الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مكاشفة مع الذات

ياسين المعطاوي

2022 / 4 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ما ان اقتربت 2022، حتى علا صوت الضمير مرة اخرى يساءلني: اين انت من مثلك العليا؟ كم قرأت؟ ماذا عرفت وماذا فهمت طوال هذه السنة؟ ما الهدف من حياتك؟ الازلت مسترسل في عدميتك المريحة؟ وغيرها من الاسئلة الوجودية التي يصعب تجاهلها كلما حضرت وألحت.
عزمت ان اقرأ هذه السنة حوالي مائة كتاب على الأقل.. وتعلم لغة جديدة.. والتمرن على استعذاب السمفونيات الخالدة: موسيقى شوبان وبيتهوفن وباخ وغيرهم..
كانت هذه المرة مساءلة ومكاشفة الذات جدية لاقصى حد، ربما لتراكم الاخفاقات او ربما من خلال مقارنة نفسي بمن قطعوا اشواط مذهلة في تجاربهم الوجودية (المقارنة النبيلة)، او ربما صوت مثلي العليا الساخر، الذي يقول لي اينك يا هذا منّا!؟
هذه الجدية في المكاشفة استتبعها حماس قلما ان انتابني فيما مضى.. فوضعت برنامجا يوميا حددت فيه ثلاث ساعات لكل نشاط؛ برنامج لسان حاله يقول الويل لي اذا تخلفت عن التنفيذ!
مر يناير وفيراير ومارس في لمح البصر وبسرعة مذهلة وجدت نفسي قد قرأت أكثر من ثلاثين كتابا، كلها كتبا عميقة ورصينة يستحيل ان يبقى المرء كما كان بعد كل كتاب وقد ضمت القائمة اسماء ابرز المفكرين والعلماء العرب من بينهم الدكتور ابراهيم زكريا، فؤاد زكريا، مالك بن نبي، محمد كامل حسين وغيرهم من العباقرة والمفكرين الذي تركوا بصمة واضحة في اتجاهات تفكيري واشاعوا النور حول الكثير من الظواهر والقضايا الفكرية.. بالموازاة مع ذلك ازداد سمعي رهفة للموسيقى.. اما اللغة المزمع تعلمها فإن فِلماً عائلياً صار فهمه ايسر واندماجي معه كبير.
كان حقا الامر ممتعا وآمنت انه حقا السعادة في التعلم والاكتشاف وفي الطريق نحو تحقيق الاهداف.
لكن مع دخول اڤريل دخلت نوبة من الاكتئاب لا ادري مصدرها فقدتُ معها كل الشغف والحماس حتى الرغبة في الطعام انعدمت، كل شئ صار تافها حتى القراءة التي كانت ملاذي في التخفيف من التوتر ومصدر متعتي فقدتْ معناها..
الاكتئاب بقدر ما كان حدثا متعبا كان باعثا لافكار صادقة.. صرت استيقظ من النوم وانا شاعر بوجودي اكثر، فهمت آنذاك معنى الكوجيطو.. الزمن صار شيئا مخيفا يجري لاهثا بسرعة خاطفة. فكرة الموت وانحداري الحتمي نحو هذه الهاوية المجهولة قض مضجعي وجعلني اتمثله بطريقة لم يسبق لي ان عشتها من قبل.. اسبوع من الاكتئاب هجرت فيه الكتب التي فكرت انها السبب، كانت في اغلبها كتب فلسفية وتندرج في العلوم الانسانية عمقت الهوة بيني وبين المحيطين بي.. هجرت كل شئ حتى التفكير نفسه، فلم يبقى سوى حضور وتموقع في كون شعرت لاول مرة انني قذفت اليه وعلي ان اتقبل عبثية الحياة وان استأنف دفع الصخرة باحثا عن انجع الطرق التي تجعلني اتقبل نهايتي الحتمية.. واصنع شيئا اصيلا يكون له معنى.
استعدت شيئا فشيئا الرغبة؛ الرغبة في الحياة في آخر المطاف.. وحدثت نفسي آنذاك قائلا:
"يا هذا، ملايير السنون من العدم، قبل وبعدك، ما الضير في لحظة من الوجود تعاش بكل عنفوان، بكل جموح في الاكتشاف، وبكل عناد في التمرد والصراعات؟!"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. تقارير: الحرب الإسرائيلية على غزة دمرت ربع الأراضي الزراعية




.. مصادر لبنانية: الرد اللبناني على المبادرة الفرنسية المعدّلة


.. مقررة أممية: هدف العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ البداية ت




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على خان يونس