الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المَهْدَوية (1)

وديع بكيطة
كاتب وباحث

(Bekkita Ouadie)

2022 / 5 / 18
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


ظهرت في غرب إفريقيا الكثير من الظواهر المَهدوية والخَلاصية إبان القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، البعض منها كان يدعو إلى الديانة الإسلامية، والآخر إلى الديانة المسيحية، والبعض الآخر جمع ما بين تراث الديانات الطبيعية "الوثنية" الأصلية وبين هذه الأديان الرسالية ... والجامع بينهما هو ظهور شخصيات كاريزمية تدعي أنها جاءت من أجل خلاص القبيلة أو الأمة، ويؤمن بها أتباعها على أنها كذلك، فتضفى على هذه الشخصيات صفات أسطورية وميثولوجيه وسرديات وأمثال مختلفة ومتناقضة تُعبر عن طموحات وآمال أنصارها.
من بين هذه الشخصيات، نجد: "وليم واد هاريس" وهو زنجي من قبيلة "جريبو"، والتي تقطن جمهورية ليبيريا... انضم إلى طائفة "الميتوديست" وتلقى على يدهم مبادئ الدين المسيحي، ثم اشتغل مدرسا بإحدى المدارس، وفي عام 1910 ثارت قبيلة "جريبو" على حكومة ليبريا، فقبض على هاريس وسجن. وهناك نزل عليه الوحي وهو بين جدران السجن، إذ زعم أن الملاك جبرائيل هبط عليه، وبلغه رسالة نبوته، ثم حل فيه الروح القدس "كما ينزل الثلج على رأس الإنسان" برداً وسلاماً. فلما انقضت مدة السجن غادره وبدأ دعوته بالدين المسيحي في موطنه، وصار له أنصار كثر قبل أن يُنفى لفرنسا.
وكان يأمر عباد أن يلبسوا صليبه فإذا فعلوا صرعوا على الأرض وصاروا يصرخون فيحنو عليهم ويهدأ من روعهم، ويأمرهم بإحراق أصنامهم بأيديهم... فكان يعمدهم بوضع الكتاب المقدس فوق رؤوسهم، ورش قطرات من الماء عليهم، كما كان يبرئ المرضى ببركة الكتاب المقدس، وكانت تعاليمه سهلة بدائية، مأخوذة عن كتاب العهد القديم... وعاش عيشة التقشف والتعفف عما في أيدي الناس، رافضا كل هدية تقدم إليه، وكان يعلن أنه ليس إلا طليعة لمن سوف يخلفونه ويعلمون الناس ما جاء في الكتاب المقدس.
وتقضي تعاليم "هاريس" بمحبة الله، وحب ذوي القربى، ومعاملة الزوجات بالحسنى، وتحريم السرقة، وتوصي بالجد والعمل، وتبيح تعدد الزوجات، وتعام العبادة ثلاث مرات في الأسبوع تحت رعاية أحد قدماء الطائفة. ولكل فرد من أفرادها الحق في إلقاء الموعظة، وأما الصدقات التي تجمع في الكنيسة فترصد للشؤون الدينية. وهذه الطائفة الهاريسية تمجد الآب والابن فقط دون العذراء. وليس في تعاليمهم اعتراف ولا مراسم تنصير. (هوبير ديشان. الديانات في أفريقيا السوداء، ص 180-183).
لم تنته مثل هذه الظواهر على طول مسار التاريخ البشري إلى الآن، وقد تطورت في زمننا المعاصر، وأصبح لها سياقات إعلامية وثقافية موجهة ومعدلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟