الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسبوع الآلام... وأسبوعُ الأعياد

فاطمة ناعوت

2022 / 4 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أسبوعٌ روحانيٌّ فريد تمرُّ به مصرُ في العشر الأواخر من شهر رمضان المعظم، أعاده اللهُ علينا ومصرُ في أعلى العُلا. تزامنتْ أعيادُنا نحن المصريين مسلمين ومسيحيين وتوافَقَ صيامُنا ورفعنا معًا دعواتُنا للإله الواحد بأن يحفظَ مصرَ ورئيسَ مصرَ ونيلها وجيشَها. بدأ أسبوعُ الآلام السبت قبل الماضي ضمن صيام المسيحيين خمسةً وخمسين يومًا، تلاه "أحدُ السعف" الذي جدلنا فيه جريدَ النخيل احتفالا بذكرى دخول السيد المسيح عليه السلام مدينةَ أورشليم/ القدس رسولا للسلام والمحبة والتسامح، ثم "خميس العهد" الذي تناول فيه السيد المسيح "العشاء الأخير" مع تلامذته وأوصاهم أن يحبّوا أعداءهم ويغفروا لمن يسيء إليهم، وعاهدوه على نشر السلام في الأرض. وفي تلك الليلة يشي به تلميذُه الخائنُ "يهوذا الإسخريوطي"، فيُقبض عليه ليلا، ويُحاكم في اليوم التالي: "الجمعة العظيمة"، التي يحاكِم فيها اليهودُ رسولَ السلامِ السيدَ المسيح الذي كان يجولُ يصنع خيرًا، يتلوه "سبتُ النور المقدس"، ثم أمس الأحد، "عيدُ القيامة المجيد" الذي احتفلنا بعشيته مع أشقائنا المسيحيين صباحًا في الكنيسة الإنجيلية بمصر الجديدة، ومساءً في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية. واليومَ عيدُ "شمُّ النسيم"، وخلال أيام تحلُّ علينا "ليلةُ القدر" المباركة التي نزل فيها "القرآن الكريم" ولا تُردُّ فيها دعوةُ داع. ثم يحلُّ علينا الأسبوعُ القادمُ "عيدُ الفطر المبارك"، ومصرُ في رباط وعزّة وعلوّ بإذن الله تعالى.
خلال شهر رمضان، أقام لنا مسيحيو مصر العديدَ من موائد الإفطار الرمضاني الطيبة. كان آخرها الإفطار الدافئ الذي يقيمه كلَّ عام رجلُ الأعمال الوطني السيد "منير غبور" وزوجته الجميلة "ميما هانم غبور". في تلك الليلة من كل عام نلتقي على المحبة واللقمة الهنيّة لنتأكد أننا شعبٌ قويّ غيرُ قابل للتصدّع والفُرقة والشتات، مهما حاول أعداءُ مصرَ أن يغرسوا بيننا نبتاتِ البُغضة والطائفية. تذوب شتلاتُ الهالوك وتتحلّل داخل طمي بلادنا لتتحول إلى جذور محبة وتضامّ، وتنمو أشجارًا من الحب والوطنية تظلّل أرض مصرَ، الطيبة بأهلها الطيبين.
قبل خمسة آلاف عام، كان المصريون القَدامى يحتفلون بعيد"شم النسيم"، بإقامة مهرجان هائل، يحتشدون فيه أمام الواجهة الشمالية للهرم الأكبر، قُبيل الغروب. ثم يَشخصون بعيونهم نحو قرص الشمس البرتقاليّ وهو يميلُ بالتدريج غاربًا، مقتربًا من قمة الهرم؛ حتى تستقرّ الشمسُ فوق ذؤابة الهرم؛ كأنما تُتوّجه بحجر مشعٍّ كريم. وهنا تحدث ظاهرة فلكية مدهشة، حين يخترق شعاعُ الشمس واجهةَ الهرم، فكأنما يشطر المثلث نصفين، في مشهد أسطوري ساحر. رصده عالمُ الفلك البريطاني "بركتور" عام 1920 وصوّرَ لحظة انشطار واجهة الهرم "مجازيًّا" بشعاع الشمس.
"شمّ النسيم" أقدمُ مهرجان شعبيّ في التاريخ ابتكره الجدُّ المصري القديم ليحتفل بالحياة وعبقرية الخلق من العدم. فالمصريون القدامى كانوا أكثرَ شعوب الأرض حبًّا للحياة واحتفاءً بها. لهذا احتفلوا بالربيع؛ إذْ تتفتح الزهورُ لتعلن عن ميلاد جديد. مع شروق الشمس يبدءون احتفالَهم بتلوين البيض، وكأنما يلوّنون الحياةَ. فالبيضةُ رمزُ الحياة التي تُخرِجُ الحيَّ من الميّت؛ فيخرج الكتكوتَ من كهف قشريّ ميت، مثلما تخرجُ اليرقةُ من شرنقة الحرير، فتطيرُ وتملأ الفضاء حياةً وفرحًا.
"شم النسيم" يؤكد أن المصريين أبناءُ الحياة، لا أبناء الموت. يهتفُ صوتُ مصر في “الجمهورية الجديدة” قائلا: "أحبّوا بعضَكم بعضًا وأحبّوا أرضكم الطيبة، وارفعوا رايتي عاليةً بين الأمم. قاتلُ أخيه فيكم، ليس مِنّي. فأنا لا أنجبُ المجرمين. نِيلي وطمي أرضي حلالٌ للطيبين حرامٌ على كلِّ خائن يكره استقراري وأمني. مباركٌ شعبي مصر، ادخلوا مصرَ إن شاء اللهُ آمنين. فكل مَن يدخل مصرَ آمنٌ. أنا الأرضُ التي ابتكرت فنونَ الحياة، وخصّتها بيوم فريد، توّجتُه أولَ الزمان.
تعلّم المصريُّ القديم أن يحدّد بداية السنة الشمسية باليوم الذي يتساوى فيه الليلُ والنهار طولا، وقت حلول الشمس في برج الحمل. كان الجدُّ المصريُّ يؤمن أن بداية خلق العالم كانت في ذلك اليوم الربيعي الفريد، 25 برمهات. ولهذا اعتبره المصريون غُرّة الربيع وأول الزمان.
المصريون في كل زمان هم أبناءُ ثقافة الحياة، وليس الموت. ليس منّا من يُهرق الدماءَ البريئة على بُساط أرضها ليكسو الوجوهَ بالحَزَن. ليس مّنا مَن يُثكِّل الأمهاتِ ويُرمّل الزوجاتِ ويُيتّم الأطفالَ. ليس مِنّا من يحمل النصالَ ليقتل أبرياءَ مسالمين. ليس منّا من يُدثّر البيوتَ بثياب الحداد. مصرُ الجميلة نهضت من كبوتها التي غرسنا فيها المتطرفون والإرهابيون ولن تعود للانكسار أبدًا بإذن الله. تحيا مصر ويحيا رئيسُ مصرَ العظيم "عبد الفتاح السيسي" ويعيش جيشُنا الباسل. كلُّ عام ومصرُ عظيمةٌ بشرفائها نبلاءِ القلوب.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لايااستاذتي يجب ان تكوني حذره قولي بعض من يهودحاكم
المتابع ( 2022 / 4 / 27 - 23:11 )
المسيح وليس اليهود-الفتنة اشط من القتل الا يكفينا كل هذا الهراء المسموم ضد اخواتنا بل اجدادنا التاريخيين -تحياتي

اخر الافلام

.. 145-An-Nisa


.. د. حسن حماد: التدين إذا ارتبط بالتعصب يصبح كارثيا | #حديث_ال




.. فوق السلطة 395 - دولة إسلامية تمنع الحجاب؟


.. صلاة الغائب على أرواح الشهداء بغزة في المسجد الأقصى




.. -فرنسا، نحبها ولكننا نغادرها- - لماذا يترك فرنسيون مسلمون مت