الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفيد من منهجيّة المقال الفلسفي

زهير الخويلدي

2022 / 4 / 21
التربية والتعليم والبحث العلمي


تمهيد
يجد المتعلم صعوبات جمة في كتابة المقال الفلسفي ويرتكب العديد من الأخطاء وذلك لافتقاره للمنهجية وعدم درايته بخصائص المقال الفلسفي وتعطل ملكة التفكير على الصعيد التحليلي والتقييمي لديه ولذلك يحتاج بشكل عاجل الى التسلح بالمقومات المطلوبة والمنهجية اللازمة بغية تذليل هذه الصعوبات وامتلاك قدرات في الفهم والتحضير والاعداد والتخطيط والتأليف والنقد.
I- تعريف المقال الفلسفي:
إن المقال الفلسفي هو تفكير غايته طرح مشكلة وتوضيح معالمها وجوانبها المختلفة، وأخيرا تصور الحلول الممكنة لهذه المشكلة. إن الغاية المنتظرة في المقال الفلسفي لا تتمثل في مجرد السرد السلبي للمعلومات، ولا في الموقف الذي يتخذه التلميذ من الإشكالية التي يطرحها الموضوع، بل المهم هو القدرة على:
- تحديد الإشكالية التي يطرحها الموضوع بدقة.
- التفكير بصورة منظمة على أساس الإشكالية التي وقع تحديدها.
- بناء عملية تحليلية وتقييميه غايتها الوصول إلى حل المشكل.
إن الخاصية المميزة للمقال الفلسفي تتجلى في كونه تفكيرا يعمل على تغيير نقدي للأحكام الجاهزة، ولما يبدو بديهيا من الأفكار، وهي أحكام وافكار ناتجة عن تأثير الوسط والبيئة الثقافية، كما أنه يعمل على تحقيق غرض أساسي وهو تجاوز الإنطباع الأولي والظاهر للسؤال أو المشكل.
II- - العمل التحضيري:
إن العمل التحضيري هو الخطوة الأولى الضرورية التي لا يتم التخطيط الدقيق إلا بها. فهي إذن سابقة للتخطيط لأنها مرحلة تفهّم المطلوب من الموضوع المطروح إلا أن هذا التفهّم مشروط بعملية أولى وهي :
* اختيار الموضوع:
يعتبر اختيار الموضوع مشكلا بالنسبة للمتعلمين لان اختيارهم مشروط عادة بالمعرفة وبعدم التباس الموضوع، فعادة ما يختار المتعلم الموضوع الذي يمتلك حوله أكبر رصيد من المعلومات دون أي اعتبارات، كما أن المتعلم يتهرب من الموضوع الذي يبدو له غير واضح وملتبسا، سواء من حيث صياغته أو من حيث ما يوحي به من مسائل غير واضحة في ذهنه. إن هذه الإعتبارات وغيرها السائدة لدى جل المتعلمين باعتبارها مقياسا للإختيار هي التي قد تكون سببا مباشرا في سوء الإختيار. إن المطلوب هو التأني والانتباه وعدم التسرع وتفادي الاستسهال، فاستسهال المواضيع يمثل عائقا أمام ملكة التفكير والنقد، كما يؤدي بالمتعلمين إلى السقوط في السرد وتغيير الغرض الجوهري للمقال، كما يمثل استصعاب المواضيع عائقا باعتبار ان المواضيع التي تبدو صعبة هي التي تبدو فرص التفكير فيها أكثر ومجالاتها أوسع، لا من حيث المعلومة، بل من حيث أن هذه الصعوبة ينبغي ان تكون حافزا للتفكير والنقد. ومهما يكن من أمر فإنه على التلميذ أن يقوم بدراسة متمعنة لمختلف المواضيع تمكنه من تحقيق اختيار واع للموضوع. وبعد عملية الإختيار يتولى المتعلم مهمة فهم الموضوع. إن فهم الموضوع يمثل أولى مراحل العمل التحضيري، لكن لماذا التحضيري؟ أين تكمن ضرورته ؟ وما هي المهام التي ينبغي إنجازها في إطار هذا العمل ؟
يبدو العمل التحضيري ضروريا بالنظر إلى الأخطاء العديدة التي يرتكبها أغلب المتعلمين، لذلك فإن هذا العمل هو الكفيل بتفادي هذه الاخطاء وهو الذي يمكن المتعلم من إعطاء الموضوع الأبعاد التي يستحقها والثراء الذي يتطلبه، وبشكل عام تكمن قيمة العمل التحضيري في كونه الخيط الهادي لكل المراحل اللاحقة أي التخطيط للمقال وتحريره ويمكن تحديد المهام المتعلقة بالعمل التحضيري في المراحل التالية وكل مرحلة لها هدفها المخصوص:
• تحديد ألفاظ الموضوع ومفاهيمه مستوياتها الدلالية:
إن كل موضوع يتكون من جملة من الألفاظ بعضها بمثابة المفاهيم التي لا يمكن فهم المطلوب إلا على ضوءها، وبدون هذا الوقوف عند المفاهيم لا يمكن تحديد المعنى العام للموضوع. إن المعنى العام للموضوع يفترض إذن: - الوقوف على المفاهيم والألفاظ المكونة للموضوع.
- الوقوف على مختلف مستوياتها الدلالية. إن المستويات الدلالية للمفهوم تصلنا مباشرة بالمجالات التي يتعلق بها الموضوع.
• تحديد المجالات التي يتعلق بها الموضوع:
كل موضوع فلسفي لابد أن يتعلق بمجال أو أكثر فقد يكون ذا علاقة بالمجال الفلسفي (مسائل فلسفية مثل الحرية، الميتافيزيقا) أو بالمجال الإبستيمولوجي أو المجال الأخلاقي (أساس الضمير الخلقي، الواجب، القانون الأخلاقي) أو بالمجال السياسي (الديمقراطية، الحق السياسي...) لكن الموضوع قد يكون متعلقا بالمجالات كلها أو ببعضها.
-الكشف عن ضمنيات الموضوع:
إن كل موضوع فلسفي مهما اختلف يتأسس على خلفية أو على جملة من الخلفيات تبرر طرحه كموضوع يتضمن مشكلا فلسفيا. لذلك من الضروري أن نحاول البحث عن هذه الخلفيات التي يمكن أن تكون من طبيعة فكرية (صعوبة فكرية) أو من طبيعة مادية (أفكار مرتبطة بوقائع)
.-البحث عن الأفكار والأمثلة والمستندات وأوجه النظر الفلسفية القابلة للتوظيف:
كل موضوع فلسفي يستوجب تناوله البحث عن الحجج والأمثلة والنقد ليكون تناوله تناولا فلسفيا نقديا برهانيا. كذلك ليكون النقد والبرهنة سليمين لابد أن يكونا مرتكزين على أسس صلبة كبعض الأنساق الفلسفية وبعض الوقائع التاريخية.
• طرح الإشكالية وإبراز أهمية النظر فيها:
تمثل الإشكالية بنية من الأسئلة المتماسكة المتعلقة بالقضية المركزية التي يعالجها الموضوع، هي تمثل تأليفا تساؤليا لنتائج العمل التحضيري، وكلما كان العمل التحضيري ناجعا ومركزا كليا كان إدراك المتعلم للمطلوب في الموضوع بينا واضحا، وهذا البيان والوضوح يتراءى للمصحح منذ المقدمة وبالضبط من خلال صياغة المتعلم للإشكالية.
III- - التخطيط للمقال:
أن نخطط للمقال هو أن نضع له تصميما، لكن لماذا هذا التصميم؟
إن العمل التحضيري رغم أنه شرط ضروري للكتابة ليس كافيا، وذلك لأن معطيات هذا العمل ليست منظمة – لذلك فمن الضروري الاعتماد على صيغة إشكالية لتنظيم تلك المعطيات بصورة تسمح ببناء مخطط أكمل وأدق – إن التخطيط للمقال – فضلا عن كونه يقي المتعلم من الخروج عن الموضوع – يمثل الشرط الأساسي لتوفير جواب مقنع حول الإشكال المطروح. لكن - ماهي شروط التخطيط ؟
يشترط كل تخطيط 3 أقسام: المقدمة والجوهر والخاتمة
- الخصوصية: كل موضوع يناسبه تخطيط او أكثر، لكن لا يوجد تخطيط يصدق على كل المواضيع، بل إن الأمر يتعلق أولا وقبل كل شيء بالصيغة التي يرد فيها الموضوع.
- العضوية: الترابط المنطقي بين أقسام المقال الثلاثة.
- التحليل: لا السرد
- النقد: نبذ الوثوقية والسعي إلى البرهنة.
إن هذه الشروط عامة هي التي ينبغي أن تتوفر في كل تخطيط للمقال، لكن ينبغي ان نأخذ بعين الاعتبار أن هذه الشروط عامة وان لكل موضوع خصوصيته ومن ثم فإن تخطيط المقال يكون بحسب أصناف المواضيع.
هيكلة المقال بحسب أصناف المواضيع:
• التخطيط الجدلي:
هو التخطيط الذي يكون الجوهر فيه منقسما إلى ثلاثة أقسام وهي الأطروحة – نقيض الأطروحة والموقف الشخصي، بحيث يكون التخطيط على هذا النحو:
1) المقدمة:
وتتكون من التمهيد وطرح الإشكال والرهان
2) الجوهر: ويتكون من التحليل ويتضمن الأطروحة ونقيض الاطروحة التقييم ويتضمن الموقف الشخصي.
3) الخاتمة: وتتكون من خلاصة موجزة للنتائج وفتح آفاق جديدة.
عن هذا التخطيط لا يتناسب مع كل أصناف المواضيع، بل مع بعضها فقط، لذلك، ليس هناك ما يبرر التقيد لزوما بهذا الصنف من المخططات وإجمالا توجد أصناف من المواضيع تتناسب مع هذا النوع من المخططات.
• موضوع يستوجب بيان علاقة بين مفهومين:
إن المطلوب ضمن التعامل مع هذا الصنف من المواضيع ليس تحليلا مسترسلا لكل مفهوم ثم التأليف بينهما وإنما ينبغي التركيز على واو العطف باعتبارها محددة للعلاقة. إذن المطلوب هو الكشف عن العلاقات الرابطة بين هذين المفهومين، ثم القيام بتحليل جدلي لهذه العلاقات. إن أنواع العلاقات التي يمكن أن توجد بين المفاهيم تتمثل في : علاقات المماثلة، علاقات التضاد، فروق في القيمة...
• مواضيع في صيغة سؤال:
بعض هذه المواضيع يتلاءم مع التخطيط الجدلي، لكن البعض الآخر لا يتلائم مع هذا النوع من التخطيطات، وإجمالا فان التخطيط بتوقف على صيغة السؤال وعلى الأبعاد الدلالية لألفاظ الموضوع.
الصيغة: هل يجب ...؟
ينبغي في هذا الصنف من المواضيع : تحليل دقيق لمعنى السؤال ولضمنياته.
- تحليل الأسئلة التي يثيرها المستوى الدلالي الاول للموضوع : (الوجوب : ضرورة مادية طبيعية).
- تحليل الأسئلة التي يثيرها المستوى الدلالي الثاني للموضوع : (الوجوب: ضرورة أخلاقية تجاه الآخرين).
- الحرص على بناء صيغة تمفصل منطقي بين هذه العناصر.
- الصيغة هل يمكن ...؟
ينبغي في هذا الصنف من المواضيع:
- تحليل دقيق لمعنى السؤال وضمنياته.
- تحليل الأسئلة التي يثيرها المستوى الدلالي الاول للموضوع (الإمكانية الفعلية الواقعية).
- تحليل الأسئلة التي يثيرها المستوى الدلالي الثاني للموضوع : (الإمكانية الشرعية).
- أما بالنسبة للمواضيع التي ليست كلها ذات مستويات دلالية مختلفة فعندئذ يقتصر على تحليل الأسئلة التي يثيرها الموضوع بمستواه الدلالي الوحيد.
• موضوع في صيغة قول – مرفق بسؤال يحدد المطلوب:
يمكن أن تأخذ الصيغة شكلا مباشرا : "قولة........." حلل وناقش.
يمكن أن تأخذ شكلا غير مباشر : بأي معنى .........؟
وفي كل هذه الحالات ينبغي أن ينقسم جوهر المقال إلى قسمين رئيسيين:
أ) قسم تحليلي:
تحليل دقيق لمعنى القول الوارد في نص الموضوع.
ب‌) قسم تقييمي:
تفكير شخصي في الأشكال الذي يثيره الموضوع.
IV- - الهيكل العام للمقال الفلسفي:
ينقسم المقال الفلسفي إلى ثلاثة عناصر وكل عنصر من هذه العناصر ينقسم بدوره إلى جزأين:
1- المقدمة:
(أ) التمهيد
(ب) طرح الإشكالية
2- الجوهر:
(أ) القسم التحليلي
(ب) القسم التقييمي
3- الخاتمة:
(أ) خلاصة موجزة للنتائج
(ب) فتح لآفاق جديدة. أما بالنسبة للتخطيط الجدلي، فإن الهيكل العام للمقال يبقى هو نفسه مع اختلاف دقيق في مستوى الجوهر (أنظر التخطيط الجدلي)
1) المقدمة:
- ماهي المقدمة ؟
ليست المقدمة مجرد سرد الافكار بهدف ملئ فراغ، وليست كذلك مجرد تمهيد شكلي للدخول في جوهر الموضوع، بل هي مرحلة أساسية في المقال تعكس مدى فهم المتعلم لمختلف أبعاد المشكل الذي يثيره الموضوع.
- ماهي وظائفها ؟ تتمثل وظائف المقدمة في خلق مركز اهتمام رئيسي أي في طرح الإشكال، والمقال الفلسفي هو محاولة لحل إشكال. لذلك عندما لا يكون الموضوع في شكل سؤال ينبغي تحويله الى صيغة تساؤلية إشكالية وفي خصوص بيان هذا الطابع الإشكالي للمقدمة، يمكن التمييز بين جانبين أساسيين فيها:
- إنها تسمح بتناول الموضوع تناولا فلسفيا حقيقيا، ذلك أن الفكر الفلسفي هو ما يحول البديهي والمعطي البسيط لدى العامة الى اشكال فلسفي. هذا التحويل يكون في المقدمة، إذ من خلال هذا القسم يتعرف المصحح على مدى استيعاب المتعلم للموضوع وتحديده له وتتبين الوجهة التي سيتخذها التحليل والتقويم.
- انها تمكننا من تفادي أكبر الأخطاء وهي الخروج عن الموضوع، لذلك كان لا بد للمتعلم طيلة مرحلة فهم الموضوع من أن يطرح على نفسه السؤال التالي : "بم يتعلق الأمر؟"
- ما الذي ينبغي تجنبه في المقدمة ؟
- ان تكون المقدمة مجرد تمهيد صوريّ للموضوع
- ان تكون بعيدة عن الإشكال أي عامة جدا.
- ان تفترض نص الموضوع معروفا، ولو حصل ذلك لتنكرت المقدمة لنفسها.
- أن تعتقد ان نص الموضوع يمثل المشكل ونبتدئ المقدمة به مباشرة.
- تحرير المقدمة قبل فهم الموضوع أي قبل القيام بالعمل التحضيري.
- العموميات التي لا تمكن من تحديد الاشكال، فهذه العموميات لا فائدة منها لأنها لا تعني شيئا بالنسبة للمشكل المطروح، وهي من جنس "منذ قديم الزمان... منذ وجد الانسان على سطح البسيطة"
نتبين من وظائف المقدمة ومن شروطها الأهمية القصوى التي لها خاصة وهي مفتاح المقال ككل، لذلك كان لا بد ان تشتمل على هذين العنصرين:
1) صياغة تمهيد:
بجلب الانتباه الى المشكل.
2) صياغة الاشكالية:
التي يطرحها الموضوع بصورة دقيقة من شانها أن تحدد آفاق التفكير وذلك بإبراز الأهمية التي يكتسيها النظر في الموضوع.
1) التمهيد:
هو جملة من الأفكار التي تمهد فعليا لا شكليا للإشكال. فالتمهيد هو الذي يتدرج بالقارئ نحو التركيز على صيغة الموضوع وتحسيسه بان هناك ما يستدعي طرح المشكل الذي يتضمنه الموضوع.
- ما هي شروط التمهيد ؟
- أن يكون وظيفيا وعلى ضوء ما وفره العمل التحضيري.
- ان يؤدي فعلا الى طرح الاشكال: أي أن لا يشعر القارئ بوجود قطيعة بين التمهيد والاشكالية
- أن يحوّل الموضوع الى مجال تفكير أي إلى موطن قضية ببيان الضرورة التي حتمت طرح الاشكال.
- أن تكون صيغة التمهيد مختصرة ومكثفة ومهيأة فعلا لطرح الاشكال.
ما هي مختلف أساليب التمهيد؟
توجد عدة أساليب وإمكانيات للتمهيد، فيمكن الانطلاق من:
• رأي شائع يتعلق بالمشكل الذي يتضمنه نص الموضوع.
• وجهة النظر الفلسفية المقابلة لوجهة النظر الواردة في نص الموضوع.
• التذكير التاريخي، بمعنى وضع الموضوع في سياقه التاريخي وذلك بإبراز أن المشكل الذي يطرحه الموضوع مرتبط بشروط تاريخية محددة تفترض طرحه ضرورة.
ما الذي يتعين اجتنابه؟
- إذا كان الموضوع في شكل قول مرفق بالمطلوب يتعين الابتعاد عن تقديم صاحب القول ومؤلفاته وحياته.
- الانطلاق من عموميات.
- تمهيد يورد صيغة الموضوع في مطلع المقال ويقتصر المتعلم على القول بأنه سيقوم بتحليله
- تمهيد طويل يتضمن جملة من الأطروحات التي يكون من الأجدر ذكرها وتحليلها أثناء جوهر المقال في حين ينبغي الحرص على ان تكون صيغة التمهيد مختصرة ومكثفة من حيث تأكيدها على الاشكال وعلى أهميته.
- الاستعمال السردي للأمثلة.
في الجملة يبقى الشرط الجوهري أن يكون التمهيد ذا قيمة وظيفية أي أن يصلنا مباشرة بالإشكالية باعتبارها الممثلة للجزء الثاني للمقدمة.
2) الاشكالية:
ما هي الاشكالية؟ تمثل الاشكالية جملة من الأسئلة المترابطة فيما بينها بحيث تشكل وحدة أو بنية متكاملة، وهذه الاسئلة تستوحي من صيغة الموضوع ويوفر جوهر المقال إجابة متدرجة عنها.
- ما هي شروط الاشكالية ؟ يشترط في الاشكالية:
- أن تتم صياغتها بعد جهد سابق أي بعد مرحلة الفهم، كما ينبغي ان يكون التمهيد مهيئا مسبقا للاشكالية.
- أن تكون متضمنة لكل أجزاء المشكل أي لمراحل التفكير والبحث في المشكل الذي يتضمنه نص الموضوع.
- أن تكون صياغتها منطقية ومتدرجة ومحددة لمسار التحليل.
- ما الذي يتعين اجتنابه ؟
- الاشكالية السيئة الصياغة لغويا وتركيبا ؟
- الاشكالية التي لا تمت الى الموضوع بصلة.
- الاشكالية المتجاوزة لحدود الموضوع.
- الاشكالية التي تعكس سوء فهم للموضوع والتي توجهه وجهة مغايرة للمطلوب. وفي الجملة فان كيفية صياغة الاشكالية تعكس مدى فهم المتعلم، ويحدد كيفية تعامله مع الموضوع. لذلك فان الجوهر يكون محددا مسبقا بالإشكالية.
3) جوهر المقال:
إن لهذا القسم وظيفته المحددة التي يضطلع بها داخل البناء المتكامل للمقال. في هذا الجزء يكون التفكير الفعلي في الموضوع، بمعنى يكون التفكير الذي مهد له التمهيد وضبطت الاشكالية حدوده، باعتبار أن التمهيد والاشكالية محددان من جهة الهدف البعيد للمقال، ومن جهة أخرى المراحل التي يمكن أن تقود نحو الهدف.
* أقسام الجوهر:
ينقسم جوهر المقال الفلسفي الى قسمين: قسم تحليلي وقسم تقييمي.
أ) القسم التحليلي:
هذا القسم هو الذي يتولى فيه المتعلم تحليل الاشكالية التي تم ضبطها وفي هذا القسم يظهر بجلاء مدى تمكن المتعلم من الاشكالية المطروحة وذلك بتحليله إياها تحليلا فرديا يتمكن فيه من توظيف المعلومات توظيفا سليما، بالجملة تبرز القدرة على التحليل الفلسفي في النشاط المنطقي التاليفي، اذ لا ينبغي ان نمر من مسالة فرعية إلى مسألة فرعية أخرى في الاشكالية إلا بالربط بينهما حتى لا يكون المرور تعسفيا.
ان هذا القسم يصلنا بقسم آخر من الجوهر وهو القسم التقييمي.
ب‌) القسم التقييمي:
إذا كان الهدف الأساسي للمقال الفلسفي هو تعويد المتعلم على التفكير الشخصي وذلك بتجاوز البديهي والمسلم وجعله إشكالا فلسفيا، فانه من الضروري أن يتضمن المقال الفلسفي قسما آخر يستجيب لهذا الهدف وهذا القسم هو القسم التقييمي والنقدي. إن هذا القسم هو الذي يظهر فيه المجهود الشخصي ومدى تمكن المتعلم من التفكير في المشكل المطروح واتخاذ موقف منه. فاذا كان الموضوع المطروح في شكل قول مرفوق بالمطلوب من جنس ما رأيك؟ او حلل وناقش، فإن على المتعلم في القسم التحليلي أن يقوم بتحليل القول تحليلا منظما ومدعما بأمثلة واستشهادات ومرجعيات، وفي هذا القسم ينبغي ألا يبدي الموقف الشخصي بل ان هذا الموقف يؤجل إلى القسم التقييمي اذ لا يجوز منطقيا ان ننقذ قولا أو واقعة .... قبل عملية التحليل وبيان المرتكزات والمرجعيات والابعاد والمبررات. وفي غياب هذا القسم يعتبر المقال مبتورا مفتقدا لعنصر مركزي فيه. نتبين اذن ان بناء المقال هو بناء ينبغي ان يكون متكاملا، بل أن كل جزء من أجزائه ينبغي ان تربط بين جزئياته روابط منطقية. إلا أن جوهر المقال ينبغي أن تتوفر فيه جملة من الشروط.
- شروط الجوهر:
- الالتزام بالتخطيط
- الحرص على الوضوح وسلامة التمفصلات والروابط.
- ترك فراغ بين القسمين التحليلي والتقييمي وبين كل عنصر فرعي وعنصر فرعي آخر من عناصر الجوهر حتى تكون أقسام المقال واضحة.
- القيمة الوظيفية للاستشهادات، فالاستشهاد ليس ضروريا لكنه مفيد على شرط ان يندرج في السياق.
- المعالجة الاشكالية وضبط ابعادها والكشف عن ركائزها وتحديد استتباعاتها المنطقية والفعلية واتخاذ مسافة نقدية منها. - ما ينبغي تجنبه:
- ان يكون المقال كتلة متجانسة متداخلة لا فصل بين أجزائها الكبرى ولا أجزائها الصغرى، بل يجب ان يكون الجوهر مقسما الى فقرات واضحة ومتوازنة، تعكس تدرج التفكير.
- الحشو والتكرار وكتابة ما يخطر على البال دون ان يكون وظيفيا.
- الأسلوب الاختزالي المتمثل في كتابة رؤوس أقلام وعبارات مختصرة وسهام ورموز، فهذا الأسلوب يمتنع استعماله وان كان يجوز استخدامه أثناء تلقي الدروس او أثناء تحرير المسودة.
- الجمل المطولة جدا المليئة بالأخطاء اللغوية والتركيبية.
إن هذه الأخطاء إذا وقع تجنبها وهذه الشروط اذا سعى المتعلم الى توفيرها كان بالإمكان تحرير جوهر للمقال تتوفر فيه الشروط المعرفية والمنهجية واللغوية وكان بالإمكان تحرير الخاتمة.
4) الخاتمة:
تمثل الخاتمة امتدادا منطقيا أخيرا لكل التحاليل والمناقشات وتتضمن:
أ‌) خلاصلة استنتاجية لأهم ما تم التوصل إليه.
ب‌) فتح لآفاق جديدة:
إن هذا القسم له غرضه المحدد والذي يتماشى وهدف المادة عامة، فهو الذي يمكن من تفادي الوقوع في صيغة وثوقية للخاتمة كما يعكس ثراء التفكير وأفقه.
• ما ينبغي تجنبه في الخاتمة:
- التكرار حتى لا تكون الخاتمة مجرد اجترار لما سبق التطرق اليه.
- التناقض مع الاتجاه العام للجوهر أي ينبغي تجنب الخاتمة التي تتنكر لما سبق.
- الخاتمة التي تتضمن مفاجئا لم يهيئ له مسار الجوهر.
- التحرير الفوري للخاتمة اذ ينبغي الإعداد لها على المسودة وتنظيم افكارها حتى لا تكون عشوائية.
فماهي المستلزمات الديداكتيكية في تحليل النص الفلسفي؟
كاتب فلسفي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق


.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م




.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا


.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان




.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر