الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعتراض على تقارير تقييم الاداء الوظيفي

احمد طلال عبد الحميد
باحث قانوني

(Ahmed Talal Albadri)

2022 / 5 / 14
دراسات وابحاث قانونية


إن من أهم ضمانات التقييم الموضوعي والشفافية لتقرير تقييم الاداء الوظيفي امكانية الاعتراض عما ورد فيه من قبل الموظف الخاضع للتقييم ، حيث يسمح عنصر الشفافية وعلانية الاطلاع على التقييم للموظف بالاعتراض عما ورد فيه إذا ما شعر أن حيفاً أو ظلماً لحق به وأهدر جهوده الحقيقية المبذولة أو إذا كان التقييم بعيداً عن المعايير الموضوعية والحيدة المطلوبة في عملية التقييم، ففي فرنسا رسم المشرع طريقاً خاصاً للتظلم من تقارير التقييم من خلال تقديمه أمام لجنة خاصة تشكل لهذا الغرض تسمى بـ اللجان الإدارية المتساوية (المتعادلة)، حيث نص المرسوم (97-40) في 20/يناير/1970 على تشكيل لجان إدارية تتضمن عدد متساوٍ من ممثلي الموظفين وممثلي الادارة تتولى مراجعة التقارير وإبداء الرأي وتقديم التوصيات المناسبة، وترك سلطة اتخاذ القرار النهائي للادارة ، كذلك الحال في أمريكا : حيث أجازت المادة (502) من نظام ترتيب الوظائف لسنة 1949 تقديم الشكاوى والتظلمات من قبل الموظفين حول تقارير تقييم الأداء إلى ديوان الموظفين فضلاً عن حق مطالبة الهيئة الحكومية التي ينتسب إليها الموظف بمراجعة التقييم ورفع الجور عنه ، أما في مصر : فإن المشرع قد رسم طريق خاص للتظلم من خلال تشكيل (لجنة للتظلمات) بقرار من السلطة المختصة تتكون من ثلاثة من شاغلي الوظائف القيادية وعضو تختاره اللجنة النقابية بالوحدة إن وجدت، كما حدد المشرع مدة التظلم بـ (15) خمسة عشر يوماً وحدد مدة البت بالتظلم من قبل اللجنة بـ (60) ستين يوماً من تاريخ تقديمه، ويكون قرار اللجنة نهائياً دون الاخلال بحق الموظف في مراجعة القضاء وهذا ما نصت عليه المادة (26) من قانون الخدمة المدنية المصري رقم (81) لسنة 2016 ، أما في الجزائر : فإن المشرع جعل التظلم جوازياً، وللموظف الخيار بين التظلم من تقرير كفايته أمام اللجنة الإدارية المتساوية الاعضاء أو أن يطعن فيه بالالغاء، ويلاحظ أن المشرع الجزائري، أغفل تحديد مدة التظلم ومدة البت بالتظلم ومدى إمكانية التظلم الرئاسي باعتبار ذلك من المبادئ العامة في (الوظيفة العمومية) ، كذلك أجاز القانون الأردني في المادة (74) من نظام الخدمة المدنية رقم (82) لسنة 2013 للموظف الذي يُصنف درجة أداءه السنوي (بضعيف) من الاعتراض على تقدير أداءه السنوي خلال (3) أيام عمل من تاريخ استلام التقرير ولم يحدد مدة للبت بالاعتراض ، في حين أن المشرع البحريني حدد في البند (سادساً / أحكام عامة / 9) من تعليمات الخدمة المدنية رقم (6) لسنة 2017 مدة لطلب (التماس إعادة النظر) بنتائج التقييم خلال مدة (15) يوم من تاريخ أخطاره بصورة رسمية بتقرير الأداء النهائي أما جهة اعتماد التقارير ولهذه الاخيرة أن تصدر قرارها بالالتماس خلال (15) يوم من تاريخ تقديمه.
أما في العراق : فإن المشرع لم يعطي للموظف حق الطعن أو الاعتراض على التقرير السري المرفوع بحق الموظف، إلا أن جانب من الفقه يرى امكانية التظلم منه ولائياً أو رئاسياً، وفي حال عدم مراجعة تقرير الكفاءة فبالإمكان اللجوء للقضاء الإداري تطبيقاً للقواعد العامة، وباعتبار أن تصنيف الموظف (رديء) معناه التأثير على حقوقه الوظيفية، وباعتبار تقرير الكفاءة بمثابة قرار إداري نهائي يخضع لرقابة القضاء الإداري ، وهذا الرأي ينسجم مع موقف مجلس الدولة الفرنسي الذي خَلَعَ وصف القرار الإداري على تقارير تقييم الأداء الوظيفي وسمح بالطعن فيها بالالغاء مباشرة أمام القضاء في حكمه الصادر بتاريخ 23/11،/1962 في قضية كامارا (Camara) وهذا أيضاً موقف المحكمة الإدارية العليا في مصر، ثم وسع مجلس الدولة قضائه وقبل الطعن في التقدير العام في حكمه الصادر بتاريخ 22/11/1963 في قضية فانيس (Vanesse) ، في حين يذهب رأي آخر إلى تقرير الكفاءة لا يعد نهائياً إلا بعد الفصل بالتظلم من قبل الجهة المختصة بنظر التظلم، فإذا فصل فيه بالرفض أصبح قراراً إدارياً نهائياً قابلاً للطعن فيه بالالغاء ، ولا شك أن اتجاه مجلس الدولة في العراق هو عدم قبول الطعن أمام محاكمة إلا إذا كان القرار الطعين قرار إداري نهائي وإلا يتم رد الدعوى ، فالقرار الإداري القابل للطعن هو كل قرار إداري نهائي صادر عن سلطة إدارية ومنتج لاثر قانوني ، وهذا أيضاً هو اتجاه المحكمة الإدارية العليا في قرار لها صدر في الطعن المرقم (136/137/قضاء موظفين/تمييز/2014) في 5/4/2015 إذ جاء فيه (... ولدى اطلاع المحكمة الإدارية العليا على الأمر المذكور وجدت المحكمة ان هذا الكتاب لا يرقى إلى مستوى القرار الإداري النهائي القابل للطعن فيه أمام محكمة قضاء الموظفين، .... فلم يرتب هذا الكتاب أثر قانوني حال ومباشر في المركز القانوني للمدعي مما يجعله غير صالح للطعن فيه أمام محكمة قضاء الموظفين كونها محكمة الغاء وبالتالي فإنها تختص بالنظر في القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بشؤون الموظفين...) ، إذ إن من الشروط القانونية لقبول دعوى الالغاء أن يكون محلها قرار إداري نهائي ، ولذلك نرى أن تقرير التقييم أو تقرير الكفاءة لا يعد قراراً إدارياً نهائياً بمجرد صدور تقييم من الرئيس المباشر ما لم يتم مصادقته واعتماده من الرئيس الاعلى، وبمجرد مصداقته يعد قرار إداري نهائي يرتب آثاراً مادية ومعنوية بحق الموظف ويكون قابلاً للطعن فيه بالالغاء، وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية العليا في قرارها في الطعن المرقم (456/قضاء إداري/تمييز/2015) في 1/12/ 2016 الذي جاء في حيثياته (...وقد فات على المحكمة أن القرار الإداري يكون نهائياً وقابلاً للتنفيذ بمجرد صدوره واعتماده إذا كان لا يحتاج إلى تصديق أو أعتماد من جهة إدارية أعلى من الجهة التي أصدرته ...) ، لما تقدم ندعو محاكم مجلس الدولة المختصة الى قبول الطعن بالالغاء بتقارير الكفاية الوظيفية دون اشتراط التظلم منها اما الجهة التي اصدرتها واعتبارها قراراً ادارياً نهائياً بمجرد مصادقته من الرئيس الاعلى واعتماده لمختلف الاغراض لتسهيل اجراءات اللجوء للقضاء ومنع اهدار حق الموظف في حال فاته التظلم من تقرير الكفاية الوظيفي فيكون قد تعرض للظلم مرتين ....والله الموفق .
د.احمد طلال عبد الحميد البدري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العربية ويكند | الشباب وتحدي -وظيفة مابعد التخرج-.. وسبل حما


.. الإعلام العبري يتناول مفاوضات تبادل الأسرى وقرار تركيا بقطع




.. تونس: إجلاء مئات المهاجرين و-ترحيلهم إلى الحدود الجزائرية- و


.. ما آخر التطورات بملف التفاوض على صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلا




.. أبرز 3 مسارات لحل أزمة اللاجئين السوريين في لبنان هل تنجح؟