الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معضلة الإرادة حرة (التوافقية واللاتوافقية )

علي الرديني

2022 / 5 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تحدثنا في الموضوع السابق عن الحتمية وأنواعها وهذا سيدعو القارئ والمطلع ان يعيد تفكيره ،كيف لنا أن نكون احرارا في رغباتنا وعواطفنا ومشاعرنا وتصرفاتنا ؟ مع كل هذه الحتميات التي حددتنا مسبقا سواء عن طريق الجينات التي ورثناها عن أهلنا أو بسبب الظروف البيئية الخارجية الخارجة التي تحكمنا التي تلاعبت بجيناتنا منذ طفولتنا.
فاذا كان هناك توافق بين حرية الإرادة والمسببات الحتمية بحيث يمكن الجمع بينهما فهذا يسمى *بالتوافقية* او الملائمة (Compatibilism ) والتي تعتبر ان الانسان حرا ضمن حدود طبيعته وطبيعة بيئته وليس صاحب إرادة حرة بل له قدرة على الفعل لان الحرية هي نتاج السبية وان ما نقوم به هو تلبية لرغباتنا التي هي سبب حدوث الفعل وقوة تدفعنا التصرف حسب ما نشتهي ونريد بدون وجود معقوات وقوة جبرية تعوق الحرية كمثل نهر جار يجري بدون عوائق لكن لا يستطيع ان يجري او يغير من مساره بدون مجراه.
لكن يمكن الرد عليها بان الانسان يمكن ان يتصرف بخلاف رغبته العارمة التي تريد إشباعاً اذا رآها تتعارض مع مبادءه وأخلاقه فيعمل على كبحها والتخلص من سطوتها وعدم الرضوخ تحت نير عبوديتها بسبب الحرية التي يمتلكها ويمارس قدرته من خلالها ،واصحاب هذا الاتجاه يطلق عليهم اللاتوافقيون.
وفلسفة اللاتوافقية (Incompatibles) هي نقيض التوافقية التي تقول ان الحرية غير متوافقة مع الحتمية ونحن لا توافقيون بطبيعتنا ، وتزيد عليها الليبرتارية (التحررية)أننا ليس فقط لا توافقيون بطبيعتنا بل لنا قدرة على التحكم في افعالنا ومسؤولون عنها واذا كان هناك تحديدات سببية لتصرفاتنا فهذا يلغي تحكمنا في اذا كنا سنؤيدها أو لا بحرية من غير تعلق بأسباب طبيعية لان الذات الانسانية ليست ظاهرة فيزيائية مجردة بل ظاهرة روحية ايضا ترتبط بالوجود الانساني لها قدرة على تصور الواقع على صورة مغايرة ولها إمكانية ان تعلو على قيوده الخارجية.
فاذا قلنا لكل فعل سبب فهذه هي الحتمية السببية ولها نوعين :
النوع الاول الحتمية الناعمة وهي التي تعتبر الإرادة الحرة موجودة على نطاق ضيق متقيدة بالوراثة والبيئة ومثال عليها اصحاب الفلسفة التوافقية.
النوع الثاني الحتمية الصلبة او المتطرفة والتي تعتبر الإرادة الحرة مجرد وهم ولا يمكن ان توجد مع الحتمية لكونهما قضيتين متناقضين.
واذا قلنا ان الافعال الحرة لا تحددها أسباب حتمية بل هي غير محددة على سبيل الصدفة او العشوائية
ففي هذه الحالة لا يمكن ان تكون أفعالنا نابعة عن إرادة حرة لان تلك العشوائية خارجة عن سيطرتنا كالحركات اللاإرادية التي تحدث لنا بدون تفكير ولا قصد.
وبتالي ستكون الحرية غير ممكنة لانها غير متسقة مع اللاحتمية السببية كما هي غير متسقة مع الحتمية السببية.
ولَم يبقى لدينا الا خيارا واحد هو ان طبيعة حرية الإرادة هي السبب في حدوث الفعل الأصيل عن
نية وقصد وهدف للوصول الى غاية نطمح اليها.
ومن حقنا ان نسال ما مصدر الإرادة الحرة هل هو العقل والوعي الشعوري وما مصدر كل من العقل والشعور هل هو الدماغ وحده؟
انتظرونا في المواضيع القادمة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس