الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النضال الطبقي في الأول من أيار، و موقع يسار كردستان نموذجا!

عامر رسول

2022 / 5 / 12
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


تقييم عام حول الأول من أيار
ليس خافيا على أحد بان الأول من أيار حدث تاريخي كبير يحتل مكانة عظمية في تاريخ ونضال الطبقة العاملة العالمية، هذه الطبقة التي ترعرعت ونشأت في رحم الرأسمالية الصناعية والتي تحولت تدريجيًّا هذه الرأسمالية الى نظام اقتصادي-اجتماعي مهيمن في العالم قاطبة هذا النظام القائم على الملكية الخاصة والاستحواذ على الوسائل الإنتاج والعمل المأجور. ومن هنا تحققت الشروط الأساسية لنمو العناصر المحورية للرأسمالية الصناعية والتي كانت حركتها واليات عملها تعتمد بشكل أساسي على الجشع واستغلال لقوة عمل البروليتاريا من خلال فائض القيمة تلك القيمة الفائضة المسروقة من جهد وكدح ومشقة العامل على مر التاريخ، والتي تؤدي بدورها الى الربح وتراكم رأس المال بيد المالكين لوسائل الإنتاج.
لم تقف البروليتاريا من هذا الصراع الطبقي مكتوفة الايدي تجاه السياسات الرأسمالية، ونظامها، ومؤسساتها، وقوانينها. حيث واجهت الرأسمالية بنضال مستميت على كافة الاصعدة، وأدركت البروليتاريا بان انتصارها وقوتها تكمن في وحدتها الطبقية. وسرعان ما تحركت هذه القوة العظيمة من اوربا الى استراليا وكندا وامريكا في استعراض قوتها الطبقية لفرض ثمان ساعات عمل يومي والمطالبة بزيادة الأجور. والتي عرفت بحركة الثمان ساعات.
وليس من قبيل المصادفة بان يرفع كارل ماركس ورفيق دربه فريدريك انجلس رفع شعار "يا عمال العالم اتحدوا" في البيان الشيوعي عام 1848، حيث انتشر صداه كالنار في الهشيم وحملت البروليتاريا هذا الشعار وانتقلت بها من قارة الى قارة في ارجاء العالم. انها أولى الإشارات والاحداث التاريخية التي على الاشتراكيين والشيوعيين الرجوع اليها كبوادر أولية لنمو واقتدار هذه الحركة و الوقوف على تاريخ الأول من أيار.
تطرقنا لهذه المقدمة التاريخية الموجزة للوصول الى استنتاج مفاده بان مناسبة الأول من أيار ليس عيدا ولا مناسبة تفريحية للعمال وليست مناسبة قومية او وطنية انها الادعاءات الكاذبة للأكثر من ١١٠ دولة التي أجبرها النضال الدؤوب للطبقة العاملة العالمية على الاقرار والاعتراف بالاول من ايار، حيث يقيمون كرنفالات وإقامة احتفالات مخادعة وكاذبة مدعيا فيها تكريم العمال.
ان المطالب والشعارات للغالبية العظمى من البروليتاريا العالمية كانت واضحة، حيث تمحورت حول حياة افضل من خلال تحسين ورفع مستوى المعيشة، حركات مناهضة للجوع والحركة الاحتجاجية ضد غلاء الأسعار المواد الغذائية الاساسية والمحروقات. وهذا ما رايناه في مسيرات ومظاهرات هذا العام في عموم العواصم العالمية (باريس، بلجيكا، اليونان وتركيا.... وغيرها). واظهرت البروليتاريا عكس ما ترمي اليها الأنظمة الرأسمالية، التي كانت تهدف باستمرار الى تشويه هذا التاريخ بشكل متعمد والغاية الرئيسية هي تفريغه من محتواه النضالي والطبقي.
حيث رأينا كيف استعرضت البروليتاريا سخطها وغضبها على السلطات البرجوازية كنتيجة موضوعية للأوضاع المزرية التي تعصف بحياتهم ومعيشتهم المتمثلة بغلاء المعيشة وتسريح العمال وتدني زيادة الأجور مقارنة بالأوضاع والظروف العالمية الراهنة والحرب «العسكرية - الاقتصادية" الرأسمالية بين روسيا وامريكا ودول الغرب في أوكرانيا. وانعكاساتها السلبية المباشرة على حياة ومعيشة البروليتاريا.

وفي الجهة المقابلة رأينا بان المنظمات التي تدعي الشيوعية والاشتراكية والنقابات الصفراء معزولة تماما عن الحركة المطلبية للبروليتاريا ويسيرون باتجاهات تقليدية وهامشية غارقة في أفكار المحافل والمجموعات والتنظيمات الضيقة لا صلة لها بالعمال لا من قريب ولا من بعيد. وهذه الظاهرة قائمة وملموسة وعلى صعيد العالم مرورا من الغرب الى بلداننا الشرق الأوسطية.

وان نماذج المنظمات اليسارية في العراق وكردستان كانت واضحة بهذا الخصوص حيث رأينا كيف ان الحزب الشيوعي العمالي الكردستاني شكل لجنة مراسيم احياء الأول من أيار مع الحزب الشيوعي الكردستاني وكذلك مع منظمات إيرانية غارقة في النزعة القومية مثل جماعة "عبداللە مهتدی" وغيرهم تحت مظلة الحزب الشيوعي الكردستاني. قبل فترة زمنية ليست بالبعيدة كان محظورا على هذه المجاميع تبادل الزيارات والمراسلات الرسمية وإقامة اية علاقات معهم، ولكن الان أصبحوا في مصير طبقي مشترك مع الحزب الشيوعي العمالي الكردستاني.

اعتقد بان هذه السياسة انعطافه وتراجع واضح في راديكالية الحزب الشيوعي العمالي تحت يافطة لجنة مراسيم احياء الأول من أيار. وكلامنا غير موجه للجهات الأخرى المشاركة لإنها معروفة بتوجهاتها وخلفياتها السياسية القومية والليبرالية والاصلاحية، والجميع يعلم بان الحزب الشيوعي الكردستاني يتعقب من خلال حضوره السياسي الاستفادة من هذه المناسبة في الاستعداد للخوض في الانتخابات القادمة في كردستان وليس من اجل مصلحة الطبقة العاملة. ولكن كلامنا يدور حول الدوافع السياسية والطبقية التي دفعت بالحزب الشيوعي العمالي بالمشاركة بهذه التجمعات، في حين كان بإمكانه ان يعمل باتجاه اخر مع الفعالين الشيوعيين والاشتراكيين المعروفين بتاريخهم ونضالهم الطبقي في كردستان وفصل نفسه عن تلك الحركات البعيدة كل البعد عن العمال وقضايا صراعهم الطبقي بدل من ان يضع نفسه في زاوية ضيقة وموقف محرج سياسيا. إنه لشيء مؤسف بان نرى وبشكل عملي ملموس بان هذا الحزب ينزلق ويلتحق باتجاه اليسار البرجوازي.

وان نقدنا لهذه المسألة وفي هذا الحدث التاريخي ينبع من حرصنا على الاهمية السياسية قبل الأهمية الاجتماعية للتلاحم الطبقي للطبقة العاملة في هذا اليوم على وجه الخصوص، فعلينا استقبال الأول من أيار بشكل يجسد أهمية واعتبار الطبقة العاملة في كردستان وابراز مدى ما تعاني من التهميش والقهر والجور والجوع ومصادرة الحريات والحقوق وهذا كله بسبب طغيان جبروت القوة السياسية والاقتصادية لرأس المال ونظامه الاجتماعي المتمثلة بالأحزاب البرجوازية الكوردية، وفي نفس الوقت حرصنا على راديكالية المنظمات اليسارية والاشتراكية في جبهة موحدة بغض النظر عن المسميات والشعارات المختلفة.

ان الأول من أيار يتطلب منا اليوم إعادة النظر فيه: هل هو احياء روتيني تحييه الأنظمة الرأسمالية من خلال نقابتها الصفراء ليوم واحد والكل يرجع لعمله ولبيوتهم ام هو يوم احتجاج ومواجهة طبقية لتهز عرش الأنظمة الرأسمالية. على الشيوعي والاشتراكي تقوية هذا المسار وتقوية الوعي والميل الاشتراكي داخل صفوف العمال في أماكن عملهم ومعيشتهم. وفضح سياسات الدول والأحزاب البرجوازية بيمينها ويسارها بمحاولتها لتهميش هذا الحدث وافراغه من محتواه الطبقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير