الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدلية الصراع بين السلفية والعلمانية في العالم العربي الجزائر أنموذجا

زيان محمد

2006 / 9 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يختلف العديد من العلماء إلى يومنا هذا حول الجدلية التي يدور فيها الفكر العربي المعاصر، الذي يطرح أنماط لإيجاد علاقة بين السلطة والدين، وكذا موقفه من التيارين العلماني والأصولي.
فالعلمانيون هم أولئك الذين لا يؤمنون بوجود علاقة بين السلطة والدين على افتراض أن المجال السياسي يقوم على مبادئ نفعية أو عقلانية محظة.
أما الأصوليين فهم يحاولون الربط بينهما، ويحرمون أي انفصال بينهما باعتبار أن السياسة باب من أبواب الشريعة، ويلحون على المطالبة بقيام دولة إسلامية.
وكلا الطرحين حسب نظرنا يميل نحو التشدد والتصلب، فالتيار الأول يتكلم عن وجوب إقرار علماني، وكأننا نحيا في كنف دولة تيوقراطية، والثاني عن مشروع دولة إسلامية وكأننا أمام دولة علمانية.
وسبب الاختلاف بين هاذين الطرحين، هو أنهما نظرا تنظيرا مجرد من الناحيتين التاريخية والواقعية، فالأول يتجاهل التاريخ ويطالب بالفصل، والثاني يتصورها علاقة اتصال، لكنه يتجاهل الواقع والمستجدات التي نعيشها اليوم.
إذن العالم العربي قد واجه هذه الإشكالية، واقترح حلولا لها حسب طبيعة الدولة، وتركيبتها الاجتماعية.
فمثلا في الجزائر، نظر التيار العلماني الذي يمثله رجال السلطة للعلاقة بين السلطة والدين على أساس الاحتفاظ بدور الدين في تقنين الحياة الاجتماعية مثل العلاقات الأسرية وقانون الأحوال الشخصية بصفته المحدد الرئيسي للشخصية الجزائرية....ويظهر هذا في نصوص أساسية منها دستور1963، ميثاق الجزائر1974، الميثاق الوطني 1976، ثم دستور 1989.
والتعديل الدستوري لسنة 1996، حيث أن الإسلام يمثل دورا أساسيا في توجيه إيديولوجية المجتمع، وطبق سياسات إيديولوجية تربوية وثقافية (إنشاء وزارة الشؤون الدينية، ندوات فكرية إسلامية...)، كما وظف ليدعم شرعية السلطة ويضعف من تكتل المعارضين للنظام باسم الإسلام.
كما أنهم وضعوا أساس للعلاقة القائمة بين الدين والتنمية الاقتصادية، باعتبار الإسلام دين وإيديولوجيا مرتبطة بالمشروع التنموي، وهذا الأخير يعتبر بمثابة سلاح نظري واستراتيجي حيث أن المادة195 من الدستور يعلن على أي مشروع تنموي يجب أن يتناسب مع تعاليم الدين الإسلامي.
وفي المادة110 من الدستور يفرض على رئيس الجمهورية عند تأدية اليمين الدستوري على احترام وتبجيل الدين الإسلامي ، وهكذا تمكنت الدولة أن توفق بين المشاريع التنموية والدين الإسلامي.
باعتبار أن الدين عنصرا هاما وضروريا يمس الجانب العقائدي والروحي أما التنمية فتمس الجانب العملي التطبيقي.
كما وظفت الدولة الإيديولوجية الثقافية باستخدامها عامل الدين حين اعتبرت اللغة العربية هي اللغة الوطنية والرسمية في المادة 03 من الدستور 1976 وهذا الحكم أكيد أنه يحدد اللغة العربية أبعادها الثقافية، والمتمثلة في رسم المعالم الثقافية والعقائدية للمجتمع العربي الإسلامي، وأبعادها السياسة كإبراز الدولة على أنها تجسد لغة القرآن لإدارتها، حيث صدر مرسوم 1976، مفاده ضرورة تعميم استعمال اللغة الوطنية في أعلى المستويات الرسمية، ومن هنا نرى أن الدين هيمن على كافة الأصعدة سواء الاقتصادية أو السياسية أو الثقافية، وهذا راجع إلى الضغوطات التي مارستها الحركة الإصلاحية على السلطة الحاكمة.
أما التيار الثاني والذي يمثله جمعية العلماء المسلمين، الذي انبثق عنهم أحزاب سياسية متمثلة في حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ وحركة النهضة الإسلامية ، وحركة مجتمع السلم.
والذين اكتفوا بترديد شعارات تعبر عن واقعهم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والقانوني والتاريخي ومن أهم شعاراتهم:
الحاكمية لله، الإسلام هو الحل، وتطبيق الشريعة الإسلامية، ويتضمن:
الشعار الأول: يرفض نظم الحكم السائدة سواء كانت وراثية أو عسكرية أو ملكية أو جمهورية دليلهم في هذا قول الله تعالى(ومن لم يحكم بما انزل الله، فأولئك هم الكافرون). المائدة44..
إذن فشعارهم يقوم على إدانة الواقع، ورفض كل شيء فيه، وإعادة البناء من جديد لان الإسلام لا يعرف الترقيع، كما أن الحاكمية لله لا تعني مجرد رفض حكم البشر لأن الله يحكم بذاته، ولكن من خلال أهل الحل والعقد، ولإمام الحاكم ينوب عن الأمة وليس على الله، وهو يحكم بشريعة الله التي جاءت في القرآن.
أما الشعار الثاني: فيعتقد أن الإسلام هو الحل بما أن الجزائر جربت كل الحلول التي اقترحت عليها مستوردة من الخارج، كالماركسية والليبرالية، ولكنها لم تقدم أي نتائج ايجابية لحل مشاكل الشعب بل عكس ذلك زادت الأمر تعقيدا، ولذلك فلما لا تجرب الإسلام عساه يكون الحل الناجع.
أما الشعار الثالث: والمتمثل في تقنين الشريعة الإسلامية، فهم يرفضون القوانين السائدة، باعتبارها تخدم فئة قليلة من شرائح المجتمع، وتضر بالأغلبية، فقانون العمل وقانون الأجور وقانون الضرائب، كلها قوانين وضعت وفق أهواء ومصالح الحكام والجماعات الضاغطة الخفية لتحقيق مصالح الغرب في دولة الجزائر.
إذن فالصراع بين السلفية والعلمانية، سببه الاختلاف في المنهج، فهو ليس فقط صراع بين مصدرين للمعرفة الموروثة والوافدة، بل هو أيضا صراع من أجل السلطة، كل منهما يشعر بأنه الوريث الطبيعي للدولة، والكل يريد الحكم، فأنصار السلفية يعتمدون على الشرعية الموروثة، وأنصار العلمانية يعتمدون على شرعية الحداثة والمعاصرة، إذن فلا حل إلا بالسلطة والسلطة هي الحل.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل


.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي




.. - الطلاب يحاصرونني ويهددونني-..أميركية من أصول يهودية تتصل ب