الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 47

ضياء الشكرجي

2022 / 4 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وَلَو أَنَّهُم آمَنوا وَاتَّقَوا لَمَثوبَةٌ مِّن عِندِ اللهِ خَيرٌ لَّو كانوا يَعلَمونَ (103)
الإيمان حسب القرآن هو الإيمان بالله وبرسوله المفترض محمد وبالقرآن وسائر كتبه وبالملائكة وبالبعث والنشور والحساب وبالجنة والنار. وإلا أي إيمان باستثناء شيء مما ذكر، أو بأي ضرورة من ضرورات الدين الإسلامي، فهو كفر بمعيار الإسلام. وحتى لو كان الإسلام دين الله الحق، فلا يمكن أن يكون الإيمان وعدم الإيمان سببا للثواب والعقاب، فكم من مؤمن سيئ، وكم من غير مؤمن، أي من ينعته القرآن بالكافر، وهو إنسان صالح. الله يثيب المحسن على إحسانه، آمن أو لم يؤمن، وإذا كان هناك عقاب، فيعاقب المسيء على إساءته وبقدرها، كفر أو آمن، هذا بحكم ضرورات العقل. نعم عندما يمتدح القرآن المؤمنين به ويعدهم بالثواب، فيقرن الإيمان بعمل الصالحات، أو التقوى، كما في هذه الآية. لكن غير المؤمن معاقب حتما، ومعذب أشد العذاب، يعذب به إلى أبد، ومن غير أن يخفف عنه، ولو لثانية، حتى لو كان من أصلح الناس وأعدلهم وأصدقهم وأنفعهم للناس، بل حتى لو كان من أعمقهم إيمانا بالله، ولكن لا وفق الصورة التي يريدها الإسلام منه. ثم التقوى المقرونة هنا بالإيمان لا تعني عموم الصلاح والاستقامة إنسانيا، بل من شروطها الالتزام بواجبات الإسلام والانتهاء عن محرمات الإسلام، حتى لو لم تكن تلك الواجبات وهذه المحرمات، مما توجبه وتحرمه الأخلاق. ثم الآية تعد الذين «آمَنوا وَاتَّقَوا» أنْ لهم «لَمَثوبَةٌ مِّن عِندِ اللهِ»، وتخبرهم أن ذلك «خَيرٌ» لهم، ولكن تقول في النهاية «لَو كانوا يَعلَمونَ»، إذن ما ذنب الذي لا يعلم؟ سنرى إن الذي لا يعلم مشمول بالعذاب. وهذا من تناقضات القرآن، أو من غرائبه اللامفهومة.
يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَقولوا راعِنا وَقولُوا انظُرنا وَاسمَعوا وَلِلكافِرينَ عَذابٌ أَليمٌ (104)
هنا نهي للمسلمين عن استخدام فعل (راعى، يراعي) مقرونا بـ(لا) الناهية، مخاطبا به الرسول، واستبداله بآخر يؤدي نفس المعنى وهو (نظر، ينظر)، أي أمهل، يمهل، فيقول لهم الله كما يفترض مؤلف القرآن «لا تَقولوا [لمحمد] راعِنا وَقولُوا انظُرنا»، والسبب إن الذين لم يؤمنوا بمحمد وبالإسلام، عندما كان يتحدث إليهم، أو يجيب على أسئلتهم، أو يشرح لهم آيات القرآن، كانوا إما لا يستوعبون كلامه، أو يتظاهرون بعدم الفهم، فيطلبون منه أن يراعي عدم قدرتهم على الفهم، فيبسط ويبطئ كلامه، فيقولوا «راعِنا» بطريقة إما فعلا بقصد الاستهزاء به، أو هكذا بدا له. وكان بعض المسلمين الذين يصعب عليهم الفهم أيضا يستخدمون نفس العبارة بقول «راعِنا» دون الالتفات إلى أن غير المؤمنين بنبيهم سواء من اليهود أو غيرهم، إنما كانوا يستخدمونها للاستهزاء، إما فعلا، وإما حسب ما فهم مؤسس الإسلام. ويبدو أن نبي المسلمين كان يتأذى كثيرا من هذه العبارة، بحيث كان بسببها «لِلكافِرينَ [المستخدمين لها] عَذابٌ أَليمٌ»، ثم جعل استعمالها محرما على المسلمين بنهي إلهي «لا تَقولوا راعِنا».
ما يَوَدُّ الَّذينَ كَفَروا مِن أَهلِ الكِتابِ وَالمُشرِكينَ أَن يُّنَزَلَّ عَلَيكُم مِّن خَيرٍ مِّن رَّبِّكُم وَاللهُ يَختَصُّ مَن يَّشاءُ بِرَحمَتِهِ وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظيمُ (105)
فكرة الحسد تبدو مترسخة عند نبي الإسلام، حتى استنزل سورة من الله، وهي السورة ما قبل الأخيرة، ولو إن البعض اعتبرها وقبلها أي المعوذتين ليستا من القرآن، بل ذكرا بنية الاستعاذة، كأي دعاء، ليس من القرآن، وإن كان النبي قد تلاهما كنصين موحيين إليه بهما من الله، بدليل بدايتهما بكلمة «قُل». وقضية الحسد ترد بمضامينها في مواقع عديدة من القرآن، كما في هذه الآية. فالذين لم يؤمنوا بمحمد وبدينه الإسلام، وذلك «مِن أَهلِ الكِتابِ وَالمُشرِكينَ»، وذلك لا لشيء سوى أنهم لم يكونوا يحبون أن يروا (أَن يُّنَزَلَّ على المسلمين مِن خَيرٍ مِّن رَّبِّهِم»، وردا على حسدهم هذا يبرر اختصاص الله المسلمين دون غيرهم بهذا الخير المدعى، بقول «وَاللهُ يَختَصُّ مَن يَّشاءُ بِرَحمَتِهِ»، رغم قوله «وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظيمُ»، والذي يفترض، أي فضله، أن يشمل الجميع بلا تمييز. ولكن هكذا هو توزيع الأديان لرحمة الله وخيره وفضله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah