الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 45

ضياء الشكرجي

2022 / 4 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وَلَتَجِدَنَّهُم أَحرَصَ النّاسِ عَلى حَياةٍ وَّمِنَ الَّذينَ أَشرَكوا يَوَدُّ أَحَدُهُم لَو يُعَمَّرُ أَلفَ سِنَةٍ وَّما هُوَ بِمُزَحزِحِهِ مِنَ العَذابِ أَن يُّعَمَّرَ وَا للهُ بَصيرٌ بِما يَعمَلونَ (96)
عودة إلى ما مر في الحلقة السابقة حول الآية التي تعني بني إسرائيل، بقول «قُل إِن كانَت لَكُمُ الدّارُ الآخِرَةُ عِندَ اللهِ خالِصَةً مِّن دونِ النّاسِ فَتَمَنَّوُا المَوتَ إِن كُنتُم صادِقينَ»، وما بينت من عدم وجود علاقة بين صدقهم وتمنيهم الموت، أقول هنا إلا إذا كان مؤلف القرآن قد طالبهم بهذا الدليل لمعرفته التي تكاد تكون يقينية بمدى حرصهم على الحياة ودرئهم الموت عن أنفسهم، حيث تصفهم هذه الآية بأنهم أحرص الناس على الحياة، كما يصف المشركين أيضا بحرصهم على الحياة، ولو دون مرتبة حرص اليهود عليها، وكون المشركين حريصين على الحياة، فهذا أمر طبيعي إذا قورنوا بالمسلمين، لأن حب الحياة تنسجم مع الفطرة الإنسانية في الحالات الطبيعية، أي ما لم تكن هناك ضرورة للتضحية بالنفس، أما المسلمون آنذاك فاستطاع نبيهم أن يحبب إليهم الموت، بكل ما وعدهم عن لسان الله من جنات ونعيم وحور عين. أما إنه قال هنا «لَتَجِدَنَّهُم أَحرَصَ النّاسِ عَلى حَياةٍ»، ولم يقل (على الحياة)، فتقليلا من قيمة الحياة الدنيا، فـ«ما هاذِهِ الحَياةُ الدُّنيا إِلّا لَهوٌ وَّلَعِبٌ، وَّإِنَّ الدّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الحَيَوانُ». ثم يصف حرصهم على الحياة بأنْ «يَوَدُّ أَحَدُهُم لَو يُعَمَّرُ أَلفَ سِنَةٍ»، ولكنه يفترض أنه حتى لو عمر ألف سنة، فهذا ما يجنبه الموت في الآخر، هذا الموت الذي سيكون جسرا للعبور إلى أشد العذاب، حيث سيخلد فيه، حيث يقول: «وَما هُوَ بِمُزَحزِحِهِ مِنَ العَذابِ أَن يُّعَمَّرَ»، ولم يقل (بمزحزحه من الموت)، بل (من العذاب) تعبيرا عن كون العذاب حتميا له بعد موته. ثم من من الناس من لا يتمنى أن يمتد به العمر ألف سنة، خاصة إذا بقي متمتعا بصحته وسلامة عقله وقدرته على الاستمتاع بالحياة؟ فهذا ليس مما يختص به اليهود والمشركون، بل هي الفطرة الإنسانية وحب البقاء.
قُل مَن كانَ عَدُوًّا لِّجِبريلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلبِكَ بِإذنِ اللهِ مُصَدِّقًا لِّما بَينَ يَدَيهِ وَهُدًى وَّبُشرى لِلمُؤمِنينَ (97) مَن كانَ عَدُوًّا للهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبريلَ وَميكالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلكافِرينَ (98)
من الصعب فهم التلازم بين عدم الإيمان بكائنات ما، وبين أن يكون غير المؤمن بها عدوا لها. عندما لا يؤمن إنسان ما بجبريل، ولا بميكال، ولا بسائر الملائكة، فما معنى أن يقال إنه معاد لها؟ حتى غير المقتنع بأدلة وجود الله، وبالتالي غير المؤمن به، لا يصح نعته أنه عدو الله، فالمرء لا يعادي من لا يؤمن بوجوده. فالآية تعتبرغير المصدقين بوجود هذه الكائنات أعداءً لها، وبالتالي سيكون الله عدوا لهم، وهي لمعادلة غير متكافئة. بلا شك سيكون أي إنسان خاسرا في معركته، عندما يتخذ الله قرار أن يكون عدوا له. کون الله فيما يتعلق بجبريل قد «نَزَّلَهُ عَلى قَلبِكَ [قلب محمد]»، فهي دعوى القرآن، ولا سبيل لتصديق دعوى القرآن إلا شهادة القرآن على صدق القرآن، وهذا ما يسمى في المنطق بالدور، وهو محال. وإذا علمنا أن محمدا هو مؤلف القرآن، فشهادته لنفسه أنه رسول الله تكون أيضا من الدور. وقول «فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلبِكَ بِإذنِ اللهِ» من الأقوال الغريبة. فما زال الله هو الفاعل للتنزيل، فما معنى أن يكون الآذن به في نفس الوقت، وكأن الآية تريد أن تقول إن اللهَ أذن للهِ أن يُنزّل اللهُ جبريلَ بالقرآنِ على قلبِ محمد.
وَلَقَد أَنزَلنا إِلَيكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَّما يَكفُرُ بِها إِلَّا الفاسِقونَ (99)
لا يمكن بأي حال لأي عاقل أن يقبل بهذا التلازم بين عدم إيمان إنسان بقضية غيبية مدعاة، حتى لو كانت صادقة، وبين أن يكون ذلك الإنسان فاسقا. ابتداءً لنرَ ما يعني القرآن بالفسق والفاسقين. الفاسق ينعت به أحيانا المسلم الذي ينعته القرآن بالمؤمن، لكن غير الملتزم بأحكام الإسلام، بل المرتكب لبعض المعاصي، كالزنا وشرب الخمر وغيرهما، أو التارك لفريضة من الفرائض، كتركه الصلاة أو الصيام أو غيرهما، فلا ينعت هذا بالكافر، بل هو مسلم فاسق، بينما الكافر، هو الذي ينكر ضرورة من ضرورات الدين، سواء من عقائده المسماة بالأصول، أو من أحكامه المسماة بالفروع. لكن هنا يجري الكلام عن الفسق كدافع للكفر، ومن هنا نستطيع أن نفهم أن المعني بالفاسقين، هم بقطع النظر عن الإيمان أو عدم الإيمان الغارقون بالأعمال الفاسقة كالزنا والإسراف في شرب الخمر، وكثرة الظهور بشكل ثمل وبسلوك غير محترم تحت تأثير الخمر، كالتعري وغيره، والمتاجرة بالجنس، وسمسرة البغاء، والشذوذ الجنسي، والجنس الجماعي، والجنس الفاضح أمام أعين الناس، والقيام بكل سلوك غير مقبول وغير محترم من قبل المجتمع. فلا أدري هل يا ترى كل الذين لا يقتنعون بالإسلام دينا، وبمحمد نبيا مرسلا، وبالقرآن كتابا من تأليف الله موحى به بواسطة ساعي بريد السماء جبريل، يكون من هذا النوع السافل من الناس؟ بل نعرف عبر تاريخ البشرية وعبر تجربتنا في الحياة أن الكثيرين من الملحدين من هم أناس محترمون ولا يمارسون مثل هذه الممارسات، بل والكثير منهم من يقوم بخدمة المجتمع والقضايا الإنسانية، ومنهم الفلاسفة والمفكرون والعلماء. ناهيك عن الكثير من الناس المؤمنين حق الإيمان وأعمق الإيمان وأخلص الإيمان بالله، سواء من أتباع ديانات أخرى، حتى لو اشتملت على عقائد خاطئة، أو من المؤمنين بالله المنزهين له من من غير المنتمين إلى أي دين الذين عرفوا وقتذاك بالحنفاء ويعرفون اليوم بالمؤمنين اللادينيين، أو الإلهيين اللادينيين، أو الربوبيين. فإيمانهم لا يساوي شيئا، بل يعدون كافرين، فقط لأنهم لم يؤمنوا بمحمد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حتة من الجنة شلالات ونوافير وورد اجمل كادرات تصوير في معرض


.. 180-Al-Baqarah




.. 183-Al-Baqarah


.. 184-Al-Baqarah




.. 186-Al-Baqarah