الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المَهدوية (2)

وديع بكيطة
كاتب وباحث

(Bekkita Ouadie)

2022 / 5 / 25
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تنشأ أنماط التدين والأديان انطلاقا من عوامل طبيعية أو ثقافية أو اقتصادية أو سياسية... والأمر نفسه ينطبق على فكرة المَهدوية أو الخَلاصية، حيث نجد في هذه المقتطفات؛ كيف أن الخمر صار عاملا حاسما لنشوء بعض هذه المذاهب وأن انعدامه كان سببا رئيسيا في اندثارها وانقراضها، وأن اشتغال بعضهم بالسياسة كان سببا رئيسيا في انهيارهم وإبعادهم عن أتباعهم الذين أقروا لهم بالولاء.
كان المتنبي "اكيه" Aké الذي استغله أحد زعماء القبائل "ابودجي سوبوا" يستعمل خمر "البرنو" Pernod من درجة 45 في المائة في إقامة مراسم المناولة، وبه يزد من عدد أتباعه، إلا أن الحرب العالمية الثانية قضت على واردات خمر "البرنو" وقضت على مذهبه في الوقت نفسه.
ومنهم "سامسون أوبون" Samson Opon وهو من أشرار قبيلة أشاتي، اعتنق المسيحية وهو في السجن، ثم نزل عليه الوحي وبشر بالمسيحية بين عشيرته التي انصاعت إليه بعد أن كانت تناصب هذا الدين العداء من قديم. غير أن نجاحه أثار موجة من الفزع بين المبشرين والوثنيين على السواء، فاحتالوا عليه حتى سقوه زجاجة من الخمر كانت سببا في إعادته إلى حظيرة الشيطان، وكانت فيها نهاية دعوته.
وثمة متنبي آخر هو "جارك بريد" Grarrick Braid قام بالدعوة لنفسه حوالي عام 1915 م في الجانب الشرقي من نيجريا، وادعى أن روح النبي "إيليا" حلت في جسده، واشتغل بإبراء المرضى، ولقيت دعوته نجاحا لا يقل عن نجاح "هاريس" إلا أن مذهبه تدهور عندما اتجه إلى استعمال أساليب السحر، والدخول في السياسة، فقبض عليه وسجن ثم أطلق سراحه. إلا أن صاعقة من السماء قتلته فمات وهو متمتع بكل صفات النبوة!!
ويرجع النجاح الذي أصابه هؤلاء المتنبئون إلى المظهر المسرحي الذي ظهروا به، وإلى طلاقة لسانهم، وبساطة التعاليم التي بشروا بها، وأنها من عند الله الذي وهبهم قوة النفوذ، والقدرة على إبراء المرضى، وأنهم لم يوجهوا تبشيرهم لفرد واحد، وإنما وجهوه لجماهير الناس جملة. وبذلك لمسوا الروح الجماعية الفطرية عند هذه الجماهير، وكانت محافظتهم على العوائد القبلية الإفريقية، وتيسيرهم على الرجال بإباحة عادة تعدد الزوجات، عاملا من عوامل نشر هذا الضرب من المسيحية؛ كما أن فخامة الحفلات الدينية العديدة حلت في نفوس الأهالي محل الحفلات الوثنية القديمة. أضف إلى هذا كله أن المتنبي كان زنجيا مثلهم فاتبعوه. (هوبير ديشان. الديانات في أفريقيا السوداء ص 183.184)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال