الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مازالت الثورة-ياسمير- معفرة ازقتها با لتراب

جاسم محمد الحافظ

2006 / 9 / 14
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


قال لي احدهم ساخرا. هل سمعت عن مدينة منذ ظهور المدن ..الرومانية القديمة، حتى وقتنا الحاضر، حظيت بأهتمام كبير من لدن الرؤساء. مثل ماحظيت به مدينة الثورة ببغداد؟.. بيد انها غير آبية من الخروج من الشرنقة الترابية والاوحال التي تحاصرها، رغم مرورها بآغلب أدوار ألاستحالة .. من مدينة الثورة.. الى مدينة الرافدين..الى مدينة صدام ... الى مدينة الصدر ... الى....( والله آعلم).. لكنها ظلت عصية على التطور( فماهي بقرية ،حيث لا أشجار فيها وليس فيها ملامح ما تتصف بها المدن). يلفها الفقر والجوع والخراب والخوف...تبكي كل مقتول من شهداء الطف الى شهداء الجسر وما بينهما من أئمة ماتوا بالسم أو قتلوا مغدورين.
لاماء فيها ولاكهرباء ولاخطوط تلفون ولا...ولا....
أطلقت العنان لذاكرتي بينما زميلي يعدد ويعدد. وتداعت الصور حتى وقعت على شابا يافعا كان متحمسا كغيره من طلاب ثانوية قتيبة(في مدينة الثورة) يجري وراء حافلات مصلحة نقل الركاب المتجهة صوب مركز العاصمة بغداد. محاولا تثبيت ملصق كتب عليه " إنها مدينة الثورة" ردا على أمر كان قد صدر في عهد عبد السلام عارف يقضي بتغيير اسم مدينة الثورة الى مدينة الرافدين إيغالا في الكراهية لمؤسسها الزعيم الوطني الخالد عبد الكريم قاسم ولمنجزات ثورة 14 تموز الوطنية.

ودارت الايام حتى إلتقيته في احدى مدن الشتات البعيدة عن الوطن في آسيا الوسطى.وبعد أن فاجأني بابتسامته المعهودة والعذبة والتى لاتضاهيها الا عذوبة ماء دجلة. وأنا المقلوع توا من جذوري تلفني حيرة وأرتباك الغرباء.
فهون علي ألأمر وطمأن نفسي المضطربة ..وراح يسألني بشغف عن مدينته مدينة الثورة عن احيائها اسواقها..أزقتها ..أوهلها الكرماء الطيبيين، المحروسين بفكر الفقراء. حتى ضاقت الاسئلة الى الحد الذي دارت حول سوق معين وزاوية فيه بذاتها، وخرابة تطل عليهما. فأكدت له معرفتي بكل هذه التفاصيل.. طأ طأ رأسه ودمعت عيناه وقال لي: أما رأيت أمي؟ قيل لي إنها تلازم عتبة تلك الدار منذ ان غادرتها وكل ظنها انني لست ببعيد..وسأفاجئها بالظهور يوما. تلك الام كانت فارعة الطول جميلة لكنها لم تفرح وكذا اقرانها من النساء في الزقاق يوما، يصارعن الخوف والفقر معا في مدينة تعج ببحر من الكادحين المقهورين اللذين انتميت الى احلامهم وامالهم بالفطرة دون أن يطرق باب عقلي احدا.
بعد أن أنهى "سمير" دراسته العليا كانت ابواب الوطن موصدة دون اهله الخيريين.. أبناء الفقراء تلتهمهم طواحين الحروب الخائبة للقعقاع إبن يوسف التكريتي.
فراح"سمير" يدور مرتحلا مثلما تدور الكواكب حول شموسها حتى التقطته ذرى جبال كردستان العراق الشماء.ملتحقا بقوات الانصار مقاتلا طيب القلب وديعا، شيوعيا باسلا وعتيدا في مقاتلته للدكتاتورية البعثية، إلى أن وقع أسيرا بين ايدي قوات الاتحاد الوطني الكردستاني...( أيام اعراس الصفقات) والتي تركت بشتآشان ورائها في ربيع 1983 تروي سهوله دماء عشرات الشهداء من الوطنيين الشيوعيين الاباة، اللذين غدروا غيلة وعدوانا.
نهشت أجسامهم الطاهرة ضواري الجبال. رسل كانوا للأخوة والصداقة. جائوا من بغداد والحلة والعمارة والنجف ومن مدن العالم الاخرى. وبعد أن تأكد للمهاجمين الهمجيين المعجونة دمائهم بروح الحقد الشوفيني، إن دم "سمير" الاسير لديهم لم يكن كرديا نقيا كدم أمه بل ان فيه من عروبة ابيه شيئا وكان ذلك سببا كافيا لهم لأطلاق النار عليه امام رفيقات له كن قد وقعن في الاسر معه. تماما كما فعل صدام حسين في ألأنفال وحلبجة، بعد ان كانت نقاوة الدم الكردي في عروق ضحاياه سببا كافيا له لابادتهم بالغازات السامة.
نم قرير العين ياصاحبي الاكرم رغم ان قاتلوك صاروا رؤساء( يتبرعون للأيتام ولأمهاتهم الثكلى... ولايعتذرون على اقل تقدير.)
وإن مدينتك "ياسمير" لازالت معفرة بالتراب..الا ان دمائكم الزكية اضائت للفقراء دروب الحرية المفضية إلى وطن حر سوف يكون لن فيه مكانا للأنتهازيين وتجار الحروب.وطن للعدالة الاجتماعية والتآخي والمساواة..وستظل الثورة
تنشد لفتيتها اللذين نثروا بذور الحب والامل في أزقتها الحزينة، وإن البسوها العمة هذه المرة. ونقول:
هيلة يهلنة واحنة منها وبيها
وبغداد شمعة وماهوه يطفيها
فالى المجد والخلود يافرسان الجبال وياشهداء الوطن الابرار
فالعراق الحلم آت لامحالة

د جاسم محمد الحافظ لندن

"سمير" هو الشهيد سمير مهدي شلال الذي استشهد في بشتاشان في آيار 1983








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العلاقات السوفييتية العربية


.. اعتداءات وحشــــ ية على المتظاهرين.. الغرب يناقض نفسه ويواجه




.. العقلانية والتاريخ في خطاب الياس مرقص - د. محمد الشياب.


.. بمشاركة آلاف المتظاهرين.. مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في صنعاء




.. تركيا تعلن مقتل 17 مسلحا من حزب العمال الكردستاني شمال العرا