الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العبث والطريق المسدود

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2022 / 5 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أركيولوجيا العدم
العودة المحزنة للقفص الزجاجي
140 – بداية الفلسفة
ربما أصبح من الضروري في الظروف الراهنة لتطور الفكر الفلسفي إعادة النظر في مفاهيم كلاسيكية مثل العبث والعبثية والعدمية واللامعقول والإرتيابية .. إلخ. فمن الواضح اليوم أن القضية الأساسية التي يجب طرحها على الساحة الفكرية ليس غياب المعنى ولا ضرورة الكينونة أو عرضية العالم والحياة، وإنما تقويض ضرورة المعنى وضرورة الغائية والتعالي. فيبدو أن التعريفات الكلاسيكية لهذه أالظواهر فقدت صلاحيتها وأصبحت غير سارية المفعول منذ زمن فويرباخ والأجيال اللاحقة التي كونت التيارات العقلانية الثورية للقرن العشرين حتى اليوم. التنديد بالعبثية وبالعدمية، يعتبر ركيزة من ركائز إستراتيجية الإرهاب الفكري المستند على النصوص المقدسة والكتب السماوية والسرد الميتافيزيقي للفقهاء والحاخامات.
لا شك أن العالم يعاني اليوم من أزمات وإشكاليات متعددة المنابع والمصادر والأسباب. الحروب والمجاعات والرأسمالية والإستغلال وثلوث البيئة وإزدياد درجة الحرارة والكوارث الطبيعية والكوارث الغير طبيعية والجهل والفقر والإستعمار والإمبريالية، وأنواع متعددة من التمييز بين المواطنين بخصوص اللون أو العنصر أو الدين أو الميول الجنسية، وآخر هذه الكوارث فيروس الكوفيد الذي بدأ في حصد الآلاف من البشر في كل بقاع الدنيا، وقائمة الكوارث طويلة يمكن للقاريء زيادتها وتكملتها. ومن مسببات هذه المصائب المنصبة على رؤوس البشر في هذا الزمان، يأتي في المرتبة الأولى الإنسان نفسه فيما يتعلق بتخريب الطبيعة وتلوث الجو وحرق الموارد الطبيعية والإستغلال البشع لطبقة طفيلية محدودة من الأغنياء لبقية سكان الكرة الأرضية، وكذلك فيما يتعلق بالحروب والمجازر التي لم تتوقف لحظة واحدة منذ مئات السنين. غير أن الإنسان كفاعل ومسبب مباشر لهذه الكوارث وهذا الكابوس يخضع بدوره لدوافع وأسباب وظروف إجتماعية وإقتصادية وسياسية وبيئية وثقافية تتحكم فيه وتملي عليه أعماله وطريقته في التعامل مع العالم والأشياء والبشر. وبالإضافة إلى العوامل المذكورة، هناك عامل آخر شديد الأهمية وهو الذي يهمنا في هذا المقام وهو العامل الديني والذي بدأ يأخذ مكانا وحيزا أكبر بكثير من بقية العوامل وبالذات في المنطقة المصابة بداء الدين الإسلامي. وهو عامل يؤثر تأتيرا مباشرا على تطور وسير المجتمعات، والسبب الرئيسي في العديد من الحروب وفي تخلف هذه المجتمعات وبقائها ضحية للخرافات والأساطير مما يسهل عملية السيطرة عليها سواء من القوى الإستعمارية الخارجية سواء من الذئاب والتماسيح الداخلية، وعادة من الإثنين معا. والعامل الديني يشمل بطبيعة الحال كل ما يتعلق بما يسمى بالحياة الروحية والإيمان بالله والرسل والأنبياء والملائكة والشياطين، بالقرآن والكتب المقدسة والأحاديث والسنة، بالقضاء والقدر واليوم الآخر والثواب والعقاب إلخ. ويبدو وكأن الله هو مركز النظام بأسره ومحور العقدة الأساسية التي يجب فكها ليتحرر الإنسان من جزء من هذه الكوارث. ومن الملاحظ أن جميع الأديان بدون إستثناء لم تقدم دليلا عقليا واحدا على ضرورة وجود هذا الكائن الأسطورة، ولم تهتم بعملية التدليل على وجوده، حيث أن وجوده بديهية طبيعية ويدرك بالفطرة الإنسانية والأمر لا يحتاج إلى أي نقاش أو حوار. بطبيعة الحال كل إنسان متوسط العقل لن يهمه مثل هذا الموضوع، فوجود الله أو عدم وجوده لن يغير أي شيء في الحياة على الكرة الأرضية. ولذلك فنحن نقول مع القائلين بأن الله حتى ولو كان موجودا فلن نؤمن به على أية حال، يستطيع أن يوجد إذا شاء ولكن لا سلطة له علينا ولا على حياتنا، ومن الضرورة التأكيد في نهاية الأمر على أن هذا الله إذا كان موجودا فلا بد من اقضاء عليه بطريقة أو بأخرى. أما المشتغلين بالفلسفة ورجال الدين المهتمين بالعقل، فقد حاولوا منذ القدم تقديم العشرات من الأدلة على وجود الله - ويمكن للقاريء أن يرجع لمواضيعنا السابقة بهذا الخصوص - وذلك لمحاولة التقارب بين الفلسفة والدين وتقليص وربما ردم الهوة المظلمة الفاصلة بين العقل والأسطورة..

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دروس الدور الأول للانتخابات التشريعية : ماكرون خسر الرهان


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات اقتحام قوات الاحتلال في مخيم ن




.. اضطراب التأخر عن المواعيد.. مرض يعاني منه من يتأخرون دوما


.. أخبار الصباح | هل -التعايش- بين الرئيس والحكومة سابقة في فرن




.. إعلام إسرائيلي: إعلان نهاية الحرب بصورتها الحالية خلال 10 أي