الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما نموت على مراحل

حسين موسى البناء
أكاديمي وكاتب

(Hussein Albanna)

2022 / 4 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الإنسان عندما يموت على دُفعات!

قَد يُرى الموت كنهاية حياة، أو كبداية حياة مِن شكلٍ آخر في بُعد ميتافيزيقي آخر، في كلتي الحالتين فإن الموت يبدو وكأنه مرحلة من خطوة واحدة فقط، لكن إعمال بعض التفلسف يجعل الأمر يبدو مِن منظور مختلف متعدد المراحل؛ حيث يكون الموت خاتمة مراحل موت أصغر وأبسط تسبقه.

نحن لا نموت دفعة واحدة! نحن نعايش الموت في عدة أشكال وأطوار.  ولعلنا نتناول بعض أبرز هذه المراحل كالآتي:

(*) فقدان الشغف: وذلك عندما لا نعود نتلمس تلك الدافعية الداخلية التي تستحثنا على الإقدام والفعل، وكأن طاقتنا قد استنفذت، فلا يعود لنا رغبة في أشهى الأشياء التي كانت تحركنا لعقود من أعمارنا، وكأن شمعة الروح تنطفيء ههنا بصمت.

(*) اليأس والإحباط: مرة تلو مرة، وخيبة تتلو خيبة فإن أقدامنا تتثاقل عن أبسط الخطى، فلا نعود متحمسين على الشروع في أي شيءٍ تحت وقع تجارب الفشل المزمنة والتي تجعلنا نشعر بأن الإقدام على أي شيء ما هو سوى هدر للطاقة وجهد في الهواء.

(*) التقاعد، والاستغناء عن الخدمات: ذلك اليوم المفصلي في حياتنا، عندما يخبرك المدير في العمل أو مؤسسة التقاعد بأنك قد استهلكت كروبوت بشري وأن الوقت حان لتحويلك لمستودع "المستهلكات" لتجلس في البيت لتتقاضى بضعة دنانير يُقمن صلبك لكي لا تموت جوعًا وتضمن لك تأمين علاجات "الضغط، السكري، والقلب" كتمهيد صارخ للخروج من الآلة الاقتصادية.

(*) العجوز الذي يمثل عبئًا على الأهل والليبراليين الجدد: عندما تبقى وحيدًا في البيت البارد، أو ملجأ العجزة، لساعات طويلة وحيدًا، بلا معنى، فتبدو كقطعة أثاث كلاسيكية تعلوها غبرة، وتكاد تتفهم نظرة المحيطين من حولك التي تكاد تنطق مقولة: "إلى متى ستبقى هنا عبئًا على الاقتصاد وعجلة الإنتاج كمستهلك غير مُنتِج؟!"

(*) يوم يموت أحد أو بعض الأصدقاء والزملاء والأحبة: لن يكون يومًا عاديًا ذلك الذي يصلك فيه خبر وفاة صديق المدرسة، أو زميل الجامعة، أو زميل العمل، إنه إعلان صريح بدخول هذه الفئة العمرية في مرحلة التصفية الفيزيائية، وليس أقل وقعًا وفاة الشريك الذي عايشت أجمل فصول حياتك برفقته، إنه اقتراب مهيب للموت ومفاهيمه الغامضة وتجلياته الصريحة.

(*) موت الجسد الجزئي: ما أن تبرد أطرافك، وتغدوا عاجزًا عن المشي أو الاستحمام، أو حمل مقتنياتك، فإن ذلك ما هو إلا زيارة ثقيلة للموت الهاديء للنفس، كاستحضار صارخ لأول عتبات النهاية المادية.

ثم تنسحب الروح من كامل الجسد، بصمت وبرودة ووحشة معتمة، معلنةً الرحيل الأخير نحو عالم الخفاء واللامادية، لنتحول لشكل من ضروب الطاقة وميتافيزيقيا الغيب، فنغدو أرواحًا هائمة في مستوى لانهائي الأبعاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل مستعدة لتوسيع عملياتها العسكرية في غزة إذا فشلت المف


.. واشنطن متفائلة وإسرائيل تبدي تشاؤما بشأن محادثات هدنة غزة




.. التصعيد العسكري الإسرائيلي مستمر في رفح .. فماذا ستفعل واشنط


.. الصفدي: نتنياهو يتجاهل حتى داعمه الأول.. ومواصلة اجتياح رفح




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا 3 مسيرات من اليمن دون خسائر