الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الزوجات وإحراق الكتب

فؤاده العراقيه

2022 / 5 / 25
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


في مديح النساء اعتدنا أن نقول إنها إنسانة عظيمة افنت عمرها في خدمة زوجها العظيم ولكننا لم نسمع يوما عبارة افنى عمره في خدمة زوجته العظيمة بل يستهجنوه وينعتوه بالضعف وبانعدام الشخصية. فلا يوجد لدينا رجل يفني عمره بل حتى يساندها في وضع بصمتها بهذه الحياة ويعتبر نجاحها ضربا لنجاحه ويحُسّب لقيم مجتمعه ولمفاهيمه ولعاداته الف حساب ,وأحيانا كثيرة تتحمل النساء هذا التمايز وتتعوّد على الظلم دون أي يبدر منها اي ردة فعل لهذا القمع المستمر لتكون النتيجة هي الموت البطيء لإحساسها بإنسانيتها وبكرامتها فتتعوّد الإهانات وتستكين للقطيع الذي اعتبرها تابعا,وأحيانا يطفح الكيل لدى البعض منهنّ لتنفجر بوجه الظلم دون وعيا ولا تخطيط بسبب الضغوطات الكثيرة ,ولكن سرعان ما تُدان هذه الفئة من قبل الجموع فيُحمّلها مسؤولية فعلها العنيف وينفي العنف الموجه لها دون أن ينظر للمسببات الفعلية .
وعبر التاريخ وعلى مر العصور كانت تُحرق النساء وتُتهم بالسحر وهناك شخصيات عديدة اختفت اسمائهن دون ان يكون لهنّ ذكر فالتاريخ يكتبه المنتصرون دوما وليس بالضرورة ان يكون المُنتصر على حق, وعبر هذا التاريخ تم غبن حقوق الكثير من النساء واتهمن بالنقص والغيرة من نجاح ازواجهنّ والبعض أُتهمن بالجنون والبعض سُلِبت منهنّ انوثتهنّ واتهمن بالإسترجال وارتبط تمرد النساء بالنقص وخنوعهنّ بالكمال .
وحين احرقت بعض النساء كتب ازواجهنّ اتهموهنّ بالنقص أو بالغيرة من نجاح ازواجهنّ أو بالجنون ليتبلور اليوم السؤال لدى البعض بشكل مقلوب فيبادلوا الادوار ويتساءلون :- هل سمعنا يوما عبر التاريخ برجل قد أحرق كتب زوجته ؟ وما تفسيركم لهذا العنف النسائي ضد الكتب ؟
فحين اغتاظت زوجة إبراهيم العياشي الذي كان مشغولا عنها بتأليف كتاب "حجرات النساء " الذي قضى 20 سنة بتأليفه مما جعلها تنفجر وتحرق الكتاب ليُصاب الرجل بالشلل , والحقيقة بأن هذه الواقعة تُدين العياش أكثر مِما تُدينها لكونها جسّدت ازدواجيته وأنانيته ونرجسيته واستغلاله لها، فبعد أن قضت هي ال٢٠ سنة من عمرها في خدمة زوج كان مشغولا عنها بمجده بالوقت الذي كانت هي مشغولة بتوفير سبل الراحة له من لقمته إلى غسل ملابسه وتهيئة الجو المناسب له وبالرغم من هذا أدانوها بفعلها هذا رغم إنها كانت ضحية لضياع ال٢٠ سنة من عمرها وهو بعيدا عنها وعن مسؤولياته ، كانت امرأة شجاعة فهي لم تحرق مجرّد كتابا بل حرقت الزيف والكذب والشعارات الرنّانة التي كان يتغنى بها بكتابه عن تحرير النساء ومساواتهنّ بالرجال، في الوقت الذي كان هو مُستغلا لزوجته أبشع استغلال معتقدا بأن مهمّتها هي أن تُفني حياتها لراحته ولتحقيق مجده لتكتشف هي خداعه وزيفه فقامت بحرق كلماته المُضللة للحقيقة وليست هي غيرة منها كما يتوهمون بل هي صحوة مُتأخرة دفعت ثمنها غاليا.
كذلك محمد بن شهاب الزُّهْري الذي قالت له زوجته يومًا: واللهِ لَهذه الكتب أشدُّ عليّ من ثلاث ضرائر ! وهنا توهموا بأنها ما قالت قولها هذا إلا لكونها كانت تغير على زوجها من العلم والكتب اللذان يقضي بهما وقته فأوعزوا قولها هذا لطبيعة المرأة الطفولية التي تجعلها تُغير من زوجها ومن كل ما من شأنه أن يُبعده عنها.
ولكنهم سينعتون تصرفها هذا بالنقص فيما لو بادلوا الأدوار بينهم وسيعيرونها بإهمال لواجباتها الزوجية ولحقوق زوجها عليها، وستكون الملامة عليها لكون تسخير حياتها له هو واجب عليها، ولكن غيرة الذكر هي أعنف واشد قبحا من غيرة المرأة فالمجتمع حمّله مسؤولية أن يكون فوقها ويعتليها دوما , أنجح واعقل وأكثر خبرة وأشجع وأقوى منها وستُثار غيرته على ذكورته سريعا عندما يلمس منها نجاحا معينا فهو يريدها دوما الأضعف والأقل درجة منه وان تكون تحت امرته وخدمته ,ووضعوا المرأة خلف الرجل في أمثالهم وواقعهم فوراء كل رجل عظيم امرأة تعمل على خدمته ليُبدع هو وتُدان هي.
وصحيح نحن لم نسمع يوما برجل حرق كتب زوجته بل سمعنا عن ازواج حرقوا زوجاتهم سواء حرقا فعلياً أو من خلال استغلالهنّ ابشع استغلال لتكون المحصّلة ضياع اعمارهنّ بدوامة ذكورتهم الفارغة. نعم لم نسمع عن زوج حرق كتب زوجته والسبب في إن النساء لا وقت لديهنّ للكتب وللإبداع لكون حماقة الذكور أجبروهنّ على تسخير اوقاتهنّ وحياتهنّ لخدمتهم ولتلبية متطلباتهم من حمل وإنجاب وسهر ومتابعة وغسل وتنظيف وطبخ وان حصل ورغبت إحداهنّ بالقراءة أو بالاستزادة من المعرفة أو احيانا الكتابة فستقوم عليها القيامة من قبل الزوج والأهل والمجتمع وسيدينها الجميع ويفتعلوا الاساليب ليكفّروها باليوم الذي فكرت به بالكتاب. ولهذا نجد اغلب المُبدعات يعشن الحياة بدون ذكور يتسلطون عليهن وأما أن يبقوا بدون زواج أو يكون تطليق الزوج خيار لهنّ, فما من امرأة استمرت مع زوجها دون أن تُقدم له التنازلات تلو الاخرى ليكون صعوده على اكتافها واستنزافا لسنواتها , كذلك عندما تنتفض الزوجة من زوجها وترفض خياناته لها او زواجه عليها فيبرر فعلها الجميع بالغيرة التي هي نتاجا للحب فلا مكان لكرامة المرأة لديهم بل إن مفردة كرامة المرأة قد تم الغائها فكرامتها من كرامة الرجل وشرفه ينحصر بها فقط .
هكذا يفكر قطيعنا وما علينا سوى ان نفكر بتفكير هؤلاء الذين يؤمنون بمفاهيمهم وكأنها مطلقة فليس بالضرورة أن يكون تفكير الغالبية صحيحا حيث ‏تتألف الغالبية من الأغبياء ,وعلينا ان نعرف بان هناك خطرا يتربص بنا لكون الحقائق والمفاهيم والمصلحة متغيرة دوما ولكن حقيقتهم ثابتة ومُقدسة .
فمن الأفضل أن لا نُقدّس الحقائق لكونها ليست ثابتة بل متغيرة مع تطور عقل الإنسان , كل شيء في حياتنا متغير بل وحتى الحقائق هي في حالة تغيير مستمر , فالحياة بكل تفاصيلها لا تعرف السكون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السكون والحركة. ضد رأي الأستاذة فؤادة العراقية
نعيم إيليا ( 2022 / 5 / 27 - 12:31 )
لفت انتباهي قولك:
(فمن الأفضل أن لا نُقدّس الحقائق لكونها ليست ثابتة بل متغيرة مع تطور عقل الإنسان , كل شيء في حياتنا متغير بل وحتى الحقائق هي في حالة تغيير مستمر , فالحياة بكل تفاصيلها لا تعرف السكون .)
فتساءلت: لماذا (من الأفضل) ؟
ألم يكن من الأفضل ان تقولي: يجب ألا نقدس الحقائق ...! هكذا بكل عزم وحزم وحسم؟
كما لفت انتباهي أنك تقرين بوجود حقائق في عالمنا. لكنك في الوقت الذي تقرين بوجودها ، تلغين وجودها. وهذا تناقض.
إذا أقررنا بأن فكرة ما أو شيئاً ما هو حقيقة، فعلينا ألا نضيف إليه بعد ذلك إنه غير ثابت؛ لأن الحقيقة لا تكون إلا ثابتة. ما يتغير ليس هو الحقيقة.
أتذكرين عزيزتي الأستاذة فؤادة أيام زمان ، أيام كان لنا على صفحات الحوار المتمدن منبرنا الجميل والذي ما زال جميلاً ، صولات وجولات؟ في واحد من تلك الأيام كتبت في تفنيد رأيك في نسبية الحقيقة وإطلاقها، مقالة ضئيلة ( في حقيقة أن الشيء يتغير ولا يتغير ) فهل تذكرينها؟
وإنما وددت التعبير عن اشتياقي إلى تلك الأيام وإليك صديقة من أصدقاء الفكر الجميل!


2 - اهلا بك عزيزي نعيم
فؤاده العراقيه ( 2022 / 5 / 27 - 18:16 )

ادري داخل من دون سلام ولا كلام ونحن اصدقاء الفكر الجميل ولم نلتقي منذ سنوات فهل يصح فعلك هذا هههههه عموما سلامك واصل وادري باهتمامك بمسألة النسبية والمطلق حيث كان لنا حوارات عديدة بشأنها
ولكني هنا احاكي عقول الذين لا يفقهون معنى التغيير وأقول من الأفضل لكم
ومعك حق في قولك الحقيقة لا تكون ثابتة ولكن الذي اقصده هنا مثلا حقوق وواجبات كل من الزوجة والزوج وتقسيم الادوار فيما بينهما وهذه صارت حقائق لذوي العقول المغيبة دون محاولة منهم لتغييرها ومعتقدين بها حقيقة ثابتة , وكذلك مثلا الارض كروية وهذه حقيقة ولكننا لا نضمن كرويتها بعد ملايين السنوات كمثال يعني
كيف لا أذكر ايام الزمن الجميل والظاهر اغلبنا لاحظ هذا ويتحسر على تلك الايام ولا ادري ما الذي غيرها أو غير الكتّاب فهل هو التعب او الإحباطات؟ حيث فقدنا الكثيرين ,منهم من خرج من الموقع ومنهم من رحل ومن ضمنهم الحكيم البابلي الذي كنت انت تشاكسه فهل تعلم بانه غادر عالمنا ؟
ممنونة منك عزيزي نعيم واتمنى تواجدك بالموقع دوما لتذكرنا بخوالي الايام وحتى لا نشعر بالغربة هههههه


3 - رد متأخر على رد الأستاذة فؤادة العراقية
نعيم إيليا ( 2022 / 6 / 30 - 18:16 )
عزيزتي فؤادة العراقية
تعلمين كم أحب عقلك، وكم أُسرُّ بمحادثتك.
لم أبدأ بالتحية والسلام والتعبير عن العواطف الجميلة حين اللقاء انقياداً مني لداعي البلاغة.
حين يسترعي انتباهي قولٌ لك، فمن البلاغة حينئذ أن أعالج قولك أولاً. بلاغة التقديم والتأخير تحتم ذلك.،
نظرت التصويت. رأيت أنك حزت على علامات أكثر من العلامات التي حزت عليها من القراء الأعزاء. وجعلت أبحث عن السبب.
لا بد من أن يكون هناك سبب جعل القراء يفضلون قولك على قولي، فما هو هذا السبب؟
قلت في نفسي إن كان سبباً عاطفياً، فلن أكترث به. سألملم نفسي وأسكت، بل سأؤيده لأني أؤيد دائماً المرأة ضد الرجل.
فلما استبعدت أن يكون السبب عاطفياً، ولما تذكرت أني خضت معارك قلمية مع نفر من كتاب الحوار المتمدن حول موضوع الحقيقة النسبية والمطلقة، قر في وهمي أن مؤيدي النسبية أكثر من مؤيدي الإطلاق.
ولأني لا أستسلم بسهولة، أعود فأجدد الاشتباك معهم من خلال معالجة قولك الذي تعبرين فيه عن صعوبة تقبل الحقيقة المطلقة بالاستدراك: (الارض كروية وهذه حقيقة ولكننا لا نضمن كرويتها بعد ملايين السنوات )
أعالجه بهذا السؤال: هل الذي قلتٍه حقيقة مطلقة أم شيء آخر؟

اخر الافلام

.. العربية ويكند | معايير السعادة لدى الشباب.. و تأثير وسائل ال


.. الصحفيات في غزة تحت النار في ظل سياسات القمع والتمييز




.. الصحفية غدير بدر


.. كيف تؤثر وسائل التواصل على نظرة الشباب لتكاليف الزواج؟




.. الصحفية غدير الشرعبي