الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكومات المجرمة في الكيانات الهزيلة

نصار محمد جرادة
(Nassar Jarada)

2022 / 4 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


الحكومات المجرمة في الكيانات الهزيلة لا تريد رفعة لأوطانها أو تقدما أو سيادة أو تحررا حقيقيا فاعلا وهي لا تصنع خيرا خالصا لشعوبها الضحية المغلوبة على أمرها لأنها مرتهنة مرتبطة ارتباط الجنين بالمشيمة بحبل سري وثيق قد يتحول بسرعة فائقة لمشنقة لرموزها وقادتها الكبار إن فكرت مجرد تفكير في التمرد أو التوقف عن تنفيذ تعليمات السادة الكبار القاطنين هناك وراء البحار ، وهي عموما فاسدة فاقدة للشرعية ، بلا أدنى قاعدة شعبية أو تمثيل حقيقي صحيح إذا استثنينا بالطبع المأجورين القابضين والمستفيدين المهللين ، تريد فقط تحقيق مصلحتها الوحيدة الكبرى ( البقاء في الحكم ) ومصالح كبار زبانيتها الثانوية الضيقة الخاصة ، فضلا عن المصالح الإستراتيجية الكبرى لقوى الهيمنة والاستكبار !! .

وفي مؤسساتها الصورية الهشة يتم إيهام الخلق بوجود قانون عام مجرد نافذ وقضاء مستقل رائد نزيه وكذا بوجود ديمقراطية حقيقية وممارسات ثابتة واضحة لها وحقوق إنسان وربما حقوق حيوان !! .

وفي تجاوز كبير للحقيقة والواقع يتم إطلاق وصف دول على تلك الخرابات الكبرى التي تدار بعقلية الإقطاع وتسرق من قطاع طرق و( مستقبل ) رفيعي الشأن ظاهريا رغم أنهم من أراذل الخلق !! .

قُطاع طرق ومستقبل ، أتت بهم وفرضتهم بكل وسائل الغصب والاحتيال على العقل والمنطق أجهزة مخابرات دولية مجرمة مهيمنة ، قُطاع طرق ومستقبل يستغلون القيم والفضائل السامية الكبرى المغروسة عميقا في نفوس الناس وضمائرهم كالانتماء الوطني ، العقيدة والدين ، أسوأ استغلال ويُحوّلون بعض مبادئ هذا الأخير وكثير من تعاليمه الحقوقية والإنسانية الراقية بقدرة قادر لفقه طاعة عجيب غريب قذر ، فقه يُحرّم ويُجرّم الخروج على الحاكم المفروض المستبد الظالم الذي يتحول في غفلة من وعي بفعل فتاويهم الملتوية واجتهاداتهم الشاذة وأحاديثهم الفاسدة الضعيفة الموضوعة التي لا يقبلها عقل أو منطق لظل لله على الأرض ، وبموجب ذلك يجب على الناس الصبر مليا على الفقر والجوع والبطالة وانعدام فرص الحياة الكريمة والمرض وكذا القمع وتكميم الأفواه وتضييع الحقوق والحريات واحتساب جميع أشكال البلوى السالفة وغيرها كثير في ميزان الحسنات الآخروي المؤجل ، ويُحظر عليهم الاعتراض أو الجأر والشكوى لأن فتوى التكفير والتخوين والتعهير معلبة جاهزة وسيّاف هارون الرهيب ( غير السوي وغير الرشيد ) حاضر جاهز ومتوثب لقطع الأرزاق وقطف الأعناق !! .

وبعد : يشجيني وصف بعض الدجاجلة بعض المرتزقة المموهين جيدا بالمناضلين أو المجاهدين أو الأبطال رغم أن لا رصيدا حقيقيا لهؤلاء من النضال ، الجهاد والبطولة ، باستثناء الزهو الكاذب الفارغ والتقلب في مرابض النهب والفنادق الكبرى وأحيانا الحانات الفاخرة والمواخير السوبر !! .

هو الزيف إذن في إحدى تجلياته الفاقعة وبعض حلله الخادعة ، ولو كان الأمر عائدا إليّ أو بيديّ لحملت لهؤلاء الناهبين الداعرين سيفا بتارا قاطعا ولجعلت لهم ميزانا نانويّاً لا يخطىء أبدا أو يميل !! .

وعطفا على ما سبق يعجب كثير من بسطاء الفكر والإدراك من فانتازيا مخرج ما في فيلم خيال علمي رغم أن كثير من مشاهد الفيلم تحصل حقا وحقيقة ، ولا نجافي الواقع إذا قلنا بأن السياسات القذرة الكبرى تصنع وتفبرك لنا هناك ومن ثم يؤتى بها جاهزة إلى بلداننا الضحية لتوضع قيد التطبيق والتنفيذ كالتزام جبري بلا اختيار ، ويُصّدق الناس الغلابة البسطاء في كل الخرابات العربية أن لبلدانهم أو لقياداتهم التي تمثل تلك البلدان قرارا وطنيا خالصا نافعا أو مستقلا !! .

ولا نبالغ إذا قلنا أن الواقع أكثر قتامة وسوداوية مما يعتقد كثيرون ممن أدمنت عقولهم الكسل وتعطلت مداركهم أو تفرغوا تماما للهو عميق قاتل لإنسانيتهم !! .

وهناك بعيدا خلف حدود الكذب المحلي المروج ، الدجل والاسترزاق ، يوجد بشر ليسوا كبقية البشر ، لم ينتظروا نعيما مؤجلا غيبيا ، يُبشر به سياسي أفّاق أو نبي صادق ، بشر صنعوا واقعهم الجميل وجنانهم الدنيوية الفاخرة ، بنوا الأوطان حقا وحقيقة ورسخوا فيها قيم العدل والمساواة ، احترام القانون ، الحقوق والحريات ، وقبل ذلك بنوا الإنسان وهنا فقط صنعت بإصرار وإتقان غريب ، المآسي ، الانقسامات ، الأحقاد ، الاحتقانات المزمنة والأكفان !! .

لهذا لا فرقا بنظري على الإطلاق ، أعني في بلداننا الضحية ، بين نظام ملكي وراثي صريح وآخر جمهوري ضمني ، فالنتيجة المتحصل عليها واحدة ، لا تداول حقيقيا على السلطة ولا سيادة للشعب ولا اعتراف بوجوده أصلا إلا على صفحات الجرائد الممولة ومواقع الإعلام الأصفر الرديء !! .

هنا لا محاسبة ولا مساءلة للحاكم الفرد إن طغى وبغى وتجبر، لا نزاهة ولا شفافية ، لا عدلا حقيقيا ولا حقوق إنسان !! .

هنا يموت الناس بلا جدوى أو بثمن بخس دفاعا عن أوثان كبرى استحدثت لهم بدهاء أو شكلتها مخيلاتهم البسيطة البدائية !! .

هنا يتم إفقار الناس عمدا واستنزافهم اقتصاديا وماليا تمهيدا لتطويعهم وترويضهم ولدفعهم لتبني خيارات مجحفة وذات تأثير سلبي جدا على مصائرهم ، حاضرهم القريب ومستقبل أجيالهم القادمة !! .

وهنا تعجز الفصائل والتنظيمات بلا استثناء لأنها جميعا فاشلة عن القيام بأي عمل حقيقي مؤثر يمنع التدهور الحاصل في حياة الناس على كل الصعد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ومعنويا ونفسيا !! .

هنا السياسي لا يفاوض بجدارة واقتدار أو حتى بظهر مسنود فيجني الشعب حقا ثمار مفاوضاته ، و كذا المقاوم المزعوم لا يقاوم بتجرد تام أو بنفس طويل بل صوريا وموسميا بهدف الحفاظ على الذات القميئة ، المكاسب والأنصار وتوكيد الحضور الباهت في أذهان الجماهير الحائرة الذاهلة المغفلة المغيبة !! .

وهنا يعمر القادة الكبار طويلا - ولا اعتراضا على مشيئة الله - وهم قطعا يأكلون أطيب الطعام ويركبون أفخر السيارات ويسكنون أفخم القصور ويمتلكون أغلى العقارات ، وغالبا ما يطئون خلال حيواتهم الممتدة الزاهرة أجمل النساء !! .

قد يكون ذلك جائزا وطبيعيا لأننا نعيش على الأرض ومجرد بشر خطّائين ، لم نلمس بعد عدل الرب المطلق أو ندخل جنة السماء !! .

ورغم إيماني العميق بالله فضلا عن كثير من الغيبيات الساذجة الغبية التي حشيت بها أدمغتنا عنوة منذ الصغر في البيت والجامع والجامعة وكل مناحي البيئة الاجتماعية المشكلة لثقافتنا المأزومة المهزومة إلا أن وسواسا غريبا عجيبا ماكرا لا ادري كنهه أو ملته ينتابني أحيانا ، يوحي إليّ جازما ويقطع بأن الجنة هاهنا وبأنها مختطفة مسروقة منهوبة !! .

وهنا يتم ختان العقل لدواع كثيرة مهمة من وجهة نظر ( السادة !! ) القائمين على الأمر ، ومنها بالطبع الإخضاع ، إحكام القياد والسيطرة والتطهير من الأفكار المغايرة المناوئة أو الثورية التي قد تهدد مصالح الفاعلين الكبار المؤثرين ومواقعهم التي حازوها غصبا أو تحايلا ، وبهذا الفعل الجهنمي الماكر المستتر يدخل الإنسان دنيانا الفاسدة الطالحة مرغما بعقل بدائي بسيط صغير ويخرج منها بعقل موؤود مغتال وبوعي زائف مختل خطير !! .

لا يشعر بفداحة الجريمة المرتكبة ، هول المأساة وعمق الهوة غالبية الضحايا ، وكثير منهم للأسف أشباه مثقفين - وإن حملوا شهادات جامعية دنيا أو عليا - ممن تضخمت أوهامهم وتسفهت أحلامهم وتبلدت ضمائرهم في آن !!.

وهنا أيضا شعب مصلوب منهوب مضحوك عليه من الداني والقاصي ، القريب والغريب وهو مذنب وضحية ، مذنب لجهله ورضوخه وتقاعسه واستسلامه واكتفائه بالدعاء سرا أو بصوت خافت خفيض أقرب للتمتمات على الظلمة والناهبين الكبار ورضاه بأكل الفضلة والفتات الذي يُلقى إليه منهم ، مجني عليه وضحية لجلاديه - وهم كثر - ناهبي قوت أطفاله ومضيعي مستقبلهم !! .

لكل ما سبق بيانه وغيره مما لم يجد به قلمي المتواضع أعتقد أن شاعرنا الكبير الراحل محمود درويش صدق وأصاب لأبعد مدى يوم خط ناقشا على جدران وعينا الناهض المُتشكّل آيته الشعرية الجميلة الجليلة التالية : كل الذين ماتوا ... نجوا من الحياة بإعجوبة !! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فخر المطعم اليوناني.. هذه أسرار لفة الجيرو ! | يوروماكس


.. السليمانية.. قتلى ومصابين في الهجوم على حقل كورمور الغازي




.. طالب يؤدي الصلاة مكبل اليدين في كاليفورنيا


.. غارات إسرائيلية شمال وشرق مخيم النصيرات




.. نائب بالكونغرس ينضم للحراك الطلابي المؤيد لغزة