الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاياا ... مرارات يومية !

مكارم المختار

2022 / 5 / 25
الادب والفن


حكايا ....
مرارات يومية... !
كانت تكتحل بنور الضياء بابتسامة وجه ضحوك وثغر باسم، لم ترالشمس اشراقتها إلا وعيونها تلك الوديعة، ولم يسمر الليل إلا وعندليب صوتها يدغدغ المسامع بنبراته، هذه الحياة بالنسبة لها عيش مهما كان مما يكون، المهم أن يلذ بما تكون، وبمن من حولها تلذذ الحياة، ليكون رغم المواجع .
لم تدع بالألم شعور، ورغم نكدات المواقف، لم تسمح بشهقاتها للغم حضرة ووجود، نعم طيبة هي لدرجة النقد الموجه ضدها، وعفوية لمدى انتقادها أملا ألا تكون بتلكم العفوية وتينك الطيبة ، ربما السبب في أنها ترى جوهرها في الناس ولا ترى الشر في أعماقهم .
كل من رآها أحبها، وكل من تعرف إليها ود لو من قبل وزمان عرفه،ا تلك الوديعة رغم حضرة شخصها القوي المطلع، حتى يخال إنها لابد أنها متسلطة جبارة، والأمر والرأي أولا ومسبقا مع أيا لها ! ولم يدروا، لم يدروا إنها طوع أمر أيا ومن يكون، لأنها فطرت على الإيثار وبليت بنكران الذات وانطبعت بان تحب للناس ما تحب لنفسها، بل لا تحب لنفسها قبل أن تحبب ذاك للناس .
ويبدو أن تلكم الحسنات مساوئ في حياتها، وحياة ساءت لها من محاسن، ورغم ذاك ما برحت تنفك عما عليه هي، وما برحت ما هي عليه مما هي، ولم تغد غير ما تكون ولم تصبح على غير ما كانت، إلا أن ضاقت نفس بما رحبت وصمت اخرس لا فيه له ولا فم لها تفوه به غير الحمد وحال الدنيا هذا .
فلنسمع معا بعض قصص حكايا المرارات ....
ـ هذه هي المسؤولية
ـ أصبحت والنور يشع من ابتسامتها على مائدة الإفطار الشهية الرقيقة كما نسمة أنفاسها وهي تذكره بضرورة أن يأخذها إلى طبيب مختص لينظر ماذا يرى، موجوعة هي مذ مدة ومذ حين تطلب إليه " زوجها " أن يضع في باله موجعها من ألم، وكان ذاك مذ أكثر من ثلاثة شهور، ولكن للذكرى إن نفعت، حتى تراءى إليها أن نست أنها بحوج إلى مراجعة طبيب من كثر ما ذكرت زوجها بالأمر، يبدو أن ساكنا لا يتحرك لها منه، وإلا ما طال التذكير بمدته حتى الحين، وقد كانت أن ذكرت إنها زارت صديقة طبيبة لتعرض عليها حالتها، والرأي كان أن لا بد من إجراء عملية، حتى نصحتها صديقتها الطبيبة، أن تراجع فلان من الأطباء ليضع حدا للحالة، فمدادها يعني تدهور في شبابها وذبول في صباها .
لا ضير عليك عزيزي، لا تشغل بالك فيما قالت ( الطبيبة الصديقة )، لكن دعنا نرى غير ما يقول غيرها، ويبدو انه ( زوجها )، لم يدع للأمر في الحسبان بال، ولم يكترث حتى مرت شهور وقاربت الحول من السنة، معللا أن سيرى أو أنه سيأخذها إلى أطباء اختصاصيين حالما يرى ويواتي الظرف والوقت المناسب لزيارتهم،! ويبدو انه لا يرى من بد أن يرى وإلا لكان رأى!
جمعت أغراضها بعد أن وظبت حقيبة الدخول إلى المشفى، وقد كانت مسبقا أعدتها في أول موعد لإجراء العملية ،بعد أكثر من ثلاثة مواعيد للتنفيذ، وله ( زوجها ) فقط العلم بالشيء والاطلاع لا العمل لشيء،! هذه المرة الثالثة الأخيرة لتأجيل موعد العملية التي لا بد منها . تركت ورقة على سطح منضدة المكتب ـ تقول :
أن ـ
" سأعود سالمة انتظروني، وقد أعددت لكم طلباتكم وجهزت احتياجاتكم ليومين أو أكثر، تجدوني في المشفى صالة العمليات ريثما تعودوا حفظكم الله ورعاكم أحبتي "
فتحت عينيها بنصف السعة، وهي المحسودة على سعة وجمال وكبر عينها، وهو يناديها ( زوجها ) :
هل لك بالخروج والمغادرة أتينا لنأخذك ؟
أومأت برأسها ـ نعم عزيزي لا بأس، أن لا بأس، وتأثير التخدير و " البنج " لم يغادر جسدها الطري المسجى على جانب الألم والمضطجع على مهاد الوجع!،
عادت، أو أعيد بها إلى المنزل نصف واعية، بعد عملية كبرى وشهور انتظار ومواعيد أجلت، لم يكن غيرها من رتب مرغما، وليس ألا هي من تحملت مسؤولية الأمر،
لا تدري كيف ومن وضعها في سريرها، لكن جل ما تدريه، انه جالس أمام التلفاز يقضي وقته، بعد أن تناول وجبة الطعام التي أعدتها .
لكنه ما كان مقصرا بشيء معها، فقد حضرها مرتين وأثار التخدير هوينا تغادرها، ليسألها : ها ـ كيف أنت ؟ الاولى على سرير المشفى، والثانية ملقاة على فراش سريرها،!
نعم ....
تلك هي المسؤولية؟!
ـ ليس بعبء
ذبذبة في التيار الكهربائي أتت على أجهزة البيت، حتى عطل منها وسلم بأعطال بسيطة أخر، لكن تلك البقعة السوداء التي تركها دخان اشتعال نقطة التجهيز ( المأخذ ـ السويج )، والتي أتت أكلها من النار التي قدحت بها من شدة قوة كهربائية " فولتية " عالية متذبذبة ولبرهة من الزمن، جعلت من مصابيح الإنارة تنفجر للتطاير شظاياها من قواعدها، حتى انها نادت :
أي يا زوجي ما هذا؟ ما ألأمر، أنظر هل من خلل بسببنا في بيتنا؟ هل لك أن تطفي الأجهزة الكهربية عندك القريبة منك لا تولى ألأخرى وارى ماذا في الطابق الثاني؟!
يبادرها ـ ماذا هناك؟ ولا يحرك ساكن!
هل لكي أن تخبريني ما الأمر؟
هل شغلت جهاز ما؟
هل استخدمت نقطة تحويل كهربية بالخطأ، أو شغلني جهاز غير صالح؟!
هل أنتي من أتى بالخلل؟
يا عزيزي ـ لا ذاك ولا هذا، يبدو أن قدرة كهربية عالية وصلت البيت لتفعل ما تفعل، المهم، اليك أن تنظر حولك والأجهزة عندك .
يبدو أن الأمر ليس بعبء ! وإلا،! لحرك ساكنا وترك الجلوس أمام شاشة التلفاز، ليتحرى ذاك الانفجار الخفيف الذي ضج بأروقة البيت وعج بغرفه وفاض بدخان اسود متصاعد من غرفة النوم!
ويبدو اللحظة هذه فزعت فيه أشارة الاهتمام وأزفت بحافز الانتباه لديه!
وإلا لكان أتت أكلها من نار ودخان وضجيج انفجار مصابيح الإنارة .
نعم ـ يبدو القدرة الكهربية جاءت عالية الشدة، لكن لا بأس والحمد لله، عطل جهازي الحاسوب، وخلل في أجهزة التكييف، وتعطل جهاز التلفاز، مع عطائر دخانية تنفذ إلى المنخرين وتقتحم ألأنف وتعمي حاسة الشم، والحمد لله ـ
أن هذه بالتحديد هي السبب في نهوضه وإقدامه وهمته والموقف المفاجئ القدري هذا،!
وليس نداءات ألاستغاثة والاستنجاد والتساؤلات ووووو؟!
حمدا لله ...
أتت أكلها، وها هم يدخلون عامهم الثالث لهذه الذكرى، التي قد تنسى، ومازالت،
مازالت نقطة التجهيز الكهربي " المأخذ ـ السويج " تحتفل سنويا بدخانها الأسود المتصاعد، الذي علاها وجوانبها، رغم محاولتها " الزوجة " تنظيفها بما يمكن،
لكنها مازالت خاوية، فارغة المخدع، عارية الوجه " نقطة التجهيز " تلك،
فلا أحد يحن عليها، ولا من أحد ما يشفق على حالها ليسترها ويغطي أوردتها من " أسلاك الكهرباء الداخلية "،
ولا من أحد يكلف نفسه أن يعيدها، وأن ليس كما كانت، لكن على الاقل لتستر بما يستر الله ألا تزوغ إصبع إلى تلك الأسلاك الظاهرة، أو تروح أنملة بالخطأ وتمس إطرافها المكهربة، فتصعق أيا كان،
الا من ورقة مقوى وضعتها هي " الزوجة " تفاديا للسوء ودرءا .
يبدو أنها ليست بعبء! ويبدو أنه لا يعبأ " الزوج " .
ـ موسم
جميل دفء الشتاء حول مدفأ النفط أو دفء التكييف الكهربي، والأجمل حين تنسجم فرش الأرضية بسجاد راق وقد غال الثمن وعال السعر، حين ترتاح ناظريك من تداخل ألوان التنسيق بين قطع الأثاث وألوان الأخشاب، وتوزيع الإكسسوارات وتعليق اللوحات، جميل .
مع حلول المواسم لابد من أعداد وتجهيز لمستلزمات الضرورة، مراوح، تكييف، الخ، المهم أن توضع كل حاجة عند مستوجب مكانها، وان يحدد لكل قطعة موضعا قصيا ليس ليس بعيد عن موطأ الحاجة عنده واليه، هكذا أعتاد الناس، أن يعدوا لمواسم فصول السنة حوائجها من مستلزمات، وقطعا ألأكثر تحملا للمسؤولية، هي ـ الزوجة، أم البيت، ليس غيرها، ومن يكون؟!
قد يكون لأحد أفراد العائلة سند في ذاك، وقد يكون العون فيها، التعاون على تولي موجبات المواسم في التوفير والتوظيب، وجميل أن يكون هو ـ الزوج، صاحب العون الأول والأكبر في الأمر، فهو من يسكن البيت هذا وهو من يقطن تحت سقفه، حتى وأن تعاونت أخوات أو أم الزوجة على هذا المشروع السنوي الذي يأتي مرة واحدة فصليا ومدة زمنية، ثم ليعود لينقضي .
الله، ما جمال هذه السجادة وهي تمتد ما بين هذه القطعة وتلك من الأثاث، وما مدى تناغم موضع المدفأة هنا مع المساحة التي تشغلها، ويا بسيط وراق هذا الفن الموسمي الذي نحياه وفصول السنة بطقوسها، قالت الزوجة، بعد تولت مهام الفرش بمساعدة نفسها، اللهم بعض العون في تحريك ورفع بعض قطع الأثاث الثقيلة التي تستوجب التعاون عليها، وكانت قد انتهزت، لا شرطا ولا اتفاقا، أن تعينها شقيقتها التي تمر بها صدفة بزيارة عابرة، وفي نفسها خجل أن تحرجها ونفسها في طلب العون، فزيارتها ضيف طارئ أتى لرؤيتها من شوق، لا لغير .
عزيزي، هل لنا أن نرفع الفرش والسجاد وقد أنقضى الموسم؟
زوجي الحبيب، متى سنزيح ألأثاث لنرفع السجاد عن الأرضيات؟
وقد كانت قد سحبت جميع المدافيء و " هيترات التدفئة " قبل االدخول إلى المشفى وأودعتها الخزن،
هل لك أن تساعدني؟
لا بأس، لن يطول الأمر أكثر من ذلك، فها هي الأيام تمضي، ولا ضير أن تحملت لوحدها مهمة الطلب والاستجداء والتسول لنيل عون ومساعدة، فهو ليس بغريب عن هذا البيت، فقط هو رب المنزل والزوج هو!،
قضت شهور الشتاء لتغزوها أيام الصيف وهي تدخل شهرها الثاني من الموسم القائض هذا، والحر إن لم يكن من المناخ الصيفي، فقد يضاف اليه ما يجلبه السجاد المفروش هنا أو هناك من حرارة نسيج الصوف ونشيج الغزل .
أركنتها جانبا، ولملمت الكثير منها، وأزاحت الثقيل هناك إلى ركن جانبي، وحملت ما أمكنها رفعه وحمله لتزويه جانبا أخر من البيت ولو عند أحد باحات الغرفة الفارغة نفسها من الأثاث، المهم، أنها أدت المهمة بعد طول شحاذة وتوسل وفصل الصيف يكاد يأتي أواخره قبل تاليه وبعد سالفه .
يبدو أن الأيام " تركض " كما يقولون،
لكن .....
لم تأخذه أرجله لتضع أقدامه ولو " مكانك راوح " إلى حيث يجب أن يجمع ويلم ويرتب ويخزن فرش البيت بعد موسم الفصل المنتهي،
يظهر انه " الزوج " تعلم الاتكال وأعتمد أن تفعل وتنوب عنه تلك الطيبة الخدومة القنوعة تلكـ ـ الزوجة،
ما لم يكن عليها حقا واجبا، أدته ولو كان من الواجب ان تحمله على من له طاقة به غيرها،
لكن يبدو إن الواجبات لا توكل إلى أصحابها، وان المهمة وأنواع المهام ليست حصر على زيد وعمر، ولا مناط بفارس أو مقدام، هي في من الغيرة تحرك ساكنه وتحفز غيرته في أن يتوكل واجب أن ليس مهمة، مهمة عون وتعاون عائلي!
وكان قد تعثر لمرات ومرات ومرات، بذيل " الطرفوسة " تلك وجانب السجادة هذه وجسد الموكيت الممتد والمسجى جانبا حيث أمكنها ركنه وإزاحته، وقطعا كان الغضب والملام مع كل عثرة، صراخ يملآ مسامعها ويمزق سنداد أذنها ويشظي ركاب حاسة السمع عندها، وهي تقول :
لا تغضب عزيزي، طول بالك، حقك علي، لم يكن من خيار غير أن أضعها هاهنا،
وما كان منه إلا أن يرد :
هل كان لزاما رفعها ....!!!؟
فهل لها أن تترك الفصول تغدو وتروح، لتنتظر أن يكون لزوجها لها منه موسم تعاون؟
يبدو أن الفصول لا مواسم لها، إلا مناخ الصبر والانتظار وطول البال .!
 
 
نلتقيكم ومواسم أخرى مع مرارات جديدة
كونوا بخير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟