الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميثولوجيا الأحلام في المسرح - قراءة في كتاب جديد -

أبو الحسن سلام

2022 / 5 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


قراءة في الأحلام في المسرح

د. أبو الحسن سلام

الأحلام في المسرح ؛ دراسة مهمة وشيقة ، تبدو لي جيدة ومبتكرة ، كما أنها مهمة ، وأهميتها في جدة تناول مؤلفا ( د. إياد السلامي ) وهو أستاذ المسرح بكلية الفنون الجميلة بجامعة بابل - لا يكاد يترك واردة ولا شارة ذات صلة بميثولوجيا الأحلام إلا وتناولها بالعرض والتحليل سواء في ميثولوجيا الأحلام في الحضارات القديمة بدءا من حضارة الشرق الأدني وعلي رأسها حضارة بين النهرين ، فمثيولوجيا الحضارة المصرية القديمة مرورا بميثولوجيا الحلم في الحضارة اليونانية الرومانية ، لينتقل بعدها إلي ميثولوجيا الحلم في حضارة الشرق الأقصي الهندية والصينية علي وجه الخصوص ، وصولا إلي آراء الفلاسفة قديمها وما تلاها من عصور
فما ترك رأيا تعرض لمفهوم الحلم مما صدر عن فليسوف أو عالم من أقطاب علماء النفس أو علماء الاجتماع ، إلا واجتهدا في محاورة كل ما عرض له من زبدة آرائهم في مسألة الأحلام ، مع مقاربة بعضها بعضا وصولا إلي توافقات طرحها أو تعارضاته في نسق منهجي عبر صياغاته التي تعرض لأقوال الفلاسفة من منظور مثالي ومن منظور مادي في الموضوع نفسه، فإذا ما أنتهي إلي استنتاج ، اشتغل علي مقولات علماء النفس تحليلا ومقاربة بين الآراء وكشفا لما بينها من تعارض ، منتهيا إلي رأيه الدي ستستند إليه في تحليله لمشهدية الحلم في نماذج من بعض النصوص المسرحية التي سيقوم بتحليلها دليلا علي مدي صحة ما طرحته رؤي الفلاسفة حول الأحلام وما طرحته رؤي علماء النفس ورؤي علماء الاجتماع .


توزعت هذه الدراسة المنهجبة بين خمسة فصول متعمقة للدكتور إياد السلامي - الأستاذ بقسم المسرح بكلية الفنون الجميلة بجامعة بابل بالعراق . صدر البحث في كتاب يحمل العنوان ذاته ، عن ( دار الهلال لدينا الطباعة والنشر والتوزيع ، دمشق سوريا ، ٢٠١٩ ) يركز الباحث الدكتور السلامي علي موضوع الحلم في أطروحات علماء النفس وأرائهم ؛ من منظور ميثيولوجي ؛ يمر بموضوع الحلم في الحضارات القديمة الآسيوية بدء من بلاد ما بين النهرين وفي مصر القديمة وفي الحضارة اليونانية / الرومانية .
ثم ينطلق من ذلك التأسيس ليعرض لمفهوم الحلم عند كبار علماء النفس ؛ بهدف الحصول علي صورة دقيقة وواضحة عن موضوع الحلم وبواعثه الميثولوجية والنفسانية ودور اللاوعي في الأحلام في ما طرحته بحوث علماء النفس ومقاربتها مع صور الحلم ودوافعه في المسرح .
حول ماهية الحلم ؛ يتوقف السلامي عند تساؤلات ( بولارد ) الذي يعرفه بقوله ..
- هل هو مرض نفساني ليلي قصير. ؟
- هل هو كبت هروب من قهر إجتماعي / ثقافي / ديني ؟
- هل هو زهد تصوفي ؟
وهي تساؤلات متعددة وحائرة حاول عدد من الباحثين افتراض إجابات عنها ، ولفض حيرتهم يلجؤون إلي ( فرويد ) – بصفته أهم مرجعية ؛ يرجع إليها من يبحث في مشكلة من مشكلات اللاوعي : ، ويمثل السلامي لذلك فينقل لنا فقرة من ( حسين صالح ) نقلها عن فروبد ، يقول : : فسر فرويد ظاهرة الأحلام علي أنها ( فعل نفسي لها معني مثل باقي الأشياء ) ، ويضيف أن فرويد ؛ كان يري أن ( العنصر المهم في الحلم هو أن النزعة المكبوتة المشكلة لأفكار الحالم هي إشباع لرغبة عن طريق أداء حركي ، ولكن النوم يمنع الحركة العضية فترجع إلي مستوي الإدراك الحسي لتتحول من الحالة الحركية إلي الحالة الحسية وصور بصرية يتم إشباعها )
( قاسم حسين صالح ، الإبداع فيا الفن ( بغداد ، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، ١٩٨٨) ص ١٠٠ )
وحول الكبت - باعتباره باعثا علي الحلم ، يذهب السلامي إلي توضيح ( الدلفي محسن علي ) للمفهوم في قوله : إن " الكبت يشبه الهروب أو عمليات الزهد لدي المتصوفة إلا أن هذه الأخيرة تنحو نحو الإقناع والرضا . وفي مل الحالتين ينعكس ذلك علي الأحلام فيكون مصدرا ثريا لتوليد الكثير منها "
مع ربط ذلك المفهوم بقوله : من البداهة أن الخروج من حالة الكبت هو لون من ألوان الهروب عن طريق اللاوعي إلي الحلم ؛ لأنه كما بقول فرويد : ( إشباع رغبة مكبوتة مقيدة الحركة علي هيئة صورة بصرية في أداء حسي في اللاوعي ( مخزون الذاكرة )
يذهب د. إياد السلامي إلي مقاربة دور الكبت بين حلم اليقظة في عملية الإبداع ؛ و الحلم المنامي عند الحالم ؛ من حيث هو الباعث الأساسي المثير لحالتي الحلم : حلم اليقظة ، الحلم المنامي .مستندا برأي ( بولاندد ) عن علاقة الحلم بالفن ؛ إذ يقول : " الفنان يوقف داخل المتلقي الحالة العقلية نفسها ، التي دفعته للإبداع لحظة من لحظات توهج ذاته . "
)Freud,S.Doscovesky and paracide in : The scandald edition of compnece works of Sigmumnd Freud . London: The Hojarrh( press, 1981,pol . Xilinx, 175-199. (
يرجع السلامي إلي بولاندد في تفسيره لظاهرة الحلم ؛ التي يرجعها إلي: ( استيعاب أوضاع عاشتها طفولة الحالم وقد يعالج الحلم مسيرة حياة شخص للوصل إلي التطهر استذكارا للأحداث المتصارعة الآي مر بها في حياته . الحلم عند ( بولاند) اذا ( حالة تطهر من أثر صراع مضي عن طريق الاستذكار عن طريق تفسير منامي درامي ؛ للخلاص من ذكريات أليمة ؛ وهو عملية تهرب من أحداث كمونية .)
الفن والكبت الجنسي :
ولأن عملبة الكبت هي نتاج باعث من خارج النفس ؛ فإن الهروب منها عند الإنسان العادي يتحقق عبر اللاوعي الحلمي المنامي – و عند ( فرويد ) أيضا ؛ يتمثل هروب الفنان من حالات الكبت بالإبداع (نتاج الفنان هو عملية كبت جنسي؛ إذ يمر الفنان بأمراض عصابية حالة عمله علمية تخيلية و نتاج إبداع ، فنتاجه الفني هو عملية كبت جنسي فهو يشبه الفنان بالعصابة الذي يمكنه المغادرة أو الرجوع من حالة العصاب أي لديه وقت ، في حين أن العصابة لا يمكن الرجوع عنها . كالذي كان يحدث للفنان أنتونان آرتو في عملية التعامل مع إنتاجه التأليفي والإخراجي ، وعلي الرغم من كونه منتجا قليل الإنتاج الا أنه السبب في إدخاله المشفي العصبي أكثر من مرة .)
وعلي ضوء ذلك بري ( قاسم حسين صالح ) أن " الأعمال الفنية إذا هي إشباع خيالي لرغبات شعورية شأنها شأن الأحلام "
( قاسم حسين صالح ، مرجع سابق ،ص ١٠٣ )
ومع أن عكوف الفنان ، منكبا علي بناء عمله الفني هو حالة هروب من كبت جنسي يفترض عند إنهاء عملية الإبداع عودته لحالته الطبيعية ؛ إلا أن ( آرتو) ، كما يشير ( بولاندد ) " قد فشل في الخروج من حالة العصاب و " بولاند" – في ما أري – يذهب إلي تخطئة رأي " فرويد" ؛ إذ أن إبداعات آرتو لم تخلصه من الحالة كان عليها ، حتي بعد خروجه من المصح النفسي . – علي الرغم من ذلك ذهب إلي ما ذهب إليه فرويد - من أن ( الحلم نتيجة لنشاط عضوي أو نفسي أو حسي .. ولكن يتراءى لنا - بصورة ما - مقنعة أو مباشرة أو بلغة مرمزة ، وعليه يمكن تعريف نشاط الحلم : Dream- work) ) بأن العملية التي يتم فيها نقل بعض المحتويات الكامنة إلي مرحلة ظاهرة ) – حسب ما – يري " ركس نايت "
( ركس نايت ، مرجريت نابت ، المدخل إلي علم النفس الحديث ، ط ٣ ت: عبد علي الجسماني ، ( بغداد ، مكتبة آفاق عربية ، مكتبة الفكر العربي ، ١٩٨٤ ) ص. ٣٦٥)
أحلام القلق :
خول علاقة الحلم بالقلق يقول ( ركس نايت ومرحريت نايت) : إن الحلم ينتج عن قلق الإنسان في موقف معيشي حياتي كالانتخابات أو إجراء عملية جراحية ، وقد تعامل فرويد مع أحلام القلق وقسما إلي قسمين :
- قسم ينتج عن نشاط بعض الوساوس الناتجة عن كبت يخترق الحلم ويخلق حلما قلقا حادا .
-تحول ( acute anfxiety-dream ) عملية الكبت إلي صورة صريحة أو مباشرة فتضطر الذات العليا لتغيير مجري الحلم ، ويستيقظ الحالم من خلال إطلاق منبه القوانين الاجتماعية والدينية وغيرها ، أو قد يحدث العكس .
( ركس نابت ، مرجريت ، المصدر نفسه ، ص ٣٧٥ )
ولتأكيد صحة ذلك من خطئه يرجع البحث إلي مرجعياات فرويدية عن أنواع الحلم عند فرويد ؛ إذ قسم فرويد الحلم إلي عدة أنواع أو نماذج :
أولا : التعبير الرمزي Symbolization. تعبيرا عن الدوافع المكبوتة المتغيرة من شخص إلي آخر ومن بنية فكرية في مجتمع وآخر ، وقد تتشابه الأحلام ؛ فتصبح كاملة ، كأحلام السقوط والتحليق والعري ، فالرموز في بعض الأساطير والملاحم ، والقصص الشعبية هي رموز لبعض السلطات أو الأشخاص في المجتمعات ( كليلة ودمنة ، الخليقة البابلية ، أسطورة أودية ) تتوافق جميعها مع بعض الرموز غير المباشرة في ظاهرة الأحلام .
( ركس نابت، مارجريت ، نفسه ، ص ٣٦٦ )
ولا يفوت ( د. السلامي ) تأكيد إرتباط عملية الترميز باللاشعور ، لذا يعلق بإسناد مرجعي للباحث قاسم حسين : " وهنا لابد من الإشارة إلي أن الرمزية هي من خواص التفكير اللاشعوري "
( قاسم حسين صالح ، مرجع سبق ذكره ، ص ١١٢ )
** ولأن هناك رأي آخر مغاير حول استنتاج ما لذا كان من المهم في مجال التدقيق والتحقيق إثبات الرأي والرأي الآخر حول المعلومة الواحدة أو الاستنتاج الواحد ؛ لإن ذلك من مهام التأصيل المنهجي في ما يحصل من معارف ؛ لذلك يرجع (السلامي) إلي رأي مغاير لــ ( ريك فروم) إذ يقول : " وقد يكون في عملية التعبير الرمزي وظيفة تحويرية ، قد تكون مضادة لعناصر الحلم بحد ذاتها ، فمثلا إرتداء الملابس معناه العري ، أو الغني بعد فقر ."
( ربك فروم ، مرجع سابق ، ص ٦٩ )
ثانيا : - تجسيم المعاني ( التمثل) Dramatization
وهنا تصبح المعاني في الحلم بصورة قد تصل حد التطابق أو التشابه ، فالصورة المتشكلة في الحلم عن قطة تهاجم رجلا هي تعبير عن زوجته التي قد تتشاجر أو تشاجرت معه ، أو سقوط من مرتفع ما - تجسيما لمعني الزواج ، لأن فكرة الرواج لديه سقوط أو تنازل ، فهي هنا عملية تماثلية .
** و عندي تمثيل لهذا المعني في ما حكاه الخادم ( جان) لسيدة القصر (مس جوليا) عتى حلمه الذي زعمه- في رائعة سترندبرج _ ( عن سطوه علي البيضة الذهبية في العش الذهبي ) وهو ما يماثل حالة سطوه علي ( جوليا) نفسها .
٣ التكثيف : Condensation :
عملية التكثيف عملية فيزيائية ، وهي تحويل المادة الغازية إلي مادة سائلة ، أي جعل جزئيات المادة متقاربة أكثر من الحالة الأولي ، أنا في الحلم فيشير المعني في الاتحاه نفسه أي تحويل المعاني والأفكار وتقاربها بصورة موجزة ، للحصول علي عدة معانٍ من شكل واحد ، وهو ما قد يبدو لنا مهما ومميزا للعمل الحلمي ؛ مثله مثل تحويل الفكرة إلي موقف ، كما في ( التحويل الدرامي) وإن عملية الضغط للمادة الحلمية تصبح المادة مكثفة .
( فرويد ، الحلم وتأويله ، ط١ ، ت: جورج طرابيشي ، ( بيروت : دار الطليعة للطباعة والنشر ، ١٩٧٦، ) ص ٤١ )
** وتمثيل ذبك مسرحيا في تحويل فكرة تضييق ( هيلمر) علي ( نورا) في مسرحية (نورا) لإبسن وتقييد حريته ؛ بترجمة تلك الفكرة صوريا بظهور وجه هيلمر نفسه مكشرا عن أنيابه كلّما نظرت ( نورا) إلي باب مسكنها – بما يعني أنه سجان تحررها . وتتمثل أيضا في صفقها باب مسكنها وتركه مفتوحا علي مصراعيه في نهاية مشهد خروجها من ذلك البيت التي كانت فيه مجرد دمية يتلاعب بها ىالزوج ، ، فضلا عما يعني من دعوة لمجتمع النساء الأوروبي في ذلك القرن للتحرر من سيطرة الفالوظ ( سلطة الذكورة )
وكذلك تتداخل أكثر من خبرة معا ، كما يحدث لخبرات حدثت في أماكن مختلفة ، وأزمنة مختلفة ، وخاصة بأشخاص مختلفين ، أو أشياء أو كائنات مختلفة .
( شاكر عبد الحميد ، مصدر سابق ، ص٤٦٢)
أي استخدام عدة أشكال لوضعية معينة ، لتوحيد موضوع ( أرض اليباب ، إليوت ، عوليس ، لجيمي جريس ) وقد يحدث في بعض الأحلام تعبير الحلم الواحد عن فكرتين أو أكثر
( ركس ، مرجريت ، مرجع سابق ، ص ٣٦٨)
وهذا يتشابه إلي حد ما مع فن الكولاج * . حيث أن العملية الفنية والأدبية لا تحتاج إلي إسهاب ولا تطويل ، والنص المسرحي قائم علي إرسال أفكار مكثفة حتي تأخذ دورها في خلق تواصل واكتشاف ، كما تأخذ الحكمة أو المثل الشعبي دوره بأقل المفردات بصور ذهنية متعددة . وهذا ما يحدث في النص المسرحي ، حيث يمتلك خاصية التكثيف الحواري للوصول إلي هدف محدد رسمته وقدمته الشخصيات عن طريق الحبكة الدرامية لكي لا يصبح رواية أو قصة .
رابعا : الإحلال : Display cement :
Of affect عملية تغليف أو تغليب المعني بصورة متضادة ، فمشاعر الحب تجاه شخص في الحياة تتحول إلي كراهية في الحلم ، ويسمي هذا بإحلال الأثر ، أو تضخيم عنصر علي حساب العناصر الأخري ويسمي هذا بإحلال التأكيد Displacement
Of emphasis) يؤكد " فرويد" أن ظاهرة الأحلام هي تحقيق رغبات من خلال خلق صورة متداخلة أو رمزية أو مكثفة صورة رغبة الحالم ( تخيل يحقق تلك الرغبة ) وهذا يتشابه إلي حد ما مع أفكار ورغبات مؤلفي المسرحيات أو منتجي النصوص الإبداعية ، هي رغبات تشكل رؤية للحياة والأشياء أو آراء فلسفية لأفكار المجتمع وأمان لأفكار أو أشياء وهذا يحدث بصورة واضحة في ( الآمينسيا ) - الذهان الهلوسي الرغبي كما يتراءى لنا في الحلم ، أو في اليقظة ، يقودنا نحو نتيجتين لا تتطابقان بأية صورة من الصور ، فهو لا يبرز الرغبات بل يصورها بتصديق كامل ، وكأنها متحققة فتصبح أحلام اليقظة هي التي تحدث للإنسان في أثناء اليقظة ولذا سميت بأحلام اليقظة لوجود بعض التشابه مع أحلام النوم فهي " عملية تداعي أفكار أو استغراق في التفكير أو إحساس داخلي أو خارجي متطورا أو مسموعا أو ملموسا ، وهي فكرة حول موضوع ما ، أو مشكلة قائمة أو ذكري أو تجربة معينة أو عاطفة أو حاجة مرتبطة بهدف معين .
( علي كمال ، مرجع سابق ، ص ٥٠٠ ) (فرويد، علم ماوراء النفس ، مصدر سابق ، ص ١١)
يمكن أن نعد أحلام اليقظة عملية تداعي أفكار لربطها مع الواقع أو هي تخيل للواقع ، بصورة أو بأخري ،إما تهدئة لتأزم نفسي أو لتواصل فكري أو محاولة خروج من مشكلة كما يمكن أن تكون طاقة كاملة داخل النفس ( بذرة) بتم التعبير عنها كنماذج أو صور نفسية تتجلي في الرؤي من خلال سلوك تبدأ من الداخل العميق ( مستوي الأحلام) ثم التحول نحو الخارج ، لتظهر كفعل حلمي تذكري خيالي "
" ومن ثم يمكن أن تتحول إلي أشكال صورية ، أو لفظية ، فيظهر النتاج الإبداعي ( القصة والرواية والمسرحية والسينما ، وحتى النتاج التشكيلي ) فألامنيسيا ترغب في التحقق " إن الصراع هو منشأ عملية الإبداع ، وتكون مهمة الوظيفة النفسية في السلوك الإبداعي هي إطلاق الانفعال المكبوت بخيالات طليقة ، وأوهام متقنة وأفكار مرتبطة بأحلام اليقظة "
ويؤكد فرويد أن " العمل الإبداعي يماثل أحلام اليقظة واللعب ، فهي تنشأ جميعها من الرغبات التي كبتت لمخالفتها قوانين ( تايوات) المجتمع لكافة أنواعها ، فلذلك يتم التحقق عن طريق الخيال، وعليه فإن كل إنتاج إبداعي هو إرضاء أو طريقة في مرحلة الطفولة ، وامتداد للعب ، وعند أحلام يقظة "
في حين تصبح أحلام اليقظة ( الأمينيسيا) عامل عقل يسهم في العملية الإبداعية في حدوده الإعتيادية المقبولة ، ولا يصل مستوي الانقطاع عن العالم الخارجي ، والإنطواء علي الذات " لذا يري فرويد أن الأحلام ذات طبيعة رمزية Symbolic) واستعارية/ مجا زية allegorical ، ويرجع فرويد ظاهرة الحلم إلي مصادر ومنبهات هي :
" ١ منبهات حسية خارجية ( موضوعية ) .
٢ منبهات حسية داخلية ( ذاتية)
٣ منبهات جسمية باطنية ، عضوية
٤ منبهات نفسية خالصة "
فالأحلام في رأيه .. إثارات نفسية ، اي أنها تجليات لتلك الإثارات التي تحول اليقظة دون ظهورها وتطورها بحرية ، ويرجع أصلها للذاكرة ، كما إنها نتاج إثارات جسمية ( جسمية وحسية) تأتي إلي النائم كإشارات أولية من أعضائه الداخلية ، هي غير قابلة للتأويل . وهناك أحلام تأملية تراود الأنسان في أثناء اليقظة ، لأنها نوع من الأماني.
لم يكتف السلامي بإسناد ما يعرض حول طبيعة الأحلام وميثيولوجيتها إلي مرجعياته الفرويدية ، لكنه مر علي آراء ( ادلر ) – ربما لمقاربتها بصورة الحلم الإبداعي في المسرح - ( الأحلا م عند ألفريد إدلر ( ١٨٧٠١٩٣٧).
يري إدلر أنه " في الإمكان من خلال أي نوع من أنواع اللغة فهم ذاتنا وإمكانية التأثير في سلوك الآخرين ، ثم تآتي مرحلة اكتشاف السلوك السوي عن غيره ، وهنا تلعب ( الأنا) دورا بمثابة الضمير الأخلاقي المتفاني عن الرغبات غير المشروعة . وعنده - أيضا - (عملية التنشئة الاجتماعية هي عملية استبدالية بين ما يطلب الآخر وما تعرفه الذات ، بينما عملية التجاوب من الداخل تصبح بعد أن اكتسبنا مهارة مواجهة لمواقف وأزمات نفسية ) وهذا السلوك ينضبط بتأثير المجتمع . وهو مايعني أن الحوافز الاجتماعية هي التي تحرك السلوك الإنساني و يس الغرائز كما يري فروي ، ويونج
وتتقارب رؤية إدلر مع قكرة الصراع الدرامي في الإبداع ، وهوةما يمكن استخلاصه من مفهوم الأحلام عنده ، اذا هي ( تعويض عن شعور بالنقص الناتج عن اصطدام الذات بمجتمع أو بيئة )
ولأنها عملية استبداليةً لذا ترتكز الرؤية في عملية استبدال الصورة في تمظهر يناقض أصل التصور الذي توالدت منه علي الركائر التقنية الآتية :
( تقنية الهدم - تقنية النفي - تقنية التقويض - تقنية التدمير - تقنية الفضح - تقنية الاختلاف - الاستعارة - - تقنية الإحالة - التناقض الفوري )
-----------------
* ألفدرد إدلر ، طبي نمساوي ، خريج جامعة فيينا ١٨٩٥ ، اختصاص عيون ،عضو جمعية فيينا للتحليل النفسي ، مؤسس جماعة علم النفس الفردي ، عمل طبيبا في الجيش النمساوي ، عمل آستاذا للطب النفسي في أمريكا ١٩٣٥ ، ألف مائة كتاب ومقالة ، منها ( سيكولوجيات / ١٩٣٠) و ( ممارسة ونظرية علم النفس الفردي ١٩٣٧) وغيرها .
* الانسان هو كائن اجتماعي بالأساس من خلال ارتباطه بالمجموع ( الآخر) فضلا عن أن أغلب أنشطته اجتماعية ، أما أفعاله ، فهي أسلوبه الذي يميزه عن غيره .
* الرؤية أيضا في المسرح : مدخل لعملية استبدالية بين ما يطلب المؤلف ، وما يطلب المخرج .
# المقاربة بين ما يقوله إدلر ونظرية التغريب البربشتية :
ما يقوله إدلر فريب من فكرة التغريب ، فهمًا يلتقيان في محرك الفعل لدي الانسان فالأحلام عند إدلر تمرين علي مواجهة مركبات النقص عند الحالم وكذلك الفنان الملحمي عند برشت فإبداعه تمرين للمتلقي علي مواجهة النقص المتولد عن بيئة صفة إنتمائه الاجتماعي . ولنا ملاجظة ما بينهما من مقاربة في توظيف اللاوعي الحلمي لتقنيات بنية الحلم المنامي عند إدلر وتقنيات الحلم المسرحي التغريبي عند بريشت – حتي وإن لم تكن لأي منهما معرفى بعمل الآخر -
يري إدلر أن الأحلام تمرين علي مواجهة ما يحدث للحالم من خلال مركبات النقص المتولدة لديه ، نتيجة بيئته الاجتماعية ، وبناها الفكرية ، فالإنسان تحركه توقعاته للمستقبل أكثر مما تحركه خبراته ؛ لذلك أقول.. يلتقي إدلر مع الكاتب والمخرج المسرحي الألماني ( برتولت برشت) بخصوص الإنسان فـــــ ( إدلر) يري أن الإنسان راع إبتكاري ، فني إنساني يحس بكرامته وكذلك الأمر بالنسبة ل ( برشت) ، فهو قادر علي التغير من خلال الابتكار ، انساني محرك ودينامي ، فنجد أغلب مسرحياته تؤسس لهذه الأفكار ( الإنسان الطيب، الأم شجاعة أوبرا القروش الثلاثة ، رؤي سيمون ما صار ... وغيرها ) والأخيرة مسرحية تستخدم البنية الدرامية " البريشتية " بصورة واضحة من خلال أحلام رؤي لوحات أربع ضمن لوحات النص المسرحي المتبقية
( آرا بروغوف ، حلم اليقظة والأسطورة الحية من كتاب ( الأسطورة والأحلام والدين )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -