الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 50

ضياء الشكرجي

2022 / 5 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وَمَن أَظلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَن يُّذكَرَ فيهَا اسمُهُ وَسعى في خَرابِها أُلائِكَ ما كان لَهُم أَن يَّدخُلوها إِلّا خائِفينَ لَهُم فِي الدُّنيا خِزيٌ وَّلَهُم فِي الآخِرَةِ عَذابٌ عَظيمٌ (114)
بلا شك إنه من الظلم والعدوان أن يجري التضييق على أتباع أي دين، ومنعهم من ممارسة عباداتهم وإقامة طقوسهم وإحياء شعائرهم، ولاسيما هدم معابدهم، سواء كان المعبد مسجدا، أو كنيسة، أو هيكلا، أو معبدا بأي اسم آخر كان. لكن إذا تحول أي مبعد إلى مكان للإرهاب وبث العداوات والدعوة إلى مقاتلة المغايرين بالدين أو غير المؤمنين بأي دين، وأصبح يمثل خطرا على السلم الأهلي لمجتمع ما، فلا بد من قوانين وإجراءات عادلة لحماية المجتمع من مخاطر ذلك المسجد أو المعبد. وإذا استحق من يمارس هذه الأفعال تجاه مساجد المسلمين ما تتوعده هذه الآية من خزي في الدنيا وعذاب في الآخرة، فيجب تطبيق ذلك على الجميع، بما فيهم المسلمون أنفسهم تجاه بعضهم البعض أو تجاه أتباع الديانات الأخرى. ولكن يجب أن يقال إن القوانين العادلة هي التي يجب أن تطبق في الدنيا، في إطار قضاء عادل ونزيه، لا يفرق بين الناس بسبب عقائدهم وأديانهم ومذاهبهم وسائر انتماءاتهم. أما في الحياة ما بعد هذه الحياة، فلا بد أن تكون موازين الله عادلة مطلق العدل، وليس من أحد من البشر يملك حق الكلام عن الله، بل يكفي أن نعلم أن كلا من عدله ورحمته مطلقان، وما علينا كبشر نعيش واقعنا هنا على كوكب الأرض، إلا أن نسعى لتحقيق العدل بأقصى الممكن، وإشاعة المحبة والسلام وحرية الاعتقاد وقبول الاختلاف مع التعايش.
وَللهِ المَشرِقُ وَالمَغرِبُ فَأَينَما تُوَلّوا فَثَمَّ وَجهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَليمٌ (115)
سورة البقرة كمعظم سور القرآن تقوم بقفزات مفاجئة من موضوع إلى آخر. كما إن هناك أكثر من عودة إلى موضوع سبق وجرى تناوله في آيات سابقة، فكان ينبغي على المؤلف، عندما يتبادر إلى ذهنه، تكملة موضوع سبق وناقشه، أن يجعل الآية أو جزء الآية أو الآيات المكملة في موقعها المناسب، بأن يشير إلى كتبة وحفظة القرآن من أصحابه أن يجعلوا النص المكمل في مكانه الذي يشير إليه. ولكن يمكن أن يكون هذا الارتباك قد حصل على يد جامعي القرآن من بعده. فإن كان الأمر كذلك، فهذا دليل إضافي مع مجموعة أدلة على عدم تحقق الوعد الإلهي المفترض بقول «إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ». هذه الآية التي تتناول موضوعة القبلة التي يجب أن يتوجه إليها المسلمون في صلاتهم، وبعض طقوسهم الأخرى، كالذبح الشرعي ودفن الميت، تتناوله بشكل عقلي، حيث تقرر إن الله متنزه عن المكان والجهة، ومن هنا فإلى أي وجهة توجه المصلي في صلاته، فهو متوجه إلى الله. لكننا سنجد في موقع آخر نسخا لهذا المبدأ الفلسفي الصحيح. ووصف الله هنا بالواسع، لكونه يسع كل الأماكن وكل الاتجاهات وكل الأزمة، ووصفه بالعليم، يناسب الموضوع أيضا، بمعنى علمه بنية المصلي، التي يفترض أنها لا تتأثر بالقبلة والوجهة التي يتخذها في صلاته.
وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا سُبحانَهُ بَل لَّهُ ما فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ كُلٌّ لَّهُ قانِتونَ (116)
بكل تأكيد أصاب مؤلف القرآن في فهمه لتوحيد الله وتنزيهه، وإن كان لم ينزهه في قضايا أخرى، عندما نزهه من أن يكون له ولد أو جزء، فالتوحيد له معنيان، واحدية الإله التي تعني عدم تعدده، ووحدته التي تعني عدم تجزئه، وكونه كائنا بسيطا، وغير مركب. لكن كان يمكن أن يقبل الإسلام بأبوة الله وبنوة الناس، أو بعضهم، بالمعنى المجازي العرفاني، وليس بالمعنى الحقيقي اللاهوتي.
بَديعُ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَإِذا قَضى أَمرًا فَإِنَّما يَقولُ لَهُ كُن فَيَكونُ (117)
البديع هي صيغة مبالغة للفعل الثلاثي بدع يبدع، بينما المقصود هنا كون الله مبدع السماوات والأرض، ولكن هذا من نواقص اللغة العربية، حيث إنها تفتقر إلى صيغة مبالغة، كما تفتقر لصيغة التصغير، للرباعي والخماسي، ولذا استخدمت أحيانا مثل هذه الصيغ للفعل الثلاثي للرباعي والخماسي. ربما تصلح كلمة «كُن» والتي تقترن بكلمة «فَيَكونُ» المستخدمة مرارا في القرآن أن تكون جوابا على السؤال الذي ما زال يبحث عنه علماء فيزياء الكون والفضاء، وهي تلك اللحظة أو جزؤها المليوني، قبل الانفجار الكبير. لكننا إذا تجردنا من تفسيرات الأديان، ربما لا يسعنا أن نعرف كم أراد الله استخدام هذه الـ «كُن فَيَكونُ» السحرية في كل ما يريده، أم ترك الأشياء تجري وفق قوانينها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 202-Al-Baqarah


.. 204-Al-Baqarah




.. 206--Al-Baqarah


.. 210-Al-Baqarah




.. 212-Al-Baqarah