة الأولى من هذا العام نحو 45 شهيدا نصفهم استشهدوا خلال الاسبوعين الأخيرين فقط، ضمن العملية التي أسمتها إسرائيل (كاسر الأمواج).
وتركز التصعيد في محافظات شمال الضفة الغربية وخاصة جنين، ولكنه شمل ايضا محافظة رام الله في الوسط وبيت لحم والخليل في الجنوب، كما اتخذت المواجهات في القدس، قلب الأراضي الفلسطينية والمكان الأكثر حساسية في معادلة الصراع طابعا خاصا نظرا لتجدد المواجهات اليومية بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال، وقد تزامن هذا التصعيد مع تهديدات جماعات يهودية متطرفة باقتحام المسجد الأقصى والقيام بطقس "ذبح القرابين" وهو ليس مجرد طقس تعبدي يهودي، بل هو طقس رمزي يؤذن لقرب بناء ما يسمى هيكل سليمان مكان المسجد الاقصى.
خلال السنوات السابقة كانت عدة جماعات يهودية متطرفة تهدد بالقيام بهذه الخطوة الاستفزازية، ومنها بشكل خاص جماعة تسمى " جماعة أمناء جبل الهيكل" برئاسة الحاخام غرشون سولومون، ولكنها كانت تعد جماعات هامشية وغير مؤثرة ، وغالبا ما كان يجري كبحها ومنعها من القيام بهذا الفعل، ولكن ومع الوقت ومع جنوح اسرائيل أكثر فأكثر نحو اليمين واليمين المتطرف، بتنا نلاحظ أن هذه الجماعات توسعت وتضاعف تاثيرها، وانتقلت من هوامش الخريطة السياسية الاسرائيلية إلى مركزها، وباتت ممثلة في البرلمان الاسرائيلي (الكنيست) من خلال حزب الصهيونية الدينية الذي يملك ستة مقاعد أبرزها لزعيميه المتطرفين ايتامار بن جفير، وبتسلئيل سموتريتش. لا بل ان رئيس الحكومة الاسرائيلية الحالي نفتالي بينيت قادم من هذا الوسط الاستيطاني المتطرف ومعظم حلفاؤه في الحكومة وخاصة حزب امل جديد وحزب يسرائيل بيتينو هم من مؤيدي هذه السياسات المتطرفة.
الحكومة الاسرائيلية سمحت قبل اسبوعين للمتطرف بن جفير باقتحام المسجد الاقصى تحت حجة (حرية الزيارة) وهم اختاروا فيه وقتا يكون المسجد فيه خاليا من المصلين، قبل ذلك باشهر قليلة قضت محكمة اسرائيلية خاصة بحق اليهود في القيام بأداء الصلوات الصامتة، بينيت نفسه تحدث عن حرية العبادة لجميع الديان في المسجد الاقصى لكنه تراجع عن تصريحه سريعا، واليوم (15/5) وزير الخارجية يائير لابيد كرر نفس القول وقال ان اسرائيل واجهزة امنها سوف تضمن "حرية العبادة " لجميع الاديان، قائد الشرطة يعقوب شبطاي كرر هذا القول، علما بأن ثمة قرارات واضحة من الامم المتحدة، وقبلها من عصبة الآمم تؤكد أن المسجد الأقصى بما في ذلك الحائط الغربي (حائط البراق أو كما يسميه اليهود حائط المبكى) هو ملك حصري للمسلمين.
اقتحام اليوم للمسجد الاقصى تم في ساعة الفجر الأولى وهي ساعات صلاة واعتكاف لمئات المصلين كما تجري العادة في مختلف البلاد الاسلامية في ليالي شهر رمضان، وقامت القوات الاسرائيلية بالقاء قنابل الغاز المدمع والسم واطلاق الرصاص المطاطي، والاعتداء على المرابطين والمرابطات بالهراوات، ما ادى لاصابة نحو 160 فلسطينيا بجروح متفاوتة، واعتقال نحو خمسائة شاب وفتاة نقلوا بالحافلات مقيدين إلى مراكز التوقيف والتحقيق، اسرائيل بررت هجومها الوحشي بان المصلين هتفوا بهتافات مؤيدة للمقاومة ورفعوا اعلاما فلسطينية ورايات اسلامية. ومعلوم أن اسرائيل تظهر حساسية مفرطة تجاه اي مظهر من مظاهر الحضور السياسي الفلسطيني/ أو كل ما من شانه نقض الرواية الإسرائيلية حول يهودية المدينة، ويمكن لتلك الحساسية ان تشمل أي نشاط حتى لو كان رياضيا او ثقافيا أو حتى مجلس عزاء لأي شخصية عامة، كما تطال كل من يرتبط بالسلطة الفلسطينية وبمنظمة التحرير بوظيفة عمومية مثل الوزراء والمحافظين وأعضاء المجلس التشريعي.
هذا التصعيد يمكن ان يتطور ويتفاقم الى تصعيد شامل في ضوء تهديدات المقاومة في قطاع غزة، وما يمكن ان تقوم به الجماهير الفلسطينية في الداخل المحتل عام 1948، بينما تبدو السلطة الفلسطينية عاجزة عن فعل اي شيء سوى الادانات والاستنكارات، بل تبدو حركتها بطيئة جدا ولا تنسجم مع ايقاع الاحداث ( تقرر يوم الخميس الدعوة لاجتماع طارىء مساء يوم الاحد 17/5/2022)، وهذا البطء دفع أطرافا دولية وإقليمية للاتصال مع قيادة حركة حماس بسبب تهديدات الحركة والمقاومىة بشكل عام بالتدخل إذا جرى اقتحام المسد الأقصى.
ولا شك ان أي عمل استفزازي من هذا النوع، وكذلك عمليات القتل اليومي والاعدام الميداني، كفيل باستدراج ردود فعل من المقاومة سواء المنظمة او الفردية، لان هذه الاستفزازات تساهم في رفع منسوب السخط والغضب ومشاعر القهر التي تعتمل في قلب كل فلسطيني، وخاصة في ضوء انسداد جميع الآفاق أمام اي عملية سياسية يمكن أن تضع حدا لمعاناة الفلسطينيين، كما أن دخول غزة ومقاومتها على الخط امر وارد وتزداد احتمالاته طالما لم تبذل جهود جولية كافية لردع الاسرائيليين ومنعهم من مواصلة هذه الاستفزازات وهي مهمة لا يمكن لي طرف القيام به مثل الإدارة الأميركية التي لا تبدي اي رغبة في ذلك، ولا تعارض التصعيد الإسرائيلي إلا من زاوية تاثيره على جهود بناء حلف دولي واسع ضد روسيا بسبب أوكرانيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24