الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العملية -بي بي كاي 2-، عندما خزّنت ألمانيا الغربية مليارات من عملة الطوارئ في قبو مضاد للهجوم النووي

ياسين خضراوي
كاتب وخبير لغوي تونسي

2022 / 5 / 11
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


في قصة تشبه إلى حد كبير روايات الجاسوسية، قامت ألمانيا الغربية في فترة الحرب الباردة بطبع عملة طوارئ بديلة في بلدة كوخيم.

مخبأ البوندسبانك، كما أطلق عليه البنك المركزي الألماني، أسسه أساسا للحفاظ على عملة الطوارئ، حيث أنه من عام 1964 إلى عام 1988، قام البنك الاتحادي الألماني بتخزين ما يصل إلى 15 مليار مارك في منشأة سرية للغاية، لحماية ألمانيا الغربية من أزمة اقتصادية وطنية في حالة التضخم المفرط المحتمل الذي قد تسببه الحرب الباردة.

في سنوات الحرب الباردة، كان هناك دائما خطر اندلاع صراع بين الغرب من جهة، والممثلة في (الناتو) والكتلة الشرقية الممثلة في (حلف وارسو)، تعرضت جمهورية ألمانيا الاتحادية للخطر بسبب وضعها كدولة حدودية بين الكتلتين، ولهذا السبب، تم اتخاذ تدابير أمنية مختلفة في الجمهورية الاتحادية، مثل مخبأ الحكومة الذي تم بناؤه في ذلك الوقت في منطقة باد نوينار-آرفايلر (غير بعيدة على مدينة دوسلدورف).

تحتوي القاعة الرئيسية لهذا القبو أو المخبأ على 12 خلية مغلقة بسياج حديدي تم في داخله تخزين حوالى 18300 علبة كرتون مكدّسة حتّى السقف على مدى 25 سنة، وتحتوي على ملايين الأوراق المالية من فئات مختلفة من عملة المارك، أيضا كانت تلك الأوراق المالية مشابهة تماما للمارك المتداول في ذلك الحين، غير أن ظهرها مختلف تماما. الجدير بالذكر أيضا أن هذه "الثروة" كان قد استغرق تخزينها في هذا القبو المحصن العديد والعديد من الشاحنات على عدة مرات أو سفرات، وتم كل ذلك دون أن ينتبه للأمر أحد، ولا حتى عملاء أو جواسيس "شتازي"، وزارة أمن الدولة آنذاك في ألمانيا الشرقية.

في حالة نشوب حرب نووية، كان المخبأ سيحمي ما يصل إلى 100 مدني الذين كانوا من الممكن أن يعيشوا أسبوعين هناك، وبالإضافة إلى الخزائن، كانت هناك أيضا غرف نوم وعمل، ومركز تحذير وغرفة راديو متصلة مباشرة بوزارة الداخلية، كان أيضا لهذا النظام إمدادات الكهرباء الخاصة به عن طريق مولدات الديزل و 18000 لتر من احتياطي الوقود، وتم أيضا تأمين إمدادات مياه الشرب عن طريق بئر عميق مؤمن وخزان سعة 40.000 لتر، ومن جانب آخر، تم ضمان إمداد الهواء للتنفس بواسطة مرشح رملي.

تم أيضا بناء مخبأ مماثل للحفاظ على احتياطيات العملات لصالح البنوك المركزية الجهوية في محافظة راينلند بالاتينات في منطقة فلاحية بالقرب من مدينة لورشايد، من ناحية أخرى، كان هناك قلق من أن الكتلة الشرقية قد تقدم أعدادا كبيرة من الأوراق النقدية المزيفة إلى ألمانيا الغربية للتسبب في تضخم مفرط، لذلك، تم تخزين عملة الطوارئ الاحتياطية بحيث يمكن الحفاظ على القوة الشرائية، ولهذا الغرض، تمت طباعة سلسلة خاصة من المارك الألماني، سُمِّيت "بي بي كاي 2".

علاوة على ذلك، تم فحص مخزون النقود بشكل عشوائي كل ثلاثة أشهر من قبل مدقق حسابات في البنك الإتحادي "بوندسبانك"، وباستثناء هؤلاء المراجعين، لم يُسمح لأحد بدخول المخبأ أو القبو، ثم في عام 1988، تم التخلص من عملة الطوارئ هذه وتُرك المخبأ فارغا في البداية، وبعد ذلك، في عام 1994، باع البنك الإتحادي الألماني هذا "الإستثمار" إلى بنك Volksbank Cochem والمعروف حاليا باسم Vereinigte Volksbank Raiffeisenbank eG، حيث تم تركيب خزانات للعملاء في قبو من المخبأ، لكن معظم المجمع ظل على حاله.

عقب كل ذلك، تم بيع المنشأة بأكملها، والتي تتكون من قطعة أرض فوق الأرض مع مسكنين كبيرين مموهين ومخبأ تحت الأرض ونظام على شكل قبو وتم ذلك في عام 2014 بأقل من 500000 يورو لرجل أعمال"تريس كاردن"، الذي قام بإصلاح ذلك المخبأ وتحويله إلى متحف، و منذ مارس / آذار 2016، أصبح المخبأ في كوخيم مفتوحا أيضا للأفراد للقيام بجولات إرشادية كموقع توثيق رسمي، في حين تم تحويل منازل التمويه السابقة إلى فندق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إمام وحاخام في مواجهة الإنقسام والتوترات في برلين | الأخبار


.. صناع الشهرة - كيف تجعل يوتيوب مصدر دخلك الأساسي؟ | حلقة 9




.. فيضانات البرازيل تشرد آلاف السكان وتعزل العديد من البلدات عن


.. تواصل فرز الأصوات بعد انتهاء التصويت في انتخابات تشاد




.. مدير CIA يصل القاهرة لإجراء مزيد من المحادثات بشأن غزة