الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإلهيون يخسرون مقاعداً في لبنان أيضا

عادل صوما

2022 / 5 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اعتقدتُ بسبب الوقائع على الأرض أن لبنان في طريقه ليكون محافظة إيرانية ضمن الجمهورية الإسلامية الكبرى التي يحكمها صاحب الزمان ووليه في الحق الولي الفقيه، لكن نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة بعثت فيَّ بعض الأمل.
الغيب والصواريخ
لم تفلح اتهامات "حزب الله" لمنافسيه بالعمالة لإسرائيل، ولم يشفع ترهيب استعراضات نماذج من مئة ألف مقاتل (مُقاوم) ومائة وخمسين ألف قذيفة، ولا حتى الله، في إنجاح حلفاء حزبه للوصول إلى أكثرية برلمانية لبنانية تيّسر لهم تمرير أو تعطيل أي قانون، أو ترجيح كفة رئيس يريدونه.
أظهرت النتائج حصول "حزب الله" وحليفته حركة "أمل"، التي يتزعمها رئيس برلمان منتهية ولايته، بعد ثلاثين سنة كانت مثال الديموقراطية، على المقاعد المخصصة للطائفة الشيعية (27 مقعداً) في البلاد، بينما خسر حلفاؤهم مقاعد في دوائر عدة، حتى في
في المنطقة الحدودية الجنوبية التي تعتبر أحد معاقل الله وحزبه، وهو أمر لم يحصل منذ سنة 1992.
تركيبة فاسدة
كانت نتائج انتخابات نواب لبنان الأخيرة تعبيراً عن السخط والغضب لشعب تم تجويعه وافقاره بمنهجية جهنمية، ونتيجة انهيار اقتصاد لبنان، الذي صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ سنة 1850، واحتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد السلطة، التي أدارها رئيس مريب يترأس ولا يحكم، فأوصل فشل لبنان إلى أرقام مخزية قياسية مثل أكثر من 80% مواطن تحت خط الفقر، وخسارة الليرة اللبنانية أكثر من 98٪ من قيمتها أمام الدولار، وملامسة معدّل البطالة نحو 60%، ووصول شح السيولة والقيود على السحوبات المالية من المصارف إلى حدود جريمة تشريع سرقة مدخرات اللبنانيين التي تبلغ أكثر من مائة ألف دولار للشخص، التي تتم في عتمة انقطاع التيار الكهربائي معظم ساعات اليوم عن لبنان بكامله، حتى تُدار مولدات كهرباء المسؤولين الساقطين المزايدين الذين يقولون أن إسرائيل تريد سرقة بترول لبنان وغازه في البحر المتوسط، بينما هم يماطلون في المحادثات، أو يعتبرون إسرائيل كياناً لا يجب التفاوض معه، حتى تتدفق أموال مولدات الكهرباء إلى حساباتهم المصرفية السرية خارج لبنان.
مع عدم نسيان انفجار مرفأ بيروت المروع في 4 آب/أغسطس 2020 الذي تسبب في موت أكثر من 200 شخص وتسبب بإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح ودمر جزءاً كبيراً من العاصمة القديمة، بينما الله وحزبه يعترضان على أي قاض ينظر في القضية ويتهموه بتسيسها.
دماء الشهداء
استثمار "دماء شهداء" المقاومة/الميليشا لم يجلب الأغلبية البرلمانية المطلوبة، رغم براعة الله وحزبه في اخراج نتائج الانتخابات دائما لمصلحتيهما بالتزوير المشروع، كما سوّق حسن نصر الله العملية الانتخابية الاخيرة كأنها "معركة تموز" سياسية، واستعطف بيئته واللبنانيين وحث الشرفاء منهم على حماية سلاحه المُقاوم لإسرائيل الذي سيعيد القدس.
ما حدث قد يفرض خارطة جديدة للسياسة في لبنان الأسير بسلاح غير شرعي، وسياسات عزلت لبنان عن محيطه العربي، بعد انتهاكات ميليشيا الله بالتدخل في محاولات تقويض أنظمة العربية أو تصدير المخدرات إليها، أو بث شبكات تجسس فيها، ومن المرجّح أن الله وحزبه والحلفاء قد يعملون على افتعال حرب مع إسرائيل، أو زيادة الاعتداءات الحاصلة منذ سنوات على أحياء بيروت وضواحيها، أو موجة اغتيالات مذهبية، أو شل الحياة السياسية في مجلس النواب وعرقلة تشكيل حكومة، وقد تصل الأمور إلى تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية، بعد نتائج الانتخابات النبيابية الأخيرة.
الرجاء والتخطيط
الرجاء يبقى في الأحزاب، خصوصاً المسيحية، بعد انسحاب سعد الحريري من السياسة، ومعها الحزب التقدمي الاشتراكي الدرزي، الذي يجب أن يعمل على عدم مهادنة الله وحزبه، علاوة على الشارع الذي كسر حاجز الخوف رغم ممارسات البلطجة الشرعية ضده، وأرسل رسالة رفض إلى إيران التي تهيمن فعلا بنفوذها المطلق على البلد ليصبح محافظة إيرانية تجاور التغيير الديموغرافي الإيراني الكبير الذي صار في سورية.
نتائج هذه الانتخابات قد تكون إرهاصة خلاص لبناني، والتغيير سيحتاج إلى برنامج عمل طويل لكسر ما فُرض على لبنان بوساطة قوة أجنبية غير شرعية، أنتجت سلطة سياسية فاسدة متحالفة مع الفساد، رهينة أطماعها الشخصية ومرتهنة لقوى خارجية تعرف ادمانها.
رسالة الشعب اللبناني لإيران تشبه رسالة الناخب العراقي التي أرسلها في آخر انتخابات، وأكد فيها أن الانتماء الوطني حيّ لن ييأس، فهل يواجه الله خسارة مقاعد حزبه في البرلمان بتكريس الفراغ السياسي، لوضع عثرة أمام تشكيل حكومة جديدة، والإبقاء على التشكيل الحكومي سيء السمعة، ما سيجعل لبنان يسير نحو الأسوأ؟
يجب على أحزاب لبنان المسيحية والحزب التقدمي الاشتراكي والوجوه النيابية الجديدة قراءة ما اعتمدته إيران في العراق عندما عطّلت الحياة السياسيّة فيه بعد نتائج الانتخابات النيابية التي حصلت في تشرين أول/أكتوبر الماضي، التي لم تناسب أو الأحزاب والميليشيات الإلهية التابعة لها، حتى يتفادى لبنان أن يكون كما العراق من قبله ضحية التوسع الإيراني، في ظل فلسفة حسين أوباما أن المسلمين يجب أن تحكمهم السعودية وإيران وأن الخلافة يجب أن تعلن يوماً ما، مع تزامن مماحكات مملة مترهلة لا نوايا أو إرادة واضحة فيها حول الاتفاق النووي، ولا ترقى بتاتاً في جديتها إلى واحد بالمائة من مواجهة روسيا بعد إعلانها الحرب على أوكرانيا؟
قوة الشارع الذي أثبت أنه حي، واعادة بناء علاقات مع الدول العربية المجاورة، وقراءة المتغيرات الدولية التي تحدث، وتدويل السلاح غير الشرعي الإلهي أهم أسلحة القادمين الجدد وأغلبية مجلس النواب اللبناني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah