الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مَن قتل شهداءَنا في شرق القناة؟

فاطمة ناعوت

2022 / 5 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


غيمةُ حزنٍ معتمة مرّت على وجه مصر الصبوح أمس الأول بعد استشهاد جنودٍ بواسل من قواتنا المسلحة في شرق قناة السويس غرب سيناء دفعوا أرواحَهم لحماية منشأة مصرية، استهدفها تكفيريون إرهابيون من أعداء مصر، ممن لا يستحقون لقب: "مصريون” الشريفَ. ولا تزال "الجمهوريةُ الجديدة" التي تعلو قامتُها يومًا بعد يومٍ تفتكُ بقلوب أعداء مصر حسدًا وتُصدِّعُ أرواحَهم حقدًا، فلا يجدون من متنفَس لهم إلا بعمليات إرهابية خرقاء تُفصحُ عن وجههم الأسود، الذي يزدادُ إعتامًا وقبحًا كلما ازداد وجهُ مصرَ إشراقًا ونورًا وتنويرًا. كلّما غرس الرئيسُ "عبد الفتاح السيسي" نبتةَ تنمية وحضارة وتنوير في بقعةٍ من بقاع مصر، غُرِست في قلب أعداء مصرَ شوكةُ حسدٍ وغلٍّ، تطفرُ دمًا دنسًا في حقل الإرهاب. ومصرُ لا تنسى ثأرَها ولا تُغمض عينيها إلا على قصاصٍ حاسم من بلطجية الإرهاب؛ الذي يلفظ أنفاسَه الأخيرة والحمد لله، بعد سنوات من التصدي الجاد له من ثورة 30 يونيو التنويرية. لكن مصرَ القويةَ التي لا تكسرُها نِصالُ ألفِ عدوّ وألف ألف خصيم، توجعُها شوكةٌ صغيرةٌ فى يد ابنٍ عاقٍّ من أبنائها المحسوبين عليها زورًا بحكم الميلاد والنشأة. فالأبناءُ البررةُ لا يغرسون أشواكَهم فى قلب الأم، تحت أي ظرف. فمن يعاونُ أعداءَ الوطن ويغرسُ شوكةً في قلب مصرَ، إن هو إلا عدوٌّ خسيسٌ لا يستحقُّ شرفَ الانتماء لذلك الوطن.
والحقُّ أن التصدي الجاد "للإرهاب المسلح" يلزمُه صنوٌ لا ينفصلُ عنه ولا يقلُّ عنه أهميةً وحتميةً وهو التصدي الجاد "للإرهاب الفكري" الذي يُفرِّخ كل يوم ضِباعًا من الإرهابيين المسلحين. ومازال أربابُ الإرهاب الفكري آمنين في كهوفهم ينفثون سمومهم فحيحَ فتاوى فاسدة على صفحات التواصل الاجتماعي وقنوات يوتيوب والفضائيات المشبوهة، ثم ينامون ليلهم مطمئنين، ليدبروا مكائدَ اليوم التالي في سبيل إسقاط مصر التي لن تسقط أبدًا بإذن الله. تلك الفتاوى المفخخة التي تُكفِّر أبناء مصر وجنود مصر ورئيس مصر، يتلقفها مأفونون شاغرو العقل؛ فيهرعون إلى تفجير قطعة من قلب مصر هنا أو هناك، وهم يظنون جهلا وتغييبًا أنهم يرضون الله طامعين في فردوسه! أولئك المغيبون ليسوا إلا "عرائس ماريونيت" خيوطُها في أيادي محركيها من أرباب الفكر التكفيري. "صانع" العرائس الذي يحركّها مازال في مأمن من القانون للأسف. القاتل الحقيقي هو الذي مَن "أفتى" وليس "فقط" مَن ضغط الزناد.
الآن الآن، وليس غدًا، علينا مجابهةُ الفكر التكفيري بكل حسم ومحاصرته في جميع وسائل الإعلام والتعليم والتواصل الاجتماعي، وتغليظ عقوبة كل من يزرع الأفكار المسمومة في عقول النشء الذي نرجو تنشئتهم على الوطنية والتحضر.
هل تذكرون الإرهابي الانتحاري "محمود شفيق" الذي شهد ذووه بأنه ليلة جريمته في ديسمبر 2016 استمع إلى فتوى بأن العمليات الانتحارية ضد أبناء مصر نصرٌ مبين للإسلام، وأن منفذها مصيره الجنّة بأنهارها وعسلها ولبنها وحور عينها؟ أرباب الإرهاب الفكري مازالوا يملأون الصفحات قيحًا وصديدًا ويثرون من دم المصريين ويسكنون القصور من قوت بسطائها الذين آمنوا بهم فصدّقوا أن المصريين كفّارٌ مهدورة دماؤهم، فالمسيحيون مشركون بالله والمسلمون مرتدّون عن دين الله، ودمُ الجميع هدرٌ! أولئك هم القتلة الحقيقيون الذي يجب توقيفهم بتهمة التحريض على الإرهاب.
ثورة الشعب في 30 يونيو 2013 لم تكن اقتصادية أو اجتماعية إنما كانت ثورة ثقافية تنويرية تمردت علي التخلف والتطرف الديني الذي أشهرته الجماعات التكفيرية في وجوهنا. كانت ثورة ضد السموم التي كان مشايخ الفتنة يبثونها في عقول بسطائنا. والمغنم الرئيسي من تلك الثورة كان نجاة مصر من ويلات الفكر الجهادي التكفيري الذي كان سيحول مصر إلي مركز من مراكز تصدير الإرهاب للعالم، كما سمعنا من تسجيلات أحاديث مرسي العياط مع أيمن الظواهري وغيره من قيادات الجماعات. ولهذا، منذ 30 يونيو 2013، لا تدخّر قوى الإرهاب جهدًا لتحقيق هدفها في كسر شوكة مصر بالإرهاب المسلّح، الذي يتلو الإرهاب الفكري. في مواقع التواصل الاجتماعي لا تتوقف قوى الإرهاب عن استلاب عقول النشء وتضليله حتى يتيسر تجنيده تحت لواء الإرهاب. وعلينا نزع فتيل تلك القنابل التي تسعى إلى تدمير عقول شباب المصريين.
اللهم أحسنْ مُقام شهدائنا الأبطال في عليائك، وأحسنْ عزاءَ ذويهم، وعوّض مصرَ العظيمة عنهم خيرًا، وادحرْ بالخزي وجوه الإرهابيين أعداء الوطن العزيز، وسربلهم بأسمال الخسران المهترئة، وأذقهم من كأس الوجع كما يفعلون بنا نحن أبناء مصر. "ولا تَحسبَنّ الذين قُتلوا في سبيلِ الله أمواتًا بل أحياءٌ عند ربِّهم يُرزقون”. تحيا مصر.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي