الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإيزيدية والإيزيديين.. خصوصية ثقافية وتحديات المرحلة

دلشاد مراد
كاتب وصحفي

2022 / 4 / 20
القضية الكردية


تشكل منطقة الشرق الأوسط فسيفساء غنية بالأقوام والشعوب والأديان والمذاهب والطرق الدينية والفكرية، ومنها "الديانة الإيزيدية" التي تعتبر من الديانات التوحيدية القديمة، والتي ما تزال حية رغم تعرض معتنقيها لحملات إبادية كثيرة طوال القرون الماضية من جانب الغزاة والأقوام المجاورة لهم وحتى من أبناء جلدتهم.
وقد تعرض الإيزيديون لتشويه متعمد فيما يتعلق بهويتهم القومية والدينية، فاتهموا زوراً بأنهم كفار ومن عبدة النار و"الشيطان"، رغم إن الإيزيدية ديانة تؤمن بالله الخالق وتعبده، حتى أن تسمية الإيزيدية آتية من كلمة ايزيد (الخالق) وهو من أسماء الله عند الإيزيديين والذي يرادف كلمة "خودا" (الخالق نفسه بنفسه) لدى باقي أبناء الكرد، أي أنهم سموا أنفسهم بشعب "الله الخالق"، وهذا إنما يدل على تمسكهم بوحدانية الله الخالق للكون والأرض وما فيها من الخلق والسماوات والطبيعة.. الخ.
إن التعصب القومي والديني للأقوام والشعوب "الغزاة أو من أبناء المنطقة ذاتها" ترك أثراً سلبياً على طبيعة العلاقات والتفاعل الحضاري بين شعوب وديانات المنطقة، وهيأت الأجواء لشن حملات إبادية وارتكاب مجازر بحق الإيزيديين، ووجدوا أنفسهم دائماً في وضع محاصر حتى من أبناء جلدتهم (الكرد المسلمين)، وبالتالي لم يتسنى لهم الفرصة لإبراز رؤاهم الدينية والفلسفية للأقوام المجاورة أو التعرف على حقيقة الإيزيدية وثقافة الإيزيديين. ولا ننسى إن الأقوام الأخرى "الغزاة والحاكمة في المنطقة" دائماً ما كانوا يحاولون قدر استطاعتهم استغلال الاختلافات البينية سواء بين شعب ما أو بين الشعوب أيضاً واتباع سياسة التحريض والفتن "فرق تسد".
ما يجب أن ننوه لها هنا هو إن "الحركة الكردية المعاصرة" غيرت نظرتها وموقفها من الإيزيديين، وتمكنت إلى حد كبير في إفشال مشاريع ومحاولات حكومات المنطقة من أجل الانقطاع الأبدي بين الكرد المسلمين والكرد الإيزيديين كمشروع تعريب الإيزيديين (إرجاع نسبهم إلى يزيد بن معاوية) على سبيل المثال. كما أنها تمكنت من إفشال إبادة 2014 "هجوم تنظيم داعش على منطقة شنكال" والتي كانت في حقيقتها حملة إقليمية وعلى رأسها تركيا في إفراغ شنكال تماماً من الإيزيديين وإبادتهم وتهجيرهم.
في "شمال وشرق سوريا" ومنذ انطلاق ثورتها في 2012 يتنفس الإيزيديين الصعداء، ووجدوا أنفسهم في ظروف تاريخية غير مسبوقة وفي أجواء من الحرية التامة فأتيح لهم تنظيم بيتهم الداخلي وبناء مؤسساتهم الاجتماعية والثقافية والسياسية والتواصل مع المكونات والشعوب المجاورة لهم في المنطقة، مما كان لذلك أثر على التفاعل الحضاري وبناء الثقة المتبادلة بين شعوب المنطقة والتي كانت نتيجة ومخاض الفكر الديمقراطي المنفتح التي تبنها وطبقتها الحركة القائمة بالثورة في شمال وشرق سوريا. واليوم، الإيزيديون في شمال وشرق سوريا هم من مؤسسي الإدارة الذاتية وجزء عضوي منها، ورغم تعرضهم لخسائر في عفرين وسري كانيه اليوم على غرار أبناء جلدتهم إلا أنهم يواصلون الحياة في الجزيرة وفي مخيمات النزوح العفرينية في منطقة الشهباء مؤكدين على البقاء والعيش المشترك مع أبناء جلدتهم والشعوب الأخرى في المنطقة.
وختاماً لابد من القول إنه من الأهمية البحث العميق في المنظومة الفلسفية والدينية للإيزيدية لاستخراج العبر والتعرف أكثر على حقيقة الإيزيدية والإيزيديين وإبراز إيجابياتها وحمايتها وإزالة الشوائب والتصورات الخاطئة عنهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار


.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم




.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #


.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا




.. هل كانت المثلية موجودة في الثقافات العربية؟ | ببساطة مع 3