الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مع غوستاف لوبون

داود السلمان

2022 / 5 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


كان الأمرُ محضَّ صدفة، والصّدفة وحدها هي التي قادتني إلى أن أعثر على كتاب "سيكولوجيا الجماهير" للمؤرخ والفيلسوف الفرنسي غوستاف لوبون (1841- 1931)، وبعد قراءة الكتاب، أعجبت بأسلوب الكاتب، وطريقة طرحه للمادة التي هو بصدد تناولها، وكذلك المنهجية التي سار على طريقتها، فضلا عن السلاسة وعدم التكلّف، وبعيدًا عن المصطلحات الرنّانة التي يختارها الكثير من الكتاب والفلاسفة، والتي تثقل وترهق كاهل القارئ.
فاستطيع القول باني أحببت أسلوبه، وشغفني الطرح، فقررت أن أشتري كلّ ما أجده لهذا الكاتب من كتب، وأن أقرأ كل ما تقع عليه عيناي، مما خطّه بقلمه، وبالفعل حصلت على عدد لا بأس به من كتبه، وعكفت على قراءتها، ثم انتهيت إلى آخرها، وللحظة كتابة هذه السطور وأنا أبحث عن المزيد من نتاجه الفكري.
أعترف بأنّ الكتابة ليست بالعمل السهل الهيّن، مهما كان نوع الكتابة، فالكتابة هي أشبه بالعمليّة القيصريّة، بل بالفعل هي عملية قيصريّة فكريّة، تنتج عن تفكير وتأمل، وسبر أغوار الموضوع الذي تروم الولوج اليه، كذلك لا أنسى، فإنّ لكل كاتب أسلوباً خاصًا يُعرف به، ولغة تعوّد أن يبرزها ويضعها على الورق.
فثمة فرق شاسع بين كاتب، وكاتب آخر، وهناك ميزة تميز الكاتبين، بعضهما عن الآخر، مثلا: عندما تقرأ لدوستويفسكي ستميز اسلوبه عن اسلوب تولستوي، أو تقرأ لسارتر ستميز اسلوبه عن اسلوب همنغواي، وأن كان الجميع مبدعين، واعمالهم لها صدى عال في الأوساط الثقافيّة العالميّة.
فالكتابة هي نزف، وكلما كان الكاتب مميزاً في كتاباته، وغزيراً في نتاجه، كلما كان كثيرَ النزف وذا جرح عميق في خاصرة الابداع.
وفي مقدمة كتاب "سيكولوجيا الجماهير" التي كتبها الدكتور هاشم صالح ذكر أن لوبون كان يعبّر عن أفكاره بشكل سهل وبسيط، لذلك أصبح مشهورًا في الاوساط العلمية والثقافية، ونال المكانة الرفيعة.
لكن، ربما من سوء حظ لوبون، كما يذكر هاشم صالح، أنّه كان من قرائه المعجبين به هتلر وموسوليني، إذ اتهموه بالفاشية والنازية، فنال من الاهمال والتجاهل الكثير من قبل الباحثين، ولم يعطوه اهتماما يذكر، ونحن نضيف سببا آخر، ألا وهو الاهمال المبالغ به لأنّه منحاز للعرب، وللحضارة العربية.
إنّ ما يُميّز الكاتب عن نظرائه، هي طريقة الابتكار، واختيار الجُمل والكلمات المناسبة والصياغة الحرفيّة، فضلا عن الدهشة والصدمة، وتكثيف معنى الحوارات وطرح الموضوع بما يليق برؤى فلسفة البحث للوصول إلى الهدف المرتقب.
تعوّدنا أن نقرأ للعديد من الشعراء والأدباء والفلاسفة، ودائما ما يشدّ انتباهنا شاعر أو أديب أو فيلسوف بعينه، أكثر من غيره، حتى صرنا نبحث عن كتاباته، وكأننا نبحث عن آبق هرب من سيّده، بينما مرّ من أمامنا مئات المبدعين وقرأنا لهم الكثير؛ والسّر يمكن، كما قلنا في طريقة اسلوب الكاتب، والطرح المميّز والفريد الذي امتاز به ذلك الكاتب، فأبهر به قراءه.
ومن هذا المنطلق، فأنّ غوستاف لوبون قد شدّ انتباهي، فأبهرني اسلوبه واثار إعجابي اكثر من سواه، الأمر الذي جعلني افضله عن غيره من الكتّاب، وأن أكتب عنه، وبالفعل كتبت عدداً من المقالات التي تناولت بها جوانب من آراء وافكار لوبون ونشرتها هنا وهناك، ولم اكتف بذلك، بل حفزني الأمر إلى أن أخرج كتابا مستقلا حول لوبون، فاخترت فيه بعض ما تناوله هذا الكاتب من موضوعات، ولا أدعي بأنني أحطت به علمًا بجُلّ ما كتبه هذا الكاتب والمؤرخ والفيلسوف، الكتاب سيصدر قريبا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار شامل.. سندويشة دجاج سوبريم بطريقة الشيف عمر ????


.. ما أبرز مضامين المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة وك




.. استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن


.. اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما




.. بايدن: الهدنة في غزة ستمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسر