الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذكرى الرابعة لاستشهاد بضري عبد الرحيم

إبراهيم محمد عالي لحبيب
مدون صحراوي وباحث في علم الاجتماع

(Brahim Mohammed Ali Lahbib)

2022 / 5 / 20
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


"نحن الجيل الذي قيل عنه؛ لن يرتاح أبدا؛ ولم يكن محظوظا"

موجعة حقا معادلة هذه الحياة؛ نعم موجعة حينما وضعت لكل بداية نهاية؛ وخاصة عندما ترتبط هذه النهاية بفاجعة رفيق كان السند والحصن المحصن لنا كمعتقلين حينها ضد كل أشكال تطويع قناعاتنا؛ ذلك الرجل الذي بكاه كل من عرفوه عن قرب وأحبوه بعمق.
كثيرون يا بضري أحبوك لبساطتك؛ لشهامتك؛ لوقوفك شامخا ضد أعتى الانكسارات التي مرت هنا باكادير؛ لكن قليلون من يعرفونك عن قرب ويعرفون طينتك التي خبرها من اغتالوك لربما أكثر منا.
ولحسن حظي أني المسجون هناك تشرفت بزيارتك لي قبل أسبوع فقط من الفاجعة؛ أتذكر جيدا تفاصيل تلك الدردشة الثورية المحظة؛ نعم فأنت الوحيد بين الرفاق من كنت تدخل مباشرة في المواضيع دون السؤال عن الحال والأحوال؛ فلا وقت لديك لتبذره، أنت الوحيد الذي تنهي الزيارة كلها وأنت واقفا لا يسعك الكرسي الحديدي البارد المخصص للزيارة.
نعم، انصرفنا جانبا عن الرفاق مستندين على سياج فاصل بين السجناء الراشدين والقصر في مكان مخصص لزيارتنا.
بدأ الحديث بيننا:
قلت له: شطاري "آ لعور"
رد مبتسما: لا عليك يارفيق، أنتم بصرنا الذي ينير طريقنا.
عجزت عن الإجابة؛ فهو الذي كان قليل الكلام حين يتكلم؛ لكن لا أحد يستطيع بعده الإجابة، حتى في مزاحه كان جديا وملتزما...
ناقشنا طويلا واقع الحال بعد معركة المعتقلين؛ تحدثنا كثيرا عن الأوضاع التي تمر بها القضية الوطنية؛ وكذا موقع أكادير الصامد ( وهو الذي لم يك يعرف أن هذا الأخير سيحمل اسمه بعد أسبوع فقط).
لم نحس أبدا بمرور الوقت إلى أن صرخ الجلاد بانتهاء مدة الزيارة وهو يقول عاليا: "الطلبة عفاكم نريد أن نغادر، ما بقى غار نتوما..."
ودعتك وأنت تلقي وشاحا يحمل علما لفلسطين على كتفي ومعه خاتما موشوم عليه حرف "B" _بداية كنيتك_؛ ودعتني وأنت تقول آخر كلام لك؛ ظل محفورا في ذاكرتي: "إن المخزن يتحرش بنا كثيرا في الأيام الأخيرة؛ وربما سيشن هجوما في هذا الشهر "05" ، شهر الشهداء والثورة....".
لم تتأخر نبوءتك يا بضري ؛ وكنت أنت المستهدف بشكل مباشر وعلني؛ لتذهب تاركا لي "وشاحا و خاتما" يذكرني بهذا الجرح الذي لا يندمل كلما هممت الدخول لغرفتي الصغيرة.
الموت يا بضري نعم لم يهزمك أنت؛ بل الأحياء بعدك وأنا أولهم؛ كيف له أن يهزم جبال الواركزيز..؟؛ كيف له أن يهزم يابسة زمور الصلبة..؟ مستحيل...إذا وكيف له أن يهزمك وأنت كنت تشبه هذه الجغرافية كلها، بل أنت الجغرافيا والتاريخ لهذا الوطن المسلوب.
أنت الذي كنت منحازا ولم تخفها يوما، منحازا للإنسان الصحراوي الساعي لتحرير أرضه.
تحل إذا اليوم الذكرى الرابعة لاستهادك يا رفيق المواقف الصعبة؛ تلك الذكرى التي أرفض سنويا الاستعداد لها، أتمنى لوهلة أن يقفز شهر ماي/ايار من الترقيم السنوي لكي لا أتذكر هذا الجرح، لعلي جبان ولا أنفي ذلك، لكني أتمنى حقا أن تكون كذبة خلفها شهر أبريل اللعين و أن تنبعث يوما ما كالعنقاء لتقول "أنا هنا، كنت فقط منشغلا بمهمة عنكم؛ لنكمل المسير يا رفاق...."
نعم ؛ هذا كل المنى والتمني؛ فنحن الجيل الذي لم ولن يرتاح لفقدانك؛ نحن الجيل الذي لم يكن محظوظا بفراق صديق ورفيق وأخ مثلك.
سأبقى دوما عاجزا عن التعبير وقلمي يرفض الكتابة عنك خجلا لما سيخطه لأجلك.
إلى اللقاء يا بضري في موعد لاحق ؛ وإلى أن نلتقي يتجدد السؤال عندي:
"لم العظماء دوما يودعوننا باكرا..!!؟؟"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تدفع متظاهرين خلال احتجاجات على الحكومة ف


.. في يوم العمال..توتر واشتباكات بين متظاهرين والشرطة التركية




.. اشتباكات بين الشرطة التركية ومتظاهرين احتجاجا على إغلاق ميدا


.. اشتباكات في حرم جامعة كاليفورنيا بين مؤيدين لإسرائيل ومتظاهر




.. اشتباكات بين متظاهرين مؤيدين لإسرائيل وآخرين مؤيدين لفلسطين