الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توما الأكويني-----وريادة العقل

سلطان الرفاعي

2006 / 9 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عاش في منتصف القرن الثالث عشر (1225-1275) وترك تراثا لاهوتيا عظيما أثر طويلا وما زال يؤثر في فكر الكنيسة الكاثوليكية. وتُعتبر الخلاصة اللاهوتية (la somme theologique) أعظم مؤلفاته. وتُلخص موقفه اللاهوتي في أن الله هو مصدر جميع الأشياء ومركزها، وبالتالي فالإنسان وكل موجود يجد معناه الحقيقي والعميق من خلال علاقته الأساسية مع الله.

ويُمكن تحليل هذه العلاقة من خلال بُعدين متكاملين:
-الُبعد الأول يتجسد في علاقة سببية دينامكية، بمعنى أن الله هو مبدأ كل الخلائق ومنه تستمد الوجود والنشاط، بالإضافة إلى ما تقوم به كل منها بحسب طبيعتها الخاصة، والإنسان إذا بحسب عقله( عقله) وإرادته الحرة.
- البُعد الثاني يُشكل علاقة الغائية وهي تعني أن الله هو غاية جميع الخلائق واليه تعود لتسبحه وتمجده، والإنسان يسعى نحو الله لأن مشاهدة الله هي هدف حياته وغابتها النهائية. ويقوم الإنسان بهذا السعي لمشاهدة الله من خلال أفعال حياته الإنسانية التي تجد قمتها وكمالها في التطويبات، وبالتالي فالحياة الأخلاقية تكمن في القيام بالأفعال التي تُقرب الإنسان من هذا الهدف.

ويُدرك الإنسان غايته هذه بواسطة عقله(عقله) الذي تطبعه الحكمة الإلهية وتُنيره نعمة الابن، فنجد في فكر الأكويني أن الأفعال الإنسانية تنبع من مصدرين مرتبطين جوهريا:

مصدر داخلي متمثل في مجموع القدرات الإنسانية والعادات التي توافقها والفضائل التي يكتسبها الإنسان.
مصدر خارجي متمثل في الله ذاته وهو يدعو الإنسان ويُرشده إلى نفسه، أي إلى الخير الأسمى.
فالأفعال التي يقوم بها الإنسان تصدر عن المعرفة المتاحة للعقل بنور الشريعة الإلهية، وبقيادة المحبة، أي النعمة الفاعلة في القلوب بقوة الروح القدس. وفي المسيح ينقض كل تعارض بين المصدرين الخارجي والداخلي، إذ يتحد عنصرا المعرفة والمحبة في الشريعة الجديدة، شريعة المحبة والحرية.

ونستنتج من كل ذلك، أنه، وفي القرن الثالث عشر، وضع الأكويني في طبيعة الإنسان العاقلة( العاقلة) والمُحِبة مصدر معرفة الخير والقدرة على تحقيقه في واقع الحياة، ويعتمد في تحليله أساسا على ربط مبدأ خلق الإنسان على صورة الله كمثاله ومبدأ إعادة خلقه في الابن يسوع المسيح.

وبالتالي فإننا نتبين أنه من أهم سمات اللاهوت الأدبي (فرع العلوم اللاهوتية الذي يدرس السلوك الإنساني في تعبيره عن الإيمان المسيحي)في العصور الوسطى، والتي عاش فيها الأكويني، بالإضافة إلى الأمانة للكتاب المقدس، إرادته الواضحة في أن يكون إنسانيا حقا.

فالعقل (العقل) الذي يُرشد الأفعال الإنسانية ليس عقلا مثاليا يُحدد القواعد انطلاقا من حقائق مزروعة فيه قبلا، بل عقل(عقل) يكتشف ما في الإنسان من كيان موضوعي من خلال فحص الميول والاتجاهات الإنسانية فحصا دقيقا.
وإذا كان الفكر اللاهوتي الأخلاقي الأكويني مسيحيا، فلأنه مبني على الإيمان، ومعتمد على النعمة كمبدأ سببي، وموجَه نحو المحبة كغاية. وهو مسيحي لأنه يحترم الواقع الإنساني ويبحث عن تحقيق سعادة الإنسان، وينهج منهجا ملخصه الواقعية والروح النقدية، ويستند في أصوله الفكرية إلى فلسفة أرسطو التي تنظر إلى الإنسان ككيان روحي يكمن في أساسه الاستعداد على الانفتاح والتطور. ويبقى توما الأكويني مثالا حيا في منهجه الذي يحترم الواقع الإنساني احتراما كبيرا، ويجل العقل البشري إجلالا عظيما، وينهل من العلوم الإنسانية المعروفة في زمنه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتقادات واسعة لأداء بايدن أمام ترامب في المناظرة الرئاسية


.. الأسد يبدي انفتاحه لتحسين العلاقات مع تركيا




.. رئيس الوزراء الإسرائيلي: جنودنا مصممون وملتزمون بمهمة حماية


.. صحيفة لوموند: مفتاح السلام يكمن في مرحلة ما بعد نتنياهو




.. اللواء فايز الدويري يحلل العملية العسكرية الإسرائيلية في حي